جريدة الجرائد

ولأمريكا “قاعدتها”

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد الصياد

رئيس مجلس المدينة يوجه نداءات متكررة عبر الإذاعة والتلفزيون لسكان منطقة واسعة من المدينة وضواحيها بأن يلزموا بيوتهم وأن يتحاشوا الأجسام الغريبة في أي مكان يمكن أن تصادفهم فيه . وأحد كبار الشرطة يطل بعده ويطالب الناس بعدم التوجه الى أعمالهم وإخلاء الأماكن للشرطة ومتابعة وسائل الإعلام لمساعدة الشرطة في التعرف إلى الشخص المطلوب القبض عليه الذي يشكل خطراً يستوجب تفاديه!

هذا ليس مقطعاً من أحد أفلام ldquo;الأكشنrdquo; الأمريكية، وإنما هو محاولة اجتزاء ملخصة لما كانت تنقله إذاعة ال ldquo;بي .بي .سيrdquo; . الإنجليزية مباشرة من موقع الحدث، وهو هنا مدينة بوسطن عاصمة ولاية ماساتشوسيتس، أحد المراكز العلمية الكبرى في الولايات المتحدة، حيث تحتضن جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا الشهيرين، ما كانت تنقله، مع بقية وسائط الميديا الأمريكية، من مطاردات بوليسية مثيرة لشابين كان قد ميزهما مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI بكاميرات المراقبة، على أنهما الشخصان المفترضان اللذان وضعا القنبلتين اللتين انفجرتا بعد ظهر الإثنين 15 إبريل/ نيسان 2013 في موقع سباق الماراثون بمدينة بوسطن .

ولا أدري إن كان بدافع الإثارة والتشويق أو بدافع من غريزة الخوف تلكم ldquo;الانعطافات الحادةrdquo; التي تخللت التغطيات الإخبارية للحدث التي وصلت حد القذف بفرضية أن المنطقة الواسعة التي شملتها شرطة الولاية بإجراءاتها البوليسية الاستثنائية، مزروعة بالعبوات المعدة للتفجير .

وكما صار معلوماً، فقد انجلت ldquo;المعركةrdquo;، ومعها نصف الحقيقة، عن تمكّن الشرطة من قتل أحد المشتبه بهما وإصابة الثاني إصابة خطرة والتحفظ عليه في المستشفى . فمن هما هذان الطريدان اللذان كانا نجمي أجهزة الإعلام الأمريكية والبريطانية لبضعة أيام متصلة منذ بدء المطاردة البوليسية المثيرة لهما يوم الجمعة 19 إبريل/ نيسان المنصرم؟ إنهما الشيشانيان الشقيقان تامرلان تسارناييف (26 سنة) وجوهر تسارناييف (19 سنة)، كانت عائلتهما قد نزحت - بحسب والدهما أنزور تسارناييف - من قيرغيزيا (الجمهورية الإسلامية السوفييتية السابقة) إلى جمهورية داغستان ذات الحكم الذاتي في روسيا، قبل أن ينتقل الشقيقان مع والديهما للعيش في الولايات المتحدة قبل نحو عشر سنوات .

الرئيس أوباما خرج على التلفزيون ليعلن للأمة ldquo;لقد طوينا فصلاً مهماً في هذه التراجيديا، وأن القتلة فشلوا لأن الأمريكيين يرفضون الخضوع للإرهابrdquo; . أما شرطة بوسطن فكتبت على موقعها الإلكتروني: ldquo;لقد اعتقل المشتبه به، المطاردة انتهت، العملية انتهت، الرعب انتهى، وانتصرت العدالةrdquo; .

فهل هذا هو ما تحقق فعلاً؟ أسئلة عديدة تطرحها هذه ldquo;القنبلة الإرهابيةrdquo; الجديدة التي ألقيت على رأس الولايات المتحدة، وملابساتها الفنية (الأمنية) والسياسية، لعل أبرزها:

* إن هذين الإرهابيين قد دبرا عملية القتل الجماعي الغادرة ضد أبرياء ماراثون بوسطن، حيث أسفر عملهما الإجرامي عن قتل ثلاثة أشخاص بينهم طفل في الثامنة وطالبة صينية شابة وجرح العشرات، جراح بعضهم خطرة . فكيف استطاعا تضليل وخداع الشرطة المحلية والفيدرالية، رغم التحذير الاستخباراتي الروسي بشأنهما منذ أزيد من عام؟!

* كيف تحول هذان المهاجران القوقازيان من ldquo;حملين وديعينrdquo; إلى محترفَي قتل جماعي للأبرياء؟ وقبل هذا كيف استطاعا طوال هذه السنوات ايهام محيطهما من المعارف والجيران بوداعتهما وطيبتهما في حين أن داخل كل منهما وحش يتحين الفرصة لافتراس ضحاياه من الأبرياء؟

* وهل يعقل أنهما دبرا كل هذا الجرم وحدهما من دون مساعدة من داخل أو خارج الأراضي الأمريكية، علماً بأن الشقيق الأكبر تاميرلاند كان زار العام الماضي الشيشان وداغستان، معقلي الجماعات الإرهابية لشمال القوقاز، ومكث فيهما ستة أشهر قبل أن يعود إلى بوسطن في شهر يوليو/ تموز 2012 .

المثير أن الدولة الأمريكية العميقة، هي ووسائطها الإعلامية الموجهة هي من كان يوفر كل أشكال الدعم لتفريعات التنظيم في الشيشان وشمال القوقاز عموماً، وهي المنطقة الواقعة بين البحر الأسود وبحر قزوين (عملياً في شرق أوروبا)، وتضم إلى جانب الشيشان، جمهورية داغستان وجمهورية أنغوشيا الروسيتين المستقلتين ذاتياً وجمهوريات صغيرة أخرى . حتى إن وسائل الإعلام الأمريكية ظلت تطلق تسمية ldquo;المتمردينrdquo; وليس الإرهابيين على ldquo;الجهاديينrdquo; الشيشانيين وأنصارهم الشرق أوسطيين .

لقد أصبح ldquo;العدوrdquo; في الداخل، هذا ما حصدته واشنطن من الاستهتار بمصير ldquo;الفيروسrdquo; الذي صنعته في مختبراتها السرية . . ونعني بذلك تصنيعها تنظيم القاعدة في أدغال وجبال أفغانستان وأوكار مخابراتها في باكستان وفي لانغلي (مقر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بولاية فيرجينيا) إبان ذروة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ولجوء واشنطن لتعبئة المسلمين تحت شعار الجهاد ضد ldquo;الكفرةrdquo; السوفييت المحتلين لأرض الإسلام الأفغانية . وحين تمرد عليها جناح ابن لادن (بعد بيعها له ولأنصاره الذين ذادوا عن مصالحها)، صارت واشنطن تعمل على مسارين، تُلاعب الفصيل القاعدي الذي بقي تحت سيطرة وتوجيه أجهزة الدولة العميقة، وتقاتل الفصيل المتمرد عليها . كان ذلك حتى وقت قريب يتم خارج الحدود . أما اليوم فلقد نجح ذلكم الفصيل المتمرد في تأسيس وجود مادي له داخل الأراضي الأمريكية، أي أن العدو المنقلب صار في الداخل بعد أن تمكن من مأسسة هذا الوجود عبر المؤسسات الدينية المتشددة التي نمت في كنف تلك الأجهزة . وهنا مكمن الخطر الذي صار يمثله تفريخ القاعدة لجيل جديد من الإرهابيين في الداخل الأمريكي . إنه ldquo;فخرrdquo; الصناعة الوطنية الأمريكية .

. .ومع ذلك يضطر، على ما يبدو، الرئيس أوباما لمغافلة واستغفال الأمريكيين زاعماً ldquo;أن القتلة فشلوا لأن الأمريكيين يرفضون الإرهابrdquo; .


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
Evil consumes evil
Salman Haj -

I am sorry to say that the American Department of State coddled and pampered the Chechen and other Caucasus terrorist when they were blowing Russian apartment buildings and killing children, as in Beslan. ...........And I am sorry to say that America incubated trained, and developed the evil Islamic extremist , irrational, terrorist movement to fight what it considered the short term evil of communism. ........That evil has turned on America. No surprises here. Evil does not have a friend...........we need to remember and not forget that Wealthy Arab countries supported American creation of Islamic terror machine..... Was it due to their hate of communism, or their belief that they were aiding their fellow Muslims?....that same evil has also struck at the heart of Arab and Muslim states. Thousands of innocent Muslims are being killed and continue to get killed........the drama is being repeated in Iraq and Syria where legitimate grievances are bringing in terrorists aided and by wealthy Arab countries, international players, and Iran.........Wealthy Arab countries must realize that they can not support evil in one area and prevent it from reaching them, eventually. Even the USA has not been able to contain it, but the USA continues to use it as a tool, even if it gets stung by it sometimes..........Best course for wealthy Arab nations, and an honorable course is to stop support of all violent movements and direct all their assistance to humanitarian help directly, through the UN, or other credible international organizations. Regards

Evil consumes evil
Salman Haj -

I am sorry to say that the American Department of State coddled and pampered the Chechen and other Caucasus terrorist when they were blowing Russian apartment buildings and killing children, as in Beslan. ...........And I am sorry to say that America incubated trained, and developed the evil Islamic extremist , irrational, terrorist movement to fight what it considered the short term evil of communism. ........That evil has turned on America. No surprises here. Evil does not have a friend...........we need to remember and not forget that Wealthy Arab countries supported American creation of Islamic terror machine..... Was it due to their hate of communism, or their belief that they were aiding their fellow Muslims?....that same evil has also struck at the heart of Arab and Muslim states. Thousands of innocent Muslims are being killed and continue to get killed........the drama is being repeated in Iraq and Syria where legitimate grievances are bringing in terrorists aided and by wealthy Arab countries, international players, and Iran.........Wealthy Arab countries must realize that they can not support evil in one area and prevent it from reaching them, eventually. Even the USA has not been able to contain it, but the USA continues to use it as a tool, even if it gets stung by it sometimes..........Best course for wealthy Arab nations, and an honorable course is to stop support of all violent movements and direct all their assistance to humanitarian help directly, through the UN, or other credible international organizations. Regards