جريدة الجرائد

هزات «الفالق» السوري تحفر في القعر اللبناني المفتوح

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

"حزب الله" يحذّر "من فلتان يؤدي إلى حرب أهلية"

بيروت

يئن لبنان، الامني والسياسي، تحت وطأة فوضى مزدوجة، واحدة مصدرها "الفالق السوري" وما ينجم عنه من ارتدادات قاسية، لا سيما في المناطق الحدودية (في الشمال والشرق)، واخرى ترتبط بالمأزق الحكومي "النائم" هذه الايام، ومظاهره المأزومة على اكثر من صعيد، ولعل الاضطرابات الناجمة عن شح الكهرباء تشكل "عينة" لما بلغته الاوضاع العامة من انهيار.
ولم يؤد ضخ الحياة من جديد في عروق طاولة الحوار الوطني الى لجم الانحدار في اتجاه القعر المفتوح، بل عكست التقارير التي افرج عنها بين الجولتين من الحوار (السابقة في 11 الجاري واللاحقة في 25 منه) ما هو ادهى، خصوصاً في ضوء المعلومات التي تضمنتها عن عمليات اغتيال يعد لها، تستهدف شخصيات عدة من بينها رئيس "كتلة المستقبل" النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة.
وبدا البازل الامني المتوتر في غير مكان من البلاد عصياً على العودة به الى "القمقم"، ما يضع الاستقرار المترنح امام اختبار دائم ومعه المؤسستان العسكرية والامنية، خصوصاً في ضوء "تضافر" عوامل "جوالة" من التوتر المتعدد الاسباب، ولعل الابرز على هذا المستوى:
* التحاق مخيم نهر البارد الفلسطيني القريب من طرابلس بـ "التوتر العام" الذي يشهده شمال لبنان، بعاصمته طرابلس ومناطقه المتاخمة للحدود مع سورية كعكار وسواها.
* تحول الشريط الحدودي الشرقي بين عرسال والجوار السوري "حقل الغام" مفتوح على واقع متفجر في ضوء الخروق المتواصلة من جانب الجيش السوري النظامي.
* "انفلاش" بقعة التوتر الناجم عن الانقطاع المتزايد في التيار الكهربائي، وهو ما يتجلى في عمليات قطع طرق في الجنوب والشمال كما في ضواحي بيروت والبقاع، لا سيما كالطريق المؤدية لمطار رفيق الحريري الدولي.
* التحرك المستجد لذوي المخطوفين اللبنانيين الـ 11 في سورية في ذكرى مرور شهر على غيابهم، واول الغيث في مسلسل التصعيد الذي بدأوه امس، كان قطع طريق المطار بالباصات والسيارات.
هذه التوترات على طول البلاد وعرضها تجعل الدولة برمتها على المحك، الحكومة والجيش والادارة، وسط مؤشرات توحي بان الاوضاع في البلاد مرشحة لمزيد من "التآكل" نتيجة استمرار الصراع السياسي على مصراعيه بين معسكري "8 و 14 آذار"، وتضاؤل التوقعات في امكان احداث خرق مهم عبر الحوار الذي يرعاه رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
وما يعزز الانطباع بان حوار 25 الجاري الذي سيناقش ملف سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني و"سلاح الشوارع"، سيراوح في مكانه يتمثل في ان فريقيْ الصراع سيلتحقان بالطاولة مسلحيْن بمنطقين متناقضيْن وفق "جدول اولويات" متضارب. فقوى "14 آذار" ترفض اي "فصل" لسلاح المقاومة عن مسألة السلاح في الداخل باعتبارهما مرتبطين على طريقة "الأصل والفرع"، وستعتبر ان اي "تحايُل" بوضع ما يُسمى "سلاح الشوارع" في الشمال وبيروت مقابل السلاح الآخر الذي يوازيه في يد أحزاب ومجموعات حليفة لسورية (غير حزب الله) سيعني حتماً "الحكم" على الحوار بـ "لا جدواه"، مصرة على البحث في "لبّ المشكلة" اي سلاح "حزب الله" الذي ترى انه "يفرّخ" أسلحة اخرى.
اما قوى "8 آذار"، فتصّر على ان سلاح المقاومة هو خارج النقاش من باب سلاح الداخل الذي يحتل الاولوية لانه من "دون قضية ولا إنجاز" ولانه "الوصفة لحرب اهلية" تعيد البلاد الى "نقطة الصفر" اي الى العام 1975.
وكان رئيس كتلة نواب "حزب الله" محمد رعد واضحاً في التعبير عن هذا البُعد اذ حذّر "من خطر الفلتان الأمني أو غض الطرف عنه"، متهماً "الذين يثيرون الفتن والإنقسام والمشاكل الداخلية ويحاولون زجَّ لبنان في آتون التداعيات السلبية للأزمة السورية، بأنهم يريدون التفريط بكل نقاط الإرتكاز بالقوة التي نحتاجها في هذا الزمن".
واذ شدد على انه "كما ان المقاومة ضرورة فإن هناك ضرورة للحوار وللتفاهم ولإيجاد السبل لمعالجة الأزمات التي تحوط بلبنان"، حذر رعد من "أن الفلتان الأمني في أي منطقة لبنانية يهدد البلاد بالعودة إلى الحرب الأهلية"، داعيا إلى "التعاون في ضبط ومعالجة أمورنا بالتي هي أحسن"، وقال: "إننا لا نمارس تهديدا وإنما نوجّه الإنتباه إلى المخاطر، بأن غض الطرف عما يجري من فلتان وظهور للسلاح، ومن مطالبات للجيش بالخروج من بعض المناطق، ومن تصعيد التوتر والاحتقان والتحريض المذهبي، فإن ذلك لن يُنتج مجتمعا متماسكاً، بل انه سيعيد البلاد إلى الوراء، في حين أننا مازلنا نئن تحت أعباء التداعيات السلبية للحرب الأهلية التي لم نخرج من مفاعيلها بعد"، متسائلا "إذا كان البعض يريد أن يعيدنا إلى تلك المفاعيل؟".
وفي السياق الامني، اكدت تقارير تم تداولها عن تحذيرات للسنيورة من محاولة اغتيال تستهدفه، موضحة ان "هذه التحذيرات أكدت أن مخطط الإغتيال بات جاهزاً وأن لائحة الأهداف تشمل عدداً من القيادات السياسية الأخرى وبعضها لا ينتمي إلى قوى 14 آذار"، لافتة الى ان التحذيرات جاءت بناء على تقارير لعدد من السفارات في بيروت.
ونُقل عن مصادر قريبة من السنيورة أن "المعلومات عن محاولة استهدافه جسدياً وصلت مباشرة اليه وليس عبر المؤسسات الأمنية "، مؤكدةً أن "الجهاز الأمني التابع لرئيس كتلة المستقبل يتعامل مع المعلومات في شكل دقيق"، موضحة أن "اللائحة التي وصلت الى الرئيس السنيورة تضم اليه خمس شخصيات متنوعة شمالية بينهم رجال دين وسياسيون من جهات مختلفة".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف