جريدة الجرائد

علمانيو تركيا هل يؤيدون الأسد‏?‏

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أنقرة ـ سيد عبدالمجيدrlm;

كم هي المرات التي زارت فيها هيلاري كلينتون تركيا ليس فقط بصفتها وزيرة للخارجية الأمريكية بل كسيدة أولي لبلادها كزوجة للرئيس الأسبق بيل كلينتونrlm;,rlm;

ولكن يبدو أن زيارتها الأخيرة لإسطنبول, قبل أسابيع ثلاثة مضت بدت مغايرة ومختلفة, فقد كادت تطير فرحا, تعبر عن إنبهارها وهي تشاهد من شرفة أحد الفنادق الكبري بضاحية بيشكتاش جانبا من البوسفور وسحره الأخاذ.
ما انبهرت به كلينتون تلك المرة لم يبادلها الشعور ذاته, فمياه البوسفور وعلي غير العادة بدت صفحاتها صاخبة هادرة وكأنها تشاطر صرخات إنطلقت من ميدان تقسيم القريب منددة بالامبريالية الامريكية, وجرائمها ضد المدنيين السوريين, وأمام نصب للاستقلال الذي يتصدره كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة, تعالت الاحتجاجات ساخرة من الدول الإسلامية وصمتها المخزي علي نزيف الدم الذي تقف وراءه المخابرات المركزية الامريكية, وصنيعتها ما يصفونه بالجيش السوري الحر!
الأكثر إثارة في هذا المشهد الاحتجاجي, أن شخوصه, ومعظمهم من العلمانيين, أعادوا إلي الأذهان مشروع الشرق الأوسط الكبير, وفي قلبه, أردوغان النموذج الذي أراد البيت الأبيض في عهد جورج بوش الابن تعميمه في العالم الإسلامي, خصوصا الدول العربية! ولم ينسول بطبيعة الحال أن ينددوا به وبصناعه وبمروجيه.
هنا وللوهلة الاولي, ربما يقع المراقب في حيرة من أمره, لسريالية الحاصل وغموضه, فهل علمانيوا تركيا مع بشار الاسد؟, أو علي الاقل متعاطفون معه ؟, وإمعانا في التناقض, ومع إختلاف المنطلقات التقت رؤاهم مع ما تتبناه إسرائيل دون أن تعلنه, فهي لا تريد سقوط الاسد ولا ترغب في تنحيه, هذا ما قاله, يشار يقيش, وزير الخارجية الاسبق, والعضو المتواري عن الانظار في حزب العدالة بعد أن شارك في تأسيسه قبل اكثر من عشر سنوات, ومضي معددا الاسباب, واضعا في مقدمتها ان الدولة العبرية, والإخوان المسلمين الحكم في مصر, والذين بدأوا يولون أهمية قصوي إلي منطقة سيناء والغبن الذي تتعرض له, ومن ثم فزوال الاسد ووصول الإخوان المسلمين إلي السلطة في سوريا سيتجهون بدورهم إلي الجولان المحتل وهو ما لا يرغبه الاسرائيليون, ولتدعيم رأيه قال يقيش أنه لو كانت هناك مصلحة لاسرائيل في إبعاد الاسد لأطاحت بنظامه منذ فترة طويلة. إذن إنها المفارقة, ويمكن القول أن الضبابية السائدة الآن, تعود في جزء منها إلي خلل أصاب الدبلوماسية التركية, التي سارعت بتبني مواقف الآخرين بل وحذت حذوها, دون توخي الحذر, إذا راحت, تتخيل أنها ستكون في صدارة المشهد الاقليمي لمرحلة ما بعد سقوط الاسد الذي بات وشيكا, مستندة لتقارير إستخباراتية, قالت ان خمس الجيش النظامي, أي ما يقارب من60 إلي65 الف عسكري وضابط سوري انشق بل وأعلن انضمامه إلي صفوف الجيش الحر, وهو ما يعني أن الاسد في طريقه إلي الجحيم بسابقيه من الديكتاتوريين العرب.
ولم ينتبه القائمون علي الأداء الدبلوماسي إلي مصالح الدولة وتركيبتها وتكويناتها, وهذا ما تبنته المعارضة خصوصا العلمانية منها, ولم يكن غريبا أن يتقدم نائب معارض بمذكرة إستجواب برلماني طالب فيها بسحب الثقة من أحمد داود أوغلو وزير الخارجية, صحيح رفض البرلمان إلا أنه مؤشر علي حالة غليان في صفوف قطاعات من الشعب التركي التي صارت تخشي من تمدد منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية, وزيادة أنشطتها الارهابية مدعومة الآن من البعث السوري الذي عقد بالفعل جملة اتصالات مع قياديي المنظمة في جبال قنديل, وبضوء أخضر من الحكومة المركزية ببغداد نكاية في اردوغان, وحتي إسقاط سوريا لطائرة التدريب التابعة لسلاح الجو التركي يوم22 يونيه, حمل المعارضون أردوغان المسئولية معتبرين الحادث انتقام سوري من السياسات الخاطئة لحزب العدالة والتنمية الحاكم. وفي عددها الصادر يوم26 يونيو, عددت صحيفة أيدلنك مساوئ السياسة الخارجية التي باتت عبئا علي بلادهم, وفي مقدمتها أنها أدت إلي أن تفقد البلاد عدد من مواطنيها في إشارة إلي الطيارين المفقودين, مرورا بعداوة الدول المجاورة وأخيرا العزلة, ولم تجد الصحيفة سوي أن تطلب صراحة من وزير الخارجية داود اوغلو بتحمل هذه الفاتورة.
بعد هذا العرض ربما نخلص إلي أن أنقرة في مفترق, فما كانت تخشي منه, ألا وهو حرب مذهبية سنية شيعية أصبح قريبا فهناك تسليح يتم بالفعل يشمل المناطق السنية, بينما تأخد إيران علي عاتقها مهمة تدريب العلويين في سوريا بدعم من حزب الله اللبناني كل هذه التطورات ستكون ضد مصلحة تركيا.
لكن تبق هناك علامات إستفهام علي المعارضة التركية خصوصا حزب الشعب الجمهوري, فخصومته للحزب الحاكم أمر يمكن استيعابها لكن موقفه تجاه حاكم سوريا يشوبه قدر من الالتباس خاصة إذا علمنا أن زعيمه كمال كيلتش دار أوغلو, ينتمي إلي الطائفة العلوية والتي تشكل15% من الشعب التركي!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف