الانتخابات الجزائرية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
توفيق المديني
2012 توجه الناخبون الجزائريون أمس إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب نواب المجلس الشعبي الوطني (البرلمان الجزائري) البالغ عددهم 462 نائباً، وسط مخاوف حقيقية من قبل السلطات الجزائرية من جراء المقاطعة. وهذا ما دعا السلطات الجزائرية إلى القيام بحملة بعد أسبوع من انطلاقة الحملة الرسمية للانتخابات التشريعية الجزائرية، لتحفيز الجزائريين وتشجيعهم على المشاركة في الانتخابات، لمقاومة ظاهرة الامتناع عن التصويت التي هددت انتخابات عام 2007، التي قاطعها أكثر من 60 في المائة من الناخبين ويظل التحدي الأكبر المطروح أمام السلطات الجزائرية يكمن في مشاركة 21664354ناخبا مسجلا، منهم 990470يقيمون في الخارج، حسب الإحصاءات المعلنة.
وقد سمح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بحضور 500مراقب دولي، إضافة إلى تجنيد وتعبئة 60000شرطي للإشراف على السير الحسن لهذه الانتخابات.
وشارك في هذه الانتخابات 44 حزباً منها 21 حزباً جديداً للتنافس على 462 مقعداً في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان الجزائري)، كما يشارك أيضاً حزب "جبهة القوى الاشتراكية"،الذي قاطع انتخابات عامي 2002، و2007، وستة أحزاب إسلامية.
غير أن إسلاميي "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، وتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"دعوا إلى مقاطعة الانتخابات.
وفي هذا السياق، قال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر عبد العزيز بلخادم، يوم الجمعة 4مايو الجاري، "إذا تمكنا من الوصول إلى نسبة مشاركة بـ45 في المائة كما يحدث في الديمقراطيات العريقة فسنكون راضين".
وتبقى نسبة المشاركة في انتخابات العاشر من مايو الرهان الأكبر للنظام الجزائري القلق من عزوف الناخبين، ما قد يفسر أنه رفض للإصلاحات التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل عام، لتفادي تداعيات ربيع الثورات العربية، ومنها التعديل الدستوري من قبل النواب المستقبليين ال462.فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يتردد قبل فترة قصيرة، في مقارنة رهان الانتخابات الحالية بتاريخ تفجير الثورة الجزائرية في 1نوفمبر عام 1954، ضد الاحتلال الفرنسي.
وفي الخطاب الذي ألقاه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم الثلاثاء 8مايو الجاري، في مدينة سطيف الواقعة في الشرق الجزائري، وتبعد حوالي 300 كيلومتر عن العاصمة الجزائر، بمناسبة ذكرى المجزرة التي ارتكب فيها الجيش الاستعماري الفرنسي في مدينة سطيف وراح ضحيتها "45 ألف جزائري " من المتظاهرين الجزائريين الذين خرجوا في مظاهرة سلمية، يطالبون فيها السلطات الفرنسية بالاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، في 8 مايو 1945، حيث شكلت تلك المجزرة أحد أسباب قيام حرب التحرير في 1954 التي أدت إلى استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962، كان الخوف بادياً على الرئيس بوتفليقة، من موضوع مقاطعة الانتخابات.
فقد شبه الرئيس بوتفليقة الانتخابات التشريعية الجزائرية بذكرى انطلاقة الثورة الجزائرية في 1نوفمبر 1954، حين قال: " كما خرج الشعب الجزائري في مثل هذا اليوم قبل سبعة وستين عاماً موحداً معبّأ هاتفاً بصوته العالي معبّراً عن موقفه المشهود مدافعاً بشجاعة وشهامة عن قضيته الوطنية، أدعو الجميع إلى الخروج يوم الاقتراع خروجاً حاشداً لتخوضوا مرحلة جديدة من مسيرة التنمية والإصلاحات والتطور الديمقراطي في وطنكم الجزائر".
وأضاف بوتفليقة:"أدعو كل الشرائح والفئات أن تعبّر عن اختيارها الحر في انتخاب ممثليها من أي اتجاه أو انتماء كانوا في هذه الانتخابات التشريعية التي ستكون مغايرة لسابقاتها متميزة من حيث المشاركة الأوسع لمختلف التيارات السياسية وكذلك مشاركة واسعة منتظرة للنساء والشباب على قوائم الترشيحات وذلك ثمرة للتطور الديمقراطي في بلادنا".
وكانت السلطات الجزائرية قررت تنظيم انتخابات تشريعية في 10مايو 2012 بعد عشرين عاماً من إلغاء نتائج أول انتخابات تعددية كان سيفوز بها إسلاميون من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وسط توقعات بأن التاريخ لن يعيد نفسه رغم صعود الإسلام السياسي في خضم الربيع العربي..وكانت الجزائر شهدت في 26 ديسمبر 1991 أول انتخابات تشريعية تعددية بعد إقرار دستور جديد أنهى 26 سنة من هيمنة الحزب الواحد (جبهة التحرير الوطني) على الحياة السياسية في الجزائر.وقد أدى تعليق الجولة الثانية من الانتخابات التي حصدت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة أكثر من 82 بالمائة من الأصوات، إلى اندلاع أعمال العنف ثم حرب أهلية دامت أكثر من عقد من الزمن، وأسفرت عن سقوط نحو 200 ألف قتيل.
فهل سيكون للإسلاميين النصيب الأكبر هذه المرة أيضاً، لاسيما مع ما حدث في انتخابات تونس والمغرب ومصر في خضم ثورات وانتفاضات الربيع العربي؟
لقد شكل ربيع الثورات العربية، بوصفه عملية سياسية في غاية العمق ومحتواها الأساسي تحرري وتحديثي، نقلة نوعية في مسار إدخال الإسلام إلى عالم الحداثة الكونية من خلال دخول حركات الإسلام السياسي المعتدلة في صلب العملية الديمقراطية، وتهميشه للحركات الإسلامية العنيفة والسلفية التي شوهت الدين الإسلامي الحنيف.ففي ظل الفوز التاريخي الذي حققته الأحزاب الإسلامية في كل من تونس، والمغرب، ومصر، في الانتخابات الديمقراطية التي جرت مؤخراً في هذه البلدان العربية، قامت الحركات الإسلامية المعتدلة في الجزائر بتشكيل تحالف إسلامي، تحت اسم "الجزائر الخضراء" في مارس الماضي للدخول في هذه الانتخابات التشريعية. وهذه الحركات، هي: حركة مجتمع السلم "الإخوان المسلمون"التي تشغل 59 مقعداً في المجلس المنتهية ولايته ما سمح لها بالمشاركة في الحكومة بأربعة وزراء، ويقودها أبو جرة سلطاني، وحركة الإصلاح بقيادة حملاوي عكوشي، وحركة النهضة بقيادة فاتح ربيعي. بينما رفض رئيس جبهة العدالة والتنمية المعارض عبد الله جاب الله الدخول في هذا التحالف معتبرا أن الأحزاب التي شكلته هي أحزاب "انبطاحية" أمام السلطة الجزائرية.
وفيما يتعلق بفوز الإسلاميين الجزائريين في هذه الانتخابات، أسوة بما حصل في تونس والمغرب، ومصر، قال المتحدث باسم حركة مجتمع السلم الجزائريّة كمال ميدة لوكالة فرنس برس إن"قائمة الجزائر الخضراء ستفوز ب120 مقعدا على الأقل" من بين 462 في المجلس الشعبي الوطني المقبل. بينما يؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الجزائر ناصر جابي أن "احتمال تحقيق الأحزاب الإسلامية بالجزائر فوزاً ساحقاً في الانتخابات التشريعية المقبلة شبه منعدم لأنها منقسمة في ما بينها ومنغلقة على نفسها".وتوقع الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم فوز حزبه بالأغلبية ثم تليه الأحزاب الإسلامية في المركز الثاني بنسبة 35% من الأصوات، مستبعداً أن تحقق أي جهة فوزاً ساحقاً.
وتتخوف أحزاب جزائرية عديدة من عمليات التزوير لهذه الانتخابات، حيث قال رئيس جبهة العدالة والتنمية الجزائري الإسلامي عبدالله جاب الله يوم الثلاثاء 8 مايو الجاري، تخوفه من تزوير الانتخابات، وقال في مؤتمر صحافي: "هناك مؤشرات تبعث على القلق وتجعلنا نتخوف من التزوير". وأوضح أن من بين هذه المؤشرات "تسريب بعض أوراق التصويت وتضخيم قائمة الناخبين التي تمثل 65 في المائة من عدد السكان بينما الطبيعي ألا تتعدى 45 في المائة "وأشار إلى القيام بـ "تسجيل منتسبي الجيش بصفة جماعية بعد إغلاق موعد التسجيل في القائمة الانتخابية، وبعد أن بعثوا وكالات لأوليائهم للتصويت نيابة عنهم" ما يعني أنهم سيصوتون مرتين.