جريدة الجرائد

خوف خليجي من لبنان ... الإيراني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

خيرالله خيرالله

لماذا على كلّ لبناني الخوف من إصدار وزارة الخارجية السعودية تحذيرا إلى مواطني المملكة تضمّن دعوة الى تفادي زيارة لبنان؟ الجواب بكلّ بساطة ان الموقف السعودي الذي اتخذ بعناية وبعد تمعن لا يمكن فصله عن وجود حكومة "حزب الله" في لبنان. صحيح ان على رأس الحكومة شخصية سنّية تحاول الظهور في مظهر من يحاول تفادي مواجهة سنّية- شيعية في البلد، الاّ ان الصحيح ايضا ان ليس في استطاعة اي دولة خليجية تجاهل المصير الذي آل اليه لبنان بعدما صار تحت السيطرة الايرانية بفضل حكومته الحالية.
ليس في لبنان مواطن يريد مصلحة البلد يسعى الى مواجهة سنّية- شيعية او مسيحية- اسلامية. كلّ ما في الامر ان هناك واقعا لا مجال لتجاهله يتمثّل في ان لبنان، في ظل الحكومة الحالية برئاسة السيّد نجيب ميقاتي تحوّل مستعمرة ايرانية. وهذا ما تتخوّف منه دول الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الحريصة على سلامة رعاياها اوّلا.
جاء الموقف السعودي الذي يحذّر من زيارة رعايا المملكة للبنان بعد سلسلة من المواقف المماثلة اتخذتها دول خليجية عدّة على رأسها دولة الامارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وقطر. اتّخذت خمس دول من اصل الست التي يضمها مجلس التعاون لدول الخليج العربية موقفا من زيارة رعاياها للبنان. وهذا يعني في طبيعة الحال ان هذه الدول تشعر بانّ هناك خطرا على مواطنيها في الوطن الصغير وهي لا تريد في أي شكل تعريضهم لأي مخاطر من اي نوع كان.
خلاصة الامر ان لبنان لم يعد مكانا آمنا للعرب وانه صار بكل بساطة مستعمرة ايرانية، خصوصا بعد اغلاق الطريق المؤدية الى مطار بيروت مرّات عدة اخيرا واستمرار العراضات المسلحة لأنصار ايران في بيروت وسعيهم بكلّ الوسائل المتاحة الى افتعال صدام سنّي- سنّي في كلّ منطقة لبنانية بغية تغطية عملية وضع اليد على لبنان.
لا مفرّ من تسمية الاشياء بأسمائها. لم يقدم الخليجيون على خطوة تحذير مواطنيهم من زيارة لبنان الاّ بعد تأكدهم بالملموس ان هناك رغبة ايرانية في تحويل البلد الى امتداد للمحور الايراني- السوري المعادي لكلّ ما هو عربي في المنطقة. اكثر من ذلك، بات العرب، خصوصا اهل الخليج، على دراية بأنّه كلما زادت الضغوط على النظام السوري الذي يواجه ثورة شعبية حقيقية تستهدف استرداد السوريين والعرب لسوريا، زادت الرغبة الايرانية في الاحتفاظ بلبنان مستعمرة وببيروت ميناء ايرانيا على المتوسط.
يعرف العرب والخليجيون ان المطلوب طردهم من لبنان ومن بيروت. انهم يردون على ذلك بإجراءات احترازية من بينها رفض ان يكون مواطنوهم رهائن لدى ايران او النظام السوري في لبنان.
هل يفهم لبنان الرسالة الخليجية؟ الواضح ان الحكومة اللبنانية عاجزة عن ذلك. والواضح ايضا ان هناك هوة كبيرة تفصل بين معظم اللبنانيين وحكومتهم الحالية التي تعمل من اجل فرض امر واقع في البلد. هذا ما يفهمه الخليجيون قبل غيرهم. انهم يفهمون ان في لبنان من يرفض فوضى السلاح والغوغاء ويرفض خصوصا الطريقة التي تشكّلت بها الحكومة الحالية عن طريق ارهاب الزعيم الدرزي كمال جنبلاط الذي اضطر الى الانتقال من موقع الى آخر.
في النهاية، ليست الحكومة الحالية سوى مولود غير طبيعي نتج عن امتلاك حزب مذهبي معيّن تابع مباشرة لايران السلاح وتوجيه هذا السلاح الى اللبنانيين الآخرين العزل. يشمل ذلك، حقّا، ابناء الطائفة الشيعية الكريمة الذين من بين اول رهائن "حزب الله" واسراه في لبنان.
كان طبيعيا ان تقدم دول الخليج على ما أقدمت عليه وذلك عندما تكون هناك حكومة لبنانية الهدف الاول من تشكيلها اذلال اهل السنّة والمسيحيين. هل من ذلّ لمسيحي لبناني اكبر من ذلّ ان يكون الوزراء المسيحيون في الحكومة تابعين، في معظمهم، للنائب ميشال عون التابع بدوره لـ "حزب الله"؟ هل من ذلّ للسنّة اكبر من ذلّ ما يتعرّضون له في بيروت وطرابلس وعرسال ومناطق شمالية وبقاعية اخرى؟
ما نشهده حاليا على كلّ صعيد في لبنان هو استمرار لعملية وضع اليد على لبنان بلغت ذروتها بالتمديد للرئيس السابق اميل لحود خريف العام 2004 وذلك على الرغم من صدور القرار رقم 1559 عن مجلس الامن التابع للامم المتحدة، ثم محاولة اغتيال النائب مروان حمادة في الاول من اكتوبر من تلك السنة وصولا الى الجريمة الكبرى، جريمة العصر المتمثلة باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في فبراير 2005.
صمد اللبنانيون. اخرجوا الجيش السوري من الاراضي اللبنانية، فكانت سلسلة التفجيرات والاغتيالات التي طاولت اللبنانيين العرب الشرفاء حقا من سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وصولا الى بيار امين الجميّل ووليد عيدو وانطوان غانم والشهيدين الحيين الياس المرّ ومي شدياق.
تابع اللبنانيون صمودهم، فكان افتعال حرب صيف 2006 مع اسرائيل ثم الاعتصام وسط بيروت لتعطيل الاقتصاد، ثم غزوة بيروت والجبل في مايو 2008 وصولا الى اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وتشكيل الحكومة الحالية التي يقاومها اللبنانيون.
كان صمود الشعب اللبناني مقدمة لصمود الشعب السوري الذي بدأ ثورته على الظلم والطغيان. ما يجمع بين اللبنانيين والسوريين حاليا هو انهم يتعرضون للهجمة نفسها من الجهة نفسها. هذا ما يستوعبه الخليجيون الحريصون على السوريين واللبنانيين وبقاء لبنان وسورية دولتين عربيتين بالمفهوم الحضاري للكلمة. هذا ما جعلهم يفوتون على اعداء لبنان وسورية فرصة للانتقام منهم في "لبنان- الساحة" اثر وقوفهم مع الحقّ ولا شيء آخر غير الحق.




التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف