السلطان سليم بوتين أردوغان الأول
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جعفر رجب
يظل الشرق شرقا، بكل ما فيه من كوميديا وتراجيديا، مختلفة عن العالم، حتى في ديموقراطيته التي لاتشبه الديموقراطيات، والأتراك أو كما كان يسمونهم العرب منذ القدم "أعراب العجم" ليسوا حالاً مختلفة، فهم من مواليد هذا الشرق عاشوا به وعاشوا معه، الأتراك والفرس والعرب، توائم سيامية صعبة الانفصال بسبب التاريخ والجغرافيا والدين، يتشابهون وان تغيرت لغاتهم ولهجاتهم!
وكما عاشت حقبة الانقلابات العسكرية، عاشت حقبة الديموقراطية، وكما كانت القومية العربية تطل برأسها كان الأتراك والفرس يطلون برأس قوميتهم، وكما كان الحكام العرب والفرس يركبون قطار العلمانية للحكم كان الأتراك يركبون دبابة العلمانية للوصول الى الحكم!
أردوغان مثال للزعيم الشرقي، لا يختلف كثيرا، انه يمثل دور الزعيم والقائد القوي، والمتواضع الامين في الوقت نفسه، الفرق الآن عن حكم العسكر، ان الزعيم يركب هذه المرة صناديق الاقتراع لا الدبابة، والزعيم يسجن معارضيه بغرف الاقتراع، والزعيم يدفن معارضيه بتوابيت الاقتراع، والزعيم يعمل من اجل الزعيم، يرفع شعار خادم الشعب ويطلب من الشعب خدمته، يريد ان يكون حاكما الى الابد عن طريق الصناديق!
أردوغان مثل أي زعيم شرقي يمارس التمثيل، يمثل ما "تطلبه الجماهير" يُسمعهم ما يريدون سماعه، ويغني ما يطرب الناس، ويمارس "الفهلوة" السياسية، لانه يعلم ان الشرقي يحب ان يحكمه زعيم قوي، يحمل سيفه البتار ويركب حصانه الاشهب ويقاتل كعنترة بن شداد، ولهذا صفقوا وهللوا له عندما قام بتمثيليته أمام "بيريز" في مؤتمر "دافوس"، ثم فجأة استقبله الناس بعفوية بالمطار عند عودته باللافتات والشعارات والصور، ثم أرسل السفن لمساعدة غزة، ثم ركب طائرته وزار الصومال لدعم الفقراء، ثم ذهب الى مينمار وصوّر مع المشردين، وبكت زوجته وتم تصويرها دون علمها... ثم تحول على العرب يدعم الديموقراطيات، ويطالب الحكام بالاستجابة لمطالب الشعب، متقمصاً دور السلطان سليم الاول!
مثل "بوتين" يريد ان يكون زعيما الى الأبد، يغير الدستور، من اجل بقائه في السلطة، يريد ان يفرض أيديولوجيته عبر الصناديق، متناسيا ان الديموقراطية تعني ببساطة نهاية عصر الزعماء التاريخيين، وان الرئيس ينفذ سياسيات من اجل الدولة، لا الدولة تعمل من اجله، صحيح ان هناك تنمية اقتصادية، ولكن ليس بالمال وحده تحيا الشعوب، فتركيا مازالت هي تركيا العنصرية، والقومية، التي يقتل ويعتقل فيها الاكراد يوميا دون ان يهتم احد في العالم، وهي تركيا التي حصلت على المركز الاول في اعتقال الصحافيين!
القصة ليست أشجاراً في حديقة، بل جذور ديكتاتوريات سلاطين وولاة، مازالت مترسخة في وجدان الشرق!