جريدة الجرائد

هل غدر العرب بأصحابهم؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد سلمان العبودي

إذا كان مجرد الصمت يعتبر في بعض الأحوال غدرا، فكيف بمن وعدك ثم أخلفك الوعد؟

هذا هو حال الجيش السوري الحر. الكل توهم بأن العالم العربي وقف معه في الحرب الدائرة هناك ضد النظام القائم منذ أكثر من عامين. لكننا تعلمنا من أحداث فلسطين ولبنان والعراق بأن العرب بقدر ما هم كرماء إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليهم في حل قضاياهم الكبرى.

نحن نعترف بأن العرب لم يعودوا يداً واحدة، وأن كل كيان عربي يعتبر نفسه مستقلا عن الكيانات الأخرى في جميع النواحي، ولكل دولة عربية نظامها المختلف تماما عن الأخرى. وبالتالي، يصبح الإنسان العربي غريبا خارج حدود بلده حتى ولو سافر إلى دولة عربية جارة له. بمعنى آخر: لم يعد هناك وطن عربي واحد من المحيط إلى الخليج.

عند هـذا الحـد، يولـد الإنسـان العربي وفي أعماقه شعور متناقـض بين انتمـائه إلى العرب وانفصاله التام عنهم. وتحول هـذا الشـعور مـع مـرور الوقت إلى أمر اعتيادي بالنسبة للدول التي تعيش في سلام واستقرار، بينما تحول إلى ضغينة وحقد وكـره وشعور بالخيانة بالنسبة للشعوب التي وجدت نفسها لسبب ما تحت رحمة نيران قذائف العدو (سواء أكان عربيا أو أجـنبيا) بينما ظل (أخوتهم في الدين والدم) يتفرجون على مذابحهم ويكتفون بالهتافات والشعارات الفارغة التي لا تسمن. ولطالما شاهدنا على شاشات التلفزة صراخ النساء والشيوخ بصوت عال متساءلين (أين العرب عنا؟)

الحقيقة الكل يسمعهم ولكن لا أحد مستعد للتضحية بنفسه من أجلهم حتى تدور عليه الدوائر. لذا أحس الكويتيون بمعاناة الفلسطينيين عندما احتل صدام بلدهم، ثم أحس العراقيون بآلام الكويتيين عندما كانوا يطلبون نجدة العرب.

ولا أحد يرد عليهم، وعندما ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية بحممها على لبنان شعر اللبنانيون بمدى الألم العراقي تحت وابل القنابل التي ألقتها عليهم الطائرات الحربية الأميركية، ويعيش السوريون هذه الأيام نفس أحزان اللبنانيين وهم يشاهدون بلدهم تتحول إلى أنقاض وشعبهم يتشرد كما تشرد الفلسطينيون والكويتيون قبلهم. وهكذا.

غير أن مصيبة الشعب السوري لها وجه آخر. ففي الوقت الذي يتناحر فيه الأخوة السوريون فيما بينهم لاختلاف في المذهب وفي المعتقد، ظلت الدول العربية كعادتها متفرجة على مسرحية دموية متكررة، بينما تملك كل القوة المادية والمعنوية والعسكرية لإيقاف هذا النزيف الأخوي، وظل الغرب ولأول مرة منقسما حول نفسه.

فالولايات المتحدة تعبت من فشلها المتكرر في حروبها مع المسلمين، وفرنسا وبريطانيا أصبحتا تهددان وتتوعدان أمام عرين الاتحاد الروسي دون الجرأة على اتخاذ قرار حاسم، ناهيك عن الوضع الاقتصادي السيئ في كلا البلدين ومدى خطورة التدخل في بلد تقع على حدوده إسرائيل التي فيما لو هوجمت سوريا قد يتم توريطها رغم أنفها في حرب استنزاف طويلة الأمد من الشرق من جهة سوريا ومن الشمال من جهة حزب الله.

وإسرائيل تعرف جيدا مكر حزب الله في إدارة حروب العصابات وما يملكه من أسلحة يبدو أنها قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي. لذا فضل الغرب التفرج والاقتصار على مشاهدة سلاح حزب الله يتجه نحو سوريا وليس نحو إسرائيل.

وهكذا وقع محاربو الجيش السوري الحر على الجبهة ولسوء حظهم بين كماشتي جيش النظام المدعوم من مقاتلي حزب الله وخبراء إيرانيين وحماية ودعم لوجستي روسي، وبين صمت العرب وهم يتفرجون عليهم متخلين حتى عن دعمهم اللوجستي في الوقت الذي مازالت فيه المعارضة منقسمة على نفسها.

لقد أبلى الجيش السوري الحر كما شاهدناه على شاشات التلفزة بلاء نادراً في مواجهة الآلة الحربية السورية ولو وفوا بوعودهم من شجعوهم في البداية على القتال فلربما سقطت دمشق.

الجيش السوري الحر ما هو إلا ضحية جديدة لتخلي العرب عنهم كما تخلوا عن غيرهم من قبل، وضحية لانشغال أحزاب المعارضة السورية في الخارج في صراعات أثرت سلبا على نفسية المقاتلين، وضحية لسياسة الغرب الذي غلبت مصالحه على مستقبل الأمة العربية بأكملها.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
للأسف الشديد.
محمد -

للأسف الشديد أقول وهل يوجد عرب أو هل يحسب لهم حساب ؟ إذا استثنينا حالة وجودهم كساحة غنية يستفيد منها الآخرون ويستمتعون بما وجد ويوجد فوق وتحت ترابها ، أما شعوبها في آخر السلم مقارنة بالكثيرين من الشعوب الأخرى وحتى التي استقلت حديثاً ، إذن الحالة العربية فريدة لا يوجد لها مثيل مختزلة ومختصرة في كرسي، وهكذا يفهمها الآخرون . نعتبر انفسنا كعرب وليس كمسلمين خير أمة أخرجت للناس ولكن نحن أخر الناس في الاحتجاج عندما يتم الحاق الظلم والأذى بالمسلمين والأمثلة كثيرة منها الانفال والكيماوي بحق الكرد وأقلية الروهنكا ....

للأسف الشديد.
محمد -

للأسف الشديد أقول وهل يوجد عرب أو هل يحسب لهم حساب ؟ إذا استثنينا حالة وجودهم كساحة غنية يستفيد منها الآخرون ويستمتعون بما وجد ويوجد فوق وتحت ترابها ، أما شعوبها في آخر السلم مقارنة بالكثيرين من الشعوب الأخرى وحتى التي استقلت حديثاً ، إذن الحالة العربية فريدة لا يوجد لها مثيل مختزلة ومختصرة في كرسي، وهكذا يفهمها الآخرون . نعتبر انفسنا كعرب وليس كمسلمين خير أمة أخرجت للناس ولكن نحن أخر الناس في الاحتجاج عندما يتم الحاق الظلم والأذى بالمسلمين والأمثلة كثيرة منها الانفال والكيماوي بحق الكرد وأقلية الروهنكا ....

Fraud of Pan Arabism
Salmanazars Haj -

نحن نعترف بأن العرب لم يعودوا يداً واحدة، وأن كل كيان عربي يعتبر نفسه مستقلا عن الكيانات الأخرى في جميع النواحي، ولكل دولة عربية نظامها المختلف تماما عن الأخرى. وبالتالي، يصبح الإنسان العربي غريبا خارج حدود بلده حتى ولو سافر إلى دولة عربية جارة له. بمعنى آخر: لم يعد هناك وطن عربي واحد من المحيط إلى الخليج.The idea that Arab speaking people are one nation from the gulf to the ocean was a fraud perpetrated by dreamers, charlatans, and megalomaniacs.There are countries with Arabic speaking people. Most of the population was not Arabic before the Arabic Islamic conquest. In Iraq Nd Syria the local language was Aramiac/Syriac and the population switched to Arabic soon after the conquest . Most Arabic words have Aramaic/Syriac root and some Akkadian, and the local people picked up Arabic quickly for a variety of reasons, one being the advantage to speak the language of the conqueres. In Egypt due to wide difference between Coptic and Arabic the Arabic language CID not become majority language till after the 12 or 13 century CE.Outside of the Arabian peninsula each Arabic speaking country has unique characteristic and psychology shaped by pre Arab conquest. In addition to the preceding there are sizable minorities that refused to adopt Arabic identity, and religious minorities that remained faithful to their particular religions.......The so called Pan Arabists continue to do a great disservice and damage to Arabic speaking countries; Iraq and Syria, Libya are examples of this devastating interference, not to mention Palestine whose people would have been better off confronting Israeli aggression on their own. ..... Arab interference has done nothing to them except to disable them with worthless and impotent promises of throwing the Jews into the sea........The Arab speaking people in their respective countries should wake up and put the dreamers, charlatans and megalomaniacs of Pan Arabism in their proper places, out of influence. Then and only then the Arabic speaki