الجهاديون شركاء جنيف السوري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سميح صعب
اذا كان يصعب فصل حروب التصفية بين "داعش" من جهة و"الجبهة الاسلامية" و"جبهة النصرة" في شمال سوريا وشرقها من جهة اخرى، عن اقتراب موعد انعقاد مؤتمر جنيف 2، يصير بديهيا البحث عن الوظيفة التي تؤديها هذه الحروب. ومن الواضح ان ثمة جهات اقليمية ودولية تريد ان تقدم القتال الدائر الآن على انه عبارة عن قتال "صحوات سورية" لتنظيم "القاعدة" بجناحه العراقي واميره ابو بكر البغدادي.
بيد ان المسألة يكتنفها الكثير من الالتباس والغموض الذي يحتاج الى تفسيرات. ويمكن فهم ظروف نشوء "الجبهة الاسلامية" وتمتعها بدعم دول الخليج العربي وتركيا وسعي اميركا الى فتح حوار معها. ذلك ان "الجبهة" هي البديل الميداني من "الجيش السوري الحر" الذي خرج من المعادلة العسكرية والسياسية. لكن غير المفهوم ان تنضم "جبهة النصرة" التي بايعت ايمن الظواهري، الى القتال ضد "داعش"! فهل ذلك مرتبط بمحاولة تغيير في سلوك الفرع السوري لـ"القاعدة" وفق ما سعى الى الايحاء به اميرها ابو محمد الجولاني على قناة "الجزيرة" الشهر الماضي؟ لقد بدت المقابلة محاولة متعمدة لتحسين صورة الجولاني اكثر منها سبقا صحافيا.
ومع ذلك، ثمة تساؤل اساسي عن سبل استفادة الولايات المتحدة من الاقتتال بين الجهاديين في سوريا اليوم وما علاقة ذلك باقتراب موعد جنيف 2. فمن المعروف ان المسؤولين الروس يرون ان الخطر الذي باتت تشكله "القاعدة" على المنطقة انطلاقا من سوريا في اتجاه العراق ولبنان، يستوجب تغييرا في اجندة مؤتمر جنيف بحيث يركز على جهود محاربة الارهاب وليس على نقل السلطة. وزاد تفجيرا فولغوغراد الاقتناع الروسي. وتعتبر موسكو ان جهود النظام السوري اساسية في محاربة "القاعدة" تماما مثلما كان النظام شريكا في اتفاق التخلص من الاسلحة الكيميائية.
لكن القتال ضد "داعش"، وفّر الحجة لواشنطن كي تقدم "الجبهة الاسلامية" بديلاً جهادياً من النظام يقاتل "القاعدة" في عقر دارها. ولا يعني ذلك ان المسعى الاميركي الجديد يمكن ان يقنع موسكو بأن العناصر الجهادية تحت أي ظرف يمكن ان تكون اقل تطرفاً من "القاعدة". أما الولايات المتحدة التي لم يعد لديها من قوى فاعلة في الميدان السوري غير "الجبهة الاسلامية" بمتطرفيها والاقل تطرفاً بعد تلاشي "الجيش السوري الحر" واقتراب الائتلاف الوطني من التفتت، فإنها تراهن على ان يكون هؤلاء رأس الحربة التي يمكن ان توصلها الى مبتغاها الاساسي في سوريا ألا وهو اسقاط النظام بأي ثمن من دون الاكتراث كثيراً للبديل. حدث مرة في افغانستان وها هو الآن يتكرر في سوريا!