«كرّ وفرّ» في لبنان بين محاولات «التصفيح السياسي» والتوتير الأمني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"جمر تحت الرماد" في المخيمات والحوار يواجه عملية "إغراق"
بيروت - ليندا عازار
... الوضع الأمني في لبنان يحتاج الى "تصفيح سياسي". عبارة لوزير الداخلية مراون شربل تختصر المشهد اللبناني "المرتبك" والمترنّح فوق "صفيح ساخن" من ملفاتٍ - ألغام غالبية "صواعقها" اقليمية وبعضها بـ "فتائل تفجير" محلية.
... الاغتيالات السياسيّة التي عاد "شبحها" يخيّم على الواقع اللبناني، الكهرباء التي أشعلت عتمتها "القابضة" على كل البلاد احتجاجات في الشارع الذي صار يرفع شعار "ضوّا معنا الأحمر"، والمخيّمات الفلسطينية التي خرجت فجأة من هدوئها الى توترات بدت "مبرْمجة" وان أُحيلت على "الطابورالخامس"، وملف المخطوفين اللبنانيين الـ 11 في سورية الذي يراوح مكانه والذي جعل الأهالي يتحركون على أكثر من محور "ميداني"، والحدود الشمالية والشرقية المفتوحة على "كرة النار" السورية المتدحرجة، و"الجمر الكامن تحت الرماد" في طرابلس و"أخواتها" من مدن الاصطفافات البوليتيكو - مذهبية... هذه "عُدّة" الصخَب الذي تعيشه بيروت "المشدودة الأحزمة" هذه الأيام والذي يجعلها أشبه بـ "مستودع أزمات" تتوالد وتضع البلاد على حافة انفجارٍ كل "مكوّناته" موجودة ولكنه يسابِق محاولات "تعطيله" التي ترتكز على ارادة عربية وغربية تسعى لضمان ان يتجاوز لبنان "العاصفة" السوريّة بأقلّ أضرار ممكنة.
ولعلّ كلام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون خلال جلسة مجلس الأمن (اول من امس) شكّل خير تعبيرٍ عن المخاطر التي تواجه لبنان والمخاوف التي تنتاب المجتمع الدولي حيال ايّ انفلات للوضع فيه او "التحاقه" بالأزمة السورية، اذ اشار الى "أن لبنان لا يزال يواصل مواجهة الكثير من التحديات التي تهدد أمنه واستقراره والتي ترتبط في جزء منها بالأزمة المتواصلة في سورية"، مذكّراً بـ "أن القتال في بداية الشهر الجاري في طرابلس بين السنّة والعلويين في أحياء باب التبانة وجبل محسن أدى الى سقوط 15 قتيلا وعشرات الجرحى"، لافتاً الى "أن انتشار قوات الجيش اللبناني ساعد على توقف العنف لكن الوضع لا يزال هشاً".
وما عزّز حال القلق الخارجي بازاء الواقع اللبناني "المتصدّع" نتيجة وقوفه بشكل رئيسي على "الصدَع" السوري، هو "التحريك" المباغت و"المنظّم" للمخيّمات الفلسطينية التي شهدت محاولات تفجيرٍ وضعت الجيش اللبناني في اختبار صعب نجح في تمرير "القطوع الاول" منه بعد اتصالات مكثفة مع ممثلي الفصائل الفلسطينية خفضت منسوب "السخونة" في نهر البارد (شمالاً) وعين الحلوة والرشيديّة (جنوباً)، من دون ان يتم "اخماد" الاحتقان الذي يشي بـ "جولات" جديدة يُخشى ان يكون من الأصعب ضبطها.
واذا كانت كل القراءات تقاطعت عند اعتبار ما جرى منذ يوم الجمعة الماضي في "البارد" قبل انتقاله الى عين الحلوة (ادى الى مقتل فلسطينييْن وجرح نحو عشرين) في اطار "مؤامرة" حاولت جرّ الجيش اللبناني الى مواجهة مع المخيمات، فان خلفيات هذه "المصيدة" تباينت بين قوى "8 و14 آذار"، اذ بقيت الاولى تغمز من قناة مناخ "التحريض" الذي تقوم به مجموعات اسلامية لبنانية على الجيش ربطاً بما حصل في طرابلس وعكار قبل نحو شهر ونيف بعد توقيف الشاب شادي المولوي ثم مقتل الشيخ احمد عبد الواحد على حاجز عسكري، في حين ربطت "14 آذار" ما يحصل بقرار سوري بتصدير الازمة السورية الى لبنان، وهو ما اعلنته صراحة الأمانة العامة لهذه القوى اذ توقفت امس عند "حوادث المخيمات الأخيرة التي أطلّت برأسها بعد ظهور (زعيم الجبهة الشعبية القيادة العامة) أحمد جبريل في زياراتٍ خاصة للبنان واستقبال (الرئيس السوري) بشّار الأسد له"، مطالبةً رئيس الجمهورية ميشال سليمان "بنشر الجيش في الناعمة وجميع القواعد تنفيذاً لقرارات طاولات الحوار السابقة، وعلى كلّ الأراضي اللبنانية بما فيها المخيّمات".
وفي موازاة البُعد السوري الذي أسقطته "14 آذار" على تحريك المخيمات، لم تتوانَ أوساط في هذا القوى عن وضع هذا التطور في سياق اغراق طاولة الحوار التي تلتئم في الجولة الثانية من نسختها الرابعة يوم الاثنين المقبل، بـ "اولوية" جديدة "تسبق" سلاح "حزب الله"، وهو السلاح الفلسطيني المدرج في جدول الاعمال في البند الثاني وذلك بعدما كانت المواقف الواضحة صدرت برفض اي ربط بين سلاح الداخل (البند الثالث) وسلاح المقاومة على قاعدة ان الاولوية لـ "الجبهة المشتعلة (الشمال) وليس الخامدة (الجنوب).
وتبعاً لذلك، ترى اوساط "14 آذار" ان توتير الوضع في المخيمات، يمكن ان يفيد في حرف الأنظار عن العنوان الرئيسي باتجاه اولوية بت "السلاح الغريب اولاً"، معتبرة رداً على القائلين ان مثل هذا الأمر من شأنه اعطاء دفع لمعالجة بند سلاح المخيمات الذي يُعتبر "ورقة" في يد النظام السوري، ان القواعد الفلسطينية خارج المخيمات هي "الذراع الامنية" الاساسية لنظام الرئيس بشار الاسد وقد بقيت "بمنأى" عن مشهد الايام الاخيرة، ولافتة تالياً الى ان ثمة محاولة لجعل السلاح داخل المخيمات اولوية على المعسكرات المنتشرة جنوب بيروت وفي البقاع بشكل رئيسي، ومعتبرة انه ربطاً بما يمكن ان يتجه اليه الوضع السوري ثمة اطراف في "8 آذار" ترى فائدة ربما في عملية "تقليم أظافر" داخل المخيمات قطعاً للطريق على اي "مفاجآت" في الداخل اللبناني قد تحصل في مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري ويمكن ان يحضر فيها العامل الفلسطيني "مؤثراً" في شكل او بآخر.
وكانت التطورت المتصلة بالوضع في المخيمات رست على الوقائع الآتية:
bull; الهدوء الحذر في البارد وعين الحلوة بعد تشييع الشابين احمد قاسم وفؤاد لوباني غداة عمليات رشق مواقع الجيش بالحجارة في درب السيم جنوب عين الحلوة، واحراق الاطارات بالقرب منها، وسط التزام العسكريين بضبط النفس.
bull; اعلان قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في بيان بعد اجتماع لها بسفارة فلسطين في بيروت حرصها على الاستقرار الأمني داخل المخيمات ومع الجوار اللبناني، وتمسكها بالعلاقة الحسنة مع قيادة الجيش وعناصره.
bull; اجراء مسؤول مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور اتصالات مكثفة مع الفصائل الفلسطينية لتهدئة الاجواء.
bull; تأكيد أحد مسؤولي الفصائل الفلسطينية في مخيم نهر البارد اركان بدر ان اتفاقا تم العمل عليه بين الفصائل والجيش اللبناني يتضمن تشكيل لجنة تحقيق في مقتل قاسم ولوباني، رفع الحالة العسكرية عن المخيم، الغاء تصاريح الدخول الى المخيم، اطلاق 11 شخصاً اوقفوا اثر المواجهات.
ومن خلف غبار هذا الملف الشائك، بقيت أزمة الكهرباء تتفاعل في الشارع، من خلال قطع الطرق واحراق الاطارات في مناطق عدة، فيما برزت محاولات لاحتواء ملامح الاهتزاز في العلاقة بين تيار العماد ميشال عون وحلفائه ولا سيما "حزب الله" باعتبار ان "الغضبة" في الشارع انفجرت بوجه صهر عون وزير الطاقة جبران باسيل.
وكان لافتاً انه بعد كلام باسيل حول عدم تمسك التيار العوني بالتفاهم الحاصل مع "حزب الله" واتهام شركائه بالتغطية على العمال المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان (محسوبين بغالبيتهم على الرئيس نبيه بري)، ثم البيان الذي أصدره اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية الذي اتهم وزير الطاقة بممارسة استقواء على الضاحية وحرمانها التيار، "دافع" رئيس كتلة نواب "حزب الله" محمد رعد عن باسيل، معتبراً "ان احتجاج الناس على تزايد انقطاع التيار الكهربائي أمر مفهوم ومبرر، وان كان أسلوب قطع الطرق وحرق الدواليب لن يفيد في المعالجة". واذ اكد "ان الحكومات السابقة التي تعاقبت بعد الطائف، تتحمل جميعها مسؤولية كبرى عن تدهور قطاع الكهرباء"، قال: (...) الوزير باسيل يقوم بواجباته ضمن صلاحياته الدستورية وعلى الحكومة أن تواصل اهتمامها ودعمها لتنفيذ مقرراتها".
وبدا كلام رعد محاولة لاحتواء امتعاض العماد عون الذي عبّر عنه بعد اجتماع كتلته البرلمانية اول من امس اذ اعلن أن "من يحرّضون العمال والناس على اقفال الطرق لقطع الكهرباء هم أنفسهم الذين قطعوا المال عن مؤسسة الكهرباء لتنفذ المشاريع اللازمة"، مؤكداً "نحن المنتصرون الوحيدون اليوم، ونحن باقون في وزارتنا ومواقعنا، ويا جبل ما يهزك ريح"، متهماً "من هم من دون ضمير ولا وفاء بالتحريض على وزير الطاقة".
فليتشر: المجتمع الدولي يعمل لئلا تصل العدوى السورية إلى لبنان
أكد السفير البريطاني في بيروت طوم فليتشر "ان التحدي اليوم بالنسبة الى المجتمع الدولي هو العمل بجدية لتحييد لبنان عن الوضع السوري وعلى الا تصل العدوى السورية اليه، وهذا هو عملنا في الايام المقبلة".
واعلن فليتشر بعد زيارته امس زعيم "التيار الوطني الحر" النائب العماد ميشال عون "اننا بحثنا في الاوضاع الدولية والاقليمية والمحلية، لا سيما الجهود المحلية التي يجب ان تبذل في لبنان من اجل تكملة الحوار الذي نرحب به".
وحين سئل: هل ترون من ضمن السياسة البريطانية ان الحرب في المنطقة آتية في الاشهر المقبلة؟ اجاب: "يجب الا نكون متشائمين لهذه الدرجة. والوضع لم يفلت بعد، ونبذل جهوداً كبيرة في المجتمع الدولي لتجنب مثل هكذا وضع".