إما "الاخوان" في مصر وإما العسكر وإما الفوضى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سركيس نعوم
الغاضبون في مصر على "الاخوان المسلمين" والخائفون منهم كثيرون. يتقدم هؤلاء "فلول" نظام حسني مبارك، التي هي في الواقع "فلول" النظام الذي أسسته "ثورة يوليو" عام 1952، بل "انقلاب يوليو". و"الفلول" ليسوا مجموعة اشخاص، بل شريحة واسعة تضم بعضاً مهماً من مجتمعات المال والأعمال، والسياسة والعسكر، ومن "المجتمعات الشعبية" الريفية، وخصوصاً التي "أفادت من تعاملها مع النظام.
ويلي "الفلول" في الغضب والخوف قسم مهم من دعاة الديموقراطية والليبرالية والحريات والدولة المدنية، لولاه ما تفجرت ثورة يوليو.
ويلي هؤلاء الذين أظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الاولى، ان لديهم ليس كأشخاص بل كرموز لحقبة مضت أو لحقبة يطمحون اليها، حجماً شعبياً لم يكونوا يتوقعونه. أبرز هؤلاء حامدين صباحي وعبد المنعم ابو الفتوح "الاخواني"، المفصول لتحدّيه قرار "الجماعة" عدم الترشح للانتخابات الرئاسية، الذي اظهر ان شريحة واسعة من شعب مصر المتدين أحبّت انفتاحه المعلن، على الديموقراطية والحريات المدنية الحديثة، وتمسّكه باسلامية مصر اي اسلامية حديثة لاعنفية وتكفيرية.
ويأتي في آخر لائحة الغاضبين على "الاخوان المسلمين" المصريين والخائفين منهم المؤسسة العسكرية التي لا تستطيع أن تنسى أنها حكمت مصر عقوداً، وحمت كل الممارسات التي ثار الشعب عليها في 25 يناير 2011، وصارت "حزباً"، أو فريقاً، يتمتع باستقلال ذاتي مالي واداري واستثماراتي وبحق النقض أي "الڤيتو" على المؤسسات الدستورية وغير الدستورية في مصر.
هل الخوف المفصّل اعلاه في محله؟
هو في محله لأنه مبرر بالحرص على المصالح والامتيازات عند "الفلول" والمؤسسة العسكرية. علماً ان الاخيرة قامت بدور مهم حمى الثورة من "قرارات" قمعها بالقوة، وسهّل تحركها في مصر كلها. وعلماً ايضاً ان لخوفها دافعاً آخر هو السلام الاهلي في مصر وتلافي الثورة الدموية. أما عند الليبراليين والديموقراطيين والذين مثلهم فان مبرر الغضب والخوف هو الحرص على تحقيق اهداف ثورتهم ومنع استغلالها لإقامة دولة دينية ديكتاتورية. وهؤلاء يعتبرون ان "الاخوان" في صدد ذلك.
هل الخوف من "الاخوان" والغضب عليهم في محلهما؟
هناك مبررات معقولة لهما. اولها، ترددهم في الانضمام الى الثورة منذ بدايتها. وثانيها، عدم التزامهم مواقف عدة أعلنوها وتراجعهم عنها صراحة، مثل عدم الترشح في كل الدوائر الانتخابية البرلمانية حرصاً على تنوع التمثيل الشعبي، ومثل عدم الترشح للرئاسة. وبتجربة كهذه من يضمن ان يفي "الاخوان" بوعودهم "الوطنية" بعدما سيطروا على مجلس الشعب (المنحل أخيراً)، وبعدما اخذوا رئاسة الجمهورية، وبعدما قرروا مواجهة المؤسسة العسكرية والقضاء لضمان سيطرتهم على مفاصل السلطة.
لكن هناك ايضاً مبررات للخوف من "مبادرات" المؤسسة العسكرية، مثل حلّ مجلس الشعب وإصدار اعلان دستوري مُكمِّل، ابرزها انها تحضر لمواجهة لا يمكن ان يعرف مصيرها.
ما الحل في وضع كهذا؟
يُفترَض في "الاخوان" والمؤسسة العسكرية التوصل الى توازن وإن بعد مواجهة لكن غير شارعية وغير "حربية". ويُفترَض ان يعزز التوازن هذا الديموقراطية والحريات والدولة المدنية وأن لا يكون على حسابها. ويُفترَض إعطاء فرصة لـ"الاخوان" الذين فازوا بأصوات الشعب، والطلب الى الشعب محاسبتهم إذا تبيّن له ان لديهم "اجندة" تسلّط مخبأة. ويُفترَض عدم محاكمتهم على نياتهم وعدم الخوف من سَعيهم كي يكونوا من جماعة الى "الابد في السلطة" التي ضمت مصريين بل العرب اجمعين. فشعب مصر خرج من القمقم وكسر جدار الخوف. ويفترض في قياداته الثورية وخصوصاً الديموقراطية على تنوعها ان تعتمد عليه لمواجهة "الاخوان" إذا تسلّطوا، وليس ان تُنظِّر لعودة المؤسسة العسكرية الى السيطرة من جديد. فالمنطقة كلها ذاهبة الى الاسلامية على تنوعها. والمطلوب هو اختيار الحديثة منها غير المتناقضة مع الديموقراطية ومع حقوق الانسان.