خطوة في المجهول "التطبيع" المصري - الإيراني؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سركيس نعوم
مصر "الاخوانية وجدت تفهّماً من اميركا ورئيسها باراك اوباما منذ نشوئها. ذلك انها لمست منذ بداية "الربيع العربي" ان المنطقة بمسلميها العرب وغير العرب صارت اسلاموية. طبعاً لم تشعر اميركا بالارتياح الى هذا الواقع. لكنها كدولة عظمى وبراغماتية عرفت انها لا تستطيع تجاهله اذا كانت تريد الاستمرار في ممارسة دورها الاقليمي النابع دائماً من مصالحها. ولذلك قررت التعامل مع القوى الاسلاموية المعتدلة، والابتعاد عن المتطرفة ولكن مع كثير من الحذر والتحفّظ والمراقبة بغية تلافي المفاجآت غير السارة. ولم تكن هناك الا جهة واحدة اسلاموية "معتدلة" في مصر هي "الاخوان المسلمون". فضلاً عن انها الوحيدة التي لها رصيد تنظيمي عريق، وخبرة واسعة في الدعوة الدينية وفي العمل الاجتماعي، وفي النشاط السياسي، وفي مواجهة الاستبداد حيناً، وفي التعامل معه حيناً آخر درءاً لأخطاره. أما القوى الاسلاموية الاخرى فكانت قليلة وذات خبرة ضعيفة، فضلاً عن ان التي منها أثبتت وجودها الشعبي في الانتخابات التشريعية الأخيرة في مصر فان المصريين والاميركيين يعرفون طريقة تأسيسها ومصادر دعمها والدور الذي لعبته سابقاً لمواجهة "الاخوان" الذي قد تلعبه اليوم للغاية نفسها. طبعاً لم تختر أميركا التعاون مع "الاخوان" الا بعدما تحاورت معهم سواء قبل ثورة مصر وبعد انتصارها، و"اطمأنت" الى حرصهم على عدم الاختلاف معها والتناقض مع أولوياتها، والى ادراكهم ان مصلحة شعبهم وفيه نسبة كبيرة فقيرة واقتصاد بلادهم تقتضي سلاماً داخلياً واستمراراً "لسلامهم الاقليمي"، ومتابعة محاربة الارهاب.
الا ان ما حصل في مصر "احتجاجاً" على الفيلم الاميركي المسيء للرسول العربي الأكرم "نقّز" اميركا التي اعتبرته اكثر خطورة من الشيء المماثل الذي شهدته ليبيا قبل ذلك رغم دمويته. فليبيا في النهاية دولة صغيرة ومفككة وغير ذات تأثير على المنطقة والعالم، ويمكن احتواء ما جرى فيها. أما مصر فهي كبرى الدول العربية وقائدتها قبل "كامب ديفيد" ومرشحة لأن تعود كذلك بعد الثورة. ولذلك فإن التساهل حيال ما شهدتها لا يجوز اميركياً. وهذا ما يفعله اوباما رغم انشغاله بانتخاباته الرئاسية. طبعاً، ليس هذا الموضوع الوحيد الذي يقلقه. فالرئيس محمد مرسي قام بخطوات مهمة ولكن مثيرة لتساؤلات واشنطن. منها زيارة الصين، ومنها زيارة ايران، ومنها المشاركة في قمة دول عدم الانحياز التي استضافتها. والقول مثيرة للقلق قد يكون اكثر دقة لأن اميركا في مواجهة حادة مع ايران قد تتحول عسكرية السنة المقبلة، الا اذا فاجأت اسرائيل العالم بجرها اليها قبل انتخاباتها الرئاسية. ولأن ايران تبذل ما في استطاعتها لتطبيع علاقاتها المقطوعة مع مصر منذ زيارة رئيسها الراحل انور السادات القدس أواخر سبعينات القرن الماضي. ولأن غرضها من ذلك هو ابعاد السعودية عن قيادة العالم العربي بأموالها وموقعها الديني أو اضعاف المحور العربي المعادي لها الذي تقوده المملكة نيابة عن اميركا. ومن شأن ذلك تكوين محور عربي - اسلامي غير معاد لايران ومُعادٍ لاسرائيل رغم سلامها مع مصر وربما لاميركا.
هل يعيد الرئيس مرسي العلاقات الديبلوماسية مع ايران الاسلامية؟
لا أحد يعرف بعد. ربما يفعل ذلك وخصوصاً اذا لمس تخلي إيران عن "الهيمنة" على المنطقة قومياً ومذهبياً واقتصادياً، وعن دعمها بقاء نظام الاسد ومساعدته في تدمير سوريا وقتل الآلاف من غالبية شعبها الثائرة ضده. لكن عليه قبل هذه الخطوة ان يحسب حسابات كثيرة. منها ان ايران لن تطعم فقراء شعبه (30 أو 40 في المئة) الذي يعيش كل واحد منهم بدولارين يومياً وفقاً للاحصاءات. ومنها ان ايران لن تعيد السياحة الى مصر. ومنها ان ايران لن توقف الارهاب في مصر. ومنها ان ايران لن تحل المشكلة الطائفية داخلها، ولا الخلاف الذي قد يستحكم بين الاسلامويين المعتدلين والسلفيين جراء الاتجاه نحو ايران. ومنها ان اميركا ستعيد تصنيف مصر بالنسبة اليها. فاذا كانت اليوم وكما صنَّفها اوباما ليست حليفاً ولا عدواً، وهذا في ذاته خطير ومقلق، فانها قد تصبح مستقبلاً عدواً. فهل تستطيع تحمّل العداوة؟
في أي حال، بالنسبة الى العرب من حلفاء اميركا فإن مساعدتهم لأوباما في هذه المرحلة الصعبة معروفة وهي تقديم المال والسلاح والدعم السياسي والضغط على العالم لاسقاط نظام الأسد والاشتراك في محاربة الارهاب. لكنهم لا يستطيعون القيام بأكثر من ذلك. لأنهم هم في حاجة الى مساعدة منه ومن اميركا عموماً بل الى حماية. وهذا أحد مآزق التحالف بين اميركا والعرب.
التعليقات
why not
Ali -اعتقد ان التطبيع مع ايران في اسوأ الاحوال لن يكون اسوأ من التطبيع من اسرائيل التي ما فتئت تتعدى على حقوق البشر بغض النظر عن انتماءهم العقائدي كالكلب المسعور .
why not
Ali -اعتقد ان التطبيع مع ايران في اسوأ الاحوال لن يكون اسوأ من التطبيع من اسرائيل التي ما فتئت تتعدى على حقوق البشر بغض النظر عن انتماءهم العقائدي كالكلب المسعور .