جريدة الجرائد

سندان الخليج.. ومطرقته

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

طلال عبدالكريم العرب


وكأنه لم يكفنا ما جنيناه على مر السنين من النظام الإيراني وخلاياه وأحزابه التي عبثت دمارا وتخريبا في بلادنا، وحتى بين أبناء الوطن الواحد، حتى يبدأ مرشد الإخوان هو الآخر بتحريك جماعاته وعملائه الذين عاشوا آمنين منعمين بيننا لسنوات طويلة، لينقلبوا على من حضنهم ورعاهم.

إعلان دولة الإمارات عن القبض على عملاء لحزب الإخوان لم يكن مفاجئا، فقد كنا نسمع منذ مدة عن تحركات لهم داخلها، ومحاولاتهم المستميتة لتجنيد عملاء بين ظهرانينا، ولكن المفاجئ ان يقوم إخوان الكويت تحديدا بالاصطفاف مع من أيّد صدام في غزوه للكويت ضد شقيقتنا الإمارات التي ساندتنا، فقاموا، ومن دون خجل، بترويج تحليل أميركي سخيف، يدّعي أن سبب الإعلان عن اصطياد الشبكة، انما هو لعرقلة تطوير مصر لموانئها، التي كما قالوا ستنافس موانئ الخليج، وهذا قول فيه كثير من السخف واللغو، ومحاولة لايجاد تخريجة تبرئهم من فعلتهم في الإمارات، فمن من العرب لا يريد الخير لمصر ولشعبها؟ ومن منا لا يفرح لاكتفائها بمواردها وصناعاتها؟ ففقر مصر ذل لها ولنا، أما غناها فهو رفعة وقوة لها ولنا.

ومادام الإخوان يستشهدون بمصادر وتقارير أميركية، فسنستشهد نحن ايضا بتقارير تتحدث عن تمويل اميركي للإخوان بلغ عشرة مليارات جنيه، مما مكنهم من اختطاف ثورة شباب مصر، وأن هناك قضية سترفع ضدهم في مصر بهذا الخصوص، كما أن هناك تقارير موثقة عن زيارات قامت بها قيادات إخوانية، قبل الانتخابات، الى اميركا وإيران، مما اثار كثيرا من الشكوك حول تناقض مبادئهم المعلنة مع اتصالاتهم الخفية، وهناك تصريح لقائد ميليشيا الباسيج الإيرانية، يؤكد فيه ان ايران تدعم بالسلاح من وصفهم بجيوش الحرية في منطقتنا، والمقصود هنا حركة حماس الإخوانية، والجهاد الإسلامي، وحزب الله الايراني، وغيرها، وهو امر كان معروفا، لكن لم تعترف به طهران الا أخيرا، كما شاهدنا مقاطع فيديو لقيادات إخوانية يظهرون فيها تحالفا صريحا وواضحا مع قادة ايران، اما آخر بلاويهم فهو ما كشفه ضباط أمن مصريون شرفاء عن اجتماع أمني بين إخوان ومخابرات ايرانية للاستفادة من خبرتهم العسكرية من أجل السيطرة على الأجهزة الأمنية المصرية.

أما علاقات الإخوان بأميركا فهي معروفة وقديمة، أكدها آيان جونسون الكاتب الصحافي الشهير في "وول ستريت جورنال" والحائز على جائزة بوليتزر، فقد تحدث عن العلاقة التاريخية بين الإخوان والمخابرات الاميركية، واعترف بأن الإدارات الأميركية، بما فيها إدارة الرئيس أوباما، ترى أنه يمكن للغرب التعامل معها، حتى ولو أنكروا ذلك، وبين أن التحالف بين الإخوان والمخابرات الاميركية بدأ منذ الخمسينات، ووصفه بالتحالف السري، ونقل الكاتب عن أحد كتب إيزنهاور تفاصيل اجتماع حضره سعيد رمضان، مندوب الإخوان المسلمين وصهر حسن البنا، وكشف عن دعم الـ"سي.آي.ايه" للإخوان، وكانت تطلق عليه وبكل بساطة لقب عميل أميركا، فقد ساعدته في استيلائه على مسجد ميونخ، ليجعل منه اهم مراكز الاخوان المسلمين في اوروبا، كما ذكر ان حكومات اميركا وألمانيا الغربية كانتا تتنافسان للسيطرة عليه، لجعله قاعدة لمحاربة جمال عبدالناصر، كما كشف تفاصيل كثيرة عن استغلال المخابرات الاميركية للاخوان المسلمين في حربهم ضد عبدالناصر، ودور المخابرات البريطانية في مساعدة سعيد رمضان لترتيب انقلاب ضد عبدالناصر سنة 1965، والتي انتهت بالقبض على اغلب عناصرها، فيما عرف بقضية تنظيم الاخوان، والتي كان يرأسها سيد قطب.

نقول لمن خدع بالشعارات الدينية، ان الاخوان لن يتخلوا عن السلطة التي قدمت لهم على طبق من ذهب، وسيسيرون على خطى النظام الايراني نفسه، وسيأتي يوم على مصر تصبح الكلمة الاولى والاخيرة فيها للمرشد الاعلى، كما هي الحال في ايران للولي الفقيه، وسيكون الرئيس المصري المنتخب صوريا مجرد واجهة، وستكون مصر نسخة سنية للنظام الإيراني، وسيجد المصريون انفسهم مهمشين، اي اسوأ مما كانوا عليه قبل ثورتهم على النظام السابق، وسيكتشفون ان كل الخطابات المعادية لأميركا واسرائيل ما هي الا شعارات.

اخواننا الاعزاء، انتم بالنسبة إلى حركة الاخوان العالمية لستم الا برميل نفط ومطية للوصول إليه، وصدقا، ستلفظون بعد ان تنتهي صلاحيتكم، فهذه هي سنن الانقلابات واخلاقياتها، اما مجلس التعاون فسيقع بين مطرقة الفقيه وسندان المرشد، لا مخلص له إلا الغرب، وهو وضع خطط له لينفذ بصبر واناة، اما الغرب فتعامله سيكون اسهل مع قطبين دينيين، فهذان القطبان هما من يقرران مصائر شعوب المنطقة العربية تحديدا، وإلا لما تجشما عناء انجاح انقلابيهما.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف