جريدة الجرائد

انتخابات أميركا: أوباما في الإعلان التلفزيوني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

استراتيجية إعلانية تستهدف جماعات محددة من الناخبين

تي. دبليو فارنام

وسط الإعلانات عن معجون الأسنان، ومنظفات الصحون، سوف يرى المشاهدون المواظبون على متابعة البرامج النهارية في محطات التلفزة الأميركية، إعلاناً جديداً يدعو إلى دعم الرئيس باراك أوباما. والحقيقة أن برنامج مثل "القاضية جودي"، قد أصبح بالفعل أحد البرامج المفضلة لحملة أوباما والمتحالفين معه، والتي يصلون من خلالها للناخبين المتعاطفين معهم. فعندما تتم إذاعة هذا البرنامج الذي ينتمي إلى فئة "برامج الحقيقة"، والذي تدور أحداثه في قاعة محكمة تشرف عليها قاضية سابقة سليطة اللسان اسمها "جودي"، فإنه في العادة يكون مصحوباً بإعلان انتخابي يقول للمشاهدين إن المرشح الجمهوري "ميت رومني" يستخدم ملاذات ضريبية، وأنه قد قام بتصدير الوظائف للخارج وحرم منها عمالا أميركيين يعانون البطالة.

وهذا البرنامج يعتبر وسيطاً مثالياً للإعلانات التي تسعى لدعم فرص إعادة انتخاب الرئيس لفترة ولاية ثانية، لأنه يجتذب عدداً كبيراً من المشاهدين من الأميركيين خصوصاً هؤلاء الذين ينحدرون من أصول أفريقية.

ومثل هذه البرامج تجتذب كذلك أعداداً ضخمةً من الأميركيين من أصول لاتينية، والذين يمثلون كتلة انتخابية أخرى في غاية الأهمية بالنسبة لأوباما. وفيما تظهر استطلاعات الرأي تعادل أوباما مع المرشح الجمهوري "ميت رومني"، فإن برنامجاً مثل برنامج "القاضية جودي" تحول إلى محور من محاور حملة تهدف لزيادة دعم أوباما وسط فئات الناخبين الذين خرجوا بقوة من أجل تأييده عام 2008.

"إنهم يحاولون اجتذاب الناس الذين يمكنهم الاعتماد عليهم"، هذا ما يقوله "تاد ديفاين"، الخبير الاستراتيجي الإعلامي المخضرم الذي صمم الحملة الإعلامية للسيناتور "جون كيري" عام 2004 في سباقه الرئاسي مع جورج دبليو بوش. ويضيف "ديفاين" لما سبق قوله: "ليس هناك جمهور كبير جديد تتوجه إليه مثل تلك الإعلانات، لذلك فإن كل حملة من حملات المرشحين الاثنين تذهب للأماكن التي توجد بها قاعدتها الناخبة".

وهذا النوع من الإنفاق السياسي يمثل جزءاً من التحول بعيداً عن نمط الإعلانات الانتخابية التي تتم إذاعتها من خلال نشرات الأخبار المحلية، والتي اعتبرت لوقت طويل بيئةً طبيعية لإعلانات الحملات الانتخابية لأنها تجتذب الجمهور الأكثر أهتماماً بالسياسة.

فلِما يزيد عن عقد، ظل كل من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء يتحركون تدريجياً نحو نوعيات خاصة ومحددة من الناخبين مثل هؤلاء الذين يتابعون عروض شبكات معينة أو بث المحطات الفضائية التي تعمل بنظام الكابل. ويلقي "ستيفن هايز"، المدير العام لمحطة "دبليو. تي. في. آر"، وهي فرع لشبكة "سي. بي. إس" الإخبارية، تبث برامجها من"ريتشموند"، المزيدَ من الضوء على تلك النقطة بقوله: "فيما مضى كانت العادة هي وجود برنامج سياسي معياري يلتزم به الجميع وتتم إذاعة الإعلانات من خلاله، أما الآن فإن كل طرف قد باتت له استراتيجيته الخاصة".

لكن الديمقراطيين هم الذين يتحركون خارج "صندوق الأخبار" أو البرامج السياسية المعيارية التي أشار إليها "هايز"، بسرعة أكبر من سرعة الجمهوريين.

وبرامج تلفزيون الواقع، وكذلك برامج" التوك شو" النهارية والإعلانات الانتخابية المصاحبة لها، تجتذب لأوباما كتلة مهمة جداً من الناخبين، وهي: النساء اللائي ترجع أهميتهن إلى أنهن يشكلن ثلاثة أرباع العدد الكلي للمشاهدين لتلك النوعية من البرامج.

والإعلانات المصاحبة للبرامج النهارية لها ميزة أخرى، وهي أنها أقل تكلفةً، وهو ما يروق للديمقراطيين بشكل خاص نظراً لمعاناتهم- أكثر من الجمهوريين- في جمع التبرعات والمساهمات المسموح بها وفقاً للقواعد الميسرة لتمويل الحملات.

ففي الشهور الأخيرة على سبيل المثال تفوقت المجموعات الممولة للجمهوريين في قيمة التمويل الذي تقدمه لحملات الإعلانات التلفزيونية على تلك التي تقف وراء أوباما بنسبة 7 إلى 1. ويقول " بيل بيرتون" الشريك المؤسس لمجموعة "برايوريتيز يو. إس. آيه آكشن"، وهي إحدى المجموعات الداعمة لأوباما: "نحن نعلق أهمية خاصة جداً على موضوع فعالية وكفاءة الإنفاق، وذلك من خلال استهداف جماعات صغيرة محددة وفقاً لاحتياجاتنا".

والجزء الأكبر من الأموال التي أنفقتها مجموعة "برايوريتز" ذهب للإعلانات التي تتم إذاعتها في الصباح الباكر، وفي منتصف النهار، والتي تركز في هجوماتها ضد "رومني" على أدائه خلال الفترة التي تولي فيها إدارة شركة "بين كابيتال"، وكذلك على شركة الأوراق المالية الخاصة التي قام بتأسيسها. وقد أنفقت المجموعة ملايين الدولارات على الإعلانات التي تستهدف هذا الموضوع تحديداً كما تشير مصادر حملة أوباما.

وفي أحد الإعلانات التي رعتها مجموعة "سوبر باك"، وهي أيضاً تقف وراء أوباما، يظهر رجل يرتدي ثياب العمل ويروي من داخل فناء مصنع خالٍ الأنباءَ التي تنشرها الصحف حول الاستغناء عن العمال.

وكان من ضمن ما قاله ذلك العامل، وقد ظهرت في الخلفية صورة قطار شحن ينطلق في طريقه: "مع رومني وبين كابيتال كان الهدف هو تكوين ثروات". ثم يضيف العامل قائلا: "لقد وعدنا بنفس الأشياء التي يعد بها الولايات المتحدة في الوقت الراهن... وسوف يعطيكم نفس الأشياء التي أعطانا إياها... وفي الحقيقة أنه لم يعطنا شيئاً بل أخذ كل شيء".

وإعلانات "سوبر باك" الأخيرة والتي تظهر شهادات شخصية مؤثرة يرويها عمال يقولون إنهم قد تأثروا بسبب تصرفات رومني في باك، تخاطب بشكل خاص العاطلين عن العمل والعمال المؤقتين، وهي على ما يبدو تأمل في الوصول إلى ذلك القطاع المحدد من الأميركيين من خلال الإعلانات الانتخابية المصاحبة للبرامج النهارية.



كاتب ومحلل سياسي أميركي - ر بترتيب خاص مع خدمة"واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف