إيران بين «مفتاح» روحاني و«قفل» خامنئي!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
محمد السلمي
تسلم الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني مهامه الرئاسية قبل أسبوع، حيث شهد يوم الرابع من الشهر، مصادقة القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، على انتخاب روحاني في احتفالية كبيرة وتمثيل دولي متباين شارك في هذه الاحتفالية في العاصمة الإيرانية طهران. واختلف مستوى التمثيل من بلد إلى آخر وفقا لمدى متانة العلاقة بين طهران وتلك الدول.
ولعل التفاؤل بمستقبل العلاقة بين دول الخليج العربي وإيران من عدمه ينعكس جليا في مستوى الوفود الخليجية المشاركة في حفل تنصيب روحاني.
ومع حكومة إيرانية جديدة ورئيس منتخب جديد هناك تفاؤل دولي مشوب بالحذر حول ما يمكن لروحاني فعله على أرض الواقع، وتتطلع دول العالم بشكل عام، ودول المنطقة العربية على وجه الخصوص، إلى تغير جدي في سياسة إيران الخارجية وعلاقتها مع العالم ودول الجوار، وأن يأخذ الرئيس روحاني على عاتقه شعار المبادرة وحسن النوايا مع العالم بعيدا عن تلك السياسة التي انتهجها سلفه محمود أحمدي نجاد، والتي أدت إلى عزل إيران دوليا وإقليميا وإسلاميا بسبب السياسة العدوانية التي انتهجها طيلة السنوات الثماني الماضية.
إيران في حاجة إلى تحسين صورتها أمام العالم، وروحاني محمل بتركة ثقيلة جدا. اختار روحاني "المفتاح" شعارا لحملته الانتخابية، وصرح غير مرة بأنه عازم على الانفتاح على دول الجوار، وأن من أولوياته تحسين العلاقة مع السعودية وبقية دول الخليج العربي، إلا أن موقفه فيما يتعلق بالأزمة السورية يعيد كل الآمال في تحسن العلاقة إلى المربع الأول، ولعل ذلك دليل واضح لا لبس فيه على أن الموقف من الثورة السورية لا خيار له سوى تبني موقف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وهذا حجر الزاوية في إدراك قدرات روحاني والمساحة التي يستطيع التحرك فيها كرئيس للجمهورية وفقا لتوجيهات ولي الفقيه وتوجهاته، إلا أن الرئيس الجديد سوف يسعى إلى إثبات الالتزام بالوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية.
فعلى المستوى الخارجي، من المتوقع أن يسعى روحاني إلى القيام بزيارة خاطفة إلى الرياض في القريب العاجل للإيحاء بأن تغييرا سياسيا حدث في طهران، وقد تستقبل الرياض وبعض العواصم الخليجية الأخرى روحاني، وبناء على ذلك تتضح الرؤية والمسار الذي تتجه إليه العلاقات بين البلدين.
إضافة إلى ذلك، فقد يسعى روحاني إلى إعادة العلاقات مع بعض الدول الأوروبية، وتأتي المملكة المتحدة على رأس القائمة في محاولة لترميم العلاقة بين البلدين، بعد أن توترت بسبب اقتحام قوات الباسيج السفارة البريطانية في طهران عام 2011 والعبث بممتلكاتها وتخريبها.
على الصعيد المحلي، يواجه روحاني مشاكل اقتصادية وسياسية كبيرة؛ فهناك انهيار العملة المحلية وعجز في الميزانية يقدر بـ30 في المائة وعقوبات اقتصادية وحظر على صادرات إيران النفطية، كما أن تضخم الأسعار وصل إلى أرقام قياسية وارتفاع في معدلات البطالة والفقر والجريمة والمخدرات وملف السجناء السياسيين وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية والعرقية ونحو ذلك. هذا الكم الكبير من المشاكل سيضع الرئيس الجديد في اختبار حقيقي لمدى قدرته على انتشال إيران مما هي فيه من صعوبات تتفاقم يوما بعد آخر، ولكن يبقى السؤال: كيف سيواجه الرئيس المنتخب كل هذه الملفات ويعمل على حلها؟
نعلم يقينا أن هناك خطوطا حمرا لا يستطيع رئيس الجمهورية في إيران الاقتراب منها من دون موافقة المرشد الأعلى، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمن القومي والشأن الثقافي الذي يمس صورة الجمهورية الإسلامية في الداخل والخارج؛ لذا فإن الخيار الوحيد لدى روحاني وحكومته هو محاولة إقناع ولي الفقيه بإبداء شيء من المرونة حيال بعض المواقف بهدف بعث رسالة إلى العالم بأن تغييرا سياسيا حقيقيا حدث في إيران بقدوم حكومة جديدة عازمة على الانفتاح على العالم، تاركة وراء ظهرها مرحلة العداء تجاه الآخر وبدء صفحة جديدة مبنية على الاحترام المتبادل والحوار المفتوح. وهذا يعني أنه لا خيار لروحاني سوى الإمساك بالعصا من المنتصف، فمن جانب سوف يستعين روحاني بعدد من الشخصيات الإصلاحية والأسماء التي ظهرت خلال فترتي رئاسة محمد خاتمي، ومن جانب آخر سيحاول الرئيس الجديد كسب ثقة التيار المحافظ والعمل معه عن قرب لضمان عدم الاصطدام بهذا التيار المقرب من المرشد الأعلى، وبالتالي ومن خلال رموز هذا التيار ستكون الفرص أكبر في إقناع المرشد الأعلى بمشاريعه السياسية على المستويين الداخلي والخارجي، فهل سينجح مفتاح روحاني في فتح قفل ولي الفقيه؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن ذلك!