الصحافة الدولية : فرنسا تعود إلى اليسار.. وتوقعات حول سياسة بوتين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس
إصداء فوز فرانسوا هولاند في انتخابات الرئاسة الفرنسية، والسجال الروسي- الأميركي حول الدرع الصاروخية، والدور المأمول والمتوقع من بوتين خلال فترته الرئاسية الثالثة ... موضوعات نرصدها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية.
هزيمة ساركوزي
سلّط "دايلون سي. روبرتسون" الضوء في "سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية يوم أمس على حصاد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي فاز فيها مرشح "اليسار" فرانسوا هولاند على نيقولا ساركوزي... روبرتسون الذي رصد الانتخابات من العاصمة الفرنسية باريس توقف عند سيدتين في منتصف العمر، إحداهما صوتت لساركوزي قائلة إنه حمى فرنسا من أن تتحول إلى يونان أخرى، أما السيدة الثانية، التي صوتت لهولاند، فقالت إن الفرنسيين يريدون شخصاً يستطيع التفاوض مع أوروبا، ويتعامل مع المشكلات الاقتصادية ...فوز مرشح "اليسار"، يجعل فرنسا أول بلد في منطقة "اليورو" يختار هذا التيار منذ بداية أزمة
العملة الأوروبية الموحدة التي ظهرت عام 2009. ويلفت "روبرتسون" الانتباه إلى أن الرئيس الفرنسي المنتخب سيتوجه إلى ألمانيا بعد فترة قصيرة من أدائه القسم -في 15 مايو الجاري- ليعرب عن رفضه لسياسات التقشف التي تتبناها ألمانيا للتصدي للأزمة المالية الأوروبية، ويروّج لأفكار جديدة تتعلق بتحفيز النمو. هذه الأزمة التي أدت منذ 2009 إلى الآن، إلى سقوط عشرة قيادات أوروبية. وينقل "روبنسون" تعليقاً لأحد الفرنسيين مفاده أن نسبة البطالة بلغت 10 في المئة وهو أمر لا يطاق. ساركوزي- حسب روبرتسون- عوقب على فشله في الحد من البطالة، كما تواجه فرنسا ديناً عاماً متنامياً، وشهدت خلال يناير الماضي تخفيضياً في تصنيفها الائتماني. أما "هولاند" الفائز في السباق، فقد وعد بتخفيض الضرائب، وتشغيل 60 ألف مدرس وزيادة الإنفاق الحكومي خلال السنوات الخمس المقبلة بمقدار 26 مليار دولار.
أحد المصوتين لصالح هولاند قال: "اخترت هولاند لأننا نناضل من أجل حقوقنا، وساركوزي دمر نظامنا الاجتماعي".
وحسب "روبرتسون"، فإن ساركوزي قدّم نفسه كزعيم صلب في أوقات الأزمات، وتطرح شعار "فرنسا القوية"، وتعهد بميزانية متوازنة بحلول عام 2016 وطرح إصلاحات عمالية مشابهة لتلك التي تعهدت بها ألمانيا قبل عشرة أعوام. لكن حملة ساركوزي ضربت في مقتل نتيجة وعود أطلقها خلال حمتلة الرئاسية عام 2007 تتمثل في تخفيض نسبة البطالة إلى النصف، حيث تضاعفت النسبة في الآونة الأخيرة، إلي تحقق عكس ما وعد به.
مخاطر "الدرع"
تحت عنوان "تحذيرات روسيا الأخيرة لواشنطن"، نشرت "ذي موسكو تايمز" الروسية يوم السبت الماضي افتتاحية، رأت خلالها أن قبيل أسبوع على انعقاد المؤتمر الدولي حول الدفاع الصاروخي، المقرر عقده في موسكو، وعدت وزارة الدفاع الروسية بأنها ستقدم دليلاً قاطعاً لخبراء عالميين يصل عددهم قرابة200 تثبت من خلاله أن نشر أنظمة الدرع الصاروخية في أوروبا سيضر بأسلحة الردع النووية الروسية... لكن قليلين هم من يقتنعون بالموقف الروسي.
الصحيفة تقول:كي نكون منصفين، فإنه من المؤثر مشاهدة شاشة كمبيوتر ضخمة توضح عملية اعتراض افتراضية تقوم بها أجهزة وصواريخ أميركية ضد صواريخ روسية عابرة للقارات، وهذا المشهد لم نره منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما انخرطت وزارة الدفاع الأميركية في حملة علاقات عامة هدفها إقناع دافعي الضرائب في الولايات المتحدة وأيضاً إقناع السوفييت بأن برنامج حرب النجوم سيوفر حماية كاملة ضد أي هجوم سوفييتي يتم فيه استخذام أسلحة نووية. الآن يكرر الكريملن موقف الولايات المتحدة في الثمانينات، ويحاول إقناع العالم بأن أنظمة الدفاع الصاروخية الأميركية تشكل تهديداً أمنياً كبيراً لروسيا. لكن المسؤولين الروس لم يبذلوا الجهد الكافي في التعامل معه.
