جريدة الجرائد

الإسلاموية... تونس نموذجاً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عائشة المري

أثارت زيارة القرضاوي رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" إلى تونس في مستهل شهر مايو جدلاً سياسيّاً واسعاً، ورفعت أحزاب تونسية في مواجهتها شعارات متعددة رافضة للزيارة، وعادت للواجهة الاتهامات للقرضاوي لموقفه الداعم لنظام بن علي أشهراً قليلة قبل سقوطه. وكانت قد سبقتها زيارة الداعية المصري وجدي غنيم التي رافقتها أيضاً احتجاجات مماثلة لأطياف سياسية، وتحولت الساحة التونسية إلى ساحة اتهامات متبادلة على خلفية زيارة الدعاة الإسلامويين لتونس لدعمهم غير المباشر لحركة "النهضة" الإسلامية التي تتصدر المشهد السياسي التونسي. وقد صرح القرضاوي في اجتماع شعبي نظمته حركة النهضة بأن "الديمقراطية التي أتت بها الثورات العربية هي ديمقراطية الله لعزة الإسلام" وأن "الديمقراطية ليست كفراً كما يدعي البعض بل هي التوبة ذاتها". فهل نجحت حركة "الإخوان المسلمين" في تصدر الساحة العربية بوسطيتها المُدعاة؟ وهل يمكن الحديث عن نموذج عربي رائد للمزاوجة بين الإسلام والديمقراطية في تونس؟

انطلقت ثورة الياسمين في تونس نتيجة للحراك الاجتماعي، فلم تتزعم المعارضة التقليدية المظاهرات، ولم ترفع الجماهير أي شعارات دينية أو إيديولوجية وإنما نادى الشعب التونسي بـ"الشغل" و"الكرامة". وبتضافر العوامل الداخلية، ثم العوامل الخارجية، كان هروب بن علي بداية التغيير في تونس. وشهدت أولى الثورات العربية صعوداً لقوى الإسلام السياسي. إن النموذج التونسي يطرح تساؤل العلاقة بين الإسلام والديمقراطية على أرض الواقع، فالأحزاب الإسلامية في تونس قادت جهود صياغة دستور جديد بعد فوزها في الانتخابات التي جرت يوم 23 أكتوبر 2011، وهي أول انتخابات ديمقراطية في تونس، وبلغت نسبة المشاركة 78 في المئة. والحقيقة أن مشاركة الأحزاب الإسلامية في العملية السياسية ستضع برامجها على المحك فمع الممارسة السياسية ستتم عملية فرز بين المتشددين و المعتدلين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يبرز التناقض ما بين الأيديولوجية وبين البراغماتية في إطار ممارسة السلطة، إذ أعلن حزب "النهضة" بمنتهى البراغماتية أن الشريعة يجب ألا تكون مصدر جميع القوانين، وقال إن الدستور يجب أن يقر ببساطة بأن الإسلام هو دين الدولة، كما ورد في الدستور القديم، ويبدي إسلاميو تونس انفتاحاً على بقية التيارات السياسية، وبراجماتية واضحة تجسدت في تصريحات راشد الغنوشي رئيس حزب "النهضة" حيث تعهد بخفض معدل البطالة من 19 في المئة إلى نحو 8 في المئة فقط عن طريق توفير 600 ألف فرصة عمل جديدة في تونس. وصرح "نحن نرغب في تعزيز حقوق المرأة، ومعالجة قضايا التحرش بالمرأة في محل العمل، والعنف الأسري، وتوفير رعاية أفضل للأطفال حتى تستطيع المرأة الاستمرار في أعمالها".

إسلاميو تونس ومن خلال التحالف مع الأحزاب العلمانية وتقديم خطاب إسلامي معتدل ومتصالح مع واقع تونس ما قبل التغيير قد يتمكنون من كسب ثقة الشعب التونسي في تأسيس البنية التحتية للبلاد، ولكن الفشل في إصلاح الاقتصاد سيعني بالضرورة وفي إطار الديمقراطية التي سماها القرضاوي "ديمقراطية الله" عدم انتخابهم من جديد. وقد يقال إن صعود التيارات الإسلامية لا يعبر عن تهديد للعملية الديمقراطية بل هو نتاج للممارسة الديمقراطية ولكن سيظل التساؤل مطروحاً حول مدى التزام التيارات الإسلامية بالديمقراطية حال خسرت السلطة.

هل يتمكن حزب "النهضة" من توحيد جميع التونسيين وتقديم مثال للدول العربية الأخرى التي تشهد حالة من العملية الانتقالية؟ فهل نشهد إعادة صياغة للمشهد السياسي للشرق الأوسط إذا ما تمكن إسلاميو تونس من طرح نموذج لتوافق الإسلام مع الديمقراطية، وليس العكس.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عنوان جميل ومحتوى أجوف
تونسي حر -

الذي يقرأ عنوان المقال يظن أن الكاتب سيتطرق للنموذج الديمقراطي الذي قدمته حركة النهضة الاسلامية في تونس حيث أنها حازت على الأغلبية ولم تحتكر الحكومة بل قامت بإتلاف ومشاركة في عدة حقائب مع حزبين علمانيين ، كما أنها لم تقدم مرشح إسلامي أصلا لرئاسة الدولة ،أو حتى للمجلس التأسيسي(مجلس الشعب).أما عن التنصيص للشريعة في الدستور المقترح فإن الحركة رأت أنه لاداعي للخوض في جدال فلسفي عقدي عن الشريعة ومعناها ، ورأت أن المجتمع متجانس دينيا وعقديا حيث أنه لاطوائف ولا ديانات غير الإسلام السنة في تونس ومعظم القوانين والتشريعات في البلاد مستمدة من الشريعة السمحة،فلم هذا التنصيص الذي يدخل البلاد في فتنة لمسألة لايختلف فيها الاسلامي ولا العلماني أن دين الدولة الاسلام ،ومن المعلوم أن من يريد أن يتبع الاسلام حقا فعليه بالشريعة! أما عن زيارة العالم المجتهد الشيخ الفاضل الدكتور/ يوسف القرضاوي فهي مفخرة لتونس الزيتونة وهي امتداد تاريخي لعلماء الأزهر و الزيتونة والقول بأنه قد مجد بن علي قبل أشهر من هروبه فيه مغالطة حيث أن الشيخ زار تونس في 2009 بدعوة لاختيار القيروان العاصمة الثقافية وتكلم كلام عام عن المخلوع عندما سأله التلفزيون الحكومي عنه وهل كان يجب عليه أن يسبه ؟ الشيخ كان ومازال يساند كل الثورات العربية المباركة حيث أنه كان منذ اندلاع الثورة في تونس مساندا لها في كل مراحلها حتى انتصرت وجاءت زيارته لتونس في هذه المرحلة تتوجيا لهذا النصر ، واحتجاج بعض المعارضين لأفكاره على الزيارة هو الدمقراطية الجديدة في تونس التي يسأل كاتب المقال عنها.أخيرا أتمنى من الكاتب أن يكون موضوعيا ومحايدا ومطلعا أكثر في طرحه للقضايا .وشكرا

ولتعرفنهم في لحن القول
اسلام محمود -

ليست كراهية للاسلاميين ولكن للاسلام نفسه يا خدام الطواغيت !!

ولتعرفنهم في لحن القول
اسلام محمود -

ليست كراهية للاسلاميين ولكن للاسلام نفسه يا خدام الطواغيت !!