الكويت بين الدستورية و"المُبطل"!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أحمد عبد الملك
الحوار لا يتوقف في الكويت حول مسيرة الديمقراطية، و"ساحة الإرادة" (المقابلة لمجلس الأمة)، تتحول إلى "ميدان تحرير" بين الحين والآخر، كلما احتدم النقاشُ بين أعضاء المجلس والحكومة.
الجديد في الحوار -هذه الأيام- فتوى تشريعية بعدم دستورية مجلس 2009 الذي اتُهم بعدة تُهمٍ من قِبل بعض أعضاء مجلس 2012، خصوصاً ما تعلقَ بالذمم المالية والمخالفات الإدارية. المجلس الحالي (2012) الذي تسيطر عليه أغلبية إسلامية (ومعها أبناء القبائل)، يقول إنه يسعى إلى "تطهير" الحياة السياسية والاقتصادية من مُخلفات الماضي والتجاوزات التي حصلت في عهد مجلس 2009.
ويبدو أن حُكمَ المحكمة الدستورية الأخير، بحل مجلس 2012، لا رجوع عنه ومن ثم بطلان الانتخابات التشريعية الأخيرة! ونواب هذا المجلس (المُبطل) يرفضون حُكمَ المحكمة الدستورية، حيث رفض النوابُ تقديمَ استقالاتهم رسمياً، بحُكم أن قيامهم بذلك يعني أنهم يعترفون ضمنياً بشرعية مجلس 2009. ويرى البعض أن نواب المجلس (المُبطل) فقدوا مصداقيتهم، وأن مواقفهم متضاربة ومتضادة، كما يرى الدكتور شملان العيسى. البعض الآخر يرى أن الشارع الكويتي يعيشُ حالة من الفوضى دون أن يستطيع أحد السيطرة على الوضع وإرجاع الجميع إلى المرجعية الدستورية، ويتخوف هذا البعض من أن تكون الكويت مقبلة على مفترق طرق!
مؤيدو قرار المحكمة الدستورية يرون أن قرارها الصادر يوم 20/6/2012 قد أرجعَ المسيرة الديمقراطية في الكويت إلى مسارها الصحيح بعد أن حادت عن الطريق، كما ينتقدون اللجوء إلى "ساحة الإرادة" بشكل "فوضوي". ويرى هذا البعض، أن ذلك "الاستئساد" من قِبل المعارضة يأتي بدعم من الخارج، وأن النواب يتقافزون فوق القانون، وهدفهم انتخاب رئيسٍ وزراء شَرفي ومجلس وزراء وفقاً للأغلبية، كما يرى عدنان زيد الكاظمي.
وكان رئيس الحكومة المستقيلة الشيخ جابر المبارك قد حاول "ترطيب" الأجواء بلقائه النائبين مسلم البراك والدكتور جمعان الحربش، من المعارضة، رغم السخونة التي احتوت ليلة الإرادة. إلا أن الاجتماع رشَحَ بعدم رغبة الحكومة في حضور أي من جلسات مجلس 2009. ويوم الأحد 2/7/2009 قدّم الشيخ جابر المبارك استقالة حكومته لأمير الكويت.
وعند نشر هذا المقال ربما يكون قدر صدر قرارٌ بتكليف الشيخ جابر المبارك بتشكيل الحكومة الجديدة. وسوف يتطلب الأمر أسبوعين حتى تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام أمير دولة الكويت.
ويبدو أن فرصة عقد مجلس 2009 ضعيفة، نظراً للضغوط التي تمارسها أغلبية مجلس 2012، والتهديد دوماً بالنزول إلى الشارع، ولرفض النواب عقد جلسة إجرائية فقط!
ومن الناحية القانونية، فإن عدم حضور النواب من مجلس 2009 لتلك الجلسة، سوف يؤدي إلى قيام الحكومة الجديدة بإصدار مشروع مرسوم بحل مجلس 2009 وبالتالي الدعوة لانتخابات برلمانية في أكتوبر المقبل.
وتبقى قضية إقرار الميزانية العامة من أهم الموضوعات التي سوف تسبّبَ المجلسُ المُبطل في سرعة مناقشتها وإقرارها، ما يؤدي إلى ضرورة إصدارها بمرسوم.
ويُصر المحتشدون في "ساحة الإرادة" على توضيح "الحقائق" للشعب الكويتي، فيما يتعلق بالإيداعات والتحويلات، وحقيقة الزج بالبلاد في أزمة جديدة بإبطال مجلسهم (مجلس 2012)، وهو من اختيار الشعب الكويتي. كما يطالب أعضاء هذا المجلس بتعديلات دستورية وإيجاد حكومة برلمانية منتخبة وإمارة دستورية. ويُلقي هؤلاء باللائمة على الحكومة لقيامها بحل مجلس الأمة أكثر من 6 مرات خلال 6 سنوات. كما يعارضون "تطاول" القضاء على الحياة النيابية ليكون أعلى سلطة في البلاد.
وكان المنبرُ الديمقراطي الكويتي قد أصدر بياناً فيما يتعلق بحُكم المحكمة الدستورية أشاد فيه بالحكم وثمّن إلغاء المرسوم الصادر بحلِّ مجلس الأمة السابق، وبطلان ما ترتب على ذلك المرسوم من إجراءات للدعوة لانتخابات المجلس التشريعي (2012)، وأكد افتخارَه بالمحكمة واحترامه لأحكامها، رافضاً إقحام القضاء في دهاليز السياسية، كما دعا إلى تصحيح إجراءات حل مجلس الأمة (2009) بجوانبه القانونية والدستورية الصحيحة، حتى لا يستمر الفراغُ الدستوري الذي تعيشه الكويت اليوم.
وكان أعضاءٌ من مجلس الأمة (2012) المُبطل قد بينوا أن المحكمة الدستورية محكمة خاصة لها ولاية قضائية محددة، وليست أعلى محكمة كما يُعتقد، وهي بحكمها الأخير قد خرجت عن وظيفتها ومن ثم يكون ذلك الحكم باطلاً.
وكانت كتلة الأغلبية قد نظّمت اعتصاماً في "ساحة الإرادة" أعقبته ندوةٌ جماهيرية، حيث اعترض المنظمون على إبطال مجلس 2012 الذي اختاره الشعب الكويتي، وأعلنوا رفضهم عودة مجلس 2009 الذي "رفضه" الشعب الكويتي، كما ادّعوا. كما عبّروا عن استيائهم من أداء الحكومة خلال حقبتي المجلسين، وأكدوا على محاسبة من تسببّ في الخطأ الإجرائي الذي تم الاستناد إليه في عملية إبطال مجلس 2012 وعودة مجلس 2009. واتهم عضوُ المجلس المُبطل الدكتور عبيد الوسمي خلال ندوة في جمعية المحامين، اتهمَ المحكمة بأنها "قفزت" من اختصاصاتها إلى اختصاص آخر، مشيراً إلى أن القرار لم يصدر في الجريدة الرسمية! كما رأى أن القرار ليس تفسيراً علمياً على الإطلاق، وأن تفسيرات الحكم مخالفة لمنطق التوازن في الدستور الذي أوجد ثلاث سلطات يُفترض ألا تلغي أي منها صلاحيات أو اختصاصات الأخرى. وهو في النهاية ليس حُكماً بل هو تصوّر مخالف للمنطق.
وهكذا تكتنف الحوارَ والحواراتِ المضادة في الكويت العديدُ من الرؤى في الوقت الذي ينظر فيه العقلاء إلى هذه "الحرب" -رغم وجاهتها الديمقراطية - على أنها عطّلت العديدَ من مشاريع التنمية في الكويت وساهمت في عمليات التأزيم ومحاولات التصادم التي لا لزوم لها مع الحكومة. وهو أمر لا يرى العديدُ من الكويتيين نهاية قريبة له.