جريدة الجرائد

إبراهيم عرفات:المجلس العسكري المصري يتبع سياسة «فرق تسد»

GMT السبت 09 يونيو 2012 00:57 آخر تحديث : GMT السبت 09 يونيو 2012 01:06 العرب القطرية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الدوحة - محمد عيادي قال الدكتور إبراهيم عرفات، إن استمرار انعقاد منتدى أميركا والعالم الإسلامي منذ سنة 2004، يؤكد أهمية فكرة التلاقي والحوار، حيث يكشف كل طرف كيف يفكر وفيما يفكر ويقرب المسافات.وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعتي قطر والقاهرة في حوار مع "العرب" على هامش أشغال المنتدى المذكور، أن الإسلاميين ليسوا "شياطين" بل بشرا يريدون الحرية والعدالة والكرامة، ومستعدون للقبول بالطرف الآخر، مشيرا إلى أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بمصر وضعت المصريين بين خيارين كلاهما مر وأحلاهما صعب، ما جعل البعض يرفع من الآن مطالب بسقوط الرئيس القادم بمعنى رفض شرعية الصناديق.واعتبر الدكتور إبراهيم أن سماح الإعلام المصري لوجوه النظام السابق بالظهور مجددا، دليل على تراجع الثورة وأنها قاب قوسين من النهاية، معتقدا أن المجلس العسكري يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية إفشال الثورة أو الارتباك الكبير الذي حدث في إدارة الحلم الكبير لدى المصريين للانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية حيوية في المنطقة، وفيما يلي تفاصيل الحوار: para; هل أثر الربيع العربي في العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والعالم العربي والإسلامي، ودفع الإدارة الأميركية لإعادة النظر في أخطائها أم أنها لا تزال على نفس نهجها اتجاه ما يعرف بالشرق الأوسط تحديدا؟- الدكتور إبراهيم عرفات: الدول العظمى عموما لا تعيد هيكلة سياساتها الخارجية من سنة لأخرى ولا حتى من عشر سنوات لأخرى، فهناك تحولات تكتيكية وأخرى استراتيجية، وإلى الآن لا يبدو أن هناك تحولا استراتيجيا في الموقف الأميركي، وما تزال مواقف الداخل الأميركي ثابتة اتجاه الشرق الأوسط، القائمة على حماية إسرائيل وضمان تدفق النفط والخوف من الإرهاب ومنع أي قوة أخرى للسيطرة على المنطقة باعتباره مجال نفوذ أميركي، وهذه ثوابت لم تتغير ولم يستطع أوباما أن يغيرها ولن يستطيع رومني المرشح الجمهوري إذا فاز في الانتخابات الرئاسية الأميركية أن يغيرها.إن علاقة أميركا بالعالم الإسلامي ربما تحسنت على مستوى الاتصال فمنتدى أميركا والعالم الإسلامي بالدوحة على سبيل المثال عندما يعقد باستمرار منذ 2004 إلى اليوم، يؤكد فكرة التلاقي والحوار، وهذا جيد لأنه يكشف لكل طرف كيف يفكر وفيما يفكر ويقرب المسافات. أما إذا كنت تقصد حصول تغيرات جوهرية، فهذا لم يحدث فمثلا الولايات المتحدة لم تتخذ إجراءات من شأنها معالجة ملف فلسطين والمأساة في سوريا التي هي أكبر مما حصل في ليبيا، حيث كان من المتوقع أن تأخذ الإدارة الأميركية قرارات على الأقل منذ 4 أو 5 شهور مضت لفتح ممرات لوصول المساعدات الإنسانية إلى الضحايا السوريين كأبسط رد فعل ولم يتخذ لغاية اليوم. ما زالت هناك فجوات بين العالم الإسلامي وأميركا وأتصور أنها يمكن أن تزول كلما أحس طرف بالآخر سواء ما تعلق بالقضية الفلسطينية أو القبول بالإسلاميين لأنهم ليسوا "شياطين" بل بشر يريدون الحرية والعدالة والكرامة، ومستعدون للقبول بالطرف الآخر، وفصائل كثيرة من الإسلاميين لا تعامل أميركا على أنها "الشيطان الأكبر" كما تفعل إيران التي أرادت تصديره للعالم العربي. إن الخطاب الإسلامي السني والعربي بشكل عام لم يتلقف الطرح الإيراني ويطبقه على الولايات المتحدة، ولم يصل انتقاد السياسات الأميركية إلى حد "شيطنتها" كما فعل الإيرانيون وبالتالي هناك مساحة من التوافق يمكن البناء عليها وتوسيعها في المستقبل.para; ناقشت إحدى جلسات منتدى أميركا والعالم الإسلامي دور المجتمع المدني كيف ترى العلاقة بين الدول العربية والمجتمع المدني؟- يشوب هذه العلاقة قدر كبير من اللبس، والدول العربية تريد أن تحصل من المجتمع المدني على كل ما تقدمه دون أن تقدم له في المقابل ما يطلبه، رغم أنه يخفف عن كاهل الدول العربية والميزانية أعباء كثيرة خاصة المنظمات التي تعمل في مجال الرعاية الصحية والشؤون الاجتماعية، ولكن في المقابل الدول العربية ما تزال متمسكة على أن تكون السيدة على المجتمع المدني بدليل القوانين التي تنظم عمل المجتمع المدني مثلا. ولكي يعمل المجتمع المدني بفعالية يحتاج بيئة ديمقراطية، وستكون أحد المكاسب الكبيرة للثورات العربية تمكين منظمات المجتمع المدني من هذه البيئة وتركها تعمل بحرية ضمن حدود القانون مع ضرورة المرونة.ونلاحظ أن الدول العربية ما تزال تنظر لمنظمات المجتمع المدني وخاصة التي تعمل في المجال الحقوقي على أنها منظمات مأجورة أو دخيلة وعميلة أو منظمات تكافح بنية الدول العربية السلطوية القديمة. وأزعم أنه لا توجد دولة عربية حسمت علاقتها مع المجتمع المدني ومنظماته بدرجة مائة بالمائة حتى بعد ثورات الربيع العربي، ونحن في مرحلة انتقالية لا نعرف على أي وضع ستسقر.para; لجأت نخبة من الشباب والشرائح الاجتماعية داخل دول عربية عديدة بعد تذمرها من العمل الحزبي لمنظمات المجتمع المدني، وجعلتها واجهة لممارسة العمل السياسي والاحتجاجي كما حصل في مصر مثلا هل هذا الأمر سليم؟- الحياة السياسية تعبر عن نفسها بأكثر من أسلوب، إما أن تكون مستقلا ليس لك انتماء لأي جهة لكن لك مواقف سياسية إما بالكتابة أو التصريحات وما تصوت له وتختاره وغير ذلك، وإما من خلال البنية الحزبية المؤسسة التي يتنافس من خلالها بين أحزاب متعددة للوصول إلى السلطة.ومنظمات المجتمع المدني لا تهدف لهذا المسعى بل تقصد التأثير في السياسية كجماعة مصالح ونقابة وكحركة شبابية وهذا مشروع، والمشكلة أن هناك فوضى في المفاهيم في العالم العربي، حيث إن الناس لا تفهم الفرق بين منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وتتصور أن الجميع يصارع من أجل السلطة، والحال أن منظمات المجتمع المدني تسعى لترشيد سلوك السلطة والمؤسسات السياسية وليس للحصول على السلطة والقيادة، وهذا يتطلب إفساح المجال لمنظمات المجتمع المدني لكي تدلي بدلوها وتقوم بدورها.para; كيف تقيمون الوضع السياسي في مصر بعد ظهور نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية؟- باختصار شديد إنه أسوأ وضع كان يمكن أن تنتهي إليه ثورة يناير 2011، فلم يكن أبداً "العشم" لدى المصريين أن يجدوا أنفسهم بين خيارين، إما ممثل الدول القديمة التي أسقطتها الثورة أو حاولت أن تسقطها، أو ممثل دولة افتراضية لو أتت يعرفون أنها ستكون دولة استحواذ، بمعنى أنه لا الإخوان المسلمين ولا الحزب الوطني هو الخيار الأفضل للمصريين، وإذا جاء أحمد شفيق للرئاسة لن يعيد الحزب الوطني ولكن سيعيد سياساته، والناس تخشى كثيرا من أن محمد مرسي والإخوان المسلمين يكرسون الهيمنة لأنهم أصحاب عقيدة أيديولوجية جامدة ورؤية للعالم مصممين على تحقيقها في الحياة الدنيا لدخول الجنة وفق تصورهما، والخشية من الإخوان ناجمة من تجربتهم أكثر من مرة، وخالفوا العهود وخرجوا مع الثورة وكانوا أول من تخلى عنها، لما جلسوا وعقدوا صفقة مع المجلس العسكري حول الإعلان الدستوري، ووعدوا وعودا وأخلوا بها وبالتالي ما الذي يجعل المصريين يصدقونهم الآن.لقد وضعت نتائج الجولة الأولى المصريين في ورطة وجعلتهم بين خيارين كلاهما مر وأحلاهما صعب، وأتصور أن تاريخ 16 و17 من الشهر الجاري ستظهر إحدى انتكاسات الثورة حينما يختار عدد كبير من المصريين إما مقاطعة الانتخابات أو إلى ميدان التحرير مرة أخرى احتجاجا على نتائج الصناديق، وبالفعل إن بعض النداءات بدأت ترفع من الآن بسقوط الرئيس القادم بمعنى رفض شرعية الصناديق، وبالتالي لا نعلم حجم التمرد الذي يمكن أن ينزل للشارع، ولا نعلم كيف سيتصرف المجلس العسكري والرئيس المنتخب أيا كان اسمه مع هذا التمرد الاجتماعي، فهل هذه مقدمات لثورة ثانية أم أن المجتمع المصري كل ومل وتعب من الثورات وبالتالي قد تكون هذه مجرد حلاوة الروح وآخر نفس للثورة الأولى. أتصور أن المصريين تعبوا من الثورة وتعبوا بعد 15 شهرا من المعاناة من الانفلات الأمني والتردي الاقتصادي، وكل المقدمات أمامي توحي بأننا للأسف الشديد نعيد إنتاج الماضي بتعديلات طفيفة. para; هذا يعني حسب كثيرين أن المجلس العسكري نجح في خطته؟- طبعا المجلس العسكري يتحمل جزءا كبيرا من إفشال أو الارتباك الذي حدث في إدارة الحلم الكبير لدى المصريين للانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية حيوية في المنطقة.وكذلك القوى الثورية وجماعة الإخوان المسلمين على وجه التحديد لهم مسؤولية فيما حصل من تبريد للثورة وانكماش ثم الفوضى، لأنه كان بعد 15 شهرا لابد أن تظهر قيادة وتنظيم، لكن ما جرى أن كل يوم يمر تظهر انشقاقات وخلافات والانقسامات تزداد ولا تقل فنجح المجلس العسكري في سياسية فرق تسد، وكان يفترض فيه أن يبدأ بما كان ينبغي أن تبدأ كل الثورات، وهو كتابة صيغة عقد اجتماعي جديد ينظم الأفعال لأنه قبل أن تفعل عليك أن تفكر وما جرى في مصر أننا فعلنا دون أن نفكر، والدستور هو التفكير ثم السلوك عبر الانتخابات لكننا قمنا بالعكس ثم نتساءل الآن ما هي صلاحيات الرئيس حينما ينتخب لا أحد يعلم، وهناك خشية كبيرة أن المجلس العسكري ينتظر إعلان النتائج لجولة الإعادة ومن ثم يفاجئنا بإعلان دستوري مكمل لكي يعطي لشفيق إذا انتخب رئيسا صلاحيات كبيرة وجديدة يمكن تفوق صلاحيات البرلمان وفي هذه الحالة يدخل المجتمع والبرلمان مع الرئيس في مأزق، أو يسلم محمد مرسي إذا أصبح رئيسا -ولا أتصور أن له فرصة لذلك- إعلانا دستوريا مكملا يقزم ويحد من صلاحياته حتى لا يتمكن الإخوان المسلمين من هيمنة كاملة، وما أراه الآن من مقدمات توحي بأننا أمام مرحلة انتقالية صعبة بمصر وأن الأصعب لم يمر بعد. para; من خلال المتابعة الإعلامية واضح أن ما يطرحه منافسو الإخوان من خيارات للتعامل مع هذه المرحلة لا تنطلق من مبادئ بل من مصالح بحيث يطالبون بمناصب ومواقع لدعم مرسي والتحالف معه كيف تحلل هذا السلوك؟- لا أتصور هذا هو الدافع الأساسي مع أني لا أستبعده.para; مقاطعا اسمح لي هم قالوا فور ظهور نتائج الدور الأول، خلافنا مع مرسي "سياسي" ومشكلتنا مع شفيق "جنائية" ما الذي غيرهم وجعلهم يطرحون شروطا وبطريقة رأى البعض أنها محكومة بمنطق لي الذراع خاصة مع طرحهم خيار المقاطعة؟- أولا القوى السياسية المصرية كثيرة جدا ومنقسمة، ولا يمكن أن نضعها في سلة واحدة ونقول إنها تتفاوض مع مرسي أو شفيق من أجل المناصب، وثانيا لابد أن تظهر في مثل هذه المواقف انتهازية سياسية فمن المؤكد أن بعض القوى ستقول في حال جاء أحمد شفيق سندعمك مقابل أن تعطينا وزارات ومواقع، وكذلك الأمر مع مرسي. ولكن الكتلة الكبيرة من القوى الوطنية لا تزال مصرة على إعادة هيكلة البنية السياسية المصرية من جديد من حيث تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وليس لها هذه الأطماع الانتهازية الآن وتؤجل مثل هذه الأطماع الأنانية إلى أن يتم الاتفاق على ملامح البنية السياسية الجديدة للبلد وأتصور أن بعض القوى الوطنية لا يمكن أن تذهب أبداً إلى أي اتفاق مع أحمد شفيق من قبيل حملة عبدالمنعم أبوالفتوح مع إمكانية الاتفاق مع محمد مرسي بشروط غير انتهازية تشكل ضغط على الإخوان للموافقة على تشكيل بنية مصرية سياسية جديدة كما سلفت الإشارة قائمة على الاعتراف بالمواطنة والحريات الكاملة ورعاية أهداف الثورة، وهناك قوى أخرى وليست كبيرة وأحزاب جديدة وليس لها ربما أعضاء في البرلمان.نعم هناك انتهازية لكن القوى الوطنية الكبرى تتصرف بدوافع وطنية وليس انتهازية فحملة أبوالفتوح وحمدين صباحي وحتى حملة عمرو موسى التي لا أظنها تقف في مربع شفيق ولا مربع مرسي إلا ما قلت عن أبوالفتوح بشروط.para; هل تعتقد أن الدفع بحصول تزوير في الانتخابات والضغط في اتجاه إعادة الانتخابات يمكن أن ينجح؟- من الواضح أن المجلس العسكري يوظف اللجنة العليا للانتخابات بامتياز، وهناك مواقيت تم التمسك بها فمثلا طريقة فحص الطعون لم تعط وقتا أطول للحسم فيها رغم وجود أدلة قوية ودامغة على حصول خروقات انتخابية، صدرت عن أساطين في القانون ولهم وزن، فأنا لا أستطيع أن أتجاهل السيد زكريا عبدالعزيز وهو يقول إنه هناك من أربعة أو ثمانية من عشرة ملايين ناخب أضيفوا في اللوائح الانتخابية مابين نوفمبر 2011 ومايو 2012.كيف يزيد عدد الناخبين المصريين خلال خمسة أو ستة شهور بحوالي خمس ملايين ناخب؟ ويصدر هذا التصريح من رجل له تاريخ ومصداقية كرئيس سابق لنادي القضاة وكان ينبغي أن تؤخذ هذه الطعون بعين الاعتبار. لكن لجنة الانتخابات وتحت ضغط المجلس العسكري تريد أن تنهي المرحلة الانتقالية وتحافظ على ملامح بنية الدولة المصرية القديمة، وسيتم إعلان نتائج انتخابات الإعادة بعد يوم أو يومين، وبمبرر شرعية الانتخابات والصناديق سيـأتي الرئيس الجديد، ويواجه ميدان التحرير وباقي الميادين وقد يستعين بقوات الأمن التي أتصور أنها تريد إنهاء المرحلة الانتقالية ولو بقدر من الدم.para; لاحظ المراقبون أن الإعلام المصري ومنه العمومي فتح الباب أمام وجوه من النظام السابق أو ما يعرف في مصر بالفلول لمهاجمة بعض القوى الوطنية وتحديدا الإخوان، ماذا يعني هذا؟- سماح الإعلام المصري لوجوه النظام السابق دليل على تراجع الثورة وأنها قاب قوسين من النهاية، فإما أن تستيقظ أو أن تدخل في مرحلة وفاة مؤقتة ثم نبدأ نشهد ملامح ثورة ثانية في مصر، ولو حدثت ثورة ثانية لن تكون مع الأسف إلا عنيفة لأن تردي الأوضاع الاقتصادية سيدفع بجموع الفقراء إلى ثورة جياع، وسيكون هناك تعلم من دروس الخطأ في الثورة الأولى.والقوى التي كانت تلجأ للسلمية والتظاهر لن تلجأ كلها للسلمية والتظاهر وهذا خطر كبير، لأن الثورات المحترمة التي تواجه مؤسسة عسكرية قوية يجب أن تصر على سلمية التغيير مهما كان.para; ماذا عن تأثير أوروبا والولايات المتحدة تحديدا؟- الولايات المتحدة الأميركية وبعد أن خسرت إيران بسبب الثورة الإسلامية، لن تحتمل خسارة دولة قائدة في المنطقة العربية بحجم مصر.لقد تلقت الصدمة الأولى بعد سقوط مبارك، وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تقول إنه لن يسقط وسقط، وقد أشاد أوباما بالثورة المصرية لكي لا يفقد مصر بعدم مناصبة الثورة العداء. ولا أستبعد في ظل ما أظهرته الأحداث أن هناك نوعا من الترتيب بين القوى السياسية التقليدية في مصر والولايات المتحدة الأميركية من أجل تبريد الثورة وتخفيف وصول الإسلاميين للحكم.وما تسرب عن المواطنين الأميركيين المتهمين في أزمة التمويل الأجنبي لم يدل أبداً أننا في دولة تعيش ثورة أو تحترم إرادة المجتمع بأن يخرج هؤلاء بهذه العزة والكرامة رغم اتهامهم في قضية كان ينبغي أن يسجنوا فيها، أو على الأقل يحاكموا لأجلها. لكن الولايات المتحدة ضغطت والمجلس العسكري استجاب وهذا يعطي انطباعا ومؤشرا على وجود تنسيق ما بين المجلس العسكري والولايات المتحدة التي تعد لاعبا قديما في مصر منذ أن فتح الرئيس السادات الأبواب، وتعرف كل صغيرة وكبيرة في مصر من المحليات إلى العاصمة القاهرة. لا أؤمن بنظرية المؤامرة لكني لا أستبعد أن تكون أميركا قامت مع بعض اخِلَّائِها وأصدقائها في النظام القديم ومنهم عمر سليمان والمجلس العسكري بهندسة سياسية لإدارة المرحلة الانتقالية بهذه العبقرية والذكاء التي قصدت تفتيت الثورة وتشويه الإسلاميين واستعمالهم كفزاعة، لأن الغرب ما زال يخشاهم رغم إعلانه أن يبني علاقة ثقة معهم، وما حصل مع الإخوان المسلمين في تأسيسية الدستور يؤكد ذلك، فالولايات المتحدة معنية بمصالحها وتدفق النفط وعلى أمن إسرائيل ومقاومة الإرهاب، وإلى الآن لم تتلق من الإسلاميين والتيارات الوطنية الصاعدة ضمانات على حماية هذه المصالح، وبالتالي ستلجأ لمحاولة الإبقاء على قواعد النظام القديم. para; كيف ترى أفق الثورة بسوريا بعد الموقف الدولي المتخاذل خاصة من الدول الكبرى؟- هناك خشية في النظام الدولي أن تتحول سوريا لمجال حرب إقليمية كبرى، لأن هناك تشابكات شديدة في السياسة السورية وسياسيات في بلدان مثل الأردن ولبنان والعراق وإيران، وبالتالي إذا انفجر الموقف أكثر من هذا ودخلت قوات أجنبية لسوريا يمكن أن ينفرط عقد المنطقة، وهذا يفسر تخلف النظام الدولي عن دعم المعارضة السورية. وهناك أيضا صراعات الكبار التي يدفع الصغار ثمنها، فهناك صراع بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية على هيكل النظام الدولي في العقد المقبل وكذلك الأمر بالنسبة للصين التي تقف لجانب روسيا، وهذه الدول تحارب بعضها بالوكالة على أراضي غيرها وسوريا للأسف الشديد هي ساحة لمثل هذه المواجهة. ولكن رب ضارة نافعة، فما حدث في الحولة (مذبحة الأطفال) برغم من مأساويته وبشاعته إلا أنه كان سببا في طرد ستة أو سبعة دول أوروبية وأجنبية للسفراء السوريين، والصين وروسيا لن يستطيعا أن يحتجا في مجلس الأمن، وكلما ارتفع سقف الضحايا كلما ازدادت سوريا والصين خجلا من أن يستعملا الفيتو ضد أي قرار. والآن بدا التباين في مواقف بعض الدول الغربية فالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يصرح بأن التدخل العسكري وارد في حين أوباما يعتبر ذلك سابق لأوانه لأنه في مرحلة خمول اضطرارية بسبب الانتخابات الرئاسية، وقد يكون رئيس أو لا يكون وإلى غاية المقبل لن تقبل الولايات المتحدة على قرار حاسم. وفي هذه الأثناء إما أن النظام السوري سيقدر أن أمامه الوقت لممارسة مزيد من البطش لعله ينهي الثورة قبل الانتخابات المذكورة، أو أنه لن يقدر على ذلك فيضطر لتطبيق خطة عنان، التي ستكون طريقا لزوال النظام بطريق سلمي، وربما يعاند أمام رئيس أميركي له أربع سنوات سواء كان أوباما أو جاء رومني فيمكنه لهذا الرئيس أن يدخل في اتفاقات للدخول في إجراءات شبه عسكرية ضد النظام المذكور. وأتوقع أن الوضع السوري سيبقى متأرجحا لغاية للأسف الشديد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية لتظهر بعدها مقاربة واضحة ربما للنظام الدولي لحل الملف السوري.

التعليقات