جريدة الجرائد

انتخابات مصر: حرارة المنافسة وسحب الشك!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

16 شهراً من الإطاحة بنظام مبارك

القاهرة

أعرب المصريون عن حذرهم يوم السبت الماضي عندما اصطفوا في جو قائظ للتصويت في انتخابات الإعادة لاختيار بديل للرئيس السابق حسني مبارك. ففي تناقض حاد مع الانتخابات الأخيرة، كان المزاج في القاهرة ومختلف أنحاء مصر متوتراً لحد كبير، بعد أن وجد المصريون أنفسهم ملزمين بالاختيار من بين بديلين هما محمد مرسي، الإسلامي المحافظ، وأحمد شفيق الذي كان آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.

وبعد حل مجلس الشعب، وتعليق الدستور، وموت الثورة تقريباً، من المتوقع أن تكون نتيجة الانتخابات التي استمرت يومي السبت والأحد الماضيين في غاية الأهمية والتأثير.

"هذه لحظة فارقة... لكن لا أحد يشعر بثقة"، كان هذا ما قالته "سامية" إحدى مؤيدات الفريق شفيق التي طلبت الاكتفاء بذكر اسمها الأول بسبب وظيفتها الحكومية". وقالت "سامية" أيضاً إن الوضع يبدو "كمثل من يرمي زهر النرد ويأمل في الحصول على الأفضل".

وقد بدأت انتخابات الإعادة بعد يومين من صدور حكم نتج عنه حل مجلس الشعب الذي يسيطر عليه الإسلاميون. وقد حثت حركة معارضة صغيرة الناخبين على إبطال أصواتهم، فيما رأوا أنها "انتخابات غير شرعية".

ومن المعروف أن جماعة "الإخوان المسلمين" التي كانت محظورة ومقموعة فيما مضى، قد ازدهرت منذ التمرد الذي أطاح بـمبارك، وذلك بعد أن هيمنت على البرلمان، وحصلت على نصيب كبير من المقاعد في اللجنة التي تم اختيارها لإعداد دستور جديد للبلاد.

والتطور الأخير يعني أن الأمل الوحيد المتبقي لجماعة "الإخوان المسلمين"، كي تبقى سياسياً في المدى القصير، هو فوز مرشحها مرسي.

وقد بدت جماعة "الإخوان" يوم الأحد الماضي كمن يقوم بوضع الأسس للادعاء بحدوث تزوير في حالة إعلان فوز شفيق، فأصدرت بياناً أوردت فيه قائمة من المخالفات المزعومة، شملت قيام مجندين بالتصويت بالمخالفة للقانون، والقبض على بعض الثوار وهم يحملون صوراً لشهداء الثورة خارج مراكز الاقتراع. ومع ذلك لم تدع "الجماعة" حدوث تزوير واسع النطاق، وأعربت عن ثقتها بأن مرسي سيفوز.

غير أن أعضاء الذراع السياسية للحركة، وجهوا عبارات شديدة اللهجة للمجلس العسكري من مثل "إن حل البرلمان يؤكد رغبة المجلس العسكري في السيطرة على مقاليد الحكم"، كما جاء في بيان صادر من "حزب الحرية والعدالة".

وجاء في ذلك البيان أن "الإرادة الشعبية هي فقط التي يمكن أن تحل المجلس". ووصف البيان الخطوة بأنها تمثل "هجوماً على الثورة المصرية"، وحذّر من أن الحزب لن يعترف بإعلان المجلس العسكري بشأن الصلاحيات الرئاسية.

ويشار إلى أن الفترة الانتقالية في مصر قد شابتها الانقسامات بين اليساريين والإسلاميين، وعوقتها -كما يرى الكثيرون- نية العسكريين في حماية مصالحهم الاقتصادية والسياسية. وفي الأسبوع الماضي وضعت وزارة العدل المصرية الأمة تحت الأحكام العرفية فعلياً، عندما منحت رجال الشرطة العسكرية صفة الضبطية القضائية التي تخولهم حق القبض على الأشخاص المشتبه بهم في طائفة واسعة من الجرائم. وبعد التصويت في محافظته "الشرقية"، وعد مرسي جمعاً من أنصاره بالقول: "سوف أقودكم لمصر الجديدة والاستقرار".

"بالروح ، بالدم نفديك يا مرسي"، هكذا هتف بعض المؤيدين الذين احتشدوا حول سيارة المرشح ذات الدفع الرباعي. وعلى النقيض من ذلك المشهد، دخل شفيق إلى مقر لجنته الانتخابية الواقعة في ضواحي القاهرة، وظلت المدرسة مغلقة بقوات الشرطة أثناء إدلائه بصوته وبعد انتهائه، دون أن تصاحبه ضجة كبيرة من قبل أنصاره.

أما عن نسبة المشاركة فقد كانت مرتفعة في بعض أجزاء البلاد، لكنها منخفضة نسبياً في العاصمة.

وقد فتحت مراكز الاقتراع في الساعة الثامنة صباحاً، واضطر الناخبون للانتظار لأكثر من ساعة قبل أن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في الصناديق البلاستيكية. ومن المتوقع إعلان نتائج الجولة الانتخابية التي اضطلع بمسؤولية تأمينها ما يقرب من 150 ألف رجل أمن، يوم الخميس المقبل.

وتأتي انتخابات الرئاسة بعد 16 شهراً من الإطاحة بحكم حسني مبارك القمعي. لكن منذ الإطاحة به سئم الكثيرون وحل بهم الإرهاق بسبب الاحتجاجات التي لا تنتهي، والاندلاع المتكرر لأحداث العنف، والتعثر الاقتصادي.

وفي منطقة امبابة الشعبية تجمعت النسوة المحجبات خارج مقر مدرسة اتخذت مقراً للجنة انتخابية. وقالت فاطمة سليمان: "في السابق كان الجميع سعداء... أما الآن فليس هناك أحد سعيد". وعندما سألتها لمن ستعطي صوتها، مسحت طابور الناخبات بعينها في حذر وقالت هامسة:"شفيق".

وفي منطقة شبرا الخيمة، إلى الشمال من امبابة، كانت جدران إحدى المدارس المستخدمة كمقر للجنة انتخابية مغطاة بكتابة سوداء تحمل دعوة لعدم التصويت لأحد المرشحين. وفي داخل أسوار المدرسة كان طابور الناخبين يتقدم ببطء تحت رقابة رجال الشرطة العسكرية.

وقال "مرسي إسماعيل" (70 سنة) إنه يشعر بسعادة غامرة لحل البرلمان. وأضاف قائلاً: "الإخوان كانوا يحاولون السيطرة على كافة مؤسساتنا". أما رشدي محمود الذي يعمل في محل لتنجيد الأثاث فلم يكن راغباً في الكشف عن المرشح الذي صوت له، لكنه أوضح أنه يشعر بالإحباط واليأس بسبب حل البرلمان. وقال: "لقد عشنا تحت القمع 30 عاماً".

ليلى فاضل

ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف