توقع توجيه ضربة للنظام في سورية يضع تشكيل الحكومة اللبنانية في الانتظار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت
وضعت التوقعات التي تحدثت عن استعداد الدول الغربية لتوجيه ضربة عسكرية إلى النظام في سورية عقاباً له على استخدامه الأسلحة الكيماوية في قصفه الغوطتين في دمشق، الوضع اللبناني في حال الانتظار وأدخلته في مرحلة سياسية جديدة تتوقف معالمها على حجم هذه الضربة وما إذا كانت ستزعزع نظام الرئيس بشار الأسد أو أنها ستبقى محدودة. وأي تداعيات أمنية وسياسية ستترتب عليها في ضوء رد فعل حلفاء الأسد في لبنان.
ورأت مصادر مواكبة للمبادرة التي أطلقها أخيراً رئيس الجمهورية ميشال سليمان ودعا فيها جميع الأطراف إلى الالتقاء ضمن حكومة جامعة وبدء حوار بلا شروط، أن الآلية التي كانت قائمة لتشكيل حكومة جديدة قبل التفجيرات الإرهابية لم تعد قابلة للحياة وبالتالي لا بد من البحث عن صيغة حكومية جديدة تكون سياسية بامتياز، وهذا يعني أن الحديث الذي كان سائداً في السابق عن حكومة حيادية أو حكومة تكنوقراط سحب من التداول.
وعزت المصادر نفسها السبب إلى أنه ليس في مقدور حكومة تكنوقراط أو حيادية أن تحدث صدمة إيجابية تلقى ارتياحاً لدى اللبنانيين الذين بدأوا يبدون خشية من الفلتان الأمني لغياب شبكة الأمان السياسية التي توفر لهم الحماية وتدعم الاستقرار في البلد.
"حكومة غير سياسية" لا تصلح للبنان
وأكدت أن أي حكومة غير سياسية ستكون عاجزة عن لجم التدهور الأمني والحد ما أمكن من موجة التفجيرات الإرهابية لأنها تفتقد الغطاء السياسي الذي يوفره لها الأطراف الفاعلون. ومثل هذه الحكومة يمكن أن تكون صالحة لبلد غير لبنان الذي يرزح تحت وطأة الانقسام الحاد المتلازم هذه المرة مع ارتفاع منسوب الاحتقان السياسي والمذهبي، مع أن التفجيرات الإرهابية قوبلت بردود فعل تضامنية ومستنكرة.
ولفتت إلى أن رئيس الجمهورية أراد من مبادرته التي أطلقها السبت الماضي في رسالته إلى اللبنانيين أن يرسم خريطة طريق تعيد الاعتبار لمشروع الدولة وتفتح الباب أمام تصحيح العلاقة بين السواد الأعظم من اللبنانيين والطبقة السياسية، خصوصاً أنهم عبروا عن امتعاضهم منها واتهموها بالعجز عن وقف المسلسل التفجيري الإرهابي.
وكشفت المصادر عينها أن اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام في بعبدا الأحد الماضي، أوصلهما إلى قناعة بصعوبة تسويق حكومة حيادية أو حكومة تكنوقراط، وبأنه لا بد من تضافر الجهود من أجل المجيء بواحدة جامعة، لأن الجميع باتوا في أمس الحاجة إليها.
وأكدت أن الاستغناء عن تأليف حكومة حيادية لا يلغي ابداً القواعد التي اتبعها سلام في عملية التأليف منذ اليوم الذي كلّف فيه، فالأساس في هذه القواعد هو الإتيان بحكومة متوازنة تتوزع الحقائب فيها بالتساوي على قوى 14 آذار وقوى 8 آذار والكتلة الوسطية التي يمثلها سليمان وسلام إلى جانب رئيس "جبهة النضال الوطني" وليد جنبلاط.
وأضافت أن اللقاء الذي جمع سليمان ورئيس كتلة "المستقبل" رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ليل الأحد الماضي، انتهى إلى تبني الأخير بالكامل المواقفَ التي أوردها رئيس الجمهورية في رسالته إلى اللبنانيين.
ونقلت عن السنيورة قوله لسليمان: "نحن نؤيد بالكامل كل ما ورد في المبادرة التي أطلقتها، لكننا لا نقبل بأي شكل من الأشكال لجوء بعض الأطراف إلى التعامل معها باستنسابية أو انتقائية، أي أن يأخذ منها ما يناسبه وينقلب على كل ما يتعارض فيها مع موقفه السياسي".
وأكد السنيورة - وفق المصادر - أن إعلان بعبدا الذي أجمع عليه الأطراف المشاركون في طاولة الحوار يجب أن يشكل القاعدة الرئيسة في البيان الوزاري للحكومة العتيدة، إضافة إلى أنه الركيزة للعودة إلى الحوار من دون ربطه بتأليف الحكومة. واعتبر السنيورة أن إعلان بعبدا هو بمثابة العمود الفقري للجسم السياسي اللبناني، ومن دونه نكون قد نقلنا المشكلة من الشارع إلى طاولة مجلس الوزراء، وهذا ما يترتب عليه المزيد من الاحتقان.
ومع أن "تيار المستقبل"، كما تردد، لم يدخل في تفاصيل التركيبة الوزارية المنشودة، لأنه يرغب في اتخاذ الموقف النهائي بالتشاور مع حلفائه في قوى 14 آذار، إضافة إلى رغبته في الوقوف على موقف جنبلاط، فإن مصادر في "14 آذار" أكدت لـ "الحياة" أن خروج "حزب الله" من القتال الدائر في سورية يبقى المدخل الوحيد للموافقة على اشتراكه مباشرة في الحكومة، لأن من دون مثل هذه الخطوة يمكن أن تفهم موافقتنا على الاشتراك في حكومة واحدة بأنها تؤمّن تغطية لضلوعه في القتال.
ورأت المصادر أنه لا بد من مراقبة الموقف الذي سيتخذه جنبلاط من تشكيل الحكومة، وقالت إن لا مشكلة أمام لقاء سلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري والأطراف الآخرين في "8 آذار" وthinsp;"التيار الوطني الحر" بزعامة العماد ميشال عون، لاستكشاف المواقف من تشكيل حكومة جامعة، لكن لا بد من إنضاج الظروف لئلا تدخل عملية التأليف في دوامة جديدة من المراوحة.
وفسر هذا الكلام وكأن هناك من يعوّل على تحرك يمكن أن يبادر إليه جنبلاط ويتجاوز الساحة المحلية إلى أطراف إقليميين لعله ينجح في توفير الدعم لتشكيل حكومة جامعة.
الفصل بين الحكومة والبيان الوزاري
إلا أن هناك من يعتقد أن هناك ضرورة للفصل بين تأليف الحكومة وبين التوافق على البيان الوزاري، بذريعة أنه يمكن الوصول إلى تفاهم حول تركيبة وزارية لا تشكل استفزازاً لأحد وتعتبر متوازنة بعد أن يصار إلى تحصينها بوزراء يقطعون الطريق على إقحام لعبة التأليف في جولة جديدة من شد الحبال.
ويؤكد من يرفض الترويج لمثل هذه الفكرة أن تشكيل حكومة لا تضم قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر قبل الانصراف إلى إعداد البيان الوزاري، سيصطدم في أول الطريق بحجم التمثيل، بسبب إصرار "8 آذار" و "التيار الوطني" على أن يتمثلا فيها بالثلث الضامن وهذا ما يعيد البحث إلى المربع الأول.
تضاف إلى ذلك مشكلة البيان الوزاري الذي يرتكز إلى إعلان بعبدا والذي يتعامل معه فريق 14 آذار على أنه لم يعد من مكان لمعادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، إضافة إلى تشديده على تحييد لبنان عن الصراع الدائر في سورية وهذا ما يعترض عليه "حزب الله".
لذلك، فإن استئناف المشاورات لتأليف الحكومة يبقى معلقاً على لائحة الانتظار ريثما يتبلور رد الفعل العسكري الغربي ضد النظام في سورية، مع أن المجيء بحكومة حيادية أُسقط من الحسابات، خصوصاً أن المخاوف من تعذر انتخاب رئيس جديد خلفاً لسليمان الذي تنتهي ولايته في أيار (مايو) المقبل، باتت تضغط لمصلحة حكومة سياسية يمكن أن تملأ مجتمعةً الفراغَ في الرئاسة الأولى.