جريدة الجرائد

شيطان في الأنبار

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

علاء حسن


العمليات العسكرية في محافظة الأنبار، منعت وصول العديد من البضائع الى العراق ، ومنها شحنة من الكتب لصالح احدى دور النشر ، لأدباء وكتاب عراقيين ، طبعت في دمشق وعمان ، ومن الكتب العالقة " تحت سماء الشيطان " للكاتب والإعلامي قيس حسن ، وعلى حد تعليق مقربين منه ، فان كتابه سيصل الى بغداد بعد انتهاء العمليات العسكرية ، وفتح الطريق أمام "الشيطان" ليحل في دار النشر في شارع المتنبي .
المصادفة وحدها جعلت " شيطان قيس حسن" عالقا في الأنبار ، فوصوله الى الحدود اي الكتاب وليس الشيطان تزامن مع تنفيذ العملية العسكرية ، لكي يبتعد أصحاب التأويلات عن إخضاع الموضوع الى تفسيرات شتى على طريقة المحللين السياسيين من أصحاب الإطلالة اليومية عبر شاشات الفضائيات العراقية ، وقد يندفع احد المحللين فيشير الى مسالة في غاية الخطورة عندما يتهم الكاتب بمسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في العراق عندما ينبه صانع القرار بوجود شيطان في الأنبار .
كتاب "تحت سماء الشيطان" وبحسب المطلعين على مسودته مفكرة شخصية للكاتب تناول فيها جانبا من التداعيات الاجتماعية للحرب العراقية الإيرانية بسرد قصص وشهادات شخصيات عراقية تروي وتسرد حكايات وتفاصيل معاناة مريرة ، مازالت مخلفاتها راسخة في الأذهان ، وتحتاج الى عشرات السنين لإزالة تراكماتها المتكلسة في النفوس وارض والواقع ، ولعل خير دليل على امتداد فصول المأساة ، تطلع العراقيين الى يوم خال من أحداث أمنية لا يسمعون فيه انفجارات عبوات ناسفة وسيارات مفخخة ، يوم تقف فيه ماكنة الموت ، وينتقل عزرائيل الى مكان اخر خارج الكرة الأرضية ليخطف أرواح كائنات أخرى ، قد تكون مسؤولة عن تحريك الطغاة للعبث بالأرض " تحت سماء الشيطان " بإثارة الحروب وإشاعة القتل ، في سبيل البقاء او الوصول الى السلطة .
الشيطان الرجيم وفي ضوء ما شهده العراقيون على مدى عشرات السنين الماضية ربما يكون من وجهة نظرهم رحيما مقارنة بممارسات وسلوك وسياسية حكامه ، لان هؤلاء تركوا في قلب العراقي غصة ترافق حياته من المهد الى اللحد ، وينتظره حساب اخر يجهل نتائجه ، يوم لا ينفع مال ولابنون في "عالم اخر" لا علاقة له من قريب او بعيد بعمود الكاتب سرمد الطائي في جريدة المدى يحمل العنوان نفسه.
من عاش " تحت سماء الشيطان " في الوقت السابق ربما غادر الحياة نحو عالم اخر لكنه ترك غصته أمانة برقاب أبنائه وأحفاده ، ليسجل امتيازا للعراقيين بوصفهم يتوارثون النكد والحزن، وقدرهم حتم عليهم حمل أعباء هموهم الثقيلة على خلاف شعوب العالم التي تعيش في بلدان لاوجود للشياطين في سماواتها ، وقد تكون رحيمة في بعض الأحيان ، لان سلوك البشر وكما يعتقد البعض لا يثير نزعاتها ونزواتها فتكتفي بمراقبة ما يثيرها من مشاهد لا تتضمن القتل والنشاطات الإرهابية ، كا تفعل غيرها من الشيطان حينما تحل في نينوى او ذي قار او الأنبار. .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف