«يالطا» جديدة بوابتها «جنيف2».. وترقب «سايكس بيكو» ثانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صالح القلاب
لم يعد هناك أي شك في أن هناك أمرا مريبا يجري بين الأميركيين والروس، بعيدا عن كل المعنيين بالأزمة السورية، حتى بما في ذلك نظام بشار الأسد نفسه؛ فهذه المفاوضات بين جون كيري وسيرغي لافروف المستمرة منذ ما قبل "جنيف الأولى" وبعدها، والتي انتقلت أخيرا من موسكو إلى باريس، لا بد أنها تدور حول قضايا أبعد وأهم من مجرد الاتفاق على المرحلة الانتقالية التي يجري الحديث عنها لحل الأزمة السورية وصلاحيات الحكومة التي من المفترض أن تشرف على هذه المرحلة وما إذا كانت هذه الصلاحيات ستشمل الجيش والأجهزة الأمنية والبنك المركزي أم لا، وأيضا ما إذا كان الرئيس السوري سيحتفظ بموقعه وبعض صلاحياته لفترة محددة أم أن عليه التنحي المسبق والخروج نهائيا من هذه المعادلة السياسية الجديدة؟!
إنه من غير المعقول أن تضع روسيا نفسها بديلا للنظام السوري على هذا النحو وتتصرف على أنها هي المعنية بهذه الأزمة وليس غيرها، وأن يواصل وزير خارجيتها سيرغي لافروف إطلاق التأكيد تلو التأكيد على أن بشار الأسد باق في موقعه حتى العام المقبل 2014، وأن من حقه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ما لم تكن هناك قضية بين بلاده والولايات المتحدة أكبر كثيرا من مجرد إيجاد مخرج من المأزق الذي أصبحت فيه سوريا وتأثيراته على المنطقة الشرق أوسطية وكل ما فيها من أوضاع مضطربة مقلقة لكل من لهم مصالح في هذه المنطقة.
حتى بالنسبة لحضور حكومة بشار الأسد المؤتمر الدولي (جنيف2) الذي من المفترض أن ينعقد الشهر المقبل، فإن الخارجية الروسية هي التي تحدثت باسم هذه الحكومة وليس وليد المعلم ولا فيصل المقداد، والمعروف أن لافروف بقي يكرر على مدى العامين الماضيين أنه لم يطرح على الرئيس بشار الأسد التنحي، وأنه حتى لو طرح عليه أن يتنحى فإنه لن يقبل وأنه لن يقدم على مثل هذه الخطوة على الإطلاق.
وهكذا فإن آخر ما تحدث به لافروف نيابة عن الحكومة السورية، وربما من دون استشارتها ومن دون علمها، هو الاعتراض على القرار الأوروبي برفع الحظر عن تزويد المعارضة السورية بالأسلحة التي تحتاجها للدفاع عن نفسها وعن شعبها، والقول إن هذا سيؤثر على مؤتمر جنيف المقترح، وإنه قد يحول دون انعقاده، وبالتالي إفشال هذه المحاولة الوحيدة لحل الأزمة السورية.
إن هناك أمرا يجري في الخفاء بين الروس والأميركيين، وإلا فما معنى أن يوافق وزير الخارجية الأميركي جون كيري فجأة على وجهة نظر نظيره الروسي سيرغي لافروف القائلة بأن الجيش والأجهزة الأمنية والبنك المركزي أيضا خارج صلاحيات الحكومة الانتقالية التي تم التوافق عليها من حيث المبدأ بين روسيا والولايات المتحدة، ولكن على نحو لا يزال يلفه الغموض، وبخاصة فيما يتعلق بمصير بشار الأسد في هذه "التسوية" الغامضة التي من الواضح أنه لا تزال أمامها عقبات كثيرة.
إنها لعبة أمم جديدة ينفرد بها الروس والأميركيون من دون علم دول الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر الحليف الرئيس لأميركا، وهذا هو بالتأكيد ما جعل هذه الدول تتخذ قرار تسليح المعارضة السورية من دون التنسيق مع الأميركيين ومن دون التشاور معهم، وأيضا من دون علم ما يسمى مجموعة الـ"بريكس" (الصين وجنوب أفريقيا والبرازيل وروسيا والهند)، المحسوبة على موسكو وتشكل معها تكتلا يرفض وحدانية القطبية العالمية، ويطالب بصيغة تعددية جديدة لهذه القطبية.
وهنا فإنه لا بد من الإشارة إلى أن مسؤولا سابقا لمخابرات أكبر دولة فيما كان يسمى مجموعة أوروبا الشرقية، التي كانت جزءا من حلف وارسو وتدور في فلك الاتحاد السوفياتي، قد أبلغ مسؤولا عربيا قبل أسابيع بأنه حصل على معلومات، بحكم موقعه السابق وعلاقاته الروسية الحالية، تؤكد أن المؤتمر الدولي (جنيف2) الذي ينفرد الأميركيون والروس بالإعداد له سيكون بمثابة "يالطا" جديدة، وأنه، إلى جانب قراراته واتفاقاته المعلنة المتعلقة بالأزمة السورية التي يجري الحديث عنها، ستكون هناك اتفاقات سرية بين روسيا والولايات المتحدة، وعلى أساس أن أميركا قد تخلت عن مكانة "القطب" العالمي الواحد والأوحد لمصلحة الثنائية القطبية، وعلى غرار ما كان عليه الوضع قبل انهيار الاتحاد السوفياتي وما كان يسمى "المنظومة الاشتراكية" في بدايات تسعينات القرن الماضي.
ولقد قال هذا المسؤول الأمني الأوروبي الشرقي السابق، مما قاله للمسؤول العربي الآنف الذكر، إن ما يجري بين روسيا والولايات المتحدة، وبين جون كيري وسيرغي لافروف، وما سيجري في القمة المنتظرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما؛ هو الاتفاق على تقاسم النفوذ في المنطقة الشرق أوسطية، وربمـا أيضا في أفريقيا، وإن هذا يعني أن الأوضاع السورية ستبقـى معلقة، وإنه لا حل لهذه الأزمة قبل التفاهم والاتفاق بين الأميركيين والروس على حصـة كل منهما في خريطة النفوذ الجديدة في هذه المنطقة الاستراتيجية الحساسة.
وحسب هذا المسؤول الأمني الأوروبي الشرقي السابق أيضا، فإنه إذا جرى الاتفاق بين الأميركيين والروس على تقاسم النفوذ في هذه المنطقة، فإنه من غير المستبعد أن تختفي دول حالية، وأن تظهر دول جديدة، وأن الدولة الفلسطينية المنشودة ستكون من بين هذه الدول الجديدة التي ستظهر. وهو، أي هذا المسؤول، قد قال إن العراق كدولة واحدة ستكون مستهدفة بهذه الخريطة الجديدة، وإن مشكلة القدرات النووية الإيرانية ستكون جزءا من هذه الصفقة الأميركية - الروسية التي تجري المفاوضات بشأنها تحت غطاء البحث عن حل "استراتيجي" للأزمة السورية.
وحقيقة فإن ما يعزز هذا الذي قاله هذا المسؤول الأوروبي الشرقي السابق هو أن فلاديمير بوتين قد استغل ضعف الرئيس الأميركي باراك أوباما وخوف إدارته من الغرق في مستنقع جديد كذلك المستنقع القديم في فيتنام، وكالمستنقعين الجديدين في أفغانستان والعراق، وبادر إلى اختراع مجموعة الـ"بريكس" الآنفة الذكر التي تطالب بإنهاء صيغة الأحادية القطبية في العالم لحساب صيغة جديدة قائمة على التعددية القطبية؛ كي يفرض على الأميركيين إعادة تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط كبداية، وكي يشمل هذا التقاسم لاحقا كل الكرة الأرضية.
لقد بات واضحا أن بوتين، الذي يتصرف على أنه أحد أباطرة روسيا القديمة، استغل الأزمة السورية التي انفجرت في مارس (آذار) 2011، وبقي يحول دون أي حل لها لا يضمن له إجبار الأميركيين على الاتفاق مع الروس على خريطة جديدة لهذه المنطقة الشرق أوسطية تعيد لهم بعض ما كانوا خسروه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بدايات تسعينات القرن الماضي.
وهذا يعني ويؤكد أن ما يجري بين الأميركيين والروس هو أبعد كثيرا من مجرد الاتفاق على الأزمة السورية المتفاقمة والمستفحلة، وأن موسكو ترى أنها خسرت أوروبا الشرقية كلها، وخسرت الشرق الأوسط كله تقريبا، وخسرت أيضا قبل وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بدايات تسعينات القرن الماضي مصر وإثيوبيا (هيلا مريام) والصومال (سياد بري)، وحديثا ليبيا (معمر القذافي)، في لحظة تاريخية مريضة، وأنه عليها بعدما تعافت ووقفت على قدميها أن تستغل ضعف الرئيس الأميركي وضعف إدارته لتستعيد إن لم يكن كل ما خسرته فبعضه على الأقل.
إن هذه مسألة في منتهى الخطورة والجدية، ولذلك فيقينا أنه إذا بقيت الدول العربية تنشغل بقشور الأزمة السورية، التي لم يستفد منها حتى الآن إلا الروس والإيرانيون وبعض أتباعهم، على هذا النحو، فإنها ستجد نفسها أمام واقع إقليمي ودولي جديد كالواقع الذي وجد العرب أنفسهم أمامه بعد الحرب العالمية الأولى، وربما أخطر، وإنها ستجد أنها مضطرة إلى التعاطي مع مستجدات كالمستجدات التي ترتبت على "وعد بلفور" المشؤوم، وعلى اتفاقيات سايكس - بيكو المعروفة.
التعليقات
الخرائط الجديدة !!
علي البصري -من المؤكد ان الدول الكبرى هي التي تغير خرائط العالم فلم يستطيع صدام ولا الخميني وبعد 8 سنوات حرب الا ان يرجعوا الى البداية مع خسارة مليون انسان وتحطيم المدن وخسارة ترليون دولار كانت شعوبهم في امس الحاجة اليها والطرفين احتفلوا بالنصر !!! التاريخ يعيد نفسه فبعد القتل والتدمير سوف توزع الكيكة والمعارك الاخيرة لم تاتي جزافا انما هي المرتسمات الجديدة للخرائط وممرات الاتصال وزيارة جون مكين المتشدد الصهيوني وصقر الجمهورين الى سورية المحررة لم تاتي عبثا وقد تكون هذه الاجزاء من حصته بينما يكون الساحل والقاعدة الروسية في طوروس من حصة الدب الروسي وتتمكن ايران من حماية حلفائها في لبنان وسورية وتكوين دولة الان او في المستقبل لهم لقاء تنازلات عن برامجها النووي ،فمبروك لكم ربيعكم العربي الزاهر وكيكتكم وخرائطكم الجديدة والى المزيد من التضحيات والشهداء والخراب والى كيكة وخريطة قادمة وفقكم الله مع الشكر الجزيل الى راعي ثورات الربيع العربي هنري برنار والسنتور الجمهوري جون مكين والناتو ونخص بالذكر الامير حمد في قطر حفظه الله ورعاه وكل من شارك بقلمه ودمه في هكذا انتصارات تاريخية ودمتم للنضال ويامحلا النصر بعون الله وليخسا الخاسئون .
علي وعلى اعدائي
احمد -يالطا الجديدة ستكون عادلة اذا شملت بالتغيير او التقسيم الممالك العربية الى جانب الجمهوريات , اما ان تحمي الأنظمة القروسوطية نفسها وحلفائها بالمال , كما جاء بالبالون (الوعد) السعودي بضم مملكتي الأردن والمغرب الى مجلس التعاون الخليجي في ذروة انطلاق ماسمي غربيا بـ ( الربيع العربي ), فهذه قسمة ضيزى تبقي المنطقة العربية مشتعلة الى ما شاء الله من السنين ,
االعرب اخر من يعلم
عراقي حر -اي دول عربيه تتحدث عنها؟؟؟هل الاردن دوله ذات سياده قادره على اتخاذ قرار بعيدا عن امريكا واسرائيل؟؟؟ ام مشايخ النفط ودويلاتهم؟؟ثم لماذا ترضى كل الدول العربيه ان تكون تحت وصاية امريكا تتلاعب بهم ذات اليمين وتقرضهم ذات الشمال بينما يحرم على سوريا ان تتفاوض روسيا نيابة عنها ؟؟الكل في العالم اجمع يدرك ان مايجري من ربيع عربي في المنطقه هي لعبة امريكيه غربيه بأمتياز,, الغايه منها رسم خريطه جديده للمنطقه تتوافق مع متغيرات الوضع العالمي الجديد الذي تريده امريكا وحلفائها,. وان روسيا ومن تحالف معها يقف بالضد من ذلك,. فهل انت اليوم فقط وصلتك الفكره حتى تتفلسف بهذه المقاله ,. وتريد من العرب الانتباه للعبه,. صدقا اذا قيل سابقا انتم امة ضحكت من جهلها الامم,. في اخر المطاف حتى تنتبهوا لما يحاك ضدكم,. لكن المصيبه العظمى هي انكم شركاء بالمال والسلاح والمقاتلين من اجل انجاح هذا المخطط الشيطاني لا لغاية ومكسب يحقق لشعوبكم لكن خدمه لاسيادكم وحفاظا على مواقعكم ,. ولتذهب شعوبكم الى الجحيم,..,!!!!
الزوج المخدوع
عامر -أنا كنت فاكر أن بعض مشيخات الخليج، بسبب أموالها الطائلة، لديها تأثير قوي ونفوذ كبير على صاحب القرار في واشنطن، وأن أي شيء تريده هذه المشايخ لا ترده لها أمريكا. اليوم يتبين لنا في وسرية أن هذه المشايخ مثل الزوج المخدوع، إنها آخر من يعلم، وينفذ..
تخلف
عبدو -آخ يا أصحاب ( الحضارات) تتمنون لو تعيشون عيشة دولنا( المتخلفة ). المشايخ و الممالك علي راسكم ، و صدق الشاعر اللي قال ( أصبر علي كيد الحسود فإن صبرك قاتله! فالنار تأكل بعضها أن لم تجد ما تأكله).