جريدة الجرائد

العلويون والثورة السورية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

علي ملحم


تتطابق تقديرات شخصية قمت بجمعها مع تقديرات لعدد لا بأس به من النشطاء الذين التقيتهم داخل السجون السورية وخارجها، عند حقيقة مفادها: أن معتقلي الطائفة العلوية يشكلون النسبة الثانية الأكبر بعد معتقلي أهل السنة في سجون نظام الأسد. ففي فرع التحقيق التابع للمخابرات الجوية، والذي قضيت فيه ما يقارب الثلاثة أشهر اجتمع في إحدى المرات حوالى الستين معتقلاً في غرفة واحدة، كان من بينهم ستة علويين أي ما نسبته 1 إلى 14، في حين لم يوجد سوى معتقل إسماعيلي واحد ومعتقلين اثنين من الطائفة المسيحية، وهذه النسبة تتوافق مع النسبة السكانية للتوزيع الديموغرافي في سورية.

تعد هذه الحقيقة وغيرها من الحقائق صادمة لكثير من السوريين والمراقبين للشأن السوري، وبخاصة عندما نرى هذا الكم الكبير من الترويج الإعلامي من أن أبناء الطائفة العلوية قد تحولوا بغالبيتــهم إلى شبيحة أو رجال أمن وعملاء للنظام.

بالإضافة للمغالطة التي يتم ترويجها إعلامياً حيال مشاركة العلويين في الثورة السورية، هناك مغالطة ثانية تعتبر من وجهة نظري أهم وأكثر صدماً للجمهور من الأولى.

ففي الوقت الذي يتم الحديث فيه عن الشبيحة والتشبيح وعلاقتهم بالعلويين، يتم تجاهل أن النسبة الأكبر منهم هم من أبناء الطائفة السنية. فمثلاً يتم التطرق للحديث عن شبيحة قرية القبو ذات الأغلبية العلوية، وهم حقيقة لا يتجاوزون الخمسين شاباً، في حين يغفل الإعلام الحديث عن شبيحة قرية القمحــانية ذات الأغلبية السنية والتي يتجاوز عددهم المئتين.

بالإضافة إلى أن معظم شبيحة حلب هم من السنة وتحديداً من آل بري، كذلك الحال في دير الزور والمنطقة الشرقية. كما يتم تجاهل حقيقة خطيرة أخرى، وهي أن معظم ممولي الشبيحة هم رجال أعمال من الطائفة السنية من أمثال الغريواتي وحمشو وجود.

على الرغم من هذه الحقائق المخالفة لما يتم الحديث عنه إعلامياً، تبقى هناك حقيقة مركبة حيال علاقة العلويين مع النظام من جهة وعلاقتهم مع الثورة من جهة ثانـــية. فمما لا شك فيه أن نسبة كبيرة من العلويين تصطف إلى جانب نظام الأسد وهذا له جذوره التاريخــــية والسياسية والدينية، إلا أنه من المؤكد أيضاً أن نسبة لا يستهان بها من العلويين هم من أشد المعارضين للنظام السوري وقد تحملوا ويلات كثيرة جراء موقفهم هذا.

فارتباط العلويين بالنظام الأسدي يعود إلى تضليل روّجه رجالات حافظ الأسد بين أوساط العلويين من أن أبناء طائفتهم قد تعرضوا خلال القرون الماضية لمجازر وعمليات تهجير قام بها أهل السنة حيالهم، وهذه حقيقة مغلوطة بشكل كامل. فتاريخ المنطقة بأسرها لا يذكر وقوع مثل هكذا أحداث، وإنما يتطرق فقط إلى مجازر وعمليات التهجير التي شنها العثمانيون ضد الأقليات بشكل عام في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

أما الجذور الســـياسية للمــسألة العلوية فتكمن في الوضع الطبقي الذي رزح تحته أبناء هذه الطائفة خلال القرن العشــرين وبعد الاستقلال، مما أبعد الكثير من أبنائها عن المشاركة في الحياة السياسية الســورية وبخاصة في فترة الديموقراطية الذهبية التي عاشتها سورية في الخمسينات.

أما الجذور الدينية فهي تعود إلى عهد قريب جداً لا يتجاوز العقدين أو الثلاثة. فخلال هذه الفترة التي تتوافق مع الفترة التي تمكن خلالها حافظ الأسد من قمع كل أشكال المعارضة في المجتمع السوري مع بداية التسعينات، بدأت الطائفة العلوية تدخل فترة تحول في شكل رجالاتها الديني، فافتقدت الطائفة أهم رجالاتها ومشايخها التقليديين (كان آخرهم الشيخ حيدر عبود الذي توفي مع بداية الثورة السورية)، وأخذ يطفو على السطح مشايخ جدد هم بالأصل رجال أمن وضباط جيش ومخابرات تقاعدوا أو شارفوا على التقاعد، استأثروا بالتعاليم الدينية وصاغوها حسب أهوائهم وأخذوا بتلقينها للشبيبة الناشئة، فشكلوهم وفق بنية تمازج فيها الطابع الأمني المخابراتي مع الواجب الديني والتقديسي لرجالات نظام الأسد.

والآن تقف الثورة السورية أمام ضرورات ملحة جداً، تتمثل أولاً في قدرتها على تجاوز كل هذه الأجندة الإعلامية المضللة في سبيل إعطاء الصورة الحقيقة لها، وتتمثل ثانياً في قدرتها على انتزاع أبناء الطائفة العلوية من براثن آل الأسد ونظامه ودفعهم للانخراط في الفعل الحقيقي للتغير الذي يشهده وطنهم التاريخي سورية. فهل الثورة السورية وثوارها (علويون وسنة ودروز وإسماعليون ومسيحيون وأكراد...) قادرون على تجاوز ذلك؟ أعتقد أن هذا منوط أولاً وأخيراً بالشباب الســوري الذي يقود الثورة في الداخل حقاً وحقيقة، ويدفعه توقه للحرية إلى التضحية في لحظة من اللحظات بكل ما يملك وإن كان حياته.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
القطط البريئة ...؟
سامر -

هؤلاء الشبيحة هم مثقفو أنيسة وسندها . لايمكنها العيش بدونهم . لقد ألفتهم منذ نعومة أظفارها ، منذ أن كانت طفلة تحبو في كنف أهلها آل المخلوف هؤلاء من كان عثمان آغا ( سيد القرداحة ) يكبل يدهم ويكمم أفواهههم بالسيور الجلدية والحبال ثم يربطهم بحلقات حديدية في الجدران لكي لايعضوا المارة . جاء بهم المخنث الهزيل ابن أنيسة لانقاذ حكمه المنهار مع المجوس مع فيلق القدس وسواطير مقتدى الصدر وسلاسل حزب النار حامل العار قاتل الأطفال . واستعان بالروس السفلة لحراسة هؤلاء وتوجيههم . لايرون مايدور أمامهم بل يشتمون رائحة الدماء عن بعد مثل السمكة النهاشة فيندفعون لاستقطاع لحمها بالغريزة . هؤلاء هم الذين تختبئ وراءهم أنيسة لكننا سنستخدمهم في الوصول إليها متى آن الأوان وبعد أن نقرب من أنوفهم بعض ثيابها لنرى كيف يمزقون لحمها المتغضن وسنرى إن كانوا سوف ينهشونه أم يعافونه !!

سام بن بسمة قضماني رقم 1
مراد -

الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها القارئ من المقال تكمن في تأكيد الكاتب على أمر غاية في الأهمية، إنه قوله في هذه الفقرة: (( في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن الشبيحة والتشبيح وعلاقتهم بالعلويين، يتم تجاهل أن النسبة الأكبر منهم هم من أبناء الطائفة السنية. فمثلاً يتم التطرق للحديث عن شبيحة قرية القبو ذات الأغلبية العلوية، وهم حقيقة لا يتجاوزون الخمسين شاباً، في حين يغفل الإعلام الحديث عن شبيحة قرية القمحــانية ذات الأغلبية السنية والتي يتجاوز عددهم المئتين)). هذه الحقيقة هي التي يسعى الكاتب التأكيد عليها في مقاله، غير أنك يا سام أو سامر تذهب عكسها في تعليقك تماما. فأنت تصور الأمر وكأنه صراع طائفي بين الشيعة والعلويين من جهة ضد السنة من جهة أخرى. جعل الصراع ببعد طائفي هذا هو ما تسعى إليه إسرائيل، ولا شك في أنها تجند عملاءها لأداء هذه المهة القذرة. أنت لست مع الثورة في سورية أنت مع الفتنة التي تروج لها العميلة الإسرائيلية بسمة القضماني وكأنك واحد من أبنائها..

سام بن بسمة قضماني رقم 1
مراد -

الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها القارئ من المقال تكمن في تأكيد الكاتب على أمر غاية في الأهمية، إنه قوله في هذه الفقرة: (( في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن الشبيحة والتشبيح وعلاقتهم بالعلويين، يتم تجاهل أن النسبة الأكبر منهم هم من أبناء الطائفة السنية. فمثلاً يتم التطرق للحديث عن شبيحة قرية القبو ذات الأغلبية العلوية، وهم حقيقة لا يتجاوزون الخمسين شاباً، في حين يغفل الإعلام الحديث عن شبيحة قرية القمحــانية ذات الأغلبية السنية والتي يتجاوز عددهم المئتين)). هذه الحقيقة هي التي يسعى الكاتب التأكيد عليها في مقاله، غير أنك يا سام أو سامر تذهب عكسها في تعليقك تماما. فأنت تصور الأمر وكأنه صراع طائفي بين الشيعة والعلويين من جهة ضد السنة من جهة أخرى. جعل الصراع ببعد طائفي هذا هو ما تسعى إليه إسرائيل، ولا شك في أنها تجند عملاءها لأداء هذه المهة القذرة. أنت لست مع الثورة في سورية أنت مع الفتنة التي تروج لها العميلة الإسرائيلية بسمة القضماني وكأنك واحد من أبنائها..

التحرير هو الضرورة الملحة
معاوية -

للأسف يا أستاذ علي، المقال يتضمن بعض المغالطات وتشويه للحقائق. معظم العلويين المسجونين هم من المدسوسين للتجسس على السجناء هذه حقيقة لمستها من تجربة شخصية ،حيث أتقن النظام هذا النوع من الخدع وكشفت حديثاً في المخيمات في تركيا والاردن. زج تجار السنة بالنظام أيضاً تشويه للحقائق، نحن نعي تماماً في الثمانينات عندما كان يدخل مجموعة من المخابرات متنكرين بزي إسلامي يطلبون من التاجر تبرع للاخوان، وأول ما يتبادر لذهن التاجر لدرء شرّهم عن باب رزقه هو تسكيتهم ببضعة ليرات، وما أن يفتح الدرج ينقضواعليه ويعتقلوه ويختفي أثره وينهبون محله، وتعايش بعدها أولادهم مع النظام واجبرواعلى مشاركته قسراً في زمن رفعت أسد ثم تحولوا الى أدوات تصريف البضائع المهربة التي تديرها عصابات الشبيحة بعد أن احتكر آل مخلوف اقتصاد البلد برمته. أما أيتام البعث من طلاس وخدام والشرع والزعبي فقد وجدوا أنفسهم فجأة في أقفاص قرود النظام الطائفي والشعب السوري لم يكن طائفيياً ولو كان كذلك لما وصل حافظ أسد للحكم . والخلاصة هي كما يلي : صحيح أن غالبية العلويين أشراف وليسوا طائفيين ولا مجرمين ولكن جميع أفراد عصابة بشار أسد علويين وطائفيين ومجرمين وحاقدين وهم فقط من ستحاسبهم الثورة.