جريدة الجرائد

الأردن يتبنى التضييق على الأسد ويدعم تسليح المعارضة «المعتدلة»

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عمان - تامر الصمادي

يبدو أن كل الظروف تحمل الأردن على القلق في شأن الصراع المستمر في جارته الشمالية سورية. كما تدفعه للخوف من امتداد النزاع الدموي إليه، أو أن يهدد الإسلاميون المتشددون داخل صفوف المعارضة المسلحة أمن المملكة.

وتخشى عمان تضارب المعلومات بخصوص مخزون الأسلحة الكيماوية السورية، وتفكك البلاد إلى دويلات مذهبية متصارعة نهاية عام 2013.

وقال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أثناء استضافته أعضاء البرلمان الجدد في قصر الحمر (غرب عمان) الأسبوع الماضي: "اتخذنا كافة الإجراءات لضمان أمن واستقرار المملكة"، من دون أن يعلن عن تفاصيل هذه الإجراءات.

ولفت إلى نشاط مكثف تبذله الديبلوماسية الأردنية، لإيجاد حل سياسي شامل، "يجنب سورية خطر التقسيم أو الانهيار". كما قدم سيناريوات عدة غير معلنة في هذا الخصوص، أثناء زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، فيما نجح المسؤولون الأردنيون بإرسال إشارات حاسمة لنظام الرئيس بشار الأسد، عبر وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، الذي زار العاصمة الأردنية قبل أيام.

وتخشى عمان حكم الإخوان المسلمين سورية ما بعد الأسد، ما قد يشجع فرعهم الأردني، التيار المعارض الأبرز في البلاد.

وقال مرافقون للعاهل الأردني خلال زيارته إلى واشنطن لـ "الحياة" إن الملك "طالب الإدارة الأميركية بقيادة تحرك سياسي صلب، يكفل تضييق الخناق على الأسد، للتخلي عن الحكم بحلول 2014، وأنه في حال تمسك الأخير بموقفه، يتم اللجوء إلى تمكين المعارضة السورية المعتدلة (الجيش الحر) من حسم المواجهة على الأرض، عبر الدعم والإسناد في مجالات التدريب والتسليح وتوفير الغطاء الجوي إذا لزم الأمر".

وأضاف المرافقون أن المحادثات الأردنية- الأميركية "كشفت انقساماً شديداً بين أوساط الحكم في واشنطن حيال الوضع السوري، واضطراباً في تعريف مصالحها الاستراتيجية".

وأشار هؤلاء إلى موقف وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، الذي يقف سداً منيعاً أمام أي تدخل عسكري، إلا إذا ثبت قيام النظام السوري باستعمال الأسلحة الكيماوية، فيما أظهرت اللقاءات ذاتها اندفاعاً لدى وزير الخارجية جون كيري، نحو تدخل أميركي، يحاكي الطريقة اليوغوسلافية، أي ضربات جوية تشل حركة النظام.

وتأمل واشنطن وموسكو بعقد مؤتمر دولي، لإيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية، تنطلق من مبادرة جنيف التي تم التوصل إليها نهاية حزيران (يونيو) 2012.

إلا أن المبادرة وإن دعت إلى تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة، فإنها لا تشير صراحة إلى مصير الرئيس السوري.

ولفت المرافقون إلى أن الملك عبدالله حذر المسؤولين الأميركيين من إمكان تفكك سورية لدويلات مذهبية متصارعة، إذا لم تحل أزمتها قبل نهاية العام.

وقال المحلل السياسي فهد الخيطان، أحد أعضاء الوفد المرافق للعاهل الأردني في زيارته واشنطن، إن الملك "يخشى أن يؤدي إهمال الوضع السوري إلى كارثة"، وإن نافذة الحل السياسي "بدأت تضيق"، وإنه "لا بد من وقفة أميركية قوية" للتفاهم مع روسيا لإنجاز حل سياسي شامل".

وأضاف: "تم التأكيد خلال الــلقاءات الأميركية- الأردنية على ضرورة تنظيم المعارضة السورية، وتوحيد مواقفها، والعمل المكثف مع الأطراف الوطنية المعتدلة، وتأهيلها سياسياً وعسكرياً إذا تطلب الأمر، لكن الأردن شدد على رفض التدخل العسكري المباشر، تحت أي ظرف".

وأكدت الحكومة الأردنية مراراً أن مهمة وجود القوات الأميركية على الأرض الأردنية "تنحصر فقط بمجالي التدريب والتخطيط، للمساعدة على مواجهة الأخطار المحتملة للأسلحة الكيماوية".

ويوجد نحو 3 مخازن من هذه الأسلحة قرب الحدود السورية- الأردنية، بحسب معلومات استخباراتية أردنية.

وزار زير الخارجية الإيراني عمان الأسبوع الماضي، والتقى كبار المسؤولين، محملاً برسائل تطالبهم البقاء على الحياد تجاه أي توجهات عسكرية محتملة ضد سورية، ومنع تسلل المقاتلين الإسلاميين لأراضيها، والبحث عن حلول سياسية مشتركة لحل أزمتها، وهو ما أكدته مصادر ديبلوماسية تحدثت إليها "الحياة".

وقالت المصادر إن لقاءات صالحي مع المسؤولين الأردنيين "لم تحقق أي اختراق يذكر على صعيد الأزمة السورية، أو على صعيد فتور العلاقات بين البلدين".

وامتنعت المملكة الأردنية طيلة السنوات الماضية عن تعيين سفير لها في طهران، لكنها أبقت على سفارتها هناك، والحال نفسه بالنسبة للسفارة الإيرانية لدى عمان.

وقالت المصادر ذاتها، إن المملكة الأردنية "أرسلت مع المسؤول الإيراني إشارات شفوية حاسمة إلى النظام السوري، تؤكد موقف الأردن الداعي لحل سياسي شامل، يرتبط بمحددات زمنية لا تتجاوز نهاية العام".

وكان واضحاً أن الأردن سعى من الزيارة لسماع أي مبادرات جديدة، كما حاول الحصول على إجابات عالقة من قبل حلفاء الأسد الإيرانيين.

واعتبر بعض المواقع الإيرانية التي هاجمت الزيارة، مثل موقع "إيران برتو"، أنها "تتعلق بالدور الأردني المحتمل كمدخل لأي عمل عسكري ضد سورية".

وقال الناطق السابق باسم الحكومة الأردنية، الوزير سميح المعايطة لـ "الحياة" إن الأردن "بات لاعباً أساسياً للوصول إلى حل سياسي شامل".

وأوضح أن بلاده "تسعى لمنح الحل السياسي مساحة كاملة، لكنها لا تستبعد فكرة اللجوء إلى التصعيد العسكري، إذا ما أصر النظام السوري على موقفه".

ويستضيف الأردن نحو 540 ألف لاجئ سوري أغلبهم من الفقراء، وهو ما يعادل نحو 10 في المئة من عدد سكانه البالغ 7 ملايين نسمة. ويقيم بعضهم في مخيمات، بينما تنتشر الغالبية في البلدات والمدن الأردنية.

وفي مخيم الزعتري شمال الأردن، وهو أكبر تجمع للاجئين السوريين على مستوى العالم، بحسب الأمم المتحدة، تركت الحرب ندوباً كبيرة على وجوه قاطنيه.

وقال أحمد الدرعاوي (58 سنة) الذي فر وعائلته من إحدى قرى جنوب سورية "نتمنى أن نعود إلى ديارنا وأن يسقط بشار في أقرب وقت. الحياة داخل هذا السجن (المخيم) لم تعد تطاق".

وقال محمد أبا زيد (46 سنة) الذي فر وزوجته وأبناؤه الستة من قصف عنيف على بلدة بصرى الحرير قرب درعا: "هنا نعاني الجوع والحرمان. أطفالي مصابون بأمراض صدرية مزمنة وأحدهم أصيب بفشل كلوي حاد".

ويتبنى الأردن موقفاً محفوفاً بالمخاطر تجاه النظام السوري الذي اتهمه غير مرة بإرسال خلايا نائمة إلى أراضيه، كما يخشى صعود مقاتلين متشددين في سورية ينظرون إلى الحكم الملكي الهاشمي بعين العداء التي ينظرون بها للنظام السوري.

وفي مدينة الزرقاء التي تبعد بضعة كيلومترات عن عمان، وتعد معقلاً لنفوذ التنظيمات السلفية، قال الدكتور منيف سمارة وهو أحد قادة الجهاديين لـ "الحياة" إن الحكومة الأردنية "تخشى أن يعود المجاهدون الأردنيون ويعلنوا القتال هنا".

وأضاف أن إحكام السيطرة على الحدود الأردنية- السورية "حد من تدفق مئات المقاتلين خلال الأسابيع والأيام الماضية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف