مرسي و«أخونة» الدولة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
غسان سليمان العتيبي
مقالات سابقةغسانيات الأخلاق الرجل الذي يواجه الصعاب .. وماذا بعد "الإخوان"؟ الدنيا حظ أم شطارة؟ جاءنا... ضيف خفيف الظل مزيد من المقالات من يقرأ التاريخ يعلم أن الأقوى هو كاتب التاريخ، الذي يطوّعه لمصلحته، فحتى السِّير والتواريخ تجد أن الأقوى في زمانه كان يضمِّنها أموراً ما أنزل الله بها من سلطان، ليعزز بها موقفه ويعلو بها فوق الجميع.. هذا كان يحدث في مختلف الحقب بالنسبة لنا.. فما بالنا بتلك الحقبة السوداء، التي اندثرت فيها الأخلاق وضاع الحق وعلا فيها الباطل؟
في قاهرة المعز، مصر المحروسة، الأقوى في تلك الحقبة هم "الإخوان المسلمين"، ولما يتم وضع الدستور في عهدهم، فبكل تأكيد سيشكَّل لمصلحة "الإخوان" وسيكون خادماً لأهدافهم، ولا تصدق أبداً ما يذاع من عهود ومواثيق بمراعاة حقوق المرأة والطفل وأهل الذمة وغير المسلمين بصفة عامة.. ولو أراد الإخوان بالفعل تأسيس دستور يخدم مصر بجميع طوائفها لأسندوه إلى خبراء دوليين، ليشكّلوه، وابتعدوا عن القيل والقال.. فغير المصري سيكون حيادياً، إذ ليست له مصلحة أن يصبّ الدستور في مصلحة هذا أو ذاك.
عدة أمور تجعل الخوف يدبّ في نفوس المصريين.. تلك المخاوف سببها استحواذ "الإخوان" على النسبة الكبرى في مجلس الشعب، وإمساكهم بزمام وزارتي المستقبل "التربية والتعليم، والشباب" وهما أهم وزارتين في الدولة، هاتان الوزارتان كفيلتان بأخونة مصر جميعها خلال عقد واحد من الزمان.. فوزارة التعليم ستصاغ مناهجها على أسس إسلامية ممنهجة.. ووزارة الشباب ستحذو حذوها وتسير على نهجها، حيث ستجد مرتادي النوادي ومراكز الشباب من المنقبات والشيوخ، وسيمنع دخول من لا ترتدي النقاب.
كذلك استحواذ "الإخوان" وحزب النور السلفي على النسبة العظمى في مجلس الشعب، وإمساكهم بزمام محافظات الدولة وتشكيل المجلس الأعلى للصحافة ومجلس حقوق المرأة، كل هذه أشياء تثير القلق، وتدعونا إلى الشك والريبة.
لا نعلم حقيقة هل الرئيس مرسي يسعى إلى الإصلاح دون تمييز.. أم أنه يسعى إلى أخونة الدولة بمرونة، وعلى طريقة "يتمسكن حتى يتمكّن".. فمن سمع مديحه وتمجيده للقوات المسلحة وأقواله في المشير طنطاوي لم يكن يظن أبداً أنه سيقتلعه من جذوره.. لكنها السياسة أيتها الغالية.. وفي السياسة كل شيء مباح.. وما نرجوه أن تعود العزيزة مصر إلى أمنها واستقرارها.. حتى يتسنى لنا أن نشمّ ريحها ونسبح في نيلها.. ونصعد إلى قمم أهرامها.