أزمة السُنّة و«الشخصيات» الجديدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حسام عيتاني
هل يفرز سُنّة لبنان اليوم قيادات جديدة؟ هل احتلال أسماء هامشية مركز اهتمام الإعلام كممثلين للطائفة السنية في لبنان ومتحدثين باسمها، ظاهرة أصيلة بمعنى تعبيرها عن حاجة الجماعة إلى هذه الوجوه؟
فلا يمر يوم إلا ويظهر أحمد الأسير و "منشده" فضل شاكر وعمر بكري فستق وسواهم ليدلوا بدلوهم في الشؤون العامة والخاصة ومصير المنطقة والعالم. ويعلم كل ذي نظر في لبنان أن النفوذ الفعلي للواحد من هؤلاء لا يصل إلى أول الشارع الذي يقطن فيه وأن لا أمل له بالفوز في انتخابات حرة ولا في نزاع مسلح. يطرح ذلك سؤالاً إضافياً عن الجهة التي "اخترعتهم" وفرضتهم عبر وسائل إعلامها ممثلين للسنّة اللبنانيين، رغم أنوف هؤلاء.
وبعيداً من نظريات المؤامرة، لم يكن ليُسمع صوت للأسير أو فستق أو من هم من طينتهما، لو لم تفشل القيادات السنّية في التعامل مع جملة طويلة من التحديات التي واجهتها، من اغتيال رفيق الحريري إلى اغتيال وسام الحسن، مروراً بفرض النفي على سعد الحريري ومفتي الشمال الشيخ مالك الشعار والاعتداء على الشيخين في منطقة الخندق الغميق وقبل ذلك وبعده اقتحام بيروت في السابع من أيار (مايو) 2008 وتفريغ الانتصار الانتخابي في 2009 من مضمونه.
سلسلة إخفاقات ونكسات "التيار العريض" عند سنّة لبنان، كانت المقدمة لشتائم فضل شاكر المشينة التي نقلها موقع إخباري إلكتروني والموجهة إلى الطائفة الشيعية، فحيث تغيب السياسة بمعناها كإدارة للاختلاف، يحضر المرضى والأمراض التي تتطلب علاجاً أمام المحاكم. لكن الدولة اللبنانية "تنأى بنفسها" عن محاكمة المحرضين على الكراهية الطائفية، كما نأت بنفسها عن منع دخول المسلحين إلى الأراضي السورية.
والشتامون السنّة يعوضون لفظاً واستعراضاً العمل المفقود من قيادات طائفتهم. لا يعني ذلك أن ينخرط السنّة اللبنانيون في سباق تسلح مع الطوائف الأخرى ولا أن ينشئوا ميليشياتهم الخاصة، بل يعني أن جماعة بقوة سنّة لبنان وانتشارها وعلاقاتها ونفوذها، كان يمكنها العثور على العديد من الردود على الهجمات التي تتعرض لها من التحالف المقابل، وأن تردع في الوقت عينه أي متسلق من الصعود على حسابها.
لا يعني هذا الكلام أن سنّة لبنان "أرقى" من أن يستخدموا اللغة الطائفية الصريحة، فمثلهم مثل باقي الطوائف التي لا تتورع عن التعبير عن استيائها وضيقها باللغة الأقرب إلى المتداول في الشارع ووسائل الإعلام. بل يعني أمراً آخر. فهو يقول إن الطائفة السنية تشهد في هذه المرحلة تقدم هوامشها ونوافلها إلى متنها. هوامش تحمل لغتها معها من دون أن تمتلك أدوات التأثير أو الفعل على أي صورة كان.
استعراض الشخصيات السنية التي يجري الترويج لها يومياً، وتحري خلفياتها الاجتماعية والثقافية، لا يترك مجالاً للشك. لا شيء جديراً بالتوقف عنده في سيرهم الذاتية غير بحثهم عن الأدوار والظهور. لا قيمة لشيء قالوه أو فعلوه خارج ما يعتبرونه ردود فعل على "الجرح النرجسي" لجماعتهم.
وفي هذا كله إشارة إلى أزمة مضاعفة يعاني منها سنّة لبنان. أزمة داخل الأزمة، إذا جاز القول. ففيما تخوض باقي الجماعات مرحلة التغيرات الكبرى تحت قيادات واضحة الأهداف، يبدو سنّة لبنان أمام خيارين: الأسر أو المنفى.