جنيف-2... تركيز على الجانب الإنساني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رغم التقدم البطيء في المفاوضات
رغم محاولات السوريين المنخرطين في حرب أهلية سواء من الحكومة أو المعارضة التوصل يوم الأحد الماضي بجنيف إلى أرضية مشتركة، فإن الجلسة الصباحية من المباحثات التي ركزت على العمل الإنساني مثل الإفراج عن المعتقلين، والسماح لقوافل الإغاثة بدخول مركز مدينة حمص المحاصر، فشلت آنذاك في التوصل إلى اتفاق، وذلك حسب ما ذكرته الوفود المشاركة في المفاوضات. فمن جانبه اشتكى الوفد الحكومي الذي يمثل الرئيس بشار الأسد من أن المباحثات لم تدخل في صلب الموضوع، مشككين في جدوى مواصلتها، فيما قالت المعارضة إن الوفد الحكومي أراد "إعطاء محاضرة"، بدل اتخاذ قرارات فعلية.
وفي إشارة إلى حجم الصعوبات التي تعترض مباحثات السلام منذ انطلاقها، قال مسؤولون إن المبعوث الأممي، الأخضر الإبراهيمي، سيعقد لقاءات منفصلة مع الوفدين في المساء لتقريب وجهات النظر، وجسر الهوة الشاسعة في المواقف.
ولو سُمح لقافلة الإغاثة بدخول المدينة القديمة لحمص وتقديم المساعدة الإنسانية لأحيائها المحاصرة، لمثل ذلك نجاحاً ولو متواضعاً للمؤتمر الذي تحاصره توقعات متشائمة من كل جانب، لكن الوفد الحكومي تعامل مع مطالب المعارضة بإطلاق سراح النساء والأطفال المعتقلين في سجون النظام بالإنكار، حيث نفت الحكومة اعتقالها لأشخاص وردت أسماؤهم في قوائم قدمتها المعارضة للأمم المتحدة.
لذا، وفي ظل الصعوبات لم يجد الأخضر الإبراهيمي، الذي يشرف على جهود الوساطة، بداً من التعبير عن تفاؤله الحذر خلال اليوم الثاني من المباحثات، قائلاً: "إلى حد الآن أعتقد أن العملية ما زالت مستمرة، وإنْ كانت في مراحلها الأولى". وأضاف الإبراهيمي "عموماً هناك احترام متبادل بين الطرفين، وهما واعيان بأن المساعي الجارية مهمة جداً وعليها الاستمرار، وآمل أن تتواصل هذه الروح، وأن نتمكن من تحقيق تقدم تدريجي". غير أن المسؤولين الأميركيين لم يخفوا إحباطهم بالنظر إلى التقدم البطيء في إيصال المساعدات الإنسانية إلى حمص، محملين الحكومة مسؤولية فشل العديد من الجهود السابقة لضمان ممر آمن لجهود الإغاثة وبلوغها مدينة حمص، وهو ما أكده مسؤول أميركي حضر لقاءات جنيف ورفض الكشف عن هويته، قائلاً: "إن النظام يمنع وصول قوافل الإغاثة إلى حمص، وهو يقوم بذلك منذ شهور، وكل ما تقوله الحكومة هو محض كذب"، وكانت المباحثات قد انطلقت فعلياً يوم السبت الماضي بالتركيز على العمل الإنساني، وذلك بتأمين اتفاق ينهي الأزمة المستفحلة في قلب المدينة القديمة لحمص، حيث ما يزال يعيش أكثر من 2500 مدني إلى جانب مقاتلي المعارضة في غياب تام للغذاء، أو الدواء، ووسط حصار خانق تضربه القوات الحكومية.
ويرجع التركيز في بداية المفاوضات على الجانب الإنساني لما يمثله، حسب الأخضر الإبراهيمي، من فرصة لبناء الثقة بين الطرفين وإعطاء بعض الزخم للمباحثات قبل الدخول في المواضيع المثيرة المرتبطة بمن سيحكم سوريا، وكيف سيتم الاتفاق على صيغة الحكم الانتقالي، الذي يمثل جوهر المفاوضات ومناط انعقادها. وأكد الدبلوماسيون المطلعون على مجريات المباحثات، أن البدء بالجانب الإنساني والسعي إلى إحراز تقدم على هذا الصعيد، جاء بضغط من الدول الراعية للمؤتمر، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، على أمل أن يتم التوقيع سريعاً على الاتفاق الإنساني، باعتباره خطوة تعبر عن النوايا الحسنة.
لكن بدلاً من المضي قدماً والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية للمحاصرين في حمص، أنكرت الحكومة بداية علمها بوجود خطة أميركية- روسية، ثم فرضت لاحقاً شروطاً لإيصال المساعