صحافة أجنبية: كيف يمكن أن يدعم أوباما روسيا ويعارض بوتين؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كتب: GARRY KASPAROV - Wall Street Journal
من خلال تمرير "قانون ماغنيتسكي"- الخاص بفرض قيود على مسؤولين روس مهمين ضالعين في التعذيب- الذي أجمعت عليه لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء، ستدعم واشنطن الشعب الروسي وستحمي مصالحها على المدى البعيد.
اجتمع الرئيسان أوباما وفلاديمير بوتين طوال ساعتين في الأسبوع الماضي خلال قمة مجموعة العشرين في لوس كابوس، المكسيك. كتبت الصحافة أن الاجتماع كان ldquo;بارداًrdquo;، وهو أمر متوقع، فبالنسبة إلى أوباما، كان وجود بوتين أمامه يذكّره بفشل سياسة ldquo;إعادة ضبط العلاقات الثنائيةrdquo; التي وضعتها إدارته وبأن الوقت الذي أمضاه وهو يروّج لفكرة أن الرئيس الأسبق ديمتري ميدفيديف هو الخيار الليبرالي البديل عن بوتين ذهب هدراً. قبل قمة مجموعة العشرين مباشرةً، أعلن كبار المسؤولين الروس أن بوتين سيركز في الاجتماع على قانون ماغنيتسكي (تشريع أميركي معلّق من شأنه أن يفرض عقوبات مالية ويمنع سفر الموظفين الروس المتورطين في تعذيب وقتل المحامي المناهض للفساد سيرغي ماغنيتسكي في عام 2009). كذلك، يمكن أن يتسع نطاق القانون كي يشمل كل من يرتكب جرائم مماثلة.
ما كان يمكن أن يقبل نظام بوتين بهذا الأمر الصادم، لطالما كنتُ مقتنعاً بفكرة استهداف أموال الموالين للكرملين ومنعهم من السفر كونهم يضمنون استمرار الجرائم التي يرتكبها نظام بوتين، لكن جاءت المفاجأة الكبرى حين اعترف بوتين بمدى خوفه من ذلك القانون. من الواضح أنه شعر بضرورة أن يطمئن مناصريه علناً حين شدد على أنه سيحارب ليحمي ثرواتهم غير الشرعية وأسلوب حياتهم.
في غضون ذلك، تركز وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على تحسين العلاقات التجارية مع روسيا، مع التشديد على الحاجة إلى إلغاء تعديل ldquo;جاكسون- فانيكrdquo; الذي يعود إلى عام 1974 كونه يمنع الولايات المتحدة من منح الأفضلية إلى الدول التي تمنع الهجرة. من خلال القيام بذلك، تؤكد كلينتون أن المعارضة الروسية أيضاً تؤيد إلغاء تعديل جاكسون- فانيك.
لكن هذا الواقع لا يعبر عن الحقيقة كاملة، إذ لا يتوافق أعضاء المعارضة على جميع الملفات، لكن يُجمع معظمهم على ضرورة استبدال تعديل جاكسون- فانيك القديم بقانون ماغنيتسكي بدل الاكتفاء بإلغائه. يهدف هذا القانون إلى منع ارتكاب انتهاكات إضافية لحقوق الإنسان في روسيا من خلال إرساء مبدأ المحاسبة.
غداة تنصيب بوتين في 7 مايو، انطلقت حملات قمع ضد الحركة المنادية بالديمقراطية، منها مداهمات لمنازل قادة المعارضة وزيادة الغرامات والأحكام بالسجن ضد المشاركين في التظاهرات. بعد اعتقال أكثر من 12 محتجاً، لا تزال المداهمات والاعتقالات مستمرة. يركز تطبيق القانون أكثر من أي وقت مضى على معاقبة المشاركين في نشاطات المعارضة التي يُفترض أن يحميها الدستور الروسي، إذ تدرك الشرطة والسلطة القضائية أنهما تكسبان حصانة مطلقة من خلال حماية نفوذ بوتين.
لا شك أن قانون ماغنيتسكي سيزعزع سلطة بوتين، فلم يتضح بعد السبب الذي دفع إدارة أوباما إلى تجنب إقرار ذلك القانون. في الخارج، تواصل روسيا برئاسة بوتين بيع الأسلحة إلى النظام الدكتاتوري بقيادة الأسد في سورية وهي تبذل قصارى جهدها لضمان استمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط لأنه الوضع الأفضل للحفاظ على ارتفاع أسعار النفط. في شهر مارس، سُمع الرئيس أوباما وهو يخبر ميدفيديف بأنه سيتعامل بمرونة أكبر لصون المصالح الروسية بعد إعادة انتخابه. لكن يتصرف أوباما بمرونة كبيرة منذ الآن. لا شك أن التفاوض حول قطاع التجارة أو الدفاع الصاروخي هو أمر إيجابي، لكن عند طرح القيم الأخلاقية أثناء التفاوض مع نظام دكتاتوري تكون الخسارة مضمونة.
يُفترض أن تنحاز الولايات المتحدة إلى الشعب الروسي وليس بوتين، فروسيا ليست عدوة الولايات المتحدة إذ تكثر النقاط المشتركة بين البلدين (محاربة الإسلام المتطرف، والمخاوف من نفوذ الصين وسياستها التوسعية، ومصالح استراتيجية مشتركة حقيقية). على صعيد آخر، تهتم روسيا في عهد بوتين حصراً بكسب السلطة وبأرباح النفط والغاز بهدف الحفاظ على تلك السلطة. صحيح أن روسيا الحرة ستنافس الولايات المتحدة ولكنها لن تكون خصماً خطيراً لها.
كان رونالد ريغان يفهم التاريخ والدرس القائل إن إرضاء الحكام الدكتاتوريين لا ينفع لفترة طويلة، فمن خلال تمرير قانون ماغنيتسكي الذي أجمعت عليه لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء، ستدعم الولايات المتحدة الشعب الروسي، وستعزز الديمقراطية وحكم القانون، وستحمي مصالحها على المدى البعيد. أما التعامل ldquo;بمرونةrdquo; مع هذه القضايا، فسيثبت حصراً صحة المقولة القديمة التي تعتبر أن عدم اتخاذ مواقف حاسمة يحتّم السقوط عند أول اختبار.