جريدة الجرائد

مستنقع مالي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جاسر عبد العزيز الجاسر

توشك فرنسا والجزائر معاً أن تغرقا في رمال الصحراء الإفريقية، فبعد العملية العسكرية للقوات الفرنسية لمهاجمة مواقع المتشددين الإسلاميين المرتبطين بتنظيم القاعدة لجأ هؤلاء المتشددون إلى أسلوبهم المعتاد، واستولوا على أحد المواقع البترولية في الجزائر، واحتجزوا العاملين في ذلك الموقع من المهندسين الأجانب والموظفين الجزائريين، الذين ذكرت الأنباء أن عددهم وصل إلى أكثر من 600 جزائري وغربي.

القوات الجزائرية اضطرت إلى اقتحام الموقع البترولي الواقع داخل الأراضي الجزائرية، والقريب من الحدود؛ حتى لا يستغل المتشددون الرهائن بأعدادهم الكبيرة للضغط على الجزائر وحتى فرنسا لفرض شروطهم في مالي، كما أن الجزائر التي لها منشآت ومواقع بترولية قرب الحدود لا تريد أن تُظهر ضعفاً يشجع المتشددين على تكرار العملية، ويهدد المواقع الجزائرية، وينقل المعارك من مالي إلى الجزائر، خاصة أن البلدين يشتركان في حدود تبلغ 850 كم، وهي مساحة كبيرة، يصعب تأمين غطاء عسكري فعال عليها، كما أن هذه الحدود غير محترمة من القبائل التي تتنقل خلالها من العرب والطوارق، الذين لهم روابط وتعاملات مع الكتائب المسلحة للمتشددين.

الجزائر لم تأخذ رأي فرنسا والدول التي لها رعايا بين الرهائن؛ لأن الموقف لا يقبل المساومة، فعندما يتهدد الأمن القومي للجزائر فلا مجال للتفاوض، وللجزائر تجربة مريرة مع المتشددين، ويعرفون كيف يتعاملون مع هؤلاء المسلحين.

أما فرنسا فيرى العديد من المراقبين أنها تورطت في هذه العلمية التي لم يتم الإعداد لها جيداً، كما لم تُجرِ التنسيق مع الدول ذات العلاقة، فبالنسبة للإفريقيين لم تكن الجزائر موافقة على الحل العسكري، وتحبذ التفاوض السياسي، إلا أن الرئيس الفرنسي أقنع بوركينافاسو والنيجر والحكومة المالية بالعمل العسكري الذي بدأ بتدخل الطيران العسكري، ثم تبعه هجوم بري، استطاعت خلاله القوات الفرنسية إبعاد المسلحين المتشددين من مدن الشمال، إلا أن المتخصصين يرون أن إخراج المتشددين من المدن المالية لا يُنهي المشكلة؛ إذ سيتفرقون في الصحراء الشاسعة التي تتداخل فيها حدود سبع دول، ولا تحظى بحراسة ومراقبة أمنية قوية، وتُعد مناطق رخوة، تساعد المسلحين على فرض سيطرتهم وإقامة مراكزهم التي اخترقت أمن تلك الدول؛ ولذلك فإن العملية العسكرية الفرنسية في مالي، التي ستمتد إلى الصحراء الإفريقية، سيطول أمدها إلى أشهر عدة إن لم يكن سنوات؛ وهو ما سيؤدي إلى نقل مركز التشدد والجماعات المسلحة من الأطراف - مثلما يوجد المتشددون في أفغانستان - إلى الوسط في شمال إفريقيا، القريب جداً من الصومال واليمن، التي قد تهدد بالامتداد إلى ليبيا والجزائر وتونس والسودان، وحتى مصر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف