الصحافة الدولية: روسيا تتجاهل مسؤولية الحماية..والطاقة بوصلة الصين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عواصم
ما الجديد في خطوات التصعيد الكورية الشمالية تجاه كوريا الجنوبية؟ وهل أصبحت مصادر الطاقة هي المتحكمة في بوصلة السياسة الخارجية الصينية؟ وكيف تلحق روسيا بعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية؟... تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية.
تصعيد طفولي
تحت عنوان "تصعيد التوتر"، نشرت "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية افتتاحية، رأت خلالها أن كوريا الشمالية التي أجرت تجربتين نوويتين في الماضي، لا تزال مصدراً للاستفزازات، فهي تزعم أنها دولة مُسلحة نووياً، وتمضي في عنادها للمجتمع الدولي، رافضة تفكيك برامجها الخاصة بالأسلحة النووية. بيونج يانج ترى أن وسائل الإعلام الكورية الجنوبية هدفاً لـ"حرب مقدسة من أجل الانتقام"، ولتفعيل تهديداتها أرسلت طائرات مقاتلة بالقرب من المنطقة العازلة (المنزوعة السلاح، والتي تفصل بين الكوريتين). كوريا الجنوبية التي تواصل بناء ترسانتها الحربية لم تقف مكتوفة الأيدي، بل نشرت هي الأخرى طائرات حربية ضمن إجراءات احترازية من بينها احتمال اعتراض مقاتلات كورية شمالية في حال اختراقها خط الهدنة. وتعهدت كوريا الجنوبية أيضاً بالرد على أي تصعيد كوري شمالي. وحسب الصحيفة، باتت العلاقات بين الكوريتين عدائية، ما جعل بعض المحللين يصفون الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية بأنه الأسوأ منذ إجراء كوريا الشمالية أول تجربة نووية في عام 2006. وعلى ضوء التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، فإن الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية سيكون ضمن أجندة اللقاء، الذي سيجمع وزيري الخارجية والدفاع الكوريين الجنوبيين مع نظيريهما الأميركيين في واشنطن خلال هذا الأسبوع. وتنوه الصحيفة إلى أن بيونج يانج انتهجت منذ أبريل الماضي، سياسة المواجهة، حيث أطلقت صاروخاً بالستياً بعيد المدى، لكنه سرعان ما انفجر، وكان فشل عملية الإطلاق أمراً مؤلماً للرئيس الكوري الشمالي الشاب "كيم يونج أون"،الذي اعتبر الإطلاق مشهداً ضمن أجواء الاحتفال بمرور مائة عام على ميلاد جده "كيم إيل سونج".وحسب الصحيفة، ثمة مؤشر يصعب تجاوزه، ألا وهو أن كوريا الشمالية ليس لديها نية في التخلي عن برامج التسلح النووي مقابل احتمال حصولها على مساعدات كبيرة من الدول الخمس الكبرى في العالم التي تشارك في المحادثات السداسية التي ترمي إلى وضع حل لأزمة بيونج يانج النووية. وفي مطلع مايو الماضي، طلبت كوريا الشمالية من الرئيس "الجنوبي" والشركات الكورية الجنوبية المعنية بالصحافة، الاختيار ما بين الاعتذار عن تصريحات وتقارير يتم فيها توجيه النقد لبيونج يانج، أو التعرض لما تسميه "حرب انتقام مقدسة"! كما حذرت كوريا الشمالية بتوجيه صواريخ استراتيجية صوب المؤسسات الصحفية الكورية الجنوبية. الصحيفة وصفت التحذيرات بأنها تصعيد طفولي ضد إدارة "لي ميونج باك"، التي لم تقدم- كسابقاتها- مساعدات لـ"الشمال"، نتيجة مواقف تصعيدية أقدمت عليها بيونج يانج في السنوات الأخيرة منها استهداف سفينة حربية كورية جنوبية، وقصف إحدى الجزر، وما تحتاجه سيئول الآن هو التأكيد على أن أي تصعيد عسكري من "الشمال" سيرد "الجنوب" عليه بقوة. وعلى بيونج يانج أن تفكر ملياً، قبل إقدامها على عمل عسكري ضد جارتها "الجنوبية"، لأن جيش الأخيرة جاهز لتلقي أوامر بالرد بقوة نيرانية تعادل ضعفين أو ثلاثة أضعاف القوة النيرانية لـ"الشمال". كما عززت كوريا الجنوبية دفاعاتها في جزرها الواقعة في "البحر الغربي" بما فيها الجزيرة التي سبق وأن تعرضت للقصف من كوريا الشمالية. وتلفت الصحيفة الانتباه إلى أن كوريا الجنوبية اشترت 367 قنبلة عنقودية من الولايات المتحدة بـ325 مليون دولار، وهذا النوع من القنابل يتناثر على مساحات شاسعة ويستهدف الدبابات والمخابئ وملاجئ الطائرات.
عطش الطاقة
في مقاله المنشور بـ"جابان تايمز" اليابانية يوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "عطش الطاقة يوجه السياسة الخارجية الصينية"، أشار "ميشيل ريتشادسون"، إلى أن الولايات المتحدة والصين، تتصدران دول العالم في استهلاك الطاقة، وهما الآن تغيران توجهاتهما الاستراتيجية، وهذا سيكون له تداعيات جيواستراتيجية، في منطقة آسيا المطلة على المحيط الهادي. الولايات المتحدة باتت أكثر تأكداً من أن معظم استهلاكها من النفط والغاز سيتم إنتاجه محلياً، وستصبح أقل اعتماداً على النفط المستورد، بسبب اتجاهها نحو تقليل استقلال الوقود سواء في المواصلات أو في القطاع الصناعي. وفي غضون ذلك أصبحت الصين أكثر اعتماداً على النفط والغاز المستورديْن خاصة من مناطق بعيدة. أو تشهد اضطرابات سياسية كمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، والنتيجة أن إحساس بكين بعدم الأمان في مجال الطاقة آخذ في الازدياد.
"ريتشاردسون"، وهو باحث رئيسي زائر بمعهد جنوب آسيا للدراسات الآسيوية في سنغافورة، قال: إن الصين تحدث قواتها المسلحة ليس فقط لضمان احتواء تايوان بالقوة، بل أيضاً لحماية خطوط التجارة البحرية، وتأمين مصادر الطاقة والمعادن والمصايد في المياه المحيطة بها، خاصة "بحر شرق الصين"، الذي تدور حوله ادعاءات من اليابان، وبحر جنوب الصين، الذي تنافس عليه الفلبين وفيتنام وماليزيا وتايوان وإندونيسيا وبروناي. الصين تأمل في تعزيز أمنها بتدشين منطقة نفوذ يمكن الهيمنة عليها بدلاً من أن تقع في سيطرة الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين. وعلى الرغم من أن أميركا أعلنت تدشين محور استراتيجي في آسيا، فإن نفوذها وقوتها النسبية تتراجع. وفي ظل تحقيق الولايات المتحدة لمكاسب في مجال أمن الطاقة، فإنه سيصبح لديها حوافز أقل للاستمرار في الإنفاق العسكري الباهظ على تأمين خطوط النقل البحري، خاصة في المناطق التي تشهد تنافساً كمنطقة الخليج العربي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما قد يحفز الصين على تعزيز قدراتها البحرية لتصل للمحيط الهندي الذي تمر منه ورادتها من النفط والغاز، وهذا التطور سيبرز التوترات القائمة بين الصين والهند. ويشير الكاتب إلى أن آخر مؤشرات الصراع الإقليمي على الزعامة ظهرت في منطقة بحر جنوب الصين، فالفلبين - أحد حلفاء الولايات المتحدة- تتنازع مع بكين منذ شهرين حول ملكية منطقة لصيد الأسماك قريبة من الفلبين. هذه النزاعات يمكن احتواؤها، وربما تؤدي إلى هيمنة الصين على خصومها الأكثر ضعفاً في المنطقة، وقد تسفر عن صراع مسلح تنخرط فيه اليابان أو الولايات المتحدة في حرب أوسع نطاقاً تزعزع استقرار آسيا.
"مسؤولية الحماية"
في مقاله المنشور بـ"ذي موسكو تايمز" الروسية، يوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان "بوتين يتحمل مسؤولية حماية السوريين"، أشار "مايكل بوم" إلى أنه بعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1937 الذي سمح للولايات المتحدة وحلفائها العام الماضي باستخدام القوة المسلحة في ليبيا، طورت روسيا سياسة تعارض من خلالها التدخلات العسكرية لأغراض إنسانية، وتعتبرها سياسة مبدئية. موسكو انتهجت السياسة نفسها تجاه سوريا، خاصة وأن الغرب يدرس خيارات متعددة للتدخل الإنساني بهدف وقف عمليات قتل المدنيين ومنع اندلاع حرب أهلية على نطاق واسع. الرئيس الروسي حاول تبرير سياسته الرافضة للتدخل في الأزمة السورية عبر مقال نشره في صحيفة "موسكو فيسكايا نوفوستي" يوم 27 فبراير الماضي، قال فيه: لا يتعين على المجتمع الدولي الانحياز إلى طرف من طرفي النزاع السوري، وأن المشكلة يمكن حلها من دون تدخل أجنبي، وفي إطار يحترم السيادة السورية، وأنه ضد قرارات مجلس الأمن التي يمكن تفسيرها على أنها ضوء أخضر نحو تدخل عسكري في شؤون سوريا الداخلية. والأكثر من ذلك أن بوتين أشار في 7 مايو الماضي إلى أن بلاده ستعارض محاولات استخدام مفهوم حقوق الإنسان كأداة للضغط السياسي والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
"بوم"، وهو محرر صفحات الرأي في "ذي موسكو تايمز"، يرى أن ثمة مشكلة تعتري سياسة بوتين تجاه سوريا، فهي بشكل مباشر تتعارض مع المبادئ الأساسية للأمم المتحدة، التي من بينها أنه لا يحق لأي بلد أن تقتل مواطنيها، ثم تختبئ وراء "السيادة" وتقتل آلافاً من المدنيين. هذا لا يجوز في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث طورت الأمم المتحدة منذ عام 2005 مبدأ "مسؤولية الحماية" على خلفية ما جرى في مذبحة رواندا. ولدى مجلس الأمن الدولي الحق في التدخل باستخدام القوة لمنع وقوع المجازر والحيلولة دون وقوع جرائم الحرب وعمليات القتل الجماعي. وعلى أية حال، فإن روسيا بحاجة إلى تغيير موقفها الأيدولوجي للعقوبات الأممية ولعمليات التدخل لأغراض إنسانية، وهذه الأخيرة يسخر منها الكريملن ويطلق عليها "التدخلية الغربية الجديدة". روسيا في حاجة إلى اللحاق بعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، فمعظم دول العالم تنظر إلى مبدأ "مسؤولية الحماية" كمبدأ مرشد للنظام العالمي، وقد حان الوقت أن تتحمل هذه المسؤولية.
إعداد: طه حسيب