صحافة أجنبية : هل يدفع نصر الله لبنان إلى حرب لا يريدها شعبه?
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخطر الوحيد تدخّل حزب الله واستخدامه ترسانته للدفاع عن حليفته
الضربة الإسرائيلية لن تقطع رأس النظام الإيراني.. بل تدمر قوته النووية
في وقت يركز الأسد على بقائه حياً... وإيران على هيبتها
اليوت أبرامز
وافق تحالف دولي واسع على أن ايران يجب أن تجمد برنامجها الخاص بالأسلحة النووية وألا تعمل على تطوير أي من مكوناته - تخصيب اليورانيوم بدرجة كافية ورؤوس حربية ونظم توصيل هذه الرؤوس - بما يمكن أن يسفر عن امتلاك الجمهورية الاسلامية للقنبلة النووية.
ولم يتوصل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي, وحكومات معظم الدول المؤثرة - بما في ذلك الولايات المتحدة, وروسيا والصين, وألمانيا, وبريطانيا, وفرنسا (مجموعة الخمسة + 1) التفاوضية - الى توافق حول ذلك فحسب بل تم التصرف وفرض عقوبات صارمة متزايدة على ايران لاجبارها على وقف ما بات واضحا أنه برنامج عسكري يهدف الى صنع قنبلة نووية. وتعكس هذه الخطوات الديبلوماسية والعقوبات المشددة توافقاً واسعاً في الآراء حول الأخطار التي سيجلبها السلاح النووي الايراني.
ولكن تلك الاخطار التي تتراوح بين خطر الانتشار النووي الى احتمال أن تصبح ايران النووية مؤيدة أكثر جرأة للارهاب,ولا تؤثر في جميع الدول على قدم المساواة. في الواقع, أنها مسألة مبدأ وخطر على الكثير من البلدان وتلقى اهتماما أكبر لدى جيران ايران ولدى الولايات المتحدة. وبعد ذلك هناك اسرائيل. ولا شك ان المخاطر التي يمكن أن تنجم عن السلاح النووي الايراني فريدة من نوعها, ينبغي ألا تسأل أي دولة عن القبول بها.
الحالة الوحيدة اليوم التي يظهر فيها بلد عضو في الأمم المتحدة يدعو الى تدميرعضو آخر هي حالة طهران وتهديداتها المتكررة لابادة اسرائيل, وليس هناك سبب للاعتقاد بأن الايرانيين لا يعنون ذلك. التعليقات الايرانية الرسمية عن اسرائيل اتخذت دائما طابع الابادة الجماعية. خير مثال على ذلك مقال نشر في الصحافة الايرانية في فبراير - وكالة أنباء فارس التابعة للحرس الثوري- ولكن المقال الأصلي نشر في موقع ألف المرتبط بعلاقات مع المرشد الأعلى - يدعو الى ابادة اليهود. كتبه علي رضا فورغاني, أخصائي في العلوم الستراتيجية وشخصية بارزة في ايران; لكن الأكثر أهمية أن مواقع النظام الرئيسية تؤيد آراءه. ويلخص تقرير جاء على موقع أخبار WND الفقرات الأساسية لتحليل فورغاني حول ضرورة تدمير اسرائيل وشعبها كما يلي :
وفق هذا المذهب الدفاعي الوقائي يجب تدمير قواعد اساسية عدة في اسرائيل وابادة سكانها. ويستشهد فورغاني بآخر تعداد للسكان حسب المكتب المركزي للاحصاء في اسرائيل أن تعداد سكانها يصل الى 7.5 مليون مواطن منها أغلبية 5.7 مليون من اليهود. ويشير الى ثلاث مدن فيها أعلى كثافة للشعب اليهودي تل أبيب والقدس وحيفا, فيها ما يزيد
عن 60 في المئة من اليهود يمكن أن تستهدفها ايران بصواريخ باليستية (شهاب 3 ) ما يسفر عن مصرع جميع سكانها.
نداء الابادة الجماعية هذا خطاب مقبول في الجمهورية الاسلامية, وقد ورد في معظم خطابات الرئيس الايراني الذي يدعو الى محو اسرائيل من الخريطة, وفي 3 فبراير, ادعى المرشد الأعلى الايراني أية الله خامنئي مرة أخرى أن اسرائيل ورم سرطاني ينبغي أن يستأصل وسيتم استئصاله ".
اجراءات انتقامية
لا يعتقد أن تشن ايران هجوما نوويا على اسرائيل بعد حصولها على تلك القدرة, لكن اسرائيل لا يمكن أن تتساهل في موضوع وجود سلاح نووي في أيدي هذا النظام. بالاضافة الى تهديد الدولة, يمكن أن تقدم ايران أيضا هذه القدرة الى حماس أو حزب الله أو الى اي جماعة ارهابية أخرى تربطها بها صلات كوسيلة لاخفاء دورها في الهجوم. كما يمكن استخدام ايران القدرة النووية المكتسبة حديثا للدفاع عن أنشطة ارهابية, سواء ضد اسرائيل أو ضد اليهود كأفراد وضد المصالح الاسرائيلية في جميع أنحاء العالم. الهجمات الأخيرة على موظفي السفارة الاسرائيلية في الهند وجورجيا وتفجير السفارة الاسرائيلية ومقر الجالية اليهودية في بوينس آيرس في التسعينات كلها أعمال اقترفتها ايران دون حماية اضافية بوجود سلاح نووي. وبالمثل, فان هجمات حزب الله وحماس الصاروخية والتفجيرات الارهابية وعمليات الاختطاف جميعها وقعت دون ان يكون لرعاتها في طهران قنابل نووية. وكم سيكون مقداراً عدوانية ملالي طهران اذا تم تحييد التهديد باتخاذ اجراءات انتقامية من خلال امتلاك رؤوس حربية نووية ? اسرائيل دفعت ثمناً باهظا في العقود الماضية لاحتكار النووي في المنطقة لكي تواجه عداء ارهابيا كهذا, وعندما يقوض هذا الاحتكار تفقد قدرتها على البقاء.
أي أمة, بطبيعة الحال, بوسعها الدفاع وقائيا ضد أي هجوم تسللي غير متوقع. ولكن اذا حازت ايران أسلحة نووية ( سبق أن أبدت استعدادا لاستخدامها ), فانه سوف لا يشكل مفاجأة الى اسرائيل أو الى حليفها الرئيسي, الولايات المتحدة. لكن ثمة تصميم معلن لكلا البلدين في منع الوصول الى تلك النتيجة أي حيازة طهران مثل هذه الأسلحة. جميع الخطب حول ما نقبل به وما لا نقبل به مجرد كلام ; المهم ابداء التصميم وسوف يستنتج أي مراقب أن سمحنا لأنفسنا بالتقاعس عن العمل فتستمر عواقب ذلك لسنوات قادمة حتى اذا - بفضل معجزة - لم تعمل طهران قريبا على تنفيذ تهديداتها بالابادة الجماعية.و سوف نشهد نمو برنامجها عاماً بعد عام دون أن نفعل شيئا. وستتلاشى صورة اسرائيل الحصينة والحازمة القوية والجاهزة للعمل - كما تصرفت ضد البرنامجين النوويين في العراق العام 1981 وفي سورية العام 2007, وكذلك صورة الولايات المتحدة كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط وملتزمة بالحفاظ على وجود اسرائيل.
كيف سيكون الشرق الأوسط عندما تمتلك ايران تلك الأسلحة النووية ويستمر كبار مسؤوليها بالقول انه يجب القضاء على اسرائيل ? سيكون من السهل على ايران تهديد حياة الاسرائيليين باطلاقها صاروخا أو طائرة مهمتها قد تكون مجرد هجوم نووي. فرص سوء التقدير أو التصور الخاطئ قد تجلب الحرب للمنطقة والكارثة ستكون هائلة.
كل هذا يساعد على تفسير سبب وقوف ما يسمى بالمجتمع الدولي ككيان غير محدد الى جانب اسرائيل, واجماعه تقريبا على أنه لا ينبغي السماح لايران بالحصول على سلاح نووي. القضية تكمن فيما اذا قلنا فاننا نعني ما نقول. هناك فرق كبير بين القول بان السلاح النووي الايراني خطير لدرجة التفكير في الحديث ضده ومعاقبة الاقتصاد الايراني, والقول باننا سوف نعمل على منعه. وفي حين قال بعض القادة الأميركيين, معظمهم من الجمهوريين- بوجوب استخدام القوة العسكرية لم يكن هذا الموقف الرسمي للولايات المتحدة. في العام 1980, جاء في "مبدأ كارتر"
أن " أي محاولة من جانب أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج العربي سوف تعتبر اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة , وسوف يتم صد هجوم من هذا القبيل بأي وسيلة ضرورية, بما في ذلك القوة العسكرية. لم يقل أي رئيس شيئا كهذا فيما يتعلق بالسلاح النووي الايراني. لم يعد آيات الله يخافون من صيغة "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" المهدئة ولن يخافوا .
ونظرا لعدم الاستعجال هذا فان اسرائيل ستقوم بمقامرة كبيرة جداً اذا فكرت بأن الولايات المتحدة ستحميها من القنابل النووية الايرانية.
نحن من يجب أن نحمي أنفسنا أو لا نحمي في عهد هذا الرئيس أو الرئيس التالي. الأسلحة النووية الايرانية رغم كل شيء تهديد وجودي لاسرائيل, وليس للولايات المتحدة. ليست أميركا المهددة دائما بالابادة الجماعية من قبل طهران التي يعتقد حكامها بأنها "الشيطان الأكبر".
ثلاث حجج
هل تأخذ اسرائيل على عاتقها العمل والتصرف ?
هناك ثلاث حجج رئيسية ضد هذا المنحى. الأولى تقول انه مستحيل : أي أن اسرائيل لا يمكنها القيام بهذه المهمة, فهي ستؤخر ايران بضعة أشهر من خلال هجوم قد ينجم عنه مع ذلك انتقام كبير اذا كان صحيحاً بالفعل أن "النافذة" أغلقت وأن اسرائيل ليس بوسعها أن تلحق ضررا كبيرا بالمنشآت الايرانية فالحجة انتهت. واذا كان بوسعها الحاق أضرار كبيرة, فليس هناك الكثير من نقاط الجدل في وضع ايران مرة أخرى ما اذا كانت ثلاث أو خمس أو سبع سنوات كافية لتبرير الهجوم. ليس ثمة رقم سحري هنا, ولا رقم سحري يكشف كم سنة سوف يحكم هذا النظام المكروه في ايران قبل أن يقوم الشعب ضده. والنتيجة الطبيعية لهذه الحجة أن هجوما اسرائيليا يمنح النظام عقد ايجار جديدا للحياة من خلال حشد جميع الايرانيين, بما في ذلك الاعداد المتزايدة من المنشقين.
ولكن من يدري اذا كان هذا صحيحاً, خاصة في ضوء حقيقة أن الهجوم سيكون قد انتهى قبل أن يدرك الايرانيون أنه قد حدث ; فان نجت الأهداف المدنية ; هل يتم احتقار نظام الملالي على نطاق واسع جداً ? كما يمكن أيضا القول ان الهجوم ستكون له عواقب كما حدث في أواخر الحقبة السوفياتية عندما سرعت النكسات العسكرية ( أفغانستان, أميركا الوسطى ) بزوال النظام عبر اظهار نقاط الضعف فيه وعن طريق تكثيف التوترات الداخلية. الأمر نفسه قد يكون صحيحاً في ايران اذا تبين أن برنامجها النووي ذي الكلفة الهائلة قد ذهب أدراج الرياح, وان سنوات الحرمان والعزلة في ظل العقوبات كانت هباءً. على أي حال, لن يكون هدف الهجوم قطع رأس النظام أو الاطاحة به, ولكن فقط تدمير أو ابطاء برنامجه النووي.
الحجة الثانية ضد الاجراءات الاسرائيلية أنها ستوقف حربا واسعة في الشرق الأوسط, حرب قد تنتشر بشكل هائل من حيث الحجم والنتيجة. وهذا ليس مقنعا أيضا. من سيقاتل الى جانب ايران, خاصة في ضوء أن لها عميل وحليف واحد في المنطقة هو سورية المتورطة حاليا في حرب داخلية الخاصة ضد شعبها ? سوف لن تكون هناك حرب واسعة لأن الحكومات العربية لا ترغب بحصول ايران على أسلحة نووية, وسوف لن ترد على غارة اسرائيلية. المظاهرات ضد اسرائيل التي يمكن التنبؤ بها, ستنتهي بعد أيام قليلة. التهديدات الايرانية باغلاق مضيق هرمز أو بمهاجمة القواعد الأميركية وحلفائها في الخليج ليست ذات مصداقية حقا, وهي بالتأكيد نوع من الحرب النفسية ضد واشنطن. فهذه الاجراءات ستقود الولايات المتحدة الى صراع مع ايران عندما تعمل الولايات المتحدة على اعادة فتح المضيق - بدعم من دول العالم - هذه الاجراءات سوف تحدث أضرارا بالقدرات العسكرية الايرانية (ولا سيما البحرية) أكبر من الاضرار الناجمة عن الهجوم الاسرائيلي. لماذا تأتي مناداة ايران بسقوط الولايات المتحدة على رأس دولتها الثورية الاسلامية ? لماذا ستهاجم القواعد الأميركية وتقتل مئات الأميركيين, مع العلم أن هذا سيجر عليها عقابا مدمرا من جانب الولايات المتحدة ? وبالمثل, هل تهاجم ايران الدول العربية في الخليج, البعض منها يمتلك قوات جوية جيدة (دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية) كما يمكن أن نتوقع أن تعتمد على الدعم الأميركي ? اذا دخلت القيادة الايرانية في مثل هذه الأعمال الانتحارية, فان ذلك يؤكد الموقف الاسرائيلي بأن جماعة غير عقلانية لا يسمح لها بامتلاك أسلحة نووية في المقام الأول.
يجب أن تتوقع اسرائيل وقوع هجمات ارهابية ايرانية, وصواريخ تستهدف منشآتها النووية في ديمونا. والخطر الحقيقي والوحيد الذي قد يؤدي الى حرب هجوم من جانب حزب الله. اذا ألقى ما في ترسانته على اسرائيل سيترتب على ذلك صراع آخر ربما يكون أكبر من حرب 2006. ولكن هل هو مؤكد أن حزب الله سوف يضحي بمستقبله في سبيل ايران في هذه المرحلة ? يذكر أن زعيمه الشيخ حسن نصر الله قال بعد حرب عام 2006 " لو كنت أعلم في 11 يوليو الماضي... أن العملية ستؤدي الى مثل هذه الحرب, هل كنت سأفعل ذلك ? أقول لا, بالتأكيد لا. " وقيل ذلك عندما كانت ايران ونظام الأسد في سورية في افضل حال, وقادرتين ومستعدتين لاعادة تسليح هذه الجماعة بعد انتهاء الصراع, كما فعلوا في الواقع.
وفي الوقت الذي يركز فيه الأسد على بقائه على قيد الحياة وايران على هيبتها وقوتها التي دمرتها غارة اسرائيلية, هل يدفع نصر الله لبنان الى حرب ربما لا يريدها شعبه والتي ربما ستلحق أضرارا سياسية وعسكرية هائلة بحزب الله لا يمكن تعويضها ? اسرائيل تتوقع الأسوأ وتحضر له, ولكن هذا لا يعني أنه سيحدث.
الحجة الثالثة لرفض هجوم اسرائيلي أن ايران المسلحة نوويا يمكن "احتواؤها " ولم يتم توضيح كيفية تحقيق ذلك. الاحتواء ليس ستراتيجية ديبلوماسية, بل عقيدة تفرض بالقوة العسكرية : يتم تحديد الخطوط الحمراء وقد لا تكون تتقاطع دون نتائج واضحة. اذا حصلت ايران على أسلحة نووية فهذا يعني أن جميع الخطوط الحمر قد تم تجاوزها وان تحذيرات الولايات المتحدة أثبتت أنها مجرد كلام. بعد أن تصبح ايران دولة نووية كيف يمكن لواشنطن ان تهدد بالحرب لاحتوائها وهي كانت غير مستعدة للتصرف عندما لم يكن لديها أسلحة نووية ? هذا لا يمكن أن يستقيم بجدية كفكرة واقعية تجعل ايران تفكر مرتين بما قررت.
الرئيس أوباما, شأنه شأن الكثير من زعماء العالم, قال بأن السلاح النووي الايراني "غير مقبول". انه على حق, وكذلك ينبغي أن يظل موقف الولايات المتحدة - وان كانت النتيجة سيئة, لن نغضب, بل نرفض قبول ذلك, وكما قال الرئيس ذات مرة, سيتم الحؤول دون ذلك.واذا كنا غير مستعدين للعمل, أو العمل بأسرع ما يمكن, ينبغي أن يكون موقفنا بان هذا الاجراء الاسرائيلي أمر له ما يبرره.
* عن "ورلد افيرز جورنال"