جريدة الجرائد

حدود التسوية ودبلوماسية الرسائل

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فايز رشيد

جدّد الناطق باسم رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، بعضاً من اللاءات ldquo;الإسرائيليةrdquo; المعروفة، تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية: لا للحديث عن القدس،لا للانسحاب إلى حدود عام ،1967 لا لعودة اللاجئين، ولابد للفلسطينيين من الاعتراف ldquo;بيهوديةrdquo; دولة ldquo;إسرائيلrdquo; . هذا في الوقت الذي تستعد فيه ldquo;إسرائيلrdquo; لشرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية .

معروفة أيضاً تلك اللاءات ldquo;الإسرائيليةrdquo; الأخرى، المحدّدة قبلاً والتي لم يتحدث عنها الناطق الرسمي وهي: لا للسيادة المستقلة للدولة الفلسطينية، لا لسيطرة الفلسطينيين على المعابر وعلى أجواء وما تحت أرض هذه الدولة العتيدة، لا لوقف الاستيطان .كذلك من حق القوات ldquo;الإسرائيليةrdquo; عبور أراضي هذه الدولة عندما يحتاج الأمن ldquo;الإسرائيليrdquo; إلى ذلك، ومن حق القوات ldquo;الإسرائيليةrdquo; السيطرة على المنطقة الفاصلة على الحدود الشرقية لهذه الدولة (لاحتياجات الأمن ldquo;الإسرائيليrdquo; إلى ذلك) وهي منطقة غور الأردن .

من زاوية ثانية، كانت لجنة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية قد أصدرت بياناً فحواه، أن الاستيطان ldquo;الإسرائيليrdquo; في الضفة الغربية وبالمعنى العملي قد أجهز تماماً على أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، بالتالي فإن ldquo;إسرائيلrdquo; قضت وبشكل نهائي على إمكانية حل الدولتين . على صعيدٍ آخر، كان أرييل شارون في العام 2003 قد أعلن نهائياً عن وفاة اتفاقيات أوسلو، وبالمعنى الفعلي، فإن إسرائيل ما بعد اجتياح الضفة الغربية لم تُبق لهذه الاتفاقيات المشؤومة أي أثر، بالتالي فما الداعي والحالة هذه، أن تعلن السلطة الفلسطينية تمسكها بهذه الاتفاقيات، التي لم تجلب للقضية الفلسطينية سوى المزيد من الكوارث والويلات؟ إن من الموضوعية بمكان أن تقوم السلطة الفلسطينية بإصدار بيان تذكر فيه، أن ldquo;إسرائيلrdquo; هي التي قتلت اتفاقيات أوسلو وبالتالي فإن السلطة الفلسطينية يتوجب أن تُعلن الإلغاء التام لهذه الاتفاقيات .

للأسف، بدلاً من كل ذلك،يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإيفاد صائب عريقات على رأس وفد رسمي، لتسليم رسالة منه إلى رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، وقد رفض سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني المشاركة في الوفد، الأمر الذي أدى الى ظهور خلافات حادة بينه وبين عباس . أولاً: ما الداعي إلى إرسال هذا الوفد؟ وما الذي تغيّر في الموقف الاسرائيلي حتى يتراجع عباس عن رفضه للمفاوضات في ظل الاستيطان؟ لقد طالب عباس في رسالته بوقف الاستيطان، وبتراجع ldquo;إسرائيلrdquo; عن حدود ،67 وبإطلاق سراح الأسرى وبخاصة الذين اعتقلوا قبل اتفاقيات أوسلو عام ،1993 وبتراجع ldquo;إسرائيلrdquo; عن كل قراراتها بعد عام ،2000 أي العودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل الانتفاضة الثانية . كل هذه المطالب ترفضها ldquo;إسرائيلrdquo; جملة وتفصيلاً، ورفضها يشكل قاسماً مشتركاً متفقاً عليه بين أغلبية الأحزاب ldquo;الإسرائيليةrdquo; . للعلم فإن نتنياهو قد رفض اتفاقيات أوسلو عندما تم عرضها على الكنيست الصهيوني بعد توقيعها مباشرة، وقد كان أيامها في المعارضة .