أولاً: لدى روسيا 1550 رأساً نووياً استراتيجياً منتشرة في روسيا حتى عام 2018، ووفق معاهدة "ستارت" الجديدة، يتعين على الولايات المتحدة نشر ما يزيد على 15 ألف وسيلة اعتراض أرضية لإضعاف وسائل الردع الروسية. وحسب الصحيفة، فإن نظام الدفاع الصاروخي المقترح سيكون مؤثراً ضد ضربات صاروخية تشنها دولة منبوذة، لكن البعض يراه لا يصلح للتعامل مع ترسانة روسيا الصاروخية الاستراتيجية. ثانياً: المنصات الاعتراضية التي سيتم نشرها في أوروبا خلال المرحلة الرابعة من الدرع الصاروخية أي بعد عام 2020، لن تكون قادرة على إسقاط أكثر من 20 رأس نووي روسي، علماً بأن وسائل الاعتراض منشورة بالقرب من بحر البلطيق، أو رومانيا وبولندا، فليس للصواريخ الاعتراضية السرعة الكافية لاسقاط صواريخ روسية عابرة للقارات، حتى لو وصلت سرعة الصاروخ 4.5 كيلو متر في الثانية. الصحيفة أشارت إلى أن قائد عام الجيش الروسي "نيكولاي ماكاروف" كرر تحذيرات كان الرئيس الروسي السابق "ديمتري ميدفيدف" قد أطلقها، في نوفمبر الماضي، مفادها أنه لو كان لدى روسيا اعتقاد بأن أنظمة الدفاع الصاروخي تشكل تهديداً لها، فإنها قد تشن ضربات استباقية ضد أجهزة الرادار الأميركية الخاصة بالدرع الصاروخية الأميركية القريبة من روسيا في أوروبا.
مبادرات بوتين
تحت هذا العنوان، نشرت "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية، يوم أمس افتتاحية استهلتها بالقول: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعود إلى الكريملن في وقت تتحرك فيه كوريا الشمالية صوب تجربة نووية جديدة، ما يستنفز القوى الإقليمية المجاورة، ويصل أيضاً في وقت انهمكت فيه الولايات المتحدة والصين في سباق عسكري حول منطقة آسيا المطلة على المحيط الهادي. بوتين الذي بدأ يوم أمس فترته الرئاسية الثالثة، ربما يجد في هذه الأجواء فرصة لتمديد الحضور الإستراتيجي لبلاده في شمال شرق آسيا... صحيح أن بوتين حافظ على سلطته عندما شغل منصب رئيس الوزراء خلال السنوات الأربع الماضية- أي خلال حقبة سلفه ديمتري ميدفيدف- لكن بعدما عاد بوتين لرأس السلطة، سيكون أكثر قوة في إعادة تدشين مكانة استراتيجية لبلاده كلاعب إقليمي رئيسي.
وحسب الصحيفة، فإنه في ظل تنامي الاستياء الداخلي من نمط الحكم وفق منطق اليد الثقيلة، فإن دفعة ناجحة نحو تعزيز مكانة روسيا الدولية ستساعد بوتين الذي تتراجع شعبيته في الداخل. وعلى الرغم من أن بوتين ربما بات الآن أضغف مقارنة مما كان عليه قبل 12 عاماً، فإن حصوله على فترة رئاسية جديدة سيجعله من الناحية الدبلوماسية أكثر قوة مقارنة بقادة آخرين في المنطقة، منهم من سيترك السلطة قريباً ، أو سيخوض انتخابات في غضون الشهور المقبلة. وضمن هذا الإطار نجد أنه من المتوقع أن يسلم الرئيس الصيني هو جنتاو السلطة لنائبه "زي جينينج" خلال اجتماع للحزب الشيوعي خريف العام الحالي، كما أن الرئيس الكوري الجنوبي "لي ميونج باك"، سيترك السلطة مطلع 2013 أي في نهاية فترته الرئاسية الأولى. وفي الولايات المتحدة سيخوض أوباما انتخابات رئاسية، في ظل توقعات تقول إنه بات أقل إقناعاً للناخبين. وبالنسبة لليابان، فإن رئىس وزرائها الحالي "يوشيهيكو نودا"، فربما يضع منصبه على المحك، إذا تم إجراء انتخابات مبكرة- قد يُصار إلى خوضها في أغسطس المقبل- خاصة إذا رفض البرلمان الياباني التصويت على قانون يقضي برفع الضرائب المفروضة على المستهلك.
وتتوقع الصحيفة أن بوتين سيكون في وضع مستقر نسبياً، عندما يستضيف قمة منتدى "إيبك" - التعاون الاقتصادي للدول المطلة على المحيط الهادي- التي من المقرر عقدها في سبتمبر المقبل بمدينة فلاديفوستك، فهو سيحاول استثمار المناسبة وإبراز مكانة روسيا كقوة آسيوية. وتشير الصحيفة إلي أن الرئيس الروسي سعى خلال فترة رئاسته الأولى إلى الوساطة بين الكوريتين ، فقد زار بيونج يانج في يوليو 2000 وسافر إلى سيئول في فبراير1200 ثم استقبل كيم يونج إيل بموسكو في أغسطس 2001، والتقي رئيسي الكوريتين عام 2002 في مدينة فيلاديفستوك. وتتوقع الصحيفة أن ينشط بوتين دور بلاده مره أخرى في شبه الجزيرة الكورية، ويستعد إلى تهدئة التوتر بين الكوريتين وجعل موسكو تنخرط ثانية في تلك المنطقة، فهو قد ينظر في مشروعات ثلاثية الأطراف بين بلاده والكوريتين تتضمن- على سبيل المثال- خطاً لنقل الغاز.
إعداد: طه حسيب