«الأعور» يعرض التفاوض لوقف الحرب في مالي ومبادلة أميركيين بالشيخ عبد الرحمن وصديقي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن - إلياس نصرالله
في وقت لا يزال الغموض يلف حصيلة العملية التي شنتها القوات الجزائرية لتحرير الرهائن الذين تحتجزهم مجموعة اسلامية مسلحة في مصنع للغاز في ان اميناس في ولاية ايليزي (1600 كلم جنوب شرقي الجزائر)، وفي حين لا تزال الحكومات الغربية تترقب انباء عن خسائر فادحة وقعت بين الرهائن، اعلنت المجموعة الاسلامية، انها تعرض التفاوض مع فرنسا والجزائر لوقف الحرب في شمال مالي وتريد مبادلة الرهائن الاميركيين لديها بالشيخ المصري عمر عبد الرحمن والباكستانية عافية صديقي المعتقلين في الولايات المتحدة.
وذكرت وكالة نواكشوط للانباء ان زعيم الخاطفين مختار بلمختار الملقب، بـ"خالد أبو العبّاس"، والمعروف بـ"الأعور"، والمرتبط بـ "تنظيم القاعدة في المغرب العربي" "طالب الفرنسيين والجزائريين بالتفاوض من اجل وقف الحرب التي تشنها فرنسا على ازواد واعلن استعداده لمبادلة الرهائن الاميركيين المحتجزين لديه بالشيخ عبد الرحمن وصديقي".
واضافت ان هذا العرض ورد في "شريط فيديو مصور أرسل الى وسائل الاعلام".
وكانت جماعة "الملثمين" التابعة لبلمختارأعلنت في وقت سابق، إنها تمكّنت من احتجاز 41 رهينة غربياً من 9 إلى 10 جنسيات مختلفة، بينهم 7 رهائن أميركيين.
في المقابل، اعلن مصدر امني امس، ان الجيش الجزائري حّرر قرابة 650 رهينة منهم 573 جزائريا و"اكثر من نصف عدد الاجانب البالغ 132"، كما افادت وكالة الانباء الجزائرية التي اوضحت ان هذه الحصيلة "موقتة".
وتم توقيف تشغيل مصنع الغاز لتفادي اي انفجار.
واعلن مصدر امني آخر، ان "القوات الخاصة للجيش الجزائري قتلت 18 ارهابيا اول من أمس" خلال اقتحامها للموقع الغازي في ان اميناس.
واوضح ان عدد افراد المجموعة الاسلامية المسلحة التي قامت بالهجوم تقارب 30 فردا.
وفي باريس، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان أزمة الرهائن "تطورت كما يبدو في شكل مأسوي"، بينما اكد رئيس وزرائه جان مارك آيرولت، مقتل "عدة رهائن"، موضحا انه لم يعرف "عددهم" و"جنسياتهم" في الوقت الحاضر.
من ناحيته، اعلن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس، ان فرنسيين كانا ضمن الرهائن المحتجزين في الجزائر "عادا" سالمين، متجنبا توجيه الانتقاد الى الجزائر بسبب العملية العسكرية التي شنتها لمحاولة تحريرهم.
وفي لندن، أعلن أمس رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ان أزمة الرهائن في مصنع الغاز الطبيعي في ان اميناس الذي تشارك في الإشراف عليه شركة "بي بي" البريطانية للنفط، ما زالت مستمرة وأن الحكومة البريطانية شكلت وحدة أزمات خاصة لمعالجة الموقف تعمل على مدار الساعة، معلناً أن الحكومة لا تعلم بالضبط كم عدد الرهائن الذين يحتجزهم الإرهابيون ولا عدد البريطانيين منهم، لكنه قال ان أحد الرهائن البريطانيين قتل في المرحلة الأولى للهجوم، مشيراً إلى أن الحكومة على اتصال مع عدد من الحكومات التي لها رعايا ضمن الرهائن.
وكان كاميرون ألغى أمس، بسبب أزمة الرهائن، رحلة له إلى أمستردام، حيث كان مقرراً أن يلقي كلمة يشرح فيها موقف حكومته من استمرار بريطانيا في المحافظة على عضويتها في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يعتبر قضية مصيرية بالنسبة لبريطانيا والدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد.
وقال كاميرون للنواب ان الحكومة تعمل جاهدة لمعرفة هوية الضحايا البريطانيين لطمأنة عائلاتهم، وأضاف أنه رئس أمس، اجتماعاً للجنة الطوارئ الحكومية "كوبرا" وأن الحكومة تجري اتصالات مباشرة مع المسؤولين الجزائريين لمتابعة الأزمة وأنه شخصياً منذ الأربعاء الماضي، على اتصال مباشر مع رئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك سلال، موضحاً أن سُلم الأوليات لدى الحكومة هو "سلامة المواطنين البريطانيين العالقين هناك، وإحضار المصابين وجثث الضحايا الذين قتلوا في العملية، وأن فريقا من القناصل وعددا من الخبراء البريطانيين اتجه مباشرة إلى مكان الحادث في الجزائر لهذا الغرض بالترتيب مع الحكومة الجزائرية، وبالتنسيق مع شركة (بي بي)".
ورغم البيان الذي أدلى به كاميرون أمام النواب في مجلس العموم واعترافه بأن عدد البريطانيين الموجودين في دائرة الخطر أقل من 30 شخصاً، إلا أن الوضع في ان اميناس ما زال غامضاً ولا أحد يعلم بالضبط كم عدد الرهائن البريطانيين أو غيرهم المحتجزين هناك،فيما يُعتقد أن الحكومة البريطانية لا ترغب في الحديث عن الموضوع لأسباب أمنية، إذ قال كاميرون "إنني متأكد من أن المجلس يتفهم سبب أننا في عملية جارية كهذه لا أستطيع أن أقدِّم المزيد من المعلومات في هذه المرحلة".
وتطرق كاميرون إلى العملية الأمنية التي شنتها القوات الجزائرية لتحرير الرهائن، مؤكداً ما تناقلته وسائل الإعلام من أن الحكومة الجزائرية لم تف بوعدها بإبلاغ نظيرتها البريطانية بموعد بدء العملية العسكرية لتحرير الرهائن.
وقال كاميرون ان نظيره الجزائري اتصل به لإبلاغه بالعملية بعدما بدأت، مع أنه كان طلب منه أن يبلغه مسبقاً بالأمر. وتابع أن الإرهابيين حاولوا الهرب وشعروا بالخطر فردوا على الهجوم الجزائري، ما وضع حياة الرهائن في دائرة الخطر. وأوضح أن رئيس الحكومة الجزائرية أبلغه أن المرحلة الأولى من العملية انتهت وأن القوات الجزائرية ما زالت تطارد الخاطفين.
غير أن شعوراً بالغموض ساد أمس، حول العملية، وأن البريطانيين يشعرون بأن الحكومة الجزائرية لم تطلعهم على كل التفاصيل المتعلقة بالعملية. وزاد في هذا الغموض إعلان ألان جولييت، رئيس جهاز الاستخبارات الفرنسي السابق، أن أسابيع طويلة ستمر قبل أن يعرف الناس حقيقة ما جرى في ان اميناس. فيما تناقلت وكالات الأخبار عن استمرار المعارك في الموقع بين القوات الجزائرية والمسلحين الذين تحصنوا داخل أبنية المصنع ومعهم عدد من الرهائن.
واجرى الرئيس باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني محادثات هاتفية تطرقا خلالها خصوصا الى ازمة الرهائن في الجزائر والعملية العسكرية في مالي، وفق ما اعلن البيت الابيض.
وكان وزير الاتصالات الجزائري محمد سعيد بلعيد قال ان العملية التي شنتها القوات الجزائرية كانت ناجحة وأنه "تم تحرير عدد كبير من الرهائن وقتل عدد كبير من الإرهابيين، ونأسف للعدد القليل من الضحايا الذين سقطوا في العملية".
وقال كاميرون للنواب ان مختار بلمختار، المنتمي إلى فرع "القاعدة" في المغرب العربي، هو المسؤول عن العملية. فيما أكدت مصادر أمنية فرنسية أن عملية إرهابية بهذا الحجم تحتاج إلى أسابيع من التخطيط ومن المؤكد أن القرار للقيام بها لم يتخذ رداً على التدخل العسكري الفرنسي في مالي، مثلما أعلنت المجموعة التي شنت الهجوم في الجزائر.
ونقلت وكالات الأنباء عن مصادر موريتانية أن الخاطفين بالفعل خططوا لأسابيع للهجوم وأنهم أنذروا الحكومة الجزائرية بألا تقف إلى جانب الحكومة الفرنسية في هجومها على مالي قبل أن يبدأ، وأن المجموعة التي نفذت الهجوم تضم مسلحين من الجزائر وكندا ومالي ومصر والنيجر وموريتانيا.
وكان العامل البريطاني ستيفان ماكفول (36 عاماً) الذي فرّ من الخاطفين بعد بدء الهجوم اتصل بعائلته في بلفاست في إقليم إيرلندا الشمالية وأبلغها أنه بخير وذكر أن من بين الإرهابيين من يتكلم الإنكليزية بلهجة بريطانية.
وتناقلت وسائل الإعلام البريطانية أمس، ما قاله عامل جزائري يُدعى خالد يعمل في شركة الطاقة الجزائرية "سوناتراك"، بعد أن نجح في الإفلات من قبضة الخاطفين، واصفاً كيف بدأ الهجوم الإرهابي على حافلة الركاب التي كانت تنقل العمال من جنسيات مختلفة إلى المصنع، مؤكداً أن الإرهابيين جاءوا في قافلة مؤلفة من عشرات السيارات، فسمع إطلاقاً للنار، وتقدم قائد المجموعة المسلحة وعرّف نفسه على أن اسمه "الأعور"، وقال انه سيُفرج عن الجزائريين، وأن المجموعة معنية فقط بالأجانب.
واعلن مصدر امني جزائري، أمس، ان "18 ارهابيا" قتلوا في اول حصيلة لتدخل الجيش الجزائري أول من أمس، لتحرير الرهائن الذي تحتجزهم مجموعة اسلامية مسلحة في موقع غازي في ان أميناس في الصحراء الجزائرية.
وكان وزير الداخلية الجزائري، دحو ولد قابلية، أعلن في وقت سابق أن عدد عناصر المجموعة بلغ 20 عنصرا. وأكد، أن التخطيط لعملية هجوم المسلحين على المنشأة النفطية تم من داخل الأراضي الليبية وتمت بتخطيط وإشراف قائد كتيبة "الملثمين" الجزائري مختار بلمختار.
ومن الدول الأجنبية التي لديها رعايا في الموقع النرويج وبريطانيا والولايات المتحدة واليابان وفرنسا والنمسا ورومانيا وأيرلندا.
وفي فيينا، أعلنت وزارة الخارجية النمسيوية امس، انه تم الافراج عن نمسوي حوصر مع عشرات الرهائن الجزائريين.
واعلنت مانيلا امس، ان 34 فيليبينيا نجوا من عملية الاحتجاز في الجزائر ومن الهجوم الكثيف الذي شنه الجيش، ونقلوا جوا الى بريطانيا، مشيرة الى ان نحو 20 فيليبينيا هم من بين الرهائن.
واعلنت اليابان ان ثلاث رهائن يابانيين باتوا "في امان" بعدما احتجزهم مسلحون في الجزائر، في حين لا يزال 17 اخرون في عداد المفقودين ويتوقع انهم محتجزون رهائن.
كما استدعت وزارة الخارجية اليابانية سفير الجزائر سيد علي كترانجي امس، بعدما اتصل رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي من بانكوك بنظيره الجزائري عبد المالك سلال للاحتجاج بعد هجوم الجيش الجزائري والمطالبة بوقفه فورا.
وانتقدت العديد من الحكومات الغربية في شكل علني أو ضمني منهج الجزائر في معالجة الازمة، وقالت إنه لم يتم اطلاعها على خطط الجيش للتدخل.
كما اكد مسؤول اميركي ان الولايات المتحدة لم يتم اعلامها مسبقا بعزم السلطات الجزائرية شن عملية لمحاولة تحرير الرهائن. وقال: "لم نكن على علم مسبقا بالتدخل الجاري"، مضيفا ان المسؤولين الاميركيين "شجعوا بقوة" السلطات الجزائرية على وضع سلامة الرهائن كاولوية.
بلمختار يؤكد مؤهلاته "الجهادية"
لندن - رويترز - فقد مختار بلمختار عينا اثناء قتاله في افغانستان وحلف يمين الولاء لتنظيم "القاعدة" وسمى ابنه على اسم اسامة بن لادن.
وبتدبيره المفترض لاحتجاز رهائن في منشأة غاز في الصحراء الكبرى، اعاد بلمختار الجزائر مرة اخرى الى خريطة الاعمال "الجهادية" العالمية بعد 20 عاما من انتهاء حرب أهلية جعلتها مسرحا لصراع دام على السلطة.
كما أكد قدراته "الجهادية" باظهاره ان تنظيم "القاعدة" مازال يشكل تهديدا محتملا للمصالح الغربية رغم مقتل زعيمه في باكستان عام 2011. وأثبت ان العملية العسكرية الفرنسية ضد اقرانه الاسلاميين في مالي المجاورة لن يتم احتواؤها داخل دولة واحدة.
وقال أرون زيلين الخبير في شؤون تنظيم "القاعدة" في معهد سياسات الشرق الادنى في واشنطن "انه مؤمن حقيقي بقضيته".
قاتل بلمختار المولود في وسط الجزائر مع المجاهدين في افغانستان قبل أن يعود الى دياره ليشارك في الحرب الاهلية التي اندلعت بعد أن ألغت السلطات انتخابات جرت عام 1992 وكان الاسلاميون على وشك الفوز فيها.
وشارك بدرجة كبيرة في عمليات خطف وتهريب ما اكسبه لقب "رجل المارلبورو" ودفع ذلك البعض للاعتقاد بأنه يبتعد عن الالتزام بـ "الجهاد" ويتجه صوب جمع المال من خلال الجريمة.
لكن مع لجوء العديد من الجماعات الناشطة على مستوى العالم ومنها على سبيل المثال حركة "طالبان" الافغانية و"شبكة حقاني" الى الجريمة لجمع المال لتمويل انشطتها يقول المحللون ان وصفه بـ "المجرم" ربما يعد مبالغة.
وقال اندرو ليبوفيتش المحلل المقيم في دكار الذي يرصد عن قرب التطورات في مالي "لم يكن هناك قط ما يدعم هذه الخصال التي تجعل منه مجرد مجرم. فهو على صلة وثيقة منذ أمد بعيد بالجهادية". وفي حديث نادر مع وكالة انباء موريتانية عام 2011 ابدى بلمختار احترامه وتقديره لابن لادن وخليفته ايمن الظواهري.
واشار كذلك الى انشغال القاعدة التقليدي بقضايا عالمية مثل العراق وافغانستان والقضية الفلسطينية وأكد على الحاجة الى مهاجمة مصالح اقتصادية وعسكرية غربية ويهودية.