تريدون نظاما برلمانيا بريطانيا أم عراقيا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وائل الحساوي
أحسن رد نرد به على النائب الفاضل فيصل اليحيى هو ان المشكلة في النفوس لا بالنصوص، فاقتراحاته لتعديل الدستور من أجل تحويل النظام الى نظام برلماني بدلا من النظام "البرلماني - الرئاسي" القائم حاليا قد يكون فيها بعض الوجاهة من بعض الجوانب ولكن مشكلتنا الاساسية في سوء اختيار الشعب لنوابه، وهذا ما تكشف خلال الايام الماضية من استجوابات هزلية لبعض الوزراء، اعتبرها بعض النواب تمثيلية لتلميع الشيوخ الوزراء والبعض اعتبرها حربا بالوكالة بين بعض ابناء الاسرة وهكذا.
عندما يصل اعضاء المجلس الى ادنى المستويات في اخلاقياتهم وشتمهم لبعضهم البعض، كما حصل قبل يومين فإن هؤلاء لا يمكن ائتمانهم حتى على صندوق خيار، ناهيك عن تصدرهم لأهم مؤسسة تشريعية في البلاد ولنكن صريحين فإن هؤلاء المهرجين الذين يتصدرون المشهد - البرلماني - ولاشك انهم نسبة من النواب وليسوا كلهم لم يصلوا الى المجلس من انفسهم ولكن بسبب وجود نسبة من الناخبين الذين أوصلوهم واصروا على التصويت لهم وهم يعرفون حقيقتهم، ومهما صممنا من نظام برلماني فلن نستطيع مداوة الحماقة بين بعض افراد الشعب او نواب الامة.
كذلك فإن الاطراف التي تستخدم هؤلاء النواب لتصفية حساباتها ولقيادة حروبها بالوكالة والتي دفعت ملايين الدنانير من حر مال الشعب الكويتي لرشوة ثلث اعضاء المجلس السابق ولتخريب ضمائره، هذه الاطراف لن تتوقف بل ستدفع اضعاف تلك المبالغ لتخريب ضمائر الناس.
ها نحن تحولنا من عشر دوائر انتخابية الى 25 دائرة الى خمس دوائر، فما الذي تغير؟! لقد ازدادت الامور سوءا لان الآلة التي نصنعها خربانة!! وحتى لو قفزنا الى الدائرة الواحدة فسنجد بأن التجربة ستزداد سوءا، وسيسيطر اصحاب النفوذ والفلوس على الساحة السياسية بينما سيسقط اصحاب المبادئ.
ان التشدق بالنظام البرلماني الذي تطبقه بريطانيا والاعتقاد بأنه يصلح لطبيقه عندنا هو قمة الخطأ، فبريطانيا دولة عظمى وهي بنظام الملكية الدستورية، ولها مجلس عموم ومجلس لوردات يمر القرار من خلالهما ولابد من موافقة المجلسين على اي قرار، ويقوم نظامها على تداول السلطة، فالحزب الفائز يشكل الحكومة بينما الحزب الآخر يكوّن حكومة ظل تدعم الحزب الفائز.
وتمتد التجربة البرلمانية البريطانية على مدى اكثر من 150 عاما ترسخت فيها القوانين والمعايير ووصل الشعب الى النضج الكافي للمحافظة على نظامه والدفاع عنه امام التحريف، فهل حققنا تلك الضمانات قبل الاقدام على طرح ذلك النظام؟ ولماذا لم نأخذ مثلا النظام العراقي الذي يساهم اليوم في تدمير بلاده عن طريق الاحزاب التي تهدم ولا تبني وتتصارع الى ان يفني بعضها بعضا؟!