جريدة الجرائد

جعجع : مخطئ من يراهن على الوقت للعودة إلى «الستين»

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بيروت - من وسام أبو حرفوش وليندا عازار

لم يكن هذا اللقاء الاول مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، لكنه جاء هذه المرة مختلفاً باختلاف المرحلة التي أظهر معها "الحكيم" وجهاً آخر فاجأ خصومه وأربك حلفاءه وأملاه "توجّهٌ مركزي" عنوانه... الى قانونٍ جديد للانتخاب دُر.

كثيرون "لم يفهموا" على جعجع، وكثيرون "تفهّموه". فهو ظهَر وكأنه يلعب على "حافة الهاوية" في معرض انخراطه في معركة قاسية بدت داخل "الصف الواحد" اي مع "تيار المستقبل"، وصولاً الى تحقيق "هدف" نسْف قانون الستين الذي جرت على أساسه انتخابات 2009 وإن اقتضى ذلك استخدام "السلاح المحرّم" بنظر البعض اي مشروع "اللقاء الارثوذكسي" الذي يقوم على ان ينتخب كل مذهب نوابه.
في بلدة معراب، حيث مقرّ جعجع، ظلال أسئلة لم يحن أوان أجوبتها بعد، فـ"هدير" السباق مع الوقت الفاصل بين استحقاق موعد دعوة الهيئات الناخبة وبين فرص بلوغ توافُق "ربع الساعة الاخير" على قانون يُنقذ من جهة الانتخابات النيابية ويوقف من جهة أخرى "الأضرار" التي أصابت جسم تحالف "14 آذار"، يطغى على الملابسات الصاخبة لـ "ما كان" لمصلحة الاحتمالات الصعبة لـ "ما سيكون".
هنا، في المقرّ "المدجج" بالإجراءات الأمنية والذي يستقرّ على ارتفاع نحو الف متر عن سطح البحر، طقس بارد يعكس الرغبة في "تبريد" سجالات "البيت الواحد" الذي انقسم على نفسه عند مفترق قانون انتخاب باعد بين الحلفاء الذين "لن يفرّقهم ما جمعه الدم".
على التلّة التي تطلّ على البحر ومناطق جبلية واسعة، ترتسم أسئلة محوريّة عن كل المسار الذي رافق "مخاض" قانون الانتخاب مثل... لماذا انتقلت المعركة في هذا التوقيت من الصراع السياسي و"الاستراتيجي" مع فريق "8 آذار" الى كباش طائفي انفجر ضمن "14 آذار"؟ وهل بسلوك "الطريق الوعرة" عبر "الارثوذكسي" للوصول الى قانون انتخاب جديد أصيبت صورة جعجع "يللي ما بغلّط" بأضرار هزّت موقعه لدى جمهور عريض غير مسيحي؟
"الحكيم" الذي يقرّ بانه كان لا بدّ من "عملية جراحيّة" صغيرة تعالج الوجع الذي ينتاب جسم "14 آذار"، واثق من ان العلاقة مع "المستقبل" ستعود أقوى مما كانت عليه لان القناعات والثوابت والاهداف المشتركة أكبر بكثير من التباين حول قانون الانتخاب.

وفي غمرة علامات الاستفهام حول اذا كانت الحلقات المقبلة من مسلسل قانون الانتخاب ستكون كفيلة بإعادة وصل ما انقطع بين الحلفاء ام انها ستزيد التصدّع تصدعاً، بدت الأنظار في لقاء "الراي" مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" شاخصة على ما يمكن ان تحمله الايام القليلة المقبلة التي تزخر الاتصالات في اكثر من اتجاه وعلى طريقة "كل يوم بيومه" في اطار المساعي الحثيثة لإخراج الانتخابات النيابية من "عنق الزجاجة".
... "صحيح اننا نقترب من ربع الساعة الاخير، واذا اعتقد البعض انه مع مرور الوقت يمكن الابقاء على قانون الستين فهو مخطئ، لأن الاكثرية داخل مجلس النواب وخارجه لديها نية صادقة بالوصول الى قانون جديد". هكذا يقارب جعجع ما يجري حالياً على جبهة قانون الانتخاب، معتبراً ان "أفضل ما يمكن ان يحصل في الوقت الحالي هو التوافق الذي نعمل من اجل الوصول اليه منذ نحو اسبوعين ولم نفقد الامل بعد في امكان تحقيقه وصولاً الى قانون انتخاب ما يكون بديلاً عن الستين، وتالياً فإذا كان البعض يراهن على مرور الوقت لنعود الى قانون الستين فإن رهاناتهم في غير محلها".
ولا يعوّل جعجع كثيراً على ما تم تداوله عن اعتزام رئيسيْ الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في المهلة الدستورية وفقاً لقانون "الستين" وهو الامر الذي اوحى بان الامور باتت بين حديْ إما "الستين" الموجود حالياً او "الارثوذكسي" المدعوم من الغالبية: "أعتقد ان الستين لن يبقى موجوداً لأنه لدعوة الهيئات الناخبة على اساسه يجب تشكيل الهيئة العليا للاشراف على الانتخابات الامر الذي يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء. وفي تقديري ان الاكثرية في مجلس الوزراء ليست مع تشكيل هذه الهيئة، وتالياً فإن قانون الستين سيبقى On Hold (مجمداً)، ولن تكون هناك معركة بين الستين، لأنه غير موجود، وبين "الارثوذكسي" لاننا نسعى الى قانون توافقي".


وحين يُسأل عن القانون - المخرج الذي يمكن ان يؤمن التوافق وعن مرتكزاته ومعاييره بعدما سقطت المشاريع السابقة الواحد تلو الآخر، يسارع الى القول: "المشروع الذي طرحناه في اللجنة النيابية الفرعية يستند الى ما يعرف بمشروع فؤاد بطرس مع بعض التعديلات، والمشروع الذي طرحه الرئيس نبيه بري يستند الى مشروع فؤاد بطرس معدَّلاً في شكل مختلف. مشروعنا ومشروع الرئيس بري قريبان من بعضهما البعض. ولا اخفي حصول تشاور مع الحلفاء حول هذه المشاريع لأنه اذا اردنا ان نكون واقعيين لا يمكننا معاودة البحث في مشاريع جديدة كما حاول البعض ان يفعل عندما عاد الى مشروع الحكومة. فهذا المشروع مات ودفناه بقدر ما دفنا قانون الستين. لهذا لم يعد ممكناً طرح مشاريع تارة تخرج من قبعة وتارة من كُمّ... المطروح هو مشروع فؤاد بطرس المختلط معدَّلاً إما على طريقة الرئيس بري او معدلاً بحسب ما جاء في مشروعنا".
واذ لا يخفي ان الامور لا تزال لا توحي بالاطمئنان بالنسبة الى المداولات حول قانون الانتخاب، يؤكد: "اننا نناقش هذا الامر مع حلفائنا، ويمكنني القول ان ردود الفعل الاولية ليست سلبية، وهذا لا يمنع من استكمال مناقشة التفاصيل المرتبطة بطبيعة القانون المختلط"، مضيفاً: "إتفقنا على بعض التفاصيل ونواصل العمل على تفاصيل اخرى. وما يؤخر حلفاءنا (المستقبل) في هذا الخصوص هو انهم يتواصلون مع الحزب التقدمي الاشتراكي (النائب وليد جنبلاط) لربما يسير هو ايضاً في مشروع فؤاد بطرس معدلاً، ومن المفترض ان نصل في غضون ايام قليلة الى اتفاق وإلا تضيع المهل، وهو الامر الذي لا نريده، اذ يمكن ان يجرّ الى مفاجآت غير سعيدة او قد يفتح الباب امام تعقيدات تهدّد النظام برمّته". ويتابع: "تيار المستقبل صادق جداً عندما يقول انه يريد انتخابات في موعدها ونحن ايضاً صادقون وجديون في القول اننا نريد الانتخابات في موعدها، الا اذا اقتضى الامر التأجيل لأسابيع قليلة لأسباب تقنية. لكن في المبدأ يجب ان تجري الانتخابات في موعدها، وتالياً فان هذا الامر يدفعنا الى تسريع الاتصالات من اجل التوصل الى توافق على تفاصيل المشروع الذي تحدثتُ عنه لأن لا مجال للبحث في مشاريع اخرى".
وحين يقال لجعجع هل لديكم انطباع بان "المستقبل" يحاول تمرير الوقت للعودة الى قانون الستين، يجيب: "في ما يتعلّق بتيار المستقبل لا اعتقد انهم في هذه النقطة، وكل شغلنا معهم يدور حول بعض تفاصيل القانون المختلط. وبصراحة حتى الامس القريب كنا في انتظار ما ستسفر عنه اتصالات المستقبل مع الحزب التقدمي، لكن في الوقت الذي يحاول تيار المستقبل العمل على شيء ما مع النائب جنبلاط فإن الاخير يذهب في اتجاهات اخرى، اي طرحه لمشروع الحكومة ومشروع الـ 13 دائرة، وهو امر لم يعد وارداً في الوقت الحاضر. وفي تقديري انه خلال 48 ساعة ستنجلي الامور في شكل نهائي، وسيتبين اذا توصل تيار المستقبل الى شيء ما مع الحزب التقدمي ام لا، وساعتئذ يأتي الوقت الحقيقي للجلوس معاً".
وفي حين يشير تبعاً لذلك الى ان "مشروع الرئيس بري يمكن ان يشكّل حوله اكثرية نيابية لأنه مقبول بكل المقاييس مع الحاجة الى البحث في بعض التفاصيل"، يوضح ان رئيس البرلمان سحب مشروعه "لأنه منذ نحو اسبوعين وحتى الآن لم يجد تجاوباً"، معتبراً ان المشروع الذي تتوافر فيه قابلية للحياة هو "القانون المختلط على طريقة الرئيس بري او "القوات"، اي مشروع فؤاد بطرس معدَّلاً، اذ فيه تتأمن كل المعايير".
و"الحكيم" الذي يتقن فعلياً قواعد "حرب السقوف" في إطار عمليات التفاوض الصعبة، يستوقفه وضع بعض الأطراف كـ "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" معادلة إما "الارثوذكسي" او لبنان دائرة واحدة مع النسبية، الامر الذي اوحى للبعض بوجود موقف سياسي ما حيال الاستحقاق الانتخابي، الا انه يرى بـ "اختصار" انه "اذا توافقنا نحن وتيار المستقبل وآمل كذلك الحزب التقدمي الاشتراكي مع الرئيس بري على المشروع الذي أطلقه الاخير، تتأمن اكثرية لإقراره، وفي اعتقادي ان حتى الآخرين لا يمكنهم البقاء خارج هذا التوافق".
رئيس حزب "القوات"، "المتمرّس" في فنون "الاستطلاع بالنار" وصولاً الى بلوغ "الهدف"، يحاذر "حرق المراحل" وإن كان يحذّر من استنزاف الوقت. وفي ردّه بعبارة "لا جواب" على سؤال "قيل انكم استخدمتم الارثوذكسي طريقاً وعرة لضمان دفن الستين وإقرار قانون جديد... فهل يمكن القول ان الارثوذكسي استنفد وظيفته وتالياً تخليتم عنه؟"، يعكس جعجع صورة عن دقّة المرحلة التي تقتضي بالنسبة الى "القوات" الموازنة بين مقتضيات الحفاظ على "14 آذار" وفي الوقت نفسه عدم التفريط في المكسب الذي تَحقّق باعتراف الجميع بوجوب إقرار قانون جديد للانتخاب والذي كان مشروع اللقاء الارثوذكسي المدخل الاضطراري اليه.
وحين نسأله استطراداً: هل انت مع الدعوة الى جلسة للهيئة العامة للتصويت على الارثوذكسي قبل ان يتم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفق قانون الستين، يقول: "نرى ان من الضروري اجراء الانتخابات في موعدها، ولذا يجب ان نتوصل الى انجاز قانون انتخاب توافقي قبل 20 مارس".


واذا لم يحصل التوافق هل انتم مع الدعوة الى جلسة عامة لمجلس النواب؟ يجيب: "ساعتئذ سنرى على ماذا يمكن ان نتوافق، وقد يكون من الممكن التوافق على شيء ما".
لكن اذا لم يحصل التوافق من الآن وتمت الدعوة الى جلسة عامة هل ستصوّتون مع "الارثوذكسي"؟ يقول: "لكل حادث حديث".
في معراب، "الحصن" الامني، الذي تحوّل في الأعوام الأخيرة "الحضن" السياسي لفئات واسعة من مختلف الطوائف والأطياف، لا خوف على مستقبل العلاقة بين "القوات اللبنانية" وتيار "المستقبل" التي تشكّل "الجسر العابر للطوائف" الذي ترتكز عليه "فكرة" قوى "14 آذار".


ولا يوافق جعجع القائلين ان ما أفرزه التباين حول قانون الانتخاب بلغ مرحلة لن تعود بعدها الامور الى ما كانت عليه بين "القوات" و"المستقبل": "فانا لست ابداً من رأي القائلين ان العلاقة بين القوات والمستقبل لن تعود الى ما كانت عليه، بل رأيي انها ستعود الى ما كانت عليه وأكثر، لماذا؟ اذ كانت تشوبها بعض الشوائب ومع الانتهاء من قانون الانتخاب الجديد لن تعود تشوبها اي شائبة". ويضيف: "في بعض الاوقات يضطر المرء لاجراء عملية جراحية صغيرة تكون كفيلة بانهاء وجع ينتاب هذا الجسم. 14 آذار ربما كانت بحاجة (وما كنت بتمنى) الى هذا البنج الموضعي".
ومن خلف "غبار" الصراع على قانون الانتخاب، "يشتمّ" كثيرون رغبة لدى أطراف عدة في تأجيل الانتخابات ريثما ينجلي "الخيط الابيض من الاسود" في المنطقة، ولا سيما في الازمة السورية. الا ان "الحكيم" يلفت الى انه لم يشعر بـ "ان اطرافا كثيرة ليس لها مصلحة في اجراء الانتخابات في موعدها. فالكتل الرئيسية تدرك خطورة الاوضاع في لبنان، وتالياً لمصلحة مَن عدم اجراء الانتخابات؟ من دون اغفال ما ألمسه في اتصالاتي السياسية من مخاوف تتصل بالاوضاع المتفجرة في المنطقة، خصوصاً بعد المنحى الذي تأخذه الازمة السورية، وبالأخص تجاه حزب الله، وتالياً ما من احد له مصلحة في ألا تجرى الانتخابات".
وحتى "حزب الله"؟ يجيب: "حتى (حزب الله)... ومن هنا فإن اجراء الانتخابات سيكون ضمانة للاستقرار. فإذا نظرنا الى الصورة العامة في لبنان سنجدها تعيسة على المستويات السياسية والمعيشية والاقتصادية والامنية، اضافة الى سلسلة الرتب والرواتب والكهرباء وأزمات السير والفساد... إنها صورة كارثية من جميع النواحي، وبالتالي من مصلحة مَن الابقاء على هذا الحال بعدم اجراء الانتخابات؟".
وأليس من مصلحة "8 آذار" عدم اجراء الانتخابات والاستمرار في الامساك بالسلطة على علاتها؟ يقول: "لا... لأن جميع الدول العربية والأجنبية ابلغت الى المعنيين أنه اذا لم تجر الانتخابات لن نستمر بالاعتراف بشرعية الحكومة، وتالياً يجب الا يفكر احد في أنه اذا لم تجر الانتخابات ستحل الحكومة محلّ السلطة التشريعية، كما يحلو لبعض الاصوات غير المسؤولة وغير الجدية ان تقول، فالحكومة لن تستطيع البقاء كحكومة لأن ما من احد سيتعاطى معها لانتهاء صلاحيتها مع انتهاء ولاية مجلس النواب. فاللعبة غير بسيطة".


وبالنظر الى الاستحقاق الانتخابي عن بُعد، لا يتوانى البعض عن الشعور بأن الامور ذاهبة الى المفاضلة بين قانون جديد او اجراء الانتخابات في موعدها ما يطرح سؤالاً مفاده: لمن الأولوية؟ الا ان جعجع يبادر الى القول: "للاثنين معاً. اذ في الامكان التوافق على قانون جديد واجراء الانتخابات في موعدها، الا اذا اقتضى الامر التأخير التقني لبعض الوقت كي يتاح لوزارة الداخلية التحضير، كون القانون مختلطاً".
وعندما يُسأل عن كون انتخابات 2005 و 2009 جرت تحت "مظلّة" عربية ودولية أتاحت تفاهماً مسبقاً على القانون الذي حكمها وإفرازاتها على مستوى التوازنات السياسية سواء داخل الحكومة التي ستنبثق منها او حتى على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية (كما افضى اتفاق الدوحة العام 2008)، في حين ان هذه المظلة لا تتوافر حالياً، فألا يؤشر ذلك الى ان الانتخابات النيابية "بخطر" من هذه الزاوية؟ يجيب: "هذا هو بالتحديد التحدي الكبير للفرقاء اللبنانيين المطالَبين وعلى اختلاف انتماءاتهم السياسية بالتوافق على قانون انتخاب والذهاب الى انتخابات نيابية في موعدها بمعزل عن ايّ مظلة خارجية".
ولان الانتخابات في لبنان هي في ظروف حصولها مزيج من مناخ سياسي مؤات وواقع أمني مهيّأ لاستيعاب كل "صخب" الاستحقاق النيابي، ثمة مَن "يُبقي عينيه" على الوضع الامني الذي يبدو في توتر متصاعد... احداث على الحدود شمالاً وشرقاً وتوتر مماثل في صيدا وطرابلس ما يولد خشية من "تطيير" الانتخابات بقوة الامر الواقع الامني، فهل يعتبر رئيس حزب "القوات" ان "القنابل الأمنية" تهدد الاستحقاق النيابي؟ يجيب: "لا اعتقد ذلك، ولا ارى تدهوراً امنياً بالمعنى الكبير للكلمة، بل احداثاً امنية ناجمة عن واقع الحكومة المستقيلة. فالحكومة وبصراحة وبمعزل عن المواقف السياسية هي حكومة مستقيلة"، ويضيف: "لنأخذ مثلاً هيئة التنسيق النقابية التي تعلن الاضرابات وتلجأ الى المسيرات منذ اشهر من دون معرفة اذا كانت هناك سلسلة للرتب والرواتب ام لا. ولو خرج مسؤول في الحكومة وقال لهم نحن غير قادرين على تحمل التكلفة المالية للسلسلة وليست هناك سلسلة لكان الأمر انتهى، او لو قال لهم العكس اي ان هذه هي السلسلة ومصادر تمويلها لكان انتهى الامر ايضاً، لكن في ظل هذه الضعضعة في الحكومة وعدم وجود رأي واضح واتجاه واضح ضاعوا وضيّعوا معهم هيئة التنسيق النقابية. ولو لم تكن هذه الحكومة مستقيلة لكانت اتخذت قراراً بنشر الجيش اللبناني على القرى الحدودية الشمالية لحماية الناس ومنْع الاعتداءات السورية، وحالت دون تورط حزب الله في الازمة السورية، ولو كانت الحكومة فاعلة لما سمح الشيخ احمد الاسير لنفسه ولا سواه بالتصرف على النحو الحالي والذهاب الى هذا الحد لأن الناس يريدون بالفعل وجود دولة، لكن عندما يجدون الحكومة مستقيلة ولا تريد ان تفعل شيئاً يبيحون لأنفسهم اخذ حقهم بأيديهم وأخذ سلاحهم بأيديهم. وفي اعتقادي ان هذا الواقع لا يوصل الا الى تعزيز منطق وجود السلاح خارج الدولة اكثر فأكثر". ويتابع: "أستبعد حصول أحداث أمنية كبيرة، ويمكن ان نشاهد أحداثاً امنية صغيرة متنقلة كما يحصل الآن، وتالياً لن نجد انفسنا امام وضع امني يحول دون اجراء الانتخابات. وكل ما يلزم للوصول الى الانتخابات هو الاسراع في التوافق حول قانون جديد لتتمكن وزارة الداخلية من التحضير للاستحقاق النيابي على اساسه. وأعتقد ان هذا الاسبوع والذي يليه ستكون مدة حاسمة على هذا الصعيد".


في "قلعة" القوات اللبنانية التي تعرّضت في 4 ابريل الماضي لاختراق "عن بُعد" من ثلاث رصاصات لم تُصب "الهدف" بعدما كتبت "زهرة الربيع" التي انحنى جعجع ليقطفها من حديقة مقرّه "عمراً جديداً" له، لا يتفاجأ "الحكيم" حين يسمع ان البعض يأخذ عليه الانكفاء عن "شؤون وشجون" الربيع العربي الذي اندفع مدافعاً عنه، و"المهادنة" مع الطرف الآخر في لبنان و"إطفاء المحركات" بإزاء اي عناوين سياسية او امنية داخلية او اقليمية وكأن "لا صوت يعلو صوت معركة قانون الانتخاب"، وحتى ان التقارير عن تورُّط "حزب الله" في احداث سورية مرّت وكأنها "لم تكن".
ويسارع جعجع الى الردّ هنا مذكّراً بانه ليس "من الذين يهوون اعلان مواقف بمناسبة ومن دون مناسبة فقط لتسجيل مواقف ضد خصومه. والحدث الطاغي على مدى الاسابيع الثلاثة هو قانون الانتخاب"، ويضيف: "اما بالنسبة الى تورط حزب الله في احداث سورية، فالأمر لا يحتاج لموقف لمجرد اعلان موقف، فهذه المسألة خطيرة وخطيرة جداً، وفي رأيي ان الامر خطير في الدرجة الاولى على الطائفة الشيعية في لبنان وفي المنطقة وعلى لبنان بالتأكيد. فحزب الله يزج الشيعة في أتون لا ادري كيف يمكن الخروج منه، ويزج لبنان في اوضاع لا ادري كيف يمكن الخروج منها. والمواقف المبدئية والاخلاقية مما يجري في سورية مقبولة ومن كل الاطراف. نحن موقفنا الاخلاقي والمبدئي (بدعم ثورة الشعب السوري) معروف وعلى راس السطح وسنمضي به، ومن حق حزب الله ان يتخذ موقفاً في هذا الاتجاه او ذاك، لكن ان يصل الامر الى حد التورط عسكرياً في شكل من الاشكال، وبغض النظر عن الحجج والتبريرات التي اعطيت لهذا التدخل، الى حد ان اصبح الجيش السوري الحر يتحدث يوماً بعد يوم عن حزب الله بقدر ما يتحدث عن النظام السوري، فهذه مسألة خطيرة جداً. وحزب الله وضع نفسه، في الدرجة الاولى، وفي الدرجة الثانية الطائفة الشيعية في لبنان والمنطقة، وفي الدرجة الثالثة لبنان في أتون نار. والمطلوب هنا من الحكومة، اذا كان ما زال هناك حكومة القول لقيادة حزب الله ان هذا الامر غير مقبول فأنتم تضعون لبنان وشيعته وشيعة المنطقة في خطر دائم".
ويتابع: "غداً اذا حصلت صدامات وتكررت على الحدود بين حزب الله والجيش السوري الحر، ماذا نفعل؟ نهبّ لندافع عن حدودنا فنقاتل الجيش السوري الحر ام لا نهب فنترك الجيش السوري الحر يعتدي على حدودنا؟.. انها مسألة خطيرة جداً".


وهل في رأيه تدخل "حزب الله" مجرد خطأ في التقدير ام انه نتيجة قرار اقليمي؟ يجيب: "ما يحصل من اسوأ القرارات... لا اعرف القرار من اين، لكن علينا ان ننظر الى الموقف الايراني من الثورة السورية. اذا كان النظام السوري لم يسقط بعد فهذا مردّه الى ان ايران تتدخل في الازمة السورية، واذا كانت الازمة السورية طالت وستطول فهذا سببه أن ايران تتدخل في سورية، ولأنها تتدخل بالمال والرجال والعتاد، فإن الغرب ترك الازمة في سورية كي تستنزف ايران وحزب الله مع دخوله على الخط العسكري، وهو ما سيجعل كل العالم، عرباً وأجانب يطيلون أمد الأزمة لترك ايران وحزب الله يحرقون اصابعهم اذا لم يحرقوا أنفسهم". ويضيف: "يخطئ حزب الله اذا اعتقد انه بتدخله يطيل عمر النظام السوري، لانه يطيل عمر الازمة، فالنظام مات وينتظر مَن يدفنه. وما يحدث الآن هو موت المزيد من السوريين ومزيد من الدمار لسورية، وتدخل حزب الله يُدخله في ورطة طويلة عريضة مقابل ماذا؟.. الحكمة كانت في اتخاذ موقف حيادي تماماً، اذا لم يكن متاحاً له لاعتبارات معروفة تأييد الشعب السوري. والآن اذا كنتُ شيعياً هل سيكون في امكاني بعد الآن الذهاب الى سورية ولو للتبضع؟ هل في امكاني الذهاب الى الدول العربية؟ هل حتى في امكاني الذهاب الى مناطق ذات غالبية سنية في لبنان؟ ماذا أفعل؟ هل أكتفي بالتنقل بين الجنوب والضاحية وبعلبك الهرمل؟ هل هذه هي السياسة الحكيمة لحزب الله؟... في مطلق الاحوال فإن (الامين العام السابق للحزب) الشيخ صبحي الطفيلي قال شيئاً من هذا القبيل اخيراً".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف