جريدة الجرائد

أنا ضد اتحاد خليجي كهذا!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

إذا كان الاتحاد الخليجي المقترح، والذي سيناقشه الزعماء الستة غدا في الرياض، يتضمن أيا من هذه النقائص فأنا بكل تأكيد أقف في الصف الآخر. ضد الاتحاد إذا كان يعني أن تلغي الكويت نظامها البرلماني ومفهوم المشاركة السياسية عبر الانتخاب لإرضاء السعودية أو الإمارات أو عمان. وبالتأكيد ضد الاتحاد إذا كانت البحرين أو دبي ملزمة بتطبيق أنظمة الكويت أو السعودية في تقييد الحريات الاجتماعية، فتمنع دور السينما أو السياحة أو الخدمة الفندقية. أو - وفي نفس السياق، سأكون ضد الاتحاد - إذا كان يعني ذلك منع المرأة القطرية من قيادة السيارة انسجاما مع الأنظمة السعودية. ولست مع اتحاد الدول الخليجية إذا كان يفرض عليها نمط تعليم واحدا. ولست مع اتحاد يساوي بين صحافة السعودية الأكثر حرية نسبيا مقارنة بصحافة قطر، ولا مع تقييد حرية الإعلام في الكويت لتكون مثل بقية الدول الخليجية التي هي أقل سقفا وحرية. وفي الوقت نفسه لا نريد أن تنتقل أمراض الكويت السياسية، من تحزبات قبلية وطائفية، إلى بقية دول الخليج. أيضا، لا نريد اتحادا ينقل النزاعات الطائفية في البحرين إلى الدول الخمس الأخرى.

ولا نريد اتحادا يلغي شخصية أي مجتمع خليجي، ولا ينتقص من حق أي دولة في اتخاذ ما تراه أصلح لمواطنيها، ولا أن تتدخل أي دولة في قرارات الدول الأعضاء. وبالتأكيد لا نتوقع أن يتدخل الاتحاد في شأنها السياسي الداخلي أو قراراتها السيادية. لقد طرحت كل هذه المخاوف على المشتغلين في مشروع الاتحاد الخليجي، وكانوا أمام كل سؤال يؤكدون على أن الاتحاد لا يقيد أي دولة أو يلزمها بقوانين الأخرى. البحرين ستحافظ على شخصيتها الاجتماعية، والكويت على تاريخها ومكاسبها السياسية، وسلطنة عمان على نظامها ومناهجها التعليمية، والإمارات بصيغتها الاتحادية. إذن لماذا الحرص على الانتقال إلى "الاتحاد" وعدم القناعة بـ"التعاون"؟

السبب أن المسار التعاوني رغم عجزه في بعض الجوانب قطع مسافة جيدة ولم يعد بصيغته الحالية مجرد تعاون، فهناك تعاون بين الدول الأخرى ضمن اتفاقيات ثنائية إنما في الخليج الواقع اليوم هو أقرب إلى اتحاد، ولا يضير أحدا أن يسمى اتحادا بصيغته التي هو عليها حاليا. وأتصور أن كلمة اتحاد بذاتها تخيف بعض الخليجيين لأنها تعطي المفهوم الفيدرالي، مثل اتحاد الإمارات الذي هو منظومة دولة كاملة، أو الولايات المتحدة. والاتحاد بهذا المفهوم ليس مطروحا لأن الدول الأعضاء غير متوازنة في إمكانياتها، فالسعودية خمس مرات أكبر من الدولة الخليجية الثانية حجما، أي عمان؟ هذا جزء من حالة الفزع، أو التخويف، التي ثارت في عام 1981 عندما قام مجلس التعاون، والمفارقة أن أكثر من خاصمه هم المثقفون الكويتيون ظنا منهم أنه سيكون أوتوسترادا سريعا للجارة الكبرى السعودية للاستيلاء على بلدهم. وخلال ثلاثين عاما ثبت العكس تماما. صارت الكويت عبئا على السعودية بسبب غزو صدام وتهديدات إيران المستمرة. كان يقال، آنذاك، إن المجلس مخطط سعودي أميركي، لتظهر الأيام لاحقا أن أهم ثلاث قواعد أميركية ظهرت في قطر والكويت والبحرين لا السعودية. وكان أكثر ما يقال إن السعودية ستفرض نموذجها الديني المحافظ عليهم، لكن الكويت تأثرت بشكل أكبر بثورة إيران اجتماعيا، لا السعودية. أما لماذا التوجس من الاتحاد المقترح، عدا الهواجس السياسية والاجتماعية؟

أظن المشكلة في عدم وضوح الفكرة، وتحديدا في مصطلح الاتحاد الذي يوحي بالفيدرالية، مع أن المفهوم الذي طرحه الملك عبد الله بن عبد العزيز يماثل فكرة الاتحاد الأوروبي، أقرب إلى الكونفيدرالية لا الفيدرالية، وتضمنت دعوة الملك تأكيدا على أن الاتحاد لا يتدخل ولا ينتقص من سيادة الدول الأعضاء. وأنا أعتقد أن التعامل الإيجابي مع الفكرة سيدفعها نحو نظام مرن يساعد الدول على تجميع إيجابياتها والجوانب المشتركة بينها ولن يكون الاتحاد وسيلة لإخضاع نظام أو إلغاء هوية أو خصوصية أو تهميش طائفة أو دعم نظام شعب. للمتخوفين كل الحق في أن يعلنوا عن تفاصيل مخاوفهم، وأن يضعوا شروطهم ويجربوا اتحادا مشروطا كما يريدونه. فبريطانيا في الاتحاد الأوروبي قبلت بالاتحاد وتحفظت على بعض نشاطاته وأصبحت لاحقا من أهم الدول التي عززته نظاما ونشاطا دون أن تغير عملتها أو تنحني لقوانين الهجرة. وأخيرا، الاتحاد هو الخيار الأفضل للدول الخليجية الخمس، أما السعودية عرابة المشروع فهي أقل انتفاعا، وأنا أقدر الحساسيات والمخاوف التي ستثبت الأيام، كما أثبتت في الماضي، أنه اتحاد إيجابي يستحق التأييد بروح إيجابية.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عنوان مخيف
عبدالله القحطاني -

عندما قرأت العنوان تخوفت وقلت ما ذا أصاب كاتبي المفضل عبدالرحمن الراشد بشأن الاتحاد الخليجي , لكن عندما قرأت العمود تنفست الصعداء وجميع ما ورد في الموضوع رائع ويحتاج إلى دراسة ومن حق كل دولة أن تتوجس خيفة لكن لا بد من التنازل لأن بعض الدول ستستفيد من الاتحاد والبعض الآخر سيفقد بعض الميزات والمرحلة لا تحتاج إلى حساب المكسب والخسارة الأحداث تتطلب على جميع الدول الخليجية الاتحاد ولو بالتدرج المشكلة الكبرى هم الحكام لا أحد منهم يريد أن يفقد حكم أباءه وأجداده الشعوب تريد الوحدة بأي طريقة والأيام كفيلة باثبات جدية الاتحاد الكثير تخوف من استمرار وحدة المملكة العربية السعودية وكذلك وحدة الإمارات العربية المتحدة ولكن الأحداث أثبتت أن الاتحاد فيه الخير الكثير ,,

فاقد الشيء
اكرم -

عزيزي القصة لافيدرالية ولا كونفدرالية ...هنالك هلع حقيقي من عاصفة الربيع العربي افقدت صواب البعض فتارة اتحاد مع الأردن والمغرب فشل في مهده ثم اتحاد مع البحرين ..واما موضوع البحرين فهو لأغراض طائفية 100% لسحق الشيعة في البحرين نهائيا وقمع ثورتهم ... هذا كابوس قائم على الصراع الأزلي بين التكفيريين .والشيعة والأدهى والأمر ان يكون زعماء سياسيين يمتلكون مصير دول بينما هم تكفيريون ويؤمنون بالتكفير والأخراج من الملة ...

فاقد الشيء
اكرم -

عزيزي القصة لافيدرالية ولا كونفدرالية ...هنالك هلع حقيقي من عاصفة الربيع العربي افقدت صواب البعض فتارة اتحاد مع الأردن والمغرب فشل في مهده ثم اتحاد مع البحرين ..واما موضوع البحرين فهو لأغراض طائفية 100% لسحق الشيعة في البحرين نهائيا وقمع ثورتهم ... هذا كابوس قائم على الصراع الأزلي بين التكفيريين .والشيعة والأدهى والأمر ان يكون زعماء سياسيين يمتلكون مصير دول بينما هم تكفيريون ويؤمنون بالتكفير والأخراج من الملة ...

اين حرية الصحافة
رعد -

(يساوي بين صحافة السعودية الأكثر حرية نسبيا مقارنة بصحافة قطر)، كلام مضحك لا يوجد في السعودية اي حرية للرأي ولا بنسبة 1%، لماذا الاف المعتقلين بسبب حرية الرأي، هناك حرية لسب الله ورسوله ولكن مجرد نقد بيسيط للدولة يودي وراء الشمس.

نعم السعودية خائفة.....
متابع -

نعم ............السعودية تشعر بالرعب من المستقبل ....وتريد الأحتماء من العاصفة القادمة لا محالة

نعم السعودية خائفة.....
متابع -

نعم ............السعودية تشعر بالرعب من المستقبل ....وتريد الأحتماء من العاصفة القادمة لا محالة