جريدة الجرائد

إلى أين تتجه الثورة التونسية؟!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يوسف الكويليت

أصبح يوم الجمعة في دول الربيع العربي المناسبة لحشد الجماهير للتظاهر والاعتصامات باعتباره المناسبة التي يتكاثر فيه المواطنون بالمساجد، ويوم العطلة الأساسية عند جميع المسلمين، ولم تقف التظاهرات على تلك الدول وحدها إذا ما نظرنا للعراق الذي يشهد نفس المظاهرة ويرافقها قتلى وجرحى، وشد وجذب بين قوى تحولت من الجدل السياسي للعنف..

في تونس أحرق محمد البوعزيزي نفسه كاحتجاج على صفعة شرطية على وجهه، فأقام تونس كلها ولحقتها ثلاث دول أطاحت برؤسائها، وجاء الدور على سوريا التي يناضل شعبها ضد أبشع دكتاتورية منغلقة على مذهبها، غير أن واقع تونس صار يهدد بثورة مضادة ضد حزب النهضة بعد اغتيال القيادي الحزبي شكري بلعيد، فكل شيء قابل للانفجار طالما لم تحقق الثورة المأمول الذي من أجله أطيح بنظام شرس، ليخلفه آخر لم يحظ بالرضا، ولا بالدور المطلوب منه، وهي مشكلة قد تعيد صياغة الموقف الوطني برمته، غير أن المخاطر ان يتحول الاحتجاج السلمي إلى تصفيات جسدية لرموز مختلف الخصوم سواء من كان على رأس السلطة أو المعارضة..

هل دول الثورات العربية تشهد ثورات مضادة تقودها أحزاب ليبرالية ضد أخرى دينية، وهي بذاتها متعارضة الأفكار، وهل الانتصار السياسي على النظم السابقة والإطاحة بها، أوجد فراغاً أمنياً وسياسياً أديا إلى أن يصبح الشارع هو من يقود الواقع الجديد، ولكنه أقرب إلى الفوضى منه إلى الالتزام بالنظام، والاتجاه إلى حل الأزمات الأمنية والاقتصادية التي قد تكون ضغوطها على المواطن العادي والجائع دافعاً لخلق فوضى لا تقوى عليها تلك الحكومات لتكون كلمة الفصل للجيش وحده، وربما يتوافق مع قوى كبرى، تراقب وتخشى ما تؤول إليه الأوضاع؟!

الجيد في تونس أن قوى الأمن والجيش موحدة، وليس بينها التناقص الحاد باليمن وليبيا، أو حتى سوريا فهي تشبه مصر في تماسك الجيش واحترامه من قبل الشعب، لكن تونس في أزمتها الجديدة تآخى الواقع الاقتصادي مع الفراغ السياسي، وحتى الآن لا تزال الأمور غير مستقرة، وما يخشاه الجميع أن يتحول اغتيال شكري بلعيد، والذي كان يتوقع مثل هذه الأحداث إلى رمز جديد يجبر كل الأطراف إما حل قضاياهم بالتوافق والخروج بمشروع إنقاذ وطني يجنب البلد المنزلقات الخطرة، أو الفوضى غير الخلاقة، ومع ان المجتمع التونسي لا تقسمه الفئوية والتعارض بين المدني والقبلي، أو تعدد الأديان والمذاهب، إلاّ أن ذلك ليس شرطاً للاستقرار إذا ما تعذر طمأنة الشعب لتدخل الدولة في صراع تخلّق من قلب الأحداث..

تونس تمر بأزمة، لكن توجد قيادات عاقلة ومجربة قد تكون الاطفائيات لبداية السعير، فهل ينتصر العقل وتخرج من أزمتها إلى السلام الوطني الشامل؟ ذلك ما هو مأمول..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف