بوغدانوف حاول المساواة في التدخل بسورية مذكراً بباخرة «لطف الله - 2» فسئل عن التحقيق!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت - محمد شقير
لم يحجب انشغال الوسط السياسي في لبنان بالاتصالات التي يتولاها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة تمام سلام مع الأطراف المعنيين، الأنظار عن زيارتي نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ووزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغالو لبيروت، خصوصاً أن الأخير أطلق كما قالت مصادر لبنانية رسمية، تحذيراً من أن دول الاتحاد الأوروبي ستعاود النظر في إدراج اسم "حزب الله" على لائحة الإرهاب على خلفية ضلوعه في الانفجار الذي استهدف حافلة للركاب في بلدة بورغاس الساحلية البلغارية.
ومع ان المصادر نفسها فضلت عدم الدخول في التفاصيل مكتفية بالقول ان دولاً في الاتحاد الأوروبي تمارس ضغطاً على الدول الأعضاء فيه بغية اتخاذ قرار واضح في هذا الشأن، فإن مصادر غربية أوضحت لـ "الحياة" أن بعض هذه الدول يدرس حالياً إعادة النظر في موقفه لجهة العودة عن قرار التريث في إدراج اسم "حزب الله" على لائحة الإرهاب. وأكدت المصادر الغربية عينها أن وزير الخارجية الإسباني أحيط علماً بأن موقف لبنان الرسمي يندد بشدة بأي عملية ارهابية ويدعو الى التريث في اتخاذ مثل هذا القرار الذي تقرر في الاجتماع الأخير لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي تعليق البحث فيه حتى إشعار آخر وبطلب مباشر من فرنسا.
إلا أن هذه المصادر أعربت عن اعتقادها بأن الظروف السياسية التي كانت وراء تعليق اتخاذ قرار إدراج "حزب الله" على لائحة الإرهاب، تغيرت، خصوصاً بعدما ثبت ضلوع الحزب في القتال في سورية الى جانب النظام فيه ضد المعارضة. ورأت أن لا ارتباط بين قتال "حزب الله" في سورية وبين احتمال إدراج اسمه على لائحة الإرهاب، لكنها اعتبرت أن لا شيء يبرر تدخله كطرف في سورية ضد المعارضة وتورطه في القتال الذي يخشى أن تكون له ارتدادات سلبية على الداخل في لبنان.
وكشفت المصادر الغربية أن مشاركة "حزب الله" في القتال الدائر في سورية شغلت الحيز الأكبر من محادثات بوغدانوف في بيروت الذي حضر الى لبنان في مهمة رأت "قوى 14 آذار" أن الكرملين يهدف منها الى تلميع صورته لدى قوى أساسية بعضها كانت تقيم علاقة جيدة ومتينة بالدولة الروسية. وأكدت أن بوغدانوف حاول في محادثاته تبرير موقف بلاده الداعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بذريعة سؤاله في أكثر من لقاء عن البديل في حال سقوط هذا النظام.
وأضافت أن الموفد الروسي لم يخف تشاؤمه من مستقبل الوضع في سورية في حال نجحت المعارضة في إسقاط الرئيس الأسد، معتبراً أن سورية ذاهبة الى التفتيت "وهذا ما يفتح الباب أمام المزيد من التدخل وربما تطييف هذا البلد".
ونقلت المصادر عن بوغدانوف قوله إن قرار تدخل "حزب الله" لمصلحة النظام في سورية لم يتخذ في لبنان وإنما بمشاركة مباشرة من إيران. وقالت انه حاول أن يساوي بين مشاركة الحزب في القتال وبين انخراط مجموعات اسلامية متطرفة في الصراع الى جانب المعارضة في سورية سواء من خلال ارسالها مقاتلين للانضمام الى صفوفها أو عبر تهريب السلاح للجيش السوري الحر.
وفي هذا السياق، توقف بوغدانوف أمام اعتراض سلاح البحر في الجيش اللبناني لباخرة "لطف الله - 2" وهي تقترب من مرفأ طرابلس لتفريغ حمولتها من السلاح لمصلحة المعارضة في سورية. كما توقف أمام تمكن وحدات من الجيش النظامي السوري من ضبط محاولات عدة لتهريب السلاح أو لتسلل المقاتلين من لبنان الى داخل الأراضي السورية.
لكن موقف بوغدانوف لقي اعتراضاً من بعض الأطراف التي التقاها وتحديداً من قيادات 14 آذار وقيل له إن المقارنة التي أجراها ليست دقيقة لأنه يريد أن يوازن بين تدخل "حزب الله" وبين تدخل الآخرين الذين يفتقدون التنظيم، إضافة الى ان أعدادهم لا تقاس بحجم المشاركة العسكرية لـ "حزب الله". كما قيل للموفد الروسي، وفق المصادر في "تيار المستقبل" وقيادات في 14 آذار، إن الأطراف اللبنانيين المناوئين لنظام الأسد يشاركون في صورة رمزية، وأن هناك مبالغة في الحديث عن حجم التطوع الذي يبقى تحت سقف نصرة المعارضة من باب الإعراب عن الغضب من المجازر التي ترتكب ضد الشعب السوري، وبالتالي فإن مشاركتهم ليست أبعد من "فشة خلق".
وفي السياق نفسه، سئل بوغدانوف عن مصير التحقيق في ضبط باخرة "لطف الله - 2" وعما إذا كانت هناك جهة تدخلت لقطع الطريق على جلاء الحقيقة من أجل تحديد هوية الجهة التي تقف وراء حمولتها من السلاح. وقيل له أيضاً إن لا علاقة لطرف لبناني بالباخرة وأن 14 آذار كانت أول من طالب بإجراء تحقيق لتحديد من هي الجهة التي أرسلت الباخرة الى ميناء طرابلس، "لكن هناك من يبقي على ملف التحقيق مفتوحاً لاستخدامه ضد قوى لبنانية مناوئة للنظام في سورية".
ومع ان بوغدانوف كرر أن لا حل للمأساة في سورية إلا بالعودة الى ما صدر عن مؤتمر جنيف، فإنه في المقابل شدد على أن الأقليات في سورية قد تلجأ الى طلب الحماية في حال شعورها بأن الخطر يتهددها وهذا ما ينطبق على الأقلية العلوية وغيرها.
وكشف بوغدانوف كما قالت المصادر، ان الرئيس المصري محمد مرسي عندما زار روسيا اقترح على نظيره فلاديمير بوتين تشكيل لجنة عربية - إقليمية تتولى الإشراف على إدارة الحوار بين المعارضة والنظام في سورية، على ان تضم إضافة الى مصر، تركيا وإيران ودولة الإمارات العربية المتحدة أو الأردن.
وأكد أن الائتلاف المعارض في سورية رفض الفكرة "وأبلغنا بأن لا فائدة من الحوار مع هذا النظام"، مضيفاً أن المعارضة ليست موحدة في موقفها من الحوار.
وأضافت المصادر أن بوغدانوف ركز في محادثاته على الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية وفي إجراء الانتخابات النيابية، إضافة الى حضّ جميع الأطراف على احترام "إعلان بعبدا" مع ان هناك من قال له من قوى 14 آذار إن الالتزام بهذا الإعلان يتطلب مبادرة "حزب الله" الى سحب مقاتليه من سورية.
لذلك فإن زيارة بوغدانوف، وفق المصادر، تهدف الى رأب الصدع الذي أصاب علاقة موسكو بعدد من الأطراف اللبنانيين بسبب موقفها الداعم للأسد، "وهو حاول ان يقدم بلاده على انها مقبولة لبنانياً، باعتبار ان المنافسة بينها وبين واشنطن على تجميع الأوراق استعداداً للقمة الروسية - الأميركية في حزيران (يونيو) المقبل، والمخصصة للنظر في الوضع في سورية".
وبالعودة الى زيارة وزير الخارجية الإسباني، لا بد من الإشارة، كما قالت المصادر، الى انه ركز في أسئلته على مستقبل العلاقات اللبنانية - اللبنانية، "وهناك من أكد له ان الاختلاف ليس مع المقاومة وإنما مع حزب الله بسبب تدخله في سورية".
ونقلت المصادر عن مسؤول لبناني رفيع قوله أمام الوزير الإسباني إن "دور المقاومة يجب أن يكون محصوراً في مقاومة إسرائيل وإنما ضمن الاستراتيجية الدفاعية للبنان، ولا اختلاف إذا ما بقي دورها في هذا الاتجاه الصحيح، والمشكلة في استخدام السلاح في الداخل وفي حصر المرجعية بالدولة وحدها، إضافة الى دعوة "حزب الله" للجهاد في سورية".
وأكدت أن الوزير الإسباني سمع موقفاً من "14 آذار" تعارض فيه الدعوات التي أطلقت للتطوع من أجل الجهاد في سورية الى جانب المعارضة، مضيفة أن بوغدانوف "سمع عندما تحدث عن تدخل أكثر من طرف لبناني في سورية، موقفاً حاسماً برفض الدعوات الجهادية سواء التي أطلقت من صيدا أم من طرابلس وهذا ما عبّر عنه بوضوح رئيس "تيار المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وبالتالي لماذا هذه المساواة؟".