نواز شريف.. يعود من جديد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ماجد محمد الأنصاري
ظهرت نتائج انتخابات باكستان البرلمانية، اكتساح حزب الرابطة الإسلامية الذي يترأسه نواز شريف رئيس الوزراء الأسبق غريمه التقليدي حزب الشعب، الذي ينتسب إليه آصف زرداري الرئيس الحالي وزوج رئيسة الوزراء السابقة بينازير بوتو. شريف يعود ليحكم باكستان للمرة الثالثة بعد أن ترأس الوزراء بين عامي 90 و93 و97 و99 من القرن الماضي.
شريف ولد عام 1949 في إقليم البنجاب الأكبر والأكثر ازدهاراً في باكستان، وبكونه ابن عائلة ثرية انخرط شريف ابتداءً في التجارة، ولكن تأميم حكومة ذوالفقار علي بوتو -والد بينازير- العسكرية لصناعة الفولاذ التي بنت عائلة شريف إمبراطوريتها من خلالها، أدى بشريف إلى خوض بحار السياسة منضماً إلى حزب الرابطة الإسلامية، حيث برز سريعاً وعين وزيراً لمالية إقليم البنجاب وسطع نجمه أثناء حكم الجنرال ضياء الحق الذي عين شريف لاحقاً حاكماً لإقليمه البنجاب، ليدخل بذلك دائرة السياسة على المستوى الوطني.
خلال فترة حكم ضياء الحق كون شريف علاقات متميزة مع العسكر ونجح في استرجاع صناعة الفولاذ من الحكومة وأعاد تشكيل إمبراطورية العائلة، مستثمراً في ذات الأوان مبالغ طائلة في المملكة العربية السعودية ودبي. عرف شريف بتأييده البالغ لحكم ضياء الحق، واستثمر هذه العلاقات في الصعود أكثر وأكثر في الوسط السياسي.
بعد موت ضياء الحق انقسم حزب الرابطة الإسلامية الذي كان يرأسه إلى حزبين، الأول يضم الأوفياء لنهج ضياء الحق، والثاني يمثل الراغبين في التغيير. شريف قاد الحزب الأول ونجح بعد سقوط حكومة بينازير بوتو بتهم فساد في الوصول إلى السلطة من خلال وعود الإصلاح ومحاربة الفساد وتطوير البنية التحتية، يضاف أنه وبحكم أن الرابطة الإسلامية كانت تمثل اليمين الباكستاني حاز شريف أصوات الوسط الديني والمتدينين، وقام بعد ذلك خلال رئاسته للوزراء بإصلاحات عديدة تجاه أسلمة الدولة.
زادت الخلافات بين شريف ورئيس الدولة آنذاك إسحق خان حتى وصلت إلى طريق مسدود، مما دفع بالجيش إلى التدخل لفض النزاع، وتم ذلك من خلال إقناع كل من الرئيس ورئيس الوزراء بالاستقالة، وعادت بوتو إلى الحكم بعد انتخابات عقدت خلال ثلاثة أشهر من استقالة الرجلين.
بوتو زعيمة حزب الشعب الذي يتمركز في إقليم السند وجدت صعوبة بالغة في إدارة الأمور في ظل وجود شريف على رأس المعارضة، خاصة عندما استطاع شريف أن يكوّن تحالفاً مع الأخ الأصغر لبوتو مرتضى، والذي أوجد لشريف وحزبه البنجابي موطئ قدم في قلعة بوتو الحصينة إقليم السند.
عمل شريف على فضح فساد حكومة بوتو وأسهم في تنظيم العديد من الإضرابات وطاف باكستان يحدث العمال والفقراء مع شريكه الجديد مرتضى بوتو، والذي أدى مقتله الغامض في اضطرابات في إقليم السند عام 1996 إلى تضييق الخناق على حكومة أخته الكبرى. اتهمت بوتو باغتيال أخيها الأصغر وبالكثير من تهم الفساد، واضطرت إلى الاستقالة عام 1997.
عاد شريف إلى الحكم عام 1997 وفاجأ العالم بإجراء أول تجربة نووية باكستانية بعد ذلك بعام، رداً على قيام الهند بتجارب مماثلة، كما عدل الدستور ليقود البلاد نحو نظام برلماني، ساحباً بذلك السلطات من الرئيس لصالحه، لكن العلاقات بين شريف والقضاء والعسكر بدأت في التدهور، خاصة عندما قام شريف بعزل بعض القضاة في محاولة للتأثير على المحكمة العليا التي دخل معها في صراع حول دستورية التعديلات التي طبقها. في صراعه مع الجيش، قام رئيس الوزراء بعزل قائد الجيش ليعين خلفاً له الجنرال برفيز مشرف، والذي قام بدوره بإسقاط حكومة شريف في انقلاب أبيض سجن على إثره شريف ونفي بعدها إلى السعودية حتى عام 2007.
مع ضعف حكومة مشرف، عاد الغريمان بوتو وشريف إلى التحالف، وتعهدا باسترجاع الحكم من العسكر، وعاد الاثنان إلى باكستان، إلا أن بوتو قتلت، وكان مقتلها كما كان مع أخيها الأصغر سبباً في إسقاط الحكومة، ليتولى زوجها رئاسة الدولة ممثلاً لحزب الشعب الفائز بالانتخابات. في هذا الوقت تفرغ شريف لبناء قاعدة قوية في إقليم البنجاب الذي نجح حزبه في الحصول على حكمه في الانتخابات، وعمل طوال السنوات السابقة على تنمية قواعد الحزب وتوسيع دائرته حتى خاض الانتخابات التي جرت خلال الأيام الماضية ليفوز بأغلبية كبيرة على حزب الشعب، ويعود بذلك إلى سدة الحكم.
شريف صاحب تجربة ثرية وسياسي من الطراز الأول، فها هو يتعهد بتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة، وفي ذات الوقت يأتي ببرنامج إسلامي محافظ، ولكن الإرث الذي تركه له مشرف وزرداري على الأصعدة المختلفة سيحتاج إلى سنوات للتعامل معه، وسنرى هل سيستطيع شريف أن يعيد البريق لنجمة باكستان التي تجاور الهلال على علم البلاد؟