بعد انتفاضة الأنبار: العراق إلى أين؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يوسف عبدا لله مكي
ينبغي أن تطغى شعارات الانتفاضة على ما يعزز الوحدة الوطنية والقواسم المشتركة بين العراقيين، وألا تخضع لقانون رد الفعل، فتستخدم ذات اللغة التي تستخدمها الميليشيات الطائفية
لم تكن الانتفاضة الأخيرة في العراق، مفاجأة للذين تابعوا مسيرة الحراك السياسي في أرض السواد، منذ وطأت سنابك خيول الاحتلال الأميركي بلاد ما بين النهرين. فبعد أقل من أربع وعشرين ساعة، على سقوط عاصمة العباسيين، بغداد انطلقت المقاومة العراقية الباسلة، ضد المحتل والقوى التي تسللت للبلاد على ظهور دباباته. وسجلت أسرع نمو، في تاريخ حركات التحرر الوطني، فارضة على الجيش الأميركي، التراجع عن المدن الرئيسية، والانكفاء بالقواعد العسكرية، التي أسسها في عموم العراق.
وعلى عكس ما وعدت به الإدارة الأميركية، بعراق جديد، مستند على الديموقراطية والتعددية، والندية والتكافؤ واحترام مختلف مكونات النسيج العراقي، دشن المحتلون، بالتحالف مع الميليشيات الطائفية، وبالتنسيق مع الجمهورية الإسلامية في إيران، عملية سياسية، استندت على القسمة بين الطوائف، وتفتيت النسيج العراقي، الذي تميز بالخصب وبالتنوع، إلى مكونات متناحرة ومتنافرة، همشت جزءا رئيسيا من المكون التاريخي لحضارة ما بين النهرين.
المظاهرات التي اندلعت الأسابيع الأخيرة، في عدد من المدن العراقية، هي تعبير حقيقي عن حالة الغضب والاحتقان التي سادت عددا كبيرا من مدن العراق. لقد شملت الانتفاضة مدنا رئيسية، كالفلوجة والرمادي وتكريت وسامراء والموصل وكركوك. ورغم أن السبب المباشر لاندلاع هذه الانتفاضة، هو إقدام وزارة الداخلية، في حكومة نوري المالكي، على اعتقال أفراد حماية وزير المالية، رافع العيساوي، وتوجيه تهم ارتكاب جرائم إرهاب بحقهم، فإن ما طرح في الانتفاضة من شعارات ومطالب، عبر عن عمق الأزمة التي يمر بها المجتمع العراقي في هذه اللحظة المفصلية من تاريخه.
لقد رأى المتظاهرون في حادثة الاعتقال، تصفية لحسابات سياسية، بين مختلف الغرماء من المشاركين بالعملية السياسية. وذلك، أمر بديهي حدوثه، في بلد شيد المحتل بنيانه السياسي على أسس المحاصصة والقسمة بين الطوائف الدينية والأقليات القومية. وهكذا انطلقت التظاهرات، في بداياتها، من الفلوجة، المدينة التي عرفت بمقاومتها الطويلة والقاسية للاحتلال. وتركزت الشعارات على اتهام المالكي، بالطائفية والفساد، وخوض معركة ثأرية من الخصوم، وإلصاق تهم الإرهاب بحقهم، وتوجيه الصراع نحو الطيف المذهبي السني، واستخدام قضاء فاسد، لمساندة رئيس الحكومة، في مواجهة خصومه.
اعتقال أفراد حماية العيساوي، هو القشة التي قصمت ظهر الجمل. فبعد ما يقرب من عشر سنوات على الاحتلال، ومرور عام على انسحاب الجيش الأميركي، لا يزال العراق مثقلا بالكثير من الأزمات، على كل الأصعدة، آخرها أزمة المناطق المتنازع عليها بين السلطة المركزية وحكومة كردستان شمالي العراق. إن حالة الاحتقان التي يعاني منها العراقيون، بسبب تفاقم الأزمات، هي التي تفسر عنف الانتفاضة، التي وصفت بالثورة، وتفسر أيضا تطور مطالب المتظاهرين، من إطلاق سراح النساء المعتقلات، ومحاسبة الضباط الذين انتهكوا أعراض السجينات ومارسوا الاغتصاب، إلى المطالبة بإطلاق سراح السجناء من الرجال الذين يتجاوز تعدادهم السبعمئة ألف معتقل، يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والمهانة. وخلال أيام قليلة، ارتفع سقف المطالب ليشمل المطالبة بمحاكمة رأس السلطة، الذي تغاضى عن انتهاك الحريات، بما أدى إلى ارتكاب ما وصف بجرائم إبادة.
طالب المتظاهرون أيضا، بمحاسبة اللصوص وسارقي المال العام، لتشمل عددا كبيرا من المسؤولين في الحكومات التي تعاقبت على السلطة منذ عام 2003 وحتى تاريخه. لقد اتهم هؤلاء بتبديد الثروة في أوجه صرف وهمية، في الوقت الذي يعاني منه المواطن من الفاقة والجوع، وفقدان أبسط مستلزمات العيش الكريم. تسببت الأوضاع البائسة، في ارتفاع وتيرة الاستياء، لدى عموم العراقيين. فالبنية التحتية، التي دمرها القصف الهمجي، بقيت دون إصلاح، حتى هذا التاريخ. فلا كهرباء ولا أجهزة صرف صحي، ولا اهتمام بالصحة أو بشبكة الطرق والمواصلات. لقد أدى السطو على مقدرات العراق، إلى تحوله لمصاف أفقر الدول. ولذلك تمثل الانتفاضة الحالية، بداية ثورة حقيقية على الظلم والفساد، والطائفية وسياسات الإقصاء.
لا شك في أن ما يحدث الآن في العراق، هو تحول رئيسي في مسار مناهضة الفساد والظلم والاستبداد. إنه انتفاضة مشروعة تطالب بتحقيق المساواة، وأن يستقيم ميزان العدل. لكن اقتصارها على المناطق التي يشكل الطيف السني غالبية سكانها، بالمناطق المتعارف عليها منذ الاحتلال، بالمثلث السني، يسم الانتفاضة بالطائفية، ولا يجعلها معبرة عن إرادة غالبية العراقيين.
ينبغي أن تطغى شعارات الانتفاضة على ما يعزز من الوحدة الوطنية، والقواسم المشتركة بين العراقيين، وألا تخضع لقانون رد الفعل، فتستخدم ذات اللغة، التي تستخدمها الميليشيات الطائفية. العراق الذي يتطلع له الغيارى والمؤمنون بوحدته، ينبغي أن يكون الخيمة التي يستظل بفيئها جميع مواطنيه، بغض النظر عن مذاهبهم ودياناتهم وأعراقهم. والمطلوب ليس التركيز على الحقوق الطائفية، بل تعميم مفهوم المواطنة، والندية والتكافؤ والمساواة في الحقوق بين جميع العراقيين. وكذلك الحفاظ على عروبة العراق كيانا وهوية. إن اقتصار التظاهرات على المناطق التي يحضر فيها الطيف السني بكثافة، وعدم امتدادها لوسط وجنوب العراق، من شأنه ترسيخ المشكلة الطائفية، التي عمقها الاحتلال، والميليشيات الطائفية، وكان من نتائجها المباشرة تفتيت العراق، وإعادة تشكيله، بتغليب الهويات الجزئية.
ما يعزز من خشيتنا هذه هو خروج مظاهرات، في هذا الأسبوع، بمدينة بغداد ومحافظتي النجف وكربلاء، مؤيدة لرئيس الحكومة نوري المالكي، ومنددة بالانتفاضة الشعبية التي تطالب بالإصلاح والتصدي للفساد ونهب المال العام. إن ذلك يعني انقسام المجتمع العراقي، في موقفه السياسي، وهو انقسام لا تمليه المصلحة الوطنية، بل هو النتيجة المنطقية للاصطفاف الطائفي، بما يهدد العراق ومستقبل وحدته. ولن نأتي بجديد، حين نذكر بأن الصراعات الطائفية هي في محصلتها، اتساق مع المشاريع الصهيونية والغربية، التي جرى الإفصاح عنها منذ عدة عقود، والهادفة لتحقيق سايكس
- بيكو جديدة، وشرق أوسط كبير - جديد، ينبثق من رحم الفوضى الخلاقة، بحسب تعبير رامسفيلد وكونداليزا رايس، وإذا ما تواصلت حالة الصراع الطائفي، فإن نتيجتها الطبيعية، هي تفتيت العراق لثلاث دول. دولة كردستان في شمال العراق، وقد أصبحت أمرا واقعا، ودولة شيعية في الجنوب، وأخرى سنية فيما صار معروفا بالمثلث السني، لتضيف إلى تجزئة الأمة، تجزئة جديدة تشمل الكيانات الوطنية العربية، في كل مكان في متتاليات يبدو ألا نهاية لها.
