السياسة الخارجية السعودية تحتاج إلى مراجعة في هذه المرحلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خالد الدخيل
هذه المقالة امتداد لما كتبته من قبل عن حاجة السعودية إلى عملية إصلاح واسعة، وتجديد لمرتكزاتها ومؤسساتها الفكرية والسياسية، وذلك انطلاقاً من أن تغيّر الزمن يؤدي بالضرورة إلى تغيّر المجتمعات، وتغيّر المجتمعات يفرض على الدول أن تتأقلم مع هذا التغيّر، وأن تستجيب له. وإذا لم تفعل، فإن ذلك سيتسبب في وجود هوة كبيرة بين المجتمع في شكل عام من ناحية، والمجتمع السياسي أو الدولة من ناحية أخرى. وفي ما يتعلق بموضوع مقالة اليوم، وامتداداً للمبدأ ذاته، فإن تغير الإقليم الذي تنتمي إليه الدولة يفرض عليها أن تستجيب، وأن تراجع سياستها الخارجية وتحالفاتها، والمرتكزات التي تنطلق منها في كل ذلك. ولعله من الواضح أن الأحداث الكبيرة التي تعصف بالعالم العربي منذ عامين، هي الآن تعبير عميق ومباشر عن حجم التغير الذي ينتظر المنطقة من تغير في الدول وثقافاتها السياسية وقيمها ومصالحها وتحالفاتها الإقليمية والدولية. يبدو أن حجم هذا التغير سيكون كبيراً، لأن منبعه اجتماعي ـ شعبي، يستهدف مؤسسة الحكم وطبيعة الدولة، ويمتد من مشرق العالم العربي إلى مغربه. هذا العالم الذي عرفناه في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، يتلاشى أمام أعيننا، والأخطر في الموضوع، أنه لا أحد يعرف متى، ولا كيف، ولا إلى ماذا سينتهي إليه في نهاية المطاف! الأمر الواضح والمؤكد أن العالم العربي لن يعود كما كان عليه.
حقبة حكم الأسد في سورية - مثلاً - تتلاشى، وهذا واضح، لكن ما هي سورية التي ستخرج من تحت أنقاض الدماء والدمار، وتشويه النسيج الاجتماعي الذي تسبب به هذا الحكم على مدى أكثر من 40 عاماً؟ في مصر تصدعت الجمهورية الأولى أو جمهورية يوليو، لكن ولادة الجمهورية الثانية تعاني الأمرين بفعل صراع مجاني ومدمر بين مكونات طبقة سياسية رثة يشكل "الإخوان" والمعارضة قطبيها الرئيسيين، ولك أن تقول الشيء نفسه، أو أكثر عن حالات اليمن وليبيا وتونس، ثم هناك العراق الذي تمتد معاناته منذ أكثر من عشرة أعوام، لم يكن الاحتلال الأميركي إلا أحد نقاط الذروة فيها. خرج الاحتلال، وفي أعقابه ظهرت طائفية الحكم معززة بنفوذ إيراني واضح. هناك الآن انتفاضة جديدة في غرب البلاد تطالب بتصحيح الأوضاع، فإلى ماذا سيقود كل ذلك؟ ما الذي سيحدث للمعادلة السياسية في الأردن والمغرب؟ إلى ماذا ستنتهي الحال في البحرين؟ أسئلة لا تنتهي، لكنها أسئلة مشروعة وملحّة تفرض نفسها على الجميع، وبالتالي تفرض ضرورة التعامل معها بجرأة وشفافية وواقعية أيضاً.
وسط هذه الصورة المضطربة تقع السعودية في قلب العاصفة منها، فهي دولة كبيرة وغنية ومستقرة سياسياً، لكنها محاطة بكل نقاط العواصف والتغيير من جميع جهاتها، وأكثر ما يلفت النظر في هذه الصورة أن حجم التأثير السعودي في مجرى الأحداث العاصفة يبدو أقل كثيراً من حجم هذه الدولة وحجم قدراتها، وما تتمتع به من استقرار وشبكة علاقات إقليمية ودولية واسعة. يبدو الحضور السعودي في العراق - مثلاً - ضعيفاً. استثمرت السعودية في هذا البلد العربي المجاور كثيراً منذ العام 1973، بخاصة طوال حقبة الرئيس الراحل صدام حسين، وانتهى هذا الاستثمار بغزو الكويت، والتداعيات التي انتهى إليها حتى هذه اللحظة، ومن ضمن ما انتهى إليه ذلك ما يشبه الخروج السعودي منه، ودخول إيران إليه من أول يوم للاحتلال الأميركي، وقد عبر عن ذلك وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في العام 2005، في مجلس الشؤون الخارجية في نيويورك، وحينها استنكر الفيصل، وعن حق، أن الولايات المتحدة سلّمت العراق على طبق من فضة لإيران. هذا صحيح. لكن هل كان للغياب السعودي دور في ذلك؟ لماذا لم تأخذ الولايات المتحدة مصالح السعودية ودول الخليج العربي والأردن ومصر في الاعتبار عندما كانت تحتل العراق، وتدير شؤونه الداخلية؟ كل هذه الدول حليفة لواشنطن. لماذا سلّمت إدارة بوش الابن الحكم لحلفاء إيران؟ ثم كيف ولماذا يتعايش النفوذان الأميركي والإيراني في بلاد الرافدين منذ العام 2003؟ لماذا لم تقدر واشنطن حجم العلاقات الاجتماعية والتاريخية بين العراق والسعودية، وتأثير ذلك في مصالحهما، بخاصة أن الحدود بينهما تمتد لـ900 كيلومتر؟ هنا، وفي هذه الحال تحديداً، يبدو جلياً أن مردود التحالف بين الرياض وواشنطن كان أقل بكثير بالنسبة الى الأولى من الحجم الاقتصادي والسياسي لهذا التحالف بين الطرفين. لماذا حصل ذلك وكيف؟ ما علاقة هذه النتيجة بطبيعة السياسة الخارجية السعودية، وما تبدو عليه من محافظة، وميل لرد الفعل، بدلاً من المبادرة للفعل؟
عندما ننتقل إلى منطقة الشام نجد أن النتيجة لا تختلف كثيراً، فقد استثمرت السعودية في نظام الأسد الشيء الكثير سياسياً ومالياً على مدى أكثر من 30 عاماً، ومن الممكن القول إن الاستثمار في عهد الرئيس حافظ الأسد (الأب) كان مجدياً إلى حدّ ما لناحية تأمين شيء من التوازن في العلاقات العربية - العربية، والعربية - الإيرانية، وتشكيل محور عربي يتشكل من السعودية وسورية ومصر كان له دور كبير في حرب أكتوبر (رمضان) مع إسرائيل، وفي ضبط الوضع العربي، لكن تبيّن أن هذا المحور لم يؤسس لعلاقات سعودية - سورية صحيحة ومتينة، والدليل أنه لم يمنع دمشق من الانزلاق في شكل تدريجي نحو تقوية تحالفها مع طهران، وهو التحالف الذي وصل إلى ذروته في عهد بشار الأسد (الابن)، ومن الواضح الآن بأن العلاقات السعودية السورية بدأت انحدارها نحو الانفصال مع اغتيال رفيق الحريري العام 2005، وكل أصابع الاتهام في ذلك تتجه إلى النظام السوري و "حزب الله". حاولت السعودية التجاوز عن ذلك، وقبلت باتفاق الدوحة الذي أعطى "حزب الله" اللبناني، حليف إيران والنظام السوري، ما أصبح يعرف بالثلث المعطّل داخل أي حكومة لبنانية تتشكل بعد ذلك، ثم انتهى الأمر بأن أصبح هذا الحزب يهيمن على المشهد السياسي اللبناني، ويقرر شكل هذه الحكومة ورئاستها وسياساتها من خلال قوة السلاح الذي يحصل عليه من إيران عبر سورية، واللافت في ذلك أن قوة "حزب الله" تنامت في ظل التحالف السعودي - السوري. والغريب أنه في ظل اتفاق الطائف في العام 1989 تمّ نزع أسلحة كل الميليشيات اللبنانية باستثناء "حزب الله"، وهنا تكون السعودية، كجزء من استثمارها في نظام الأسد، قد أمنت غطاءً عربياً إلى جانب سورية لإمداد هذا الحزب بالسلاح الإيراني. طبعاً لا يعني هذا أن السعودية كانت موافقة على ما كان يحصل، لكنه حصل، وفي الأخير انهارت العلاقات السعودية - السورية مع قيام الثورة السورية في 2011، وانتهى أمر هذه العلاقة بأن وصف رئيس النظام السوري السعودية ودول الخليج العربي بأنها دول بدو لا تاريخ لها. والسؤال في هذه الحالة مرة أخرى: ما علاقة ذلك بالسياسة الخارجية السعودية وتوجهاتها؟ ألا يتطلب الأمر مراجعة جذرية لهذه السياسة ومرتكزاتها؟ للحديث بقية...
التعليقات
القارئ ناصر
محمد علي الكردي -هذا القارئ ناصر بيكتب ومصدق حالو ومفكر حالو فيلسوف عصره واكتشف الحقيقة فجأة، يعني جاية تقنعنا إنو التنمية تبع الأسلحة خطأ، يعني كل هالدول الكبرى والقوى العظمى ما بيفهموا وعم يطوروا القنابل النووية على الفاضي؟! يعني فكرك ماليزيا ما عندها سلاح ولا عندها قوة عسكرية؟! وبعدين شو مفكر تطليعة القرد للفضاء سهلة، هذا القرد يا عمي طلعوه الإيرانية بمسبار صنعوه هنن، بخبرتهن وفهمهم على مدى عشرات السنين، بينما أكبر شي حققناه نحنا هو تطليع واحد سوري بقمر روسي، وتطليع أمير سعودي بقمر أمريكي بس لحتى يتفرجوا كيف شكل القمر من جوا، وإذا كنت عم تقول الأمة الإسلامية كلام بالكتب فليش جاية تعمل بالآخير حالك متحمس للسنة وبدك الخليج يكون سني، وصحيح أنو إيران تحكمت بالعراق بس سلامة فهمك من دخلها للعراق ؟!فكل عقود العراق وينها مع أميركا، وكل أموال الخليج وينها ببنوك أميركا ، ولما تلكلك الأمير زايد بن سلطان بزمانه اخترعوا له فضيحة بنك الاعتماد والتنمية وخلصوه 35 مليار دولار، ولعلمك إنو ميزانية الدفاع السعودية أكبر بثلاث مرات من الإيرانية وكلما ضعفت إميركا بتبيع السعودية مليارات الدولارات بطيارات ما حدا بيعرف يسوقها ولا فيها أصلاً ذخيرة، وإذا زودها بذخيرة لازم يشاورا أميركا قبل ما يستخدموها، وعلى هامش هيك بتنزل بالإيرانيين مثل كل الجهلة وبتقول بيحرفوا القران والسنة وبيحللوا سب الصحابة، وهذا الكلام ما بيقولوه غير الغشماء ، فالقرآن في كل العالم واحد، وما فيه كلمة واحدة مختلفة، والصحابة كل شيوخ الشيعة بيحرموا مسبتهم وطلع فيها فتوى من الخامنئي نفسه، والسنة النبوية كل الإسلام بيتبعوها بس في خلافات على صحة ناقلي الحديث وهذا شي طبيعي، يعني البحبشة لتلاقي نقاط الخلاف صعبة، وأنت بتتهم إيران بعدم إطلاق نار على إسرائيل مع أنك أكيد بتعرف مثلك مثل غيرك أنو إذا بنقارن مواجهة إيران مع إسرائيل بالسلاح والكلام والمواقف في مختلف أنحاء العالم بتطلع عشرين مرة أكثر إخلاص من حكومات البلدان العربية اللي بتسب إسرائيل من جنب ومن جنب ثاني بتحط إيدها بإيد كل أنصار إسرائيل وأعداء الأمة، وعلى كل حال إيران الشيعية ما عملت واحد بالماية من اللي عمله صدام السني بالكويت السنية، ولا اللي عملته تركيا السنية بالعرب السنة اللي احتلتهم 400 سنة، وحضرتك بتفضل إسرائيل على إيران ، يعني بتفضل تحتل إسرائيل جنوب لبنان كرمال حقدك على الشيعة
عجز الفكر
صادق -الموضوع جيد ومهم فجميع المسلمين يهمهم المملكه ومكانتها بين المسلمين ودول العالم ولا كلام عن الكفاءه في دول الخليج فقد اصبح هناك كادر خليجي كفوء في دول الخليج وايضا على رأس الدبلماسيه السعوديه شخصيه كفوءه وقديمه لاغبار عليها ولكن المشكله الحقيقيه هي مشكلة الفكر , السبب الحقيقي للتراجع في دولنا العربيه هو الفكر السياسي لاخواننا السنه وليس الفقهي وبشكل خاص الفكر السلفي المتشدد , هذا الفكر لايقبل الوان متعدده فهو اما ابيض او اسود ولايعترف ان هناك الوان كثيره بين اللونين , فهو اما معي او ضدي , اما صديقي او عدوي , لاتوجد مرونه ولا يتحمل الاخر , لا يستطيع التعايش مع الفكر الاخر ولن يستطيع . وهذا الفكر يشكل القاعده الفكريه للقاده والمسؤولين والكادر التي يتحركون من خلالها فانعكس ذلك على تصرفاتهم وقراراتهم بشكل مباشر او غير مباشر متعمدين او غير متعمدين ومع مرور الزمن ظهرت هذه النتائج وهذا العجز وهو عجز عام في اغلب دولنا العربيه . فالفشل في العراق انهم لايطيقون التعامل مع الشيعه ولايعرفون والثقه معدومه بين الاثنين ويسيرون على خطى صدام والامر نفسه في سوريا ولبنان فيجب الغاء الانتقائيه في التعامل مع المكونات بل تقريب البعيد منهم وتقوية الثقه معه , الحدود الصحراويه مع العراق فاصل طبيعي اما اليمن فهو جار اساسي مهم للسعوديه بل هو واحد من العائله وليس جار وتأثيره اكثر من باقي دول الخليج ومع هذا لم يجري احتضانه بشكل صحيح طوال العقود الماضيه وهناك انتقائيه في التعامل مع مكوناته وهو اخطر شيئ وكل ذلك وغيره يعود الى عجز الفكر .