«إن كنتم حمقى فامنعونا»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الرحمن الراشد
هذا ليس عنوان مقالي، بل عنوان حملة جماعة إسلامية متطرفة في تونس، والمقصود بالحمقى هم جماعة النهضة الإسلامية وحكومتها. والمفارقة أن إسلاميي "النهضة" كانوا يشككون في وجود جماعات إرهابية، ويستنكرون منع الحملات الدعوية والنشاطات الخيرية بحجة أنها إسلامية. التاريخ يعيد نفسه. المانع الآن هي حكومة النهضة الإسلامية، والممنوع "جماعة أنصار الشريعة"، ووسيلة الردع أجهزة الأمن التي فضت خياما للدعوة وتوزيع منشورات الحركة السلفية. وقد حظرت وزارة الداخلية على "كل جمعية أو أشخاص أو حزب سياسي القيام بأنشطة دعوية في الأماكن العامة من دون ترخيص مسبق". حركة "أنصار الشريعة" وصفت قادة حزب النهضة الإسلامي، مثل الشيخ الغنوشي بـ"الطواغيت المسربلين بسربال الإسلام" ومحذرة: "أذكركم أن شبابنا الذي أظهر من البطولات في الذود عن الإسلام في أفغانستان والشيشان والبوسنة والعراق والصومال والشام لن يتوانى أبدا في التضحية من أجل دينه في أرض القيروان".
وعندما كانت حكومة زين العابدين بن علي تمارس الشيء نفسه، تفض التجمعات الدينية المتطرفة، وتسجن قياداتها وقفت هذه الجماعات موقفا معارضا ووصفت ممارسات بن علي بالديكتاتورية وبأنه يخترع الأزمات لاتهام الإسلاميين بالإرهاب لمنعهم من العمل السياسي!
والحالة ليست خاصة بتونس، هذه مصر، أكبر دول بلدان الربيع العربي، هي الأخرى تشهد بداية مواجهات بين الحكومة الإخوانية الإسلامية والجماعات الجهادية. وزير الداخلية المصري سارع للإعلان بأن "الشرطة وجهت ضربة قوية ضد خلية إرهابية خططت لهجوم انتحاري من بينها مؤامرة في مراحلها النهائية لهجوم على سفارة أجنبية". الإخوان كانوا أيضا يتهمون حكومة مبارك التي ثاروا عليها، بأنها تفتعل اتهامات تلصقها بجماعات إسلامية لتبرر محاصرتها لها، وكانت تكذب كل ما قيل عن مؤامرات الإرهاب واستهداف المؤسسات المصرية والأجنبية.
الآن، كيف تفسر نفسها هذه الجماعات بعد أن وصلت إلى الحكم وأصبحت تعاني من المرض نفسه، التطرف الديني الذي يهاجم المجتمع كله، لا الحكومة والعاملين في الحقل السياسي؟ والأهم كيف نقرأ مستقبل محاربة التطرف والإرهاب؟
كانت الحكومات التي تحارب الإرهاب تتهم بأنها في صف الغرب وحملته ضد الإسلام، اليوم الحكومات التي تحاربهم ترفع شعار الإسلام لكنها على الضفة الأخرى، تعتبرهم حالة متطرفة يجب استئصالها. تطور إيجابي لكنه لا يخلو من الانتهازية، حيث ترغب هذه الجماعات في الادعاء بأنها تأهلت للانخراط في المجتمع الدولي، فكريا وسياسيا وكذلك ديمقراطيا، وشكرا للجماعات السلفية المتطرفة التي تقوم من خلال تصرفاتها الخرقاء وأفكارها المتطرفة بتلميع صورة الإخوان وأمثالهم.
التعليقات
الإرهاب إرهاب
أشرف - تونس -الكاتب يميّز بين التيار الإسلامي الذي يمارس الحكم في تونس اليوم وبين التيار السلفي الذي يحاول فرض رؤاه على المجتمع بالتكفير تارة، وبالتفجير أخرى. والواقع أن التمييز في غير محله، فالأول هو القناع "الحضاري" للثاني، بينما الثاني هو الجهاز التنفيذي للأول، وأحيانا يهددنا الأول بالثاني كبديل غير مقبول، في حين يتوعد الثاني الأولَ في مسرحية ترمي إلى إظهار من هم في الحكم بمظهر أخف الضررين. إن الإرهاب إرهاب، سواء جاء في شكل رصاصة سلفية تغتال، أو في شكل خنق حكومي للحريات يجعلنا نتحسّر على أيام مضت ما كنا نتصوّر أننا سنعيش أسوأ منها. والتواطؤ بين حركة النهضة والسلفيين موثّق، وصقور الحركة لا يزالون يدعون علنا من داخلها إلى نفس ما يدعو إليه السلفيون، وحتى لو صدّقنا حركة النهضة في إدانتها لتجاوزات السلفين، وتقربّها من الرأي العام قبيل الانتخابات، فإن ذلك يشبه موقف من قتل والديه ثم طلب الرحمة من القاضي ... لأنه يتيم.
الإرهاب إرهاب
أشرف - تونس -الكاتب يميّز بين التيار الإسلامي الذي يمارس الحكم في تونس اليوم وبين التيار السلفي الذي يحاول فرض رؤاه على المجتمع بالتكفير تارة، وبالتفجير أخرى. والواقع أن التمييز في غير محله، فالأول هو القناع "الحضاري" للثاني، بينما الثاني هو الجهاز التنفيذي للأول، وأحيانا يهددنا الأول بالثاني كبديل غير مقبول، في حين يتوعد الثاني الأولَ في مسرحية ترمي إلى إظهار من هم في الحكم بمظهر أخف الضررين. إن الإرهاب إرهاب، سواء جاء في شكل رصاصة سلفية تغتال، أو في شكل خنق حكومي للحريات يجعلنا نتحسّر على أيام مضت ما كنا نتصوّر أننا سنعيش أسوأ منها. والتواطؤ بين حركة النهضة والسلفيين موثّق، وصقور الحركة لا يزالون يدعون علنا من داخلها إلى نفس ما يدعو إليه السلفيون، وحتى لو صدّقنا حركة النهضة في إدانتها لتجاوزات السلفين، وتقربّها من الرأي العام قبيل الانتخابات، فإن ذلك يشبه موقف من قتل والديه ثم طلب الرحمة من القاضي ... لأنه يتيم.