التعليقات
نمط من الكتاب
علي الاعرجي -ما لا افهمه حقاً هو فقدان أحد الأمرين لدى نمط معين من الكتاب و من ضمنهم كاتب المقال و ليتقبل مني هذه الملاحظات بصدر رحب. الأمر الأول الذي لا أملك إلا الإعتقاد به هو فقدان الحياء لدى هؤلاء الكتاب حينما يتعلق الأمر بالكتابة حول العراق و أوضاعه السياسية و تحليل الأحداث الداخلية و إستعراض تاريخه . فالكتابة في إحدى وجوهها أمانة ينبغي على الكاتب أن يصونها بتحليل يبتعد عن التزييف و التدليس و التفكير الرغبي wishful thinking مما يؤدي إلى فقدان الإحترام لدى القراء المطلعين على الواقع بشكل يومي و القريبين من الأحداث. و لكن إن إفترضنا أن المسالة هي ليست فقدان الحياء أو تعمد الكذب هو ما يدفع الكاتب إلى ما نعتقده محاولات رسم واقع مزيف بل أن الأمر لا يعدو فقراً تحليليلاً و ضعفاً لدى هذه العينة من الكتاب في معالجة المعلومات الكثيرة التي تقع تحت أيديهم يوميا. هذا القصور إن كان هو السبب وراء هكذا كتابات سيؤدي بالضرورة إلى ترسيخ صورة العربي المسلم المفتقد للتفكير النقدي و الجرأة على طرح اسئلة قد تكون مؤلمة من جهة الإنتماء لكنها مفيدة من جهة الحقيقة التي نتمنى أن تقترب من الموضوعية إلى حد كبير. فأي المشكلتين تعاني يا كاتبنا؟ أم تراك تعاني من مشكلة العقل الإنتقائي الذي ينزع بدون وعي إلى معالجة المعلومات و تحليل الأحداث و تصوير المشكلة بما يتوافق مع الإيمان المترسخ في اللاوعي؟ ربما يكون الأمر ليس أكثر من سعي الكاتب إلى كسب رزقه كأي إنسان آخر و الصحيفة في نهاية الأمر تخضع لأجندات سياسية يمليها صاحبها و الجهات الرسمية في ذلك البلد و التوجه السياسي للحكام, و بما أن السعودية كدولة و مجتمع تقع على الطرف الآخر من جسر حرية الصحافة و الراي الحر - و أرجو أنني لا أقع هنا في إحدى المشاكل التي ذكرتها أعلاه - فيمكن فهم المغزى من مقالة الكاتب و شيطنته الجزء الأكبر مكوناتياً من الشعب العراقي - أي الشيعة - بصورة غير مباشرة كما جاء في مقالته اعلاه. هذا لا يمنع من أن أحيي الكاتب على دعوته العراقيين إلى نبذ الشعارات الطائفية التي تزيد من إنقسام المجتمع العراقي و تزيد من كارثية الوضع الذي نمر به. بالمناسبة يا سيدي الكاتب, هل إطلعت على ما صرحت به النائبة وحدة الجميلي بحق وزير المالية رافع العيساوي البارحة؟
هوية الكاتب ؟
safin -كاتب هذا المقال بعثي بامتياز
ارفعوا ايديكم عي العراق
الف ميم -الطائفية معشعشة في رؤوسكم انتم وليس العراقيين والعامل الرئيسي في ازمات العراق انتم وليست السلكة في العراق وانتم من جئتم بامريكا للعراق لتجعلها شذر مذر بينما اعلامكم لم ينفك يعمل دائما لتلم اللحمة الوطنية في العراق ويكرس الطائفية في العراق كفوا ابواقكم وتدخلاتكم عن العراق فسيكون العراق بالف خير متى تفهمون ان العراق ليس الرمادي والفلوجة فقط وانما شعب كبير و بلد كبير مترامي الاطراف لماذا انتم دائما لاتنسون معادلة الحكم العائلي او استئثار مدينة حتى لو كانت بحجم العوجة التي لاتكاد ترى على الخارطة بحكم عموم العراق خبرونا في اي عصر من العصور الحجرية لازلتم تعيشون ومتى تكفون عنا شركم
هوية الكاتب ؟
safin -كاتب هذا المقال بعثي بامتياز
هوية الانتفاضة
علي البصري -نعم صحيح ان لاتكون شعارات الانتفاضة طائفية مناطقية وان تطلب اشياء للعراقين جمعيا حتى تكون لها مصداقية ،لكن الانباء نقلت غير ذلك فهاهو العيداني يقول ان الشيعة خنازير ثم ان الفيلد مارشال عزت الدوري ادلى بدلوه وتبنى الانتفاضة ووعد بحماية المنتفضين مما اثار الشيعة وذكرهم بالعهد الماساوي ل40 سنة خلت ،اعتقد ان هذه الحركة العفوية يراد توجيهها الى اهداف غير الاهداف المطلوبة ومنها زيادة شق الصف وتاجيج الطائفيات وتقسيم العراق وقد عبر الخليجيون عن دعمهم للجهات التي تريد تقسيم العراق لانتاج عراق ضعيف لايخشون منه وقد نشرت هذه المقالات علنا في موقع ايلاف والسلطة تريد الاستفادة ايضا من تاجيج الصراع الطائفي للكسب الانتخابي وقد تحصل على ماتريد اذن الدعم المالي الخليجي معروف الاهداف فلا يرتجى من هذه الانتفاضة اذا صح التعبير اي نتيجة والحكومة غير مكترثة كثيرا للامر وتقول في نفسها اذا اراد السنة الانفصال فاننا لانذرف الدموع عليهم على الاخوة السنة ضبط مناطقهم وتنظيفها من القاعدة والارهابيين وطرح امور معقولة تصب في الوحدة الوطنية وتدعو الى عراق ديمقراطي علماني متوازن طائفيا وترك كل المختلفات والماضي الاليم وفتح صفحة جديدة بافق معقول وعقلاني وتكزن قيادة سنية معتدلة فاعلة والغاء التشرذم والطائفيات.
هوية الانتفاضة
علي البصري -نعم صحيح ان لاتكون شعارات الانتفاضة طائفية مناطقية وان تطلب اشياء للعراقين جمعيا حتى تكون لها مصداقية ،لكن الانباء نقلت غير ذلك فهاهو العيداني يقول ان الشيعة خنازير ثم ان الفيلد مارشال عزت الدوري ادلى بدلوه وتبنى الانتفاضة ووعد بحماية المنتفضين مما اثار الشيعة وذكرهم بالعهد الماساوي ل40 سنة خلت ،اعتقد ان هذه الحركة العفوية يراد توجيهها الى اهداف غير الاهداف المطلوبة ومنها زيادة شق الصف وتاجيج الطائفيات وتقسيم العراق وقد عبر الخليجيون عن دعمهم للجهات التي تريد تقسيم العراق لانتاج عراق ضعيف لايخشون منه وقد نشرت هذه المقالات علنا في موقع ايلاف والسلطة تريد الاستفادة ايضا من تاجيج الصراع الطائفي للكسب الانتخابي وقد تحصل على ماتريد اذن الدعم المالي الخليجي معروف الاهداف فلا يرتجى من هذه الانتفاضة اذا صح التعبير اي نتيجة والحكومة غير مكترثة كثيرا للامر وتقول في نفسها اذا اراد السنة الانفصال فاننا لانذرف الدموع عليهم على الاخوة السنة ضبط مناطقهم وتنظيفها من القاعدة والارهابيين وطرح امور معقولة تصب في الوحدة الوطنية وتدعو الى عراق ديمقراطي علماني متوازن طائفيا وترك كل المختلفات والماضي الاليم وفتح صفحة جديدة بافق معقول وعقلاني وتكزن قيادة سنية معتدلة فاعلة والغاء التشرذم والطائفيات.