من قبل، حاولت السلطة الترويج بأن اللقاءات التي تمت في عمان مع ldquo;الإسرائيليينrdquo; وبإشراف أمريكي هي من أجل التشاور على موضوعي الأرض والأمن، تساءلنا يومها عن أي تشاور تتحدث السلطة في ظل الوضوح ldquo;الإسرائيليrdquo; الكامل في الموقف من قضيتي الأرض والأمن؟ جرت أربعة اجتماعات أو خمسة، ولم تستفد السلطة شيئاً من هذه اللقاءات التي بالمعنى الفعلي ضربت مبدأ أساسياً أقرته السلطة وهو، ldquo;لا مفاوضات مع ldquo;إسرائيلrdquo; في ظل استمرار الاستيطانrdquo;، اليوم تكرر السلطة ذات المشهد بإيفادها هذا الوفد لتسليم رئيس الوزراء الصهيوني هذه الرسالة العتيدة، التي لن تغيّر شيئاً من واقع التعنت والرفض ldquo;الإسرائيليrdquo; المطلق للحقوق الوطنية الفلسطينية والإصرار على تمرير الحل ldquo;الإسرائيليrdquo; للتسوية، وأقصاه، الحكم الإداري الذاتي للفلسطينيين على قضاياهم الحياتية بعيداً عن أي مظهر من مظاهر السيادة، وفي ظل الاستيطان ldquo;الإسرائيليrdquo; المتواصل، واختراع المزيد من الشروط على الفلسطينيين والعرب من أجل أن(تتكرّم) ldquo;إسرائيلrdquo; وتقوم بالموافقة على التفاوض معهم وفق مبدأ ldquo;سلام مقابل سلامrdquo; وليس مبدأ ldquo;سلام مقابل الأرضrdquo;، والمبدأ الأول هو اختراع لنتنياهو إبّان فترة رئاسته الأولى للوزارة ldquo;الإسرائيليةrdquo; .

من الواضح، أن من الصعب على الرئيس الفلسطيني والسلطة عموماً الابتعاد عن نهج اختاروه للحقوق الوطنية الفلسطينية وهو نهج المفاوضات اعتماداً على المقاومة الشعبية (بالطبع دون المقاومة العسكرية وما تعنيه من كفاح مسلح) . لقد أثبتت عشرون عاماً من التفاوض مع هذا العدو عُقم هذا النهج واستحالة تحقيقه لأي من الحقوق الوطنية الفلسطينية . بدلاً من اختيار نهج آخر وهو نهج المقاومة بكل أشكالها ووسائلها وبما في ذلك الكفاح المسلح وإعطاء الساحة الفلسطينية استحقاقاتها وترتيبها من جديد، من حيث تحقيق المصالحة وتجاوز حالة الانقسام المؤلم، بدلاً من ذلك تُصر السلطة الفلسطينية على السير في ذات النهج المدمِّر الذي عمل على تراجع القضية الفلسطينية عشرات السنين إلى الوراء .

أيضاً نتوجه بالسؤال التالي إلى السلطة: هل تراهن على المستقبل ldquo;الإسرائيليrdquo;؟ إذا كان الجواب بنعم فهي الطامة الكبرى، ذلك أن كافة استطلاعات الرأي التي تجريها معاهد وصحف مختلفة في ldquo;إسرائيلrdquo; تبين بما لا يقبل مجالاً للشك، أن الليكود ونتنياهو سيعززان من وضعهما، وأن الأحزاب اليمينية والفاشية ldquo;الإسرائيليةrdquo; ستحرز المزيد من النجاحات في السنوات القريبة المقبلة . بالتالي فما الفائدة من إرسال رسالة إلى نتنياهو؟ سؤال نضعه برسم السلطة الفلسطينية التي مرة أخرى تخطئ التقدير .


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف