لبنان وإيران... في انتظار مبادرة الحكماء؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هاني فحص
ان المراقب المعني بالمشهد العربي الراهن وبعلاقات إيران المعقدة به، يرى من واجبه مصارحة إيران بأنها ملزمة ومضطرة لالتقاط اللحظة والمؤشر بدقة أكثر في لبنان، وأن تتصرف بشجاعة وثقة لا بقوة فقط، وتبادر إلى التشجيع والحماية والرعاية الخلفية لحوار جاد لا ينتظر نهايات الواقع المعقد في سورية والحامل لكل الاحتمالات... أي رعاية حل تاريخي وسطي وعميق بين كل الأطراف اللبنانية الفاعلة في السلطة وفي المعارضة بحيث ننتهي معاً إلى حفظ الدولة بالمقاومة، وحفظ المقاومة والتحرير بالدولة الجامعة، وحفظ السلاح المقاوم بالاتفاق على دوره الوطني المقبل، وحفظ كل من مكونات لبنان بالمكون الآخر.
وفي تقديرنا ان هذه المهمة أجدى لإيران ولنا لأنه يعمق دورها برضى لبناني وقبول وتشجيع عربي بدل أن يبقى النفوذ هو الهدف والغاية أو الوسيلة، لانه يرتب عليها وعلينا من الخسائر ما يزيد على أي ربح محتمل ويحوّل قوة إيران عبئاً عليها وعلينا.
اننا في حاجة ماسة لأن تصل إيران إلى قمة نهوضها وحضورها بالشراكة مع العرب ولحساب المشترك معها. وان أسلم واضمن شيء لمستقبل الدور الإيراني في المنطقة، على تقدير بقاء النظام السوري أو زواله أو تعديله، هو التفاهم العميق بين اللبنانيين، كل اللبنانيين، وكل العرب.
هذه الدعوة أجد موجباتها في القراءة العميقة في خطاب الرئيس سعد الحريري الذي يؤشر إلى الشكاوى والمخاوف، لا إلى المواقف العدائية النهائية، والتي يمكن التفاهم عليها، والاشارات إلى ذلك في الخطاب ليس قليلة.
اني أنطلق في هذا التوجه من شعوري بالمسؤولية كمواطن لبناني عربي ومسلم، معني بالوفاق لا بالشقاق، وبالنجاح لا بالغلبة. ومن تسليمي بأن أي حضور إيراني في المنطقة عموماً وفي لبنان خصوصاً، هو واقع ملموس وغير سطحي أو عابر، ولا مجال لانكاره، ولا يكفي استنكاره لتصْويب مفاعيله، بل يمكن التعامل معه بواقعية وشجاعة وصراحة، من أجل توظيفه في نظام مصالحنا المشتركة، وابعادنا عن صراعات جديدة، لا يستفيد منها إلا الأعداء.
ان التكامل بين امكانات العرب، من الرياض إلى القاهرة، وما في محيطهما وعمقهما العربي والاسلامي، وطموحات إيران وتركيا، المعدلة لدى الطرفين عن زمان الامبراطوريات، ومن دون ضرورة لخيانة الذاكرة، ولا احالة المستقبل على الماضي. هذا التكامل الذي يقوم على ضبط الاختلاف، يتقدم وينمو على توسيع المشتركات، واكتشاف مشتركات وضرورات جديدة، هو الضامن لمستقبل الجميع، والكفيل بتحويل احتمالات الفتن وتبادل الخسائر حتماً، ومن دون فائدة للموازنة بين خسارة وخسارة، تحويل ذلك إلى مفاصل ومحطات للتفاهم والتضامن والتقدم ويحتاج إلى حكماء وحكمة من أجل تحقيقه أو الشروع في تحقيقه... والحكماء متوفرون بكثرة، فلماذا لا يبادرون مجتمعين؟