جريدة الجرائد

هل تُشعل إيران الحرب المذهبية؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ


يقول الخبر: (علمت "الجزيرة أونلاين" من مصادر مطلعة أن إيران تخطط لإصدار فتوى جماعية من عدد كبير من المراجع الدينية الشيعية لأجل الخروج بموقف موحد يدعم نظام الأسد في سوريا. وكان عدد من المراجع الشيعية أصدروا في الأيام القليلة الماضية فتاوى تدعو إلى الجهاد في سوريا لحماية الأماكن المقدسة عند الشيعة, داعين إلى حمايتها من السنة, كما دعوا إلى مساندة بشار الأسد في حملته على اعتبار أنها حملة على من سموهم بالنواصب).

مثل هذه الفتاوى إن صدرت ليست غريبة على الشيعة الصفويين ولا على تاريخهم وفقههم؛ فالباحث الاجتماعي العراقي الشهير الدكتور علي الوردي (شيعي المذهب) يقول عن دموية مؤسس المذهب الصفوي: (يكفي أن نذكر هنا أن هذا الرجل (الشاه إسماعيل الصفوي) عمد إلى فرض التشيع على الإيرانيين بالقوة، وجعل شعاره سب الخلفاء الثلاثة. وكان شديد الحماس في ذلك سفاكاً لا يتردد أن يأمر بذبح كل من يخالف أمره أو لا يجاريه. قيل أن عدد قتلاه ناف على ألف ألف نفس) . وهناك فتاوى تمتلئ بها مراجع الشيعة الصفويين تُشجع على قتل السنة أو اغتيالهم إذا سنحت الفرصة؛ أي أن كل ما يحتاجه هؤلاء لفتاواهم هو مجرد النقل من مراجعهم الفقهية، وتاريخ أساطينهم، وسيجدون حتماً ما يُلبي طلبهم بسهولة.

ومهما يكن الأمر فإن طفحت على السطح فتاوى كهذه فإن الذي سيخسر في نهاية المطاف هم الإيرانيون؛ فالشيعة - أولاً - (أقلية) في منطقة تموج بالسنة. إضافة إلى أن إيران نفسها بمثل هذه الفتاوى لن تسلم من انعكاساتها، والتي ستمتد لتصل إلى داخل إيران ولن تبقى خارجها؛ فإذا كان ملالي إيران يعتقدون أنهم يستطيعون من خلال التعصب للمذهب الشيعي اختراق التركيبة السكانية في المنطقة العربية، وتجنيد أتباع المذهب الشيعي لخدمة مشروعهم التوسعي أو المذهبي، فإن السنة أيضاً قادرون في المقابل على عمل الشيء نفسه داخل إيران نفسها، وربما بفاعلية أكبر.

إيران تتكون من 29 محافظة، وعدد سكانها يقرب من الثمانين مليوناً، وحسب تقديرات موقع World Factbook لا تتعدى نسبة الفرس الـ51 في المائة من عدد السكان والبقية أقليات مختلفة الأعراق. وبحسب التقديرات ذاتها فإن هذه الأقليات تتوزع نسبها كالآتي: آذاريون (أتراك) 24 في المائة، وجيلاك ومازندرانيون 8 في المائة، وأكراد 7 في المائة إضافة إلى العرب فـي الـغرب، والـبـلوش فـي الشرق .. أما الطوائف الدينية فأغلبهم مسلمون سنة وشيعة، ويُشكل السنة في إيران من المسلمين 20 % تقريباً وربما أكثر، حيث تتحفظ السلطات الحاكمة على إظهار هذه النسبة بشكل دقيق.

يتوزع السنة على أطراف إيران بعيداً عن المركز الذي تشيّع أثناء الحكم الصفوي. فالأكراد أكثرهم (شافعية) والبلوش (حنفية) والتركمان (حنفية) كما أن بعضاً من قومية (لطوالش) ويسمون كذلك (الديالمة) غرب بحر قزوين هم على المذهب السني، ثم يليهم العرب السنة (خاصة في لنجه)، وبعض الآذاريين (حنفية نقشبندية)؛ أما الفرس الشافعية فكثير منهم في محافظة فارس وبعضهم في طهران نفسها. وفي الآونة الأخيرة، برزت حركات مسلحة بينهم، ومن أشهرها (منظمة جند الله)، التي شنت قبل فترة ليست بعيدة سلسلة من الهجمات المسلحة ضد الحكومة المركزية. وكان آخر العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة التفجير الانتحاري الذي استهدف مسجداً شيعياً في زاهدان، وأسفر عن عدد من القتلى .. وإذا كان الإيرانيون يعتقدون أن هذه الفسيفساء الطائفية والإثنية، لا يمكن اختراقها فهم واهمون؛ ولاسيما وأن الطوائف وكذلك الأقليات الإثنية هناك تعاني من الإقصاء والتضييق والاضطهاد بشتى أنواعه لمصلحة الفرس، ما يجعل الرد باستخدام أهل السنة السلاح نفسه فرصة ممكنة ومتيسرة، بل وسهلة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أيضاً الأوضاع الاقتصادية المزرية التي يُعاني منها الإيرانيون بمختلف طوائفهم وإثنياتهم، إضافة - طبعاً - إلى العزلة السياسية العالمية والحصار الاقتصادي التي تعاني منها إيران في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يجعل الداخل الإيراني في النتيجة النهائية جاهزاً للاشتعال إذا ما تم اللعب بالورقة المذهبية أو الطائفية في النزاعات الإقليمية في هذا الجزء المحتقن والمأزوم من العالم.

كل ما أريد أن أقوله إن المنطقة بتشكلاتها المذهبية والطائفية والإثنية هي بمثابة برميل البارود، إذا تم تفجيره فإن إيران نفسها ستكون من أكبر ضحايا هذا التفجير كما تقول كل المؤشرات؛ والسؤال: هل يعي ملالي إيران ذلك؟

إلى اللقاء

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
هل يشعل الشيخ الحرب 1
علي الأعرجي -

يغلب على الظن أن من يريد إشعال الحرب المذهبية في المنطقة هو الشيخ و و أمثاله من الكتاب من خلال الشحن الطائفي و تأجيج العداوات بين أبناء الدين الواحد, مستغلاً بذلك الأحداث الجارية في المنطقة في سوريا و غيرها. إن كان اسماعيل الصفوي - و هو من الترك و ليس من الفرس - قد فرض التشيع على أهل فارس بالحديد و النار, فإن وزره على مجرم سبقه سن هذه السنة السيئة قبله في مصر. هل عرفته يا شيخ؟ نعم, إنه المجرم خراب الدين الأيوبي الذي فعل ما فعل بأهل مصر الشيعة و قتل منهم ما قتل حتى حولهم نحو التسنن بقوة السيف. فهل نلوم إسماعيل الصفوي على ما فعل أم نقول أنه قد تعلم ذلك من مجرم سبقه إلى الإجرام بمئات السنين حتى صارت سنة و لا حول و لا قوة إلا بالله؟

هل يشعل الشيخ الحرب 2
علي الأعرجي -

تمنيت على الشيخ لو أنه أعطى مثالاً لأحد هؤلاء الشيعة الصفويين الذين افتوا بقتل أهل السنة لو سنحت الفرصة كي يساعد الشيعة البسطاء من أمثالي على تشخيصهم و فضحهم في كل المحافل و بذلك تقدم لنا خمة نحن الشيعة المساكين. و لكن, ألم يكن من الأمانة العلمية و شرف الكتابة و الدفاع عن الحقيقة أن تشير إلى موقف السيد السيستاني الذي دعا إلى حماية أهل السنة من عمليات الإنتقام بعد أن أوغلت القاعدة و عناصر حزب البعث من السنة تحديداً و حاضنتهما في المناطق السنية من في دماء الشيعة بعد عام 2003؟ هل تنكر يا شيخ أن هناك من العشائر الشيعية من لامت السيستاني لأنه لم يفت لها بالرد بأنفسهم على الجرائم التي كانت ترتكب في اللطيفية و غيرها من المناطق المؤدية إلى كربلاء و ترك أم التعامل لهم للدولة و الجهات الرسمية حتى ظهر ما يدعى بجيش المهدي الذي أعاد بعض توازن الرعب في الشارع العراقي بعد أن شحنه علماء السعودية و الخليج و الدول العربية بعد زوال نظام صدام المجرم؟ أنت قلت أن هناك فتاوى تبيح قتل أهل السنة, لا لشيء إلا لأنهم سنة, و هذا يفهم من كلامك. فعليك ألآن أن تستعرض هذه الفتاوى و من أطلقها و إلا لعنة الله على الكاذبين. بالمناسبة, ارجو الإبتعاد عن فتاوى الحقبة العدائية بين الدولتين الصفوية و العثمانية لأن تلك الفترة حبلى بالخرافات و الجرائم و الفتاوى السلطانية التي نرفضها نحن الشيعة المعتدلون كما يرفضها السنة المعتدلون الذين نشترك معهم في هم محاربة أمثالك من وعاظ السلاطين و كتابهم

التكفير ضد التفكير
متساءل -

أعتقد إن من يشعل ويوقد في الحرب الطائفية هي الوهابية بتوجهاتها المتزمتة والتكفيرية وما فرخ عنها من فرق وحركات تستخدم تكفير الآخر مبررا لتصفيته وقتله. وعند توحد النفط والسياسة ومصالح الأسر الحاكمة أصبح عداء إيران مشروعا لإبدال الإسلام والعروبة بالطائفية التي لا تغضب أحدا كما يفعل الإسلام أو العروبة ولا يترتب عنها إلتزامات إستراتيجية كما يفعلان أيضا. . فمن تحليلات المقال وقلة الشيعة وسط البحر السني كما ذكر ليس من مصلحة إيران إيقاد الحرب الطائفية وذلك هو عكس التوجهات المتزمتة في البحر السني التي تجد فائدة لها من أجل ذلك خصوصا وإنها متخلفة فكريا وحكما في التاريخ والسياسة والثقافة ولا تجد غير سخافة الطائفية سلاحا تتستر به.