إخوان مصر على خطى تركيا في مواجهة الجيش
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
احمد فودة
يبدو أن إخوان مصر يسعون إلى تكرار تجربة إخوان تركيا في عملية بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة عبر استخدام أسلوب المواجهة المتدرجة مع نظام ثورة يوليو الذي تمثله المؤسسة العسكرية، ويظهر ذلك من خلال رصد أبرز محطات المواجهة بين الجانبين منذ قيام ثورة يناير وحتى الآن.
كانت البداية مع سعي الإخوان إلى التقارب مع قيادة المؤسسة العسكرية المتمثلة في المجلس العسكري، الذي تسلم السلطة من الرئيس المخلوع، من أجل التوافق على خريطة طريق للفترة الانتقالية التي أعقبت الثورة. لكن بسبب استخدام المجلس لهذا التقارب كوسيلة للقضاء على الثورة عبر سياسة "فرق تسد" بين القوى الثورية، فقد اتجه الإخوان لنقل الصراع إلى مرحلة جديدة من خلال الإعلان عن الدفع بمرشح لهم في الانتخابات الرئاسية. وهو ما أدى إلى قلب كل المخططات التي وضعها المجلس من أجل إعادة إنتاج نظام ثورة يوليو في شكل جديد.
ورغم كل المحاولات التي استخدمها المجلس من أجل دفع الإخوان للتراجع عن هذه الخطوة، سواء باستخدام الأساليب القانونية باستبعاد مرشح الإخوان الأساسي أو باستخدام الأساليب السياسية عبر دفع وسائل الإعلام لشن حملة شرسة ضد الإخوان بتصويرهم وكأنهم نقضوا العهد الذي قطعوه على أنفسهم بعد نجاح الثورة بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية إلا أن الإخوان استطاعوا مواجهة كل تلك المحاولات وإيصال مرشحهم إلى منصب رئيس الجمهورية.
وهنا بدأت مرحلة أخرى جديدة، استبقها المجلس العسكري باتخاذ ثلاث خطوات أساسية: الأولى تمثلت في حل مجلس الشعب الذي يحتل الإخوان فيه أكثرية عددية، والثانية إعلان دستوري مكمل يسحب جزءا كبيرا من سلطات الرئيس الجديد، ويعطي المجلس الحق في التدخل في اللجنة التأسيسية للدستور، فضلا عن السيطرة على السلطة التشريعية.. أما الخطوة الثالثة فقد تمثلت في إصدار قرار الضبطية القضائية الذي يعطي الحق لرجال القوات المسلحة والمخابرات العامة بضبط المواطنين المدنيين.
وقد واجه الإخوان تلك القرارات بخطوتين: الأولى بالعودة إلى الميادين للتظاهر والاعتصام من أجل إسقاطها.. والثانية السعي نحو توافق وطني مع باقي القوى الثورية، وقد استطاعت تحقيق نجاح كبير في هذا الشأن حينما عقدت اتفاقا مع تلك القوى يقوم على المشاركة في أمور الحكم من خلال اختيار نواب للرئيس ورئيس للحكومة الجديدة من خارج الإخوان.
وقد نجح مشهد توافق الإخوان مع باقي القوى الثورية في توحيد الصف مرة أخرى في مواجهة المجلس العسكري الذي لم يجد بدا من الدخول في مفاوضات مع الإخوان، جاءت مؤشراتها لتؤكد على تراجع المجلس من خلال الموافقة على إعادة مجلس الشعب المنحل مرة أخرى وتعديل الإعلان الدستوري المكمل لتقليص صلاحيات المجلس وعدم التدخل في شؤون اللجنة التأسيسية للدستور، مقابل استبدال عشرة من أعضاء هذه اللجنة المؤيدين للإخوان بمؤيدين للمجلس، وكذلك عدم تدخل الرئيس الجديد في الشؤون الداخلية للقوات المسلحة، وأهمها ما يتعلق بموازنة الجيش وتعيين وزير للدفاع، فضلا عن تعيين وزير داخلية قريب من المجلس.
هذا الاتفاق الجديد يعني تحقيق الإخوان مكاسب جديدة في عملية المواجهة المتدرجة مع المؤسسة العسكرية، بفضل تجديد شرعيتها الشعبية مع انتخاب أحد قادتها في منصب رئيس الجمهورية، في مقابل تراجع الجيش إلى الداخل والاكتفاء بالسيطرة على شؤون الداخلية، انتظارا للتطورات القادمة التي قد تصب في مصلحته إذا ما فشل الإخوان في تحقيق الوعود التي قطعوها على أنفسهم للشعب إبان الانتخابات الرئاسية، خاصة أن تحقيقها يحتاج إلى استمرار التوافق الوطني وهو أمر صعب في ظل اختراق المؤسسة العسكرية لكثير من هذه القوى وسعيها في الفترة القادمة لدفع بعضها إلى الانسحاب من هذا التوافق.
فضلا عن استمرار الجيش في سيطرته على الأجهزة الأمنية وهو ما يعني إمكانية استخدامها كوسيلة لعرقلة برنامج الرئيس الجديد وبالتالي حرقه شعبيا عبر إظهاره بمظهر العاجز عن تحقيق أي من وعوده. وهو ما سيعني عدم قدرة الإخوان على المنافسة على هذا المنصب أو أي من المناصب السياسية الأخرى في المرات القادمة.
والسؤال: هل ينجح إخوان مصر في مواجهة هذه المخططات وتكرار النموذج التركي الذي استطاع فيه الإخوان هناك القضاء على سيطرة الجيش على مؤسسات الدولة وإعادته إلى داخل حدود المؤسسة العسكرية؟