جريدة الجرائد

إفتتاحية صحيفة:مَن يضع الأقفال على مجرى التاريخ؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بيروت

مَن يضع الأقفال على مجرى التاريخ؟" كان الشاعر التركي ناظم حكمت يسأل.
النائب محمد رعد جريء، يكابر ويقول: أنا. ويتابع "كفّوا عن الصراخ في موضوع سلاح المقاومة لأنّه أصبح خارج كل بحث".
طبعاً، هو خارج كل بحث، لأنّه بالدرجة الأولى ما عادت له وظيفة يمكن أن يبرّر بها استمرار وجوده. عند كل إشراقة شمس يتطفّل هذا السلاح على قضيّة جديدة، ويزجّ نفسه بها، ويقاوم بذلك حكم التاريخ عليه: حكم التاريخ على أداة، (السلاح)، ما عادت توفّق في العثور على وظيفة مناسبة، بعد تحرير الجنوب، ولا تريد أن يساهم أحد في حل مشكلتها، إنّما مشكلتها تتفاقم، وهروبها الى الأمام يزيد، وخوفها من السقوط يصير السوط الذي من خلاله تُرعب هذه الوسيلة بيئتها!


بالتأكيد لن نعلّم محمد رعد مصلحته، وإن كنّا نرى أنّه، ولما كان السلاح يتنقل بين مغامرة وأخرى، ويمعن في فتنة بعد أخرى، متعثراً في إيجاد وظيفةله محترمة بعد التحرير، فإنّ من مصلحة السلاح قبل سواه أن يبادر إلى الانفتاح على "البحث". طبعاً، مَن يُصاب بالصلف وجنون العظمة لا يمكنه أن يقدم على ذلك، إلاّ أنّه السبب الأساسي لسقوطه عن الخشبة، ولو بعد حين. في هذا، التاريخ، قديمه وحاضره، مليء بالأمثال.
فأن يكون سلاح "حزب الله" وملحقاته "خارج كل بحث" فهذا يعني انّ ما يصرّ أكثر من نصف اللبنانيين وعلى امتداد السنوات العشر الأخيرة على انه مشكلة المشاكل لا قابلية لحلّها، ويعني ان مشكلة البلد وأساس علّته وما يهدّد وجوده الكياني "خارج كل بحث"، ويعني أيضاً وأيضاً أنه بلد لم يعد بالإمكان فيه بحث أي شيء آخر، لأن المشكلات الإقتصادية والسياسية والأمنية التي يعاني منها إما هي متأتية من الواقع المعطوب بمشكلة السلاح، وإما هي مشكلات متداخلة مع هذه المشكلة الرئيسية.
حال محمد رعد في هذا التصريح كمن يقول لمريض في حالة حرجة ان العلاج الذي يصفه له الطبيب "خارج البحث"، بل كمن يزيد على قلب هذا المريض فيقول له: اذهب فتداوى بعلاج آخر لمرض آخر غير ذلك الذي أنت به مصاب.
يا لمصابنا، ومصاب السلاح وأهله، بسلاح يكشف نفسه على أنه "خارج البحث"! فمن لا بحث فيه يمكنه ان يبقى يتنطّط بين مغامرة وفتنة، لكنه سيبقى يفتقد لوظيفة حتى يصير عالة على بيئته وأهله قبل سواهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف