الرئيس والحكومة.. والمحاسبة السياسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وحيد عبدالمجيد
رئيس الجمهورية هو المسئول الأول عن أداء الحكومة التي يختار رئيسها ويحدد اتجاهها بغض النظر عن عدد أعضاء حزبه المستوزرين فيها قلوا أو كثرواrlm;.rlm;
ولا يعفيه من هذه المسئولية القول إنها حكومة تكنوقراط من باب محاولة تجميلها أو وصفها بأنها حكومة موظفين وفقا لخلفيات معظم وزرائها بيروقراطيين كانوا أو أكاديميين.
ويشارك رئيس الجمهورية في هذه المسئولية حزبه وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها. وهذا هو ما ينبغي أن تنتبه إليه الجماعة الكبيرة التي اختارت أن تضع تاريخا طويلا من النضال والتضحيات عمره84 عاما في اختبار شديد الصعوبة قد تظهر نتيجته في أسابيع قليلة.
فإذا لم يرض أداء الحكومة الجديدة تطلعات الناس الذين صبروا طويلا, وخصوصا أولئك الذين يعيشون فيما يطلق عليه ثورة التوقعات, قد تكون هذه النتيجة أكثر إيلاما مقارنة بما ترتب علي ضعف أداء الحكومتين اللتين يقودهما حزبان إسلاميان في تونس والمغرب.
ولذلك يتعين علي قيادة الإخوان وحزب الحرية والعدالة, وليس فقط د. هشام قنديل رئيس الحكومة, متابعة ما يحدث في تونس والمغرب, والإلمام بالأسباب التي تؤدي إلي تنامي الانتقادات ضد حكومة حمادي الجبالي التي يقودها حزب النهضة وحكومة عبد الاله بن كيران التي يتصدرها حزب العدالة والتنمية, وهما حزبان ذوا منابع إخوانية متفاوتة ولكنها مؤثرة بقوة.
غير أنه إذا جاء أداء حكومة قنديل ضعيفا, مثل حكومة الجبالي وبن كيران وبافتراض أنه لن يكون أضعف منهما لأن مشاكل مصر أكثر صعوبة, ربما تكون خسارة جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة أكبر بسبب امتلاكهما السلطة التنفيذية كاملة بشقيها الرئاسي والحكومي بخلاف الحال في تونس والمغرب.
فقد حرص حزب النهضة علي بناء شراكة وطنية بعد حصوله علي أكثر من40 في المائة من مقاعد البرلمان, فأشرك حزبين يغلب علي أحدهما الميل الليبرالي الوطني, ويعبر الثاني عن توجه يساري وسطي في حكومته. كما تولي رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية رئاسة الدولة بينما أصبح رئيس حزب التكتل من أجل العمل والحرية رئيسا للبرلمان. ومع ذلك يتحمل حزب النهضة المسئولية الأولي عن ضعف أداء الحكومة لأنه هو الذي يقودها, فضلا عن أن لرئيسها صلاحيات أكبر من رئيس الجمهورية.
كما شكل حزب العدالة والتنمية الحكومة الحالية في المغرب بمشاركة ثلاثة أحزاب أخري, في الوقت الذي لا يزال للملك سلطات تنفيذية واسعة. وبرغم أن مسئوليته تعتبر أقل علي هذا النحو مقارنة بحزب النهضة, فهو يتعرض لانتقادات واسعة ولم يمض علي تشكيلة الحكومة مائة يوم.
ويعود تعثر حكومتي الجبالي وبن كيران إلي بطء معالجتهما لمأزق اقتصادي يصعب عبوره بسرعة رغم أنه أقل حدة مقارنة بالوضع في مصر. كما تواجه حكومة الجبالي في تونس مشكلة كبيرة تتعلق بالوضع الأمني كما هي الحال في مصر.
فلا يزال الاقتصاد راكدا وأداء الحكومة متعثرا بعد مضي أكثر من مائتي يوم علي تنصيب حكومة الجبالي في تونس. وما برحت الاحتجاجات الاجتماعية والإضرابات العمالية مستمرة بسبب ازدياد معدلات البطالة والتضخم والتهميش الاجتماعي.
ولم تحقق الحكومة تقدما يذكر حتي في أقل المشاكل الاقتصادية صعوبة. وهي تلك المترتبة علي تراجع السياحة وعائداتها برغم الحرص الشديد علي تأكيد أن شيئا لن يتغير في إدارة هذا القطاع سواء علي الشواطئ أو غيرها.
كما لم يشعر سكان المناطق المهمشة بوجود حكومة مختلفة حتي الآن. ولذلك يسود الغضب المناطق التي ظلت خارج نطاق اهتمام الدولة منذ عهد بورقيبة, إلي أن انطلقت الثورة منها. وكانت احتجاجات سكان ولاية سيدي بوزيد منبع الثورة وإضرامهم النار في مقر وبعض مقار حزب النهضة قبل أيام آخر مظاهر هذا الغضب حتي الآن.
وليس في أداء الحكومة حتي الآن, ولا في خططها كما تنعكس في قانون المالية التكميلي والبرنامج الحكومي لعام2012, ما يطمئن سكان المناطق المهمشة وكثيرين غيرهم.
ولا تقل أزمة حكومة بن كيران في المغرب برغم أنها أكملت المائة يوم الأولي للتو. فقد وعدت الشعب بنتائج سريعة وفعالة, ولكنها غرقت في تركة متخمة بمشاكل هائلة من ناحية, وصارت محشورة بين مطرقة المطالب الشعبية التي نجمت عن ثورة التوقعات وسندان المعارضة التي تقف لها بالمرصاد منذ اليوم الأول.
ولمن يريد الاستفادة من الدروس, يبدو ملفا البطالة والأسعار هما المصدر الأول للاستياء الشعبي من أداء حكومتي الجبالي وبن كيران.
غير أنه ما دمنا بصدد التنبيه إلي الدروس, لابد من الإشارة إلي الأثر السلبي لترفع حزبي النهضة والعدالة والتنمية علي النقد الذاتي وعدم استعدادها للاعتراف بأي خطأ وميلها المستمر إلي إلقاء اللوم علي الآخرين رغم أنهما أكثر الحركات الإسلامية تقدما في فكرهما علي الصعيد العربي.
ومع ذلك لم يفدهما في شيء حتي الآن اتهام معارضيهما بافتعال الأزمات وإثارة المشاكل وتدبير المؤامرات.
ولعل هذا هو ما دفع الرئيس المنصف المرزوقي إلي تنبيه شركائه في حزب النهضة إلي ما لا يرونه. فقد حذرهم من ثورة جديدة إذا لم نحقق تطلعات الشعب.
وكان في إمكان المرزوقي أن يري أخطاء الحكومة التي يقودها حزب النهضة لأنه شريك في موقع يتيح له أن يراقب أيضا. ويختلف ذلك عن وضع مرسي لأن الحكومة الجديدة في مصر هي حكومته ومرتبطة بحزبه وجماعته بغض النظر عن عدد وزرائهما, فضلا عن عدم وجود شراكة وطنية بخلاف الحال بالنسبة إلي حكومة النهضة في تونس.