تونس: بداية النهاية لعلاقة «النهضة» والسلفيين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تونس - محمد ياسين الجلاصي
تنذر مواجهات وقعت أمس ومساء أول من أمس بين قوات الأمن التونسية وشبان سلفيين في منطقة السيجومي المحاذية لتونس العاصمة، بتوتر قد يشكل بداية النهاية للعلاقة الحذرة بين "حركة النهضة" الإسلامية الحاكمة والتيار السلفي.
واستعملت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق نحو 300 سلفي كانوا بصدد إقامة "خيمة دعوية" من دون ترخيص مسبق. ومنعت قوات الأمن إقامة خيمات مشابهة في العاصمة وعدد من المحافظات ما أثار مواجهات في بعض المناطق.
وفرقت قوات الأمن أمس سلفيين حاولوا نصب خيام دعوة وتوزيع منشوراتهم في تطاوين ومدنين في جنوب شرقي البلاد. وأفادت معلومات صحافية بأن الشرطة فرقت "من دون عنف" سلفيين حاولوا نصب خيمة أمام مقر الولاية في تطاوين (550 كلم جنوب تونس). كما منعت بعض السكان من نصب خيمة في المكان نفسه تمهيداً لتظاهرة ضد البطالة.
ويتهم السلفيون حكومة "النهضة" بالتضييق عليهم، فيما ترى قوات الأمن أن دعاة سلفيين يحرضون عليها بوصفهم الشرطة والجيش بـ "جند الطاغوت"، وهو ما حذرت منه وزارة الداخلية وهددت بملاحقة "كل من حرض على عناصر الأمن سواء عبر الخيمات الدعوية أو عبر الخطب أو عبر الإنترنت". وتقول مصادر أمنية إن سلفيين استعملوا زجاجات حارقة في المواجهات التي تشهد أحياء شعبية في العاصمة احتقاناً كبيراً على خلفيتها.
وتأتي عملية المنع غير المسبوقة، قبيل عقد ملتقى سنوي لتنظيم "أنصار الشريعة" السلفي في محافظة القيروان الأحد المقبل. وأعلن وزير الداخلية (المستقل) لطفي بن جدو نية وزارته منع انعقاد المؤتمر "للظروف الأمنية التي تمر بها البلاد".
غير أن التنظيم أعلن عبر موقعه على الإنترنت تمسكه بـ "حقه" في عقد مؤتمره السنوي. وتوقع القيادي في "أنصار الشريعة" سامي الصيد في تصريحات صحافية أن يشارك في المؤتمر السنوي الثالث أكثر من 35 ألفاً من أنصار "السلفية الجهادية" ليفوق عدد المشاركين في مؤتمر السنة الماضية الذين كانوا نحو 30 ألفاً.
وعلى رغم أن القيادي السلفي خميس الماجري نصح في بيان "أنصار الشريعة" بـ "التعقل وعدم الانجرار إلى المواجهة مع الدولة"، إلا أنه لم يدعهم إلى إلغاء المؤتمر، ما يغذي التوقعات بمواجهة بين الأمن والسلفيين.
وتأتي الحملة على السلفيين على خلفية انتماء متورطين في عمليات مسلحة ضد الأمن والجيش التونسيين إلى "أنصار الشريعة" قبل أن يلتحقوا بجماعات مسلحة في الجزائر وليبيا، ما يطرح تساؤلاً عن مدى إيمان التنظيم بأن تونس ليست أرض جهاد كما تصرح بذلك قياداته.
كما اشتدت المواجهات بعد التحول الجذري في خطاب قيادات "النهضة" ووزراء إزاء السلفيين، خصوصاً تصريح رئيس الحركة راشد الغنوشي بأن "لا حوار مع من يهدد الدولة والمجتمع"، إضافة إلى تصريح وزير حقوق الإنسان القيادي في "النهضة" سمير ديلو الذي اعتبر أن تونس "ليست أرضاً للدعوة السلفية"، وهو ما أثار غضب قيادات سلفية شنت هجوماً حاداً ضده.
ويبدو أن الوضع الإقليمي شجع "النهضة" على الحسم مع السلفيين بعد أن كانت تدافع عنهم وتعطي الغطاء السياسي لعدد من تحركاتهم التي تثير حفيظة الرأي العام في تونس. كما أن عدداً من الأحزاب رهن إنجاح الحوار الوطني الذي يرعاه الرئيس المنصف المرزوقي بالحزم مع السلفيين، إضافة إلى تململ غربي من النشاط السلفي المكثف في تونس الذي شكل خزاناً للتجنيد في جبهات القتال في مالي وسورية والجزائر.
واستنكرت منظمات مجتمع مدني وعاملون في القطاع السياحي ورجال أعمال وصول الأنشطة السلفية و "الخيمات الدعوية" إلى المناطق السياحية، وهو ما سيؤثر سلباً في القطاع السياحي علماً بأن السياحة تشكل نسبة كبيرة من موارد البلاد. ودعا المؤتمر الوطني لدفع الاقتصاد أول من أمس الحكومة إلى "التصدي للنشاط السلفي الذي من شأنه الإضرار بالنشاط السياحي".
التعليقات
وجهان لعملة إرهاب واحدة!
محمد - تونس -لا أوافق الكاتب على ما ذهب إليه في الفقرة الأولى من مقاله. علاقة النهضة بالسلفيين علاقة عضوية لا تنفصم. قد تشهد توترا ظرفيا أو اختلافا على الأساليب، ولكن المنطلق واحد، والمرامي والأهداف نفسها. ولعل ما انتهجته حركة النهضة إلى حد الآن من خطاب مزدوج وكيل بمكيالين ونوايا خفّية تكشفها من حين إلى آخر زلة لسان، أو تحمّس يعقبه تراجع، أو مغالطة سافرة يفضحها تناقض، هو أخطر ألف مرة من تشدد السلفيين الذين لا يحملون همّ الحُكم أو عبء التظاهر بقبول ديمقراطية يمقتونها.تواطؤ حركة النهضة مع المتشددين، وبحث عن الأعذار لهم، والتغطية على تجاوزاتهم، وتقديم الوعود (المسرّبة على يوتيوب) لهم سرّا، هي التي ساهمت أكثر من غيرها في تفريخ الإرهاب الذي بدأنا نواجهه في تونس. والأمثلة أكثر من أن تُحصى.لقد انكشفت حركة النهضة عندما تحوّل خطابها المطمْئن على حقوق الانسان التونسي وحرياته الأساسية، أثناء الحملة الانتخابة وقبلها، الى مواقف تهدد بتقويض القليل مما أنجزناه بشق الأنفس في اتجاه النهوض بتلك الحقوق والحريات.إن تونس تواجه الأن خطرا لا خطر بعده: اغتيال الحريات من منطلق إيديولوجي متعصب يرفض الاختلاف ويقمعه. وإذا ما سمحنا لهذه الأفة بالتفشي، فإنها ستفتح الباب أمام جميع الآفات الأخرى.