الازمة السورية: 'ألم يحن الوقت للمفكرين والحكماء ان يقولوا كلمتهم'؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في ظل فشل الجهود الاقليمية والدولية لحل الازمة السورية: 'ألم يحن الوقت للمفكرين والحكماء ان يقولوا كلمتهم'؟
الامير الحسن بن طلال
تضع التطورات في سورية المواطن والمُفكر العربي أمام مسؤولية غير مسبوقة منذ أن حَلَّ ما يُسمى الربيع العربي على منطقتنا. ولعل ما يُثقل هذه المسؤولية ويثير تساؤلات مشروعة بعد، أن وصلت الأزمة السورية إلى مرحلة تُنذر بخطر يتهددَ وحدة سورية أرضاً وشعباً، هو السؤال المهم الذي يراود الكثيرين منا:
هل يمكن اعتبار ما يحدث في سورية استثناء عما حصل في الدول التي سبقتها، ونعني تونس ومصر وليبيا واليمن، ومن قبل العراق؛ حتى وان اختلفت الظروف والوسائل ؟ وبالتالي فإن هذا التساؤل يدعونا إلى إعادة تقييم ما حدث في الحِراكات السابقة ونتائجها وآثارها بعيدة المدى على مجتمعاتنا وعلى مصالح أمتنا.
لعل التفجيرات المؤسفة التي حصلت مؤخراً في دمشق، بما أوقعته من عدد كبير من الضحايا ونوعية تلك التفجيرات والدلالات التي تحملها شكّلت سابقةً خطيرةً، إن لم تكن نقطة تحوّل في اتجاه الأزمة ومستقبل المواجهات والأدوار التي يمكن أن تقوم بها أطراف جديدة في الأزمة.
غني عن البيان اننا كنا نتابع الأزمة باهتمام وقلق كبيرين، ولم نشأ أن نتدخل منذ البداية على أمل أن تفضي الجهود العربية والدولية وغيرها إلى نتيجة، إلا أن ذلك لم يتحقق، وبالتالي وجدنا أن من الواجب أن نحيي مبدأ الشورى فيما بيننا في هذه المرحلة الدقيقة، آخذين بالاعتبار قدرة العقل السوري الواعي على تطوير حلول عملية سريعة تخرج البلاد من الثنائية العدمية، وتفتح آفاقا لتوافق وطني جديد يشارك فيه الجميع على أسس واضحة من الديمقراطية والمشاركة والتعددية وقبول الآخر.
إننا في منتدى الفكر العربيّ ومنذ تأسيسه قبل أكثر من ثلاثة عقود اعتدنا أن تكون لنا كلمة حين يتعلق الأمر بمستقبل أمتنا ومكانة عالمنا العربيّ، وأن يكون لأبنائه دور فاعل في رسم مصيرهم، مستنيرين بتاريخنا بكل ما يحمله من صفحات مشرقة وتجارب قاسية أدى فيها مفكرو الأمة وحكماؤها الدور المطلوب والمنتظر.
ولعلنا في هذه اللحظات التاريخية نستذكر الجهود التي بذلناها لمنع وقوع الحرب على العراق عام 1991 وتجنيبه النتائج الكارثية التي لحقت به وبالمنطقة، فقد اطلقنا آنذاك، وفي ظروف قد تكون مماثلة لما يحصل اليوم في سورية، نداء قبيل وقوع الحرب والتي اعقبتها نزاعات طائفية في جنوب العراق، للاحتكام الى العقل وترجيح صوت الحكمة لتجنب الحرب. وكما كان الحال في عراق العروبة نشهد اليوم ما يحدث في سورية ميسلون .. سورية النهضة وعاصمتها الفيحاء الشامخة تواجه تحديات ومحاولات عبثية بغيضة لتغييب الحكمة والمنطق .. ودعوني في هذا السياق أن أقول صراحة، ونحن في أسبوع ذكرى نكبة فلسطين، من سيطالب بالجولان والاراضي الفلسطينية المحتلة اذا استمر التدهور على هذا المنوال؟ ماذا سيكون حالنا لو تضعضع الوضع في لبنان، لا سمح الله، ونحن نشهد في مدينة طرابلس مواجهات سنية علوية؟
إذا كانت هذه الشرذمة ستستمر، فإننا مقبلون على حروب أهلية وصراعات تأكل الاخضر واليابس، وسيدفع ثمنها الجميع وستنال مما تبقى من سيادة الدول التي كانت تسمى دول الطوق حول إسرائيل .. إسرائيل التي تتجاوز على دول الجوار ومن بعدها بالتهديد والوعيد .. تارة لإيران ومؤخرا لمصر، تحت مسوغات واسباب متعددة، ومنها الارهاب وكأن مواجهة الارهاب يتم بإرهاب الارهاب .
وانطلاقاً من مسؤوليتنا وحتمية مصيرنا المشترك، وإيمانا منا بمبدأ رفضنا للصمت إزاء هكذا أزمات وتحولات، لأن ديدننا الموضوعية وكلمة الحقّ والعمل بما بوسعنا في سبيل مصلحة أمتنا دون أن تأخذنا في الحق لومة لائم، فإننا نرى أنه كلما طالت الأزمة في سورية كلما سنحت الفرصة لأصحاب الأغراض أن يتسللوا ويفرضوا مصالحهم وأهدافهم على حساب أصحاب القضية ومن لهم مصلحة حقيقية في البحث عن الحلول الناجعة، وهم بالطبع أبناء هذه الأمة أينما كانوا ومهما اختلفت توجهاتهم ورؤاهم ومصالحهم الخاصة، أي أن الحاجة للدور العربي في سورية أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، ولا سيما في قضية لم تعد تَهم سورية أو تُختصر بنظام سياسي أو مصلحة فئة أو حزب معين، على الرغم من أن سورية الشعب والكيان هو الضحية والخاسر الأكبر.
إن ما يَزيد القلق ويُربك المشهد ويترك ظلالاً قاتمة على المستقبل أن يجري الحديث عن الأقلية والأكثرية في سورية، كأن المسألة تتعلق بصراع مذهبيّ طائفي، وبالتالي تمهيد الأذهان لقبول مسوغات حربٍ أهلية؛ بل التسليم بوقوعها، في حال غياب حل واقعي للأزمة.
وتأسيساً على وجوب أن يكون الحل عربياً من ناحية الفعل والتأثير، وأن يُسمح لحكماء هذه الأمة أن يقولوا كلمتهم ويساهموا في إيجاد مَخرج يُجنب سورية والعالم العربي المزيد من الأذى والتشظي، فإننا ندعو الأطراف المعنية بالأزمة أن يحتكموا إلى العقل والواقعية، وأن لا يتمسك كل طرف بأهدافه وأجندته، وأن يعي المخططات والأهداف من وراء الزعم بالحرص على مصلحة سورية وتقديم الدعم من هنا أو هناك.
ولكي نتلمّس الأخطار المحدقة بهذا البلد العربي، دعونا نلقي نظرة سريعة على نتائج الجهود التي بُذلت منذ أن بدأت الأزمة وإلى الآن.
إن ما يدعو إلى الصدمة والأسى أن تُطالعنا مؤخرا وسائل الإعلام بتحذير مبعوث الأمم المتحدة و(الجامعة العربية) السيد كوفي أنان أمام مجلس الأمن 'باحتمال إندلاع حرب أهلية في البلاد ما لم تتراجع معدلات العنف'؛ مُشدداً القول بأنه: 'يمكننا أن نتوصل إلى نتيجة مفادها أن الخطة (خطة أنان) لا تحقق النجاح المنشودّ، وأن مساراً آخر قد يُتخذ، وهو ما سيكون يوماً شديد السوء ويوماً شديد القسوة على المنطقة'.
وبصراحة أكبر يُحذر أنان قائلاً :'إنني متأكد من أنني لا أخبركم سراً عندما أقول أن البلاد قد تدخل بدلاً من ذلك في حرب أهلية كاملة ستكون فجيعة للغاية'.
وفي ضوء هذه الحقائق، وبعد مرور كل هذا الوقت من المحاولات المختلفة التي بذلت لإيجاد مخرج لها، أفلا تُشكل هذه التصريحات إقراراً بفشل الجهود الإقليمية والدولية إلى الآن لحل الأزمة... يُقابل ذلك تصعيّد خطير لوتيرة العنف ودخول أطراف جديدة بشكل معلن، ودون اكتراث لتأثير ذلك على مسار الأزمة وحجم التضحيات البشرية والمادية وعلى نحو غير مسبوق؟
هل سنظل ننتظر أن يتشظى هذا البلد العربي، ثم نبدأ بلوم أنفسنا والتنصل من مسؤولية ما حصل؟!
ماذا يعني الحديث الآن عن البحث عن الخطة (ب) في حال فشل خطة أنان؟! ماذا يعني مطالبة مجلس الأمن بإيجاد الأرضية اللازمة للتوافق بين أعضائه للبحث عن حلّ بديل؟! وماذا يعني الحديث عن تدفق الأسلحة إلى جميع الأطراف في سورية، وعن التفجيرات النوعية التي طالت المدنيين الأبرياء؟! وما هي دلالات إدراج الموضوع على جدول أعمال القمة القادمة لمجموعة الثمانية؟
ألا ينبغي أن يُشكّل كل ذلك دافعاً لنا للبحث عن 'حل عربي' بما تعنيه الكلمة من معنى؟!
إن ما يدعو إلى الأسف والألم أن المدى الذي وصلت إليه الأزمة تجعل جميع أطرافها يتمسكون بمواقفهم ويراهنون على وعود ومتغيرات لا يملكون دوراً أو تأثيراً فيها، ودون اعتبار للآثار الإنسانية الجسيمة والمصير الذي ينتظر سورية.
ولأننا نثق بقدرات هذه الأمة ودور مفكريها وأبنائها، فإننا ندعو الجميع إلى الاحتكام إلى العقل والمصلحة العليا لسورية والمنطقة.
وفي ضوء حقيقة وصول جهود الأطراف الإقليمية والدولية إلى حائط مسدود، فإننا ندعو إلى عقد اجتماع عاجل ،يستضيفه منتدى الفكر العربي، للمفكرين والمعنيين في العالم العربي للإسهام في البحث عن حلّ بعيداً عن السياسيين والأجندات المطروحة، عسى أن يستمع أصحاب القرار والأطراف المؤثرة في الأزمة إلى صوتٍ آخر لم يُسمح له أن يؤدي دوره إلى الآن، وبذلك نكون جميعا قد أدينا واجبنا إزاء قضية تخص المواطن العربي أينما كان وتتعلق بالأمن القوميّ العربيّ، بل وفي الصميم منه.
أللهم فاشهد إني قد بلغت .
التعليقات
للانحياز الى جانب الشعب
مواطن عربي مهاجر -ردا على السؤال المطروح: في ظل فشل الجهود الاقليمية والدولية لحل الازمة السورية: ''ألم يحن الوقت للمفكرين والحكماء ان يقولوا كلمتهم''؟ الاجابة عندي ان انحياز المفكرين والحكماء الى جانب الشعب السوري البطل الحر الثائر قد تاخر كثيرا. وان ياتي متاخرا، خير من ان لا ياتي ابدا، كما يقول المثل. من حق الشعب السوري الثائر لانتزاع حريته وكرامته وتطلعاته واماله من انياب نظام عصابة زعران ليبني مستقبله بديموقراطية تحتضن مكونات هذا الشعب المظلوم المنكوب المضطهد المقموع منذ انقلاب العبث في ٨ مارس اذار ١٩٦٣، من حقه على اخوته ان يقفوا الى جانبه يشدون من ازره ويرفعون الغطاء العربي عن نظام الاجرام ومرتزقته وشبيحته ومجرميه وابواقهم واذنابهم. لقد تاخر هذا الانحياز حتى بدانا نشك في وجود من تسيدوا الساحة العربية عقودا وهم ينظرون بمقاومة العدو الغاشم المغتصب المحتل المدنس المضطهد القامع الخ الخ الخ. ويقينا ان نظام عصابة الزعران بقيادة الفشار تنطبق عليه كل هذه الصفات، بل ويمكن اكثر سوءا من اسرائيل. لا داعي للتشاطر في الموضوع السوري فالامور واضحة لكل مواطن عربي من مراكش الى مسقط. اي كلام انشائي وتبريري وتغبيري وضجيجي لا يمر على كل العرب الذين ملوا من طغيان اصنام تثرثر بالمقاومة والممانعة وقبلهما الصمود والتصدي وهم في الحقيقة اكثر الطغاة ارتياحا مع اسرائيل واراحة لها؟؟؟!!!! لن يمر الخداع تحت اي مسمى كان. الموقف الوحيد الصائب هو الانحياز الى جانب الشعب السوري ورفع الغطاء عن نظام عصابة الزعران. وسوريا الحضارة ليست ملكية خاصة بفرد مهما نبح المتزلفون. والشعب السوري ما بينذل.