جريدة الجرائد

Der Spiegel : الجيش المصري ينفذ انقلاباً صامتاً لضمان صلاحيات واسعة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

Ulrike Putz

ذهب المصريون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد يوم الأحد، لكن انتهى الأمر بحصول الجيش المحلي على السلطة الفعلية، تضمن تعديلات جديدة للدستور المؤقت أن تكون للجنرالات كلمة حاسمة في المسائل الحكومية مستقبلاً، وقد يؤدي هذا الوضع إلى تجدد الاحتجاجات.
لا يمكن أن يكون التوقيت مناسباً أكثر من ذلك، فحين كان المصريون يركزون على نتائج أول انتخابات رئاسية حرة أُجريت يوم الأحد، أصدر المجلس العسكري الحاكم ثمانية تعديلات للدستور الموقت وهي تضمن صلاحيات واسعة للجنرالات.
يعني ذلك التحرك أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيتولى مهمة سن القوانين في البرلمان (الذي حُل يوم السبت) حتى إعادة انتخاب أعضائه. في الوقت نفسه، تحمّل المجلس العسكري أيضاً مسؤولية الميزانية الوطنية وإعداد دستور جديد. بالتالي، لن يحظى الرئيس الجديد بأي سلطة للتأثير في القوى العسكرية المحلية، مع أن المجلس أعلن أنه يريد تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب في نهاية شهر يونيو.
يوم الثلاثاء، منح الجيش نفسه سلطة قانونية واسعة النطاق عبر إقرار شكل من أشكال قانون الطوارئ الذي يسمح له بمحاكمة أي مصري أمام المحكمة العسكرية. يتمتع الجيش الآن بسلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية (جزئياً على الأقل).
استياء عارم
لكن يبدو أن المصريين لم يدركوا ما حصل حتى عشية يوم الأحد، فقد كان المواطنون يركزون على احتساب أصوات الناخبين على شاشات التلفزة مباشرةً. في أواخر تلك الأمسية، أعلن المرشحان معاً فوزهما، فقد ادعى مرشح ldquo;الإخوان المسلمينrdquo;، محمد مرسي، وشريك مبارك السابق، أحمد شفيق، أنهما حصدا %52 من الأصوات.
كان الصراع المتوقع بسبب نتيجة الانتخابات مصدر إلهاء مثالي، لكن سرعان ما عمّ استياء عارم. في مقابلة مع قناة ldquo;الحياةrdquo;، حذر معلق معروف من أن الرئيس المستقبلي لن يتمكن من السيطرة على قرارات المجلس العسكري أو منع صدورها: ldquo;لن يستطيع الرئيس تغيير وزير الدفاع أو أعضاء المجلس، فقد أصبح المجلس الأعلى للقوات المسلحة متفوقاً على الجميعrdquo;.
"الإخوان" يعدون بالمقاومة
كتب حسام بهجت، مسؤول في ldquo;المبادرة المصرية للحقوق الشخصيةrdquo;، على موقع ldquo;تويترrdquo; أن بلده أصبح عبارة عن ldquo;دكتاتورية عسكريةrdquo;. كذلك، اعتبر الدبلوماسي المصري والرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أن الوثيقة العسكرية هي ldquo;انتكاسة خطيرةrdquo; للديمقراطية والثورة. في هذا السياق، كتب البرادعي الحائز جائزة نوبل للسلام: ldquo;يحتفظ المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصلاحية تشريعية وهو يحرم الرئيس من أي سلطة على الجيش ويرسخ سيطرته على البلدrdquo;.
في ما يلي نذكر أبرز التغييرات اللافتة:
- ما من سلطة مدنية أعلى من الجيش: لم يعد قائد الجيش هو رئيس البلد بل إنه رئيس المجلس العسكري. سينتخب المجلس قادته بنفسه ولا يستطيع الرئيس إعلان الحرب إلا بموافقة المجلس.
- منح المجلس العسكري نفسه الحق بمعارضة الدستور الذي لايزال قيد الصياغة والإعداد، ما يعني أن أعضاء الجمعية الدستورية الراهنة التي تتألف من 100 شخص ملزمون بتقديم اقتراحهم إلى المجلس. إذا اعترض المجلس على أي مادة، لا بد من إعادة صياغة المقطع. سيتولى قضاة المحكمة الدستورية الاستماع إلى الخلافات في هذه المسائل، علماً أن تلك المحكمة تعج بقضاة من حقبة الرئيس المخلوع حسني مبارك. وإذا واجهت الجمعية الدستورية مصاعب كثيرة، يمكن أن يحلها المجلس وأن يعيّن جمعية جديدة.
- عند صدور دستور جديد أخيراً، ستتم المصادقة عليه عن طريق استفتاء عام، لكن بعد شهر واحد على حصول ذلك، يمكن انتخاب برلمان جديد. يعني ذلك أن الشعب المصري سيبقى من دون أي تمثيل لفترة معينة. خلال المرحلة الانتقالية، سيستولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة على السلطة التشريعية، لكن بفضل أحد التعديلات، يحصل الجيش أصلاً على حق معالجة الاضطرابات المحلية.
النخبة القديمة
حُلّ البرلمان المصري الجديد الذي انتُخب خلال الشتاء الماضي بقرار من المجلس العسكري يوم السبت، بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية قراراً مفاده أن ثلث المقاعد كانت غير شرعية. وفق ذلك الحكم، قيل إن المقاعد الفردية المخصصة للمرشحين المستقلين مُنحت لأعضاء الأحزاب. كان القرار يستهدف في المقام الأول أعضاء ldquo;الإخوان المسلمينrdquo; الذين سيطروا على البرلمان جزئياً بفضل تلك المقاعد. ادعى الحزب الإسلامي أن المجلس العسكري يحاول تصحيح نتائج الانتخابات من خلال حل البرلمان خدمةً لمصالحه.
بين ليلة وضحاها، أعلن ldquo;الإخوان المسلمونrdquo; وجماعات سياسية أخرى أن التعديلات الدستورية التي أقرّها الجيش باطلة، لكن سيكون الفائز بالانتخابات الرئاسية العامل الحاسم في هذا المجال. إذا فاز شريك مبارك السابق أحمد شفيق، من المتوقع أن يحصل الجنرالات على ما يريدونه رغم مقاومة الإسلاميين. بما أن شفيق هو آخر رئيس حكومة في عهد مبارك وكان قائد القوات الجوية سابقاً، من المحتمل أن يتعاون معهم، لكن قد يؤدي ذلك إلى حصول احتجاجات حاشدة لأن شريحة واسعة من المصريين تخشى أن تعود النخبة الحاكمة القديمة إلى السلطة من خلال الانقلاب على مكاسب الثورة ببطء.
أما إذا فاز مرسي الإسلامي بالرئاسة، فلن يكون الوضع أقل تعقيداً. قد يواجه مرسي الجيش، وسبق أن أعلنت جماعة ldquo;الإخوانrdquo; أنها ستقاوم المجلس العسكري ودعت إلى انعقاد البرلمان المُنحَلّ يوم الثلاثاء. على أقل تقدير، قد يصبح دخول المبنى المحاط بالجنود مناسبة لوقوع اضطرابات كبرى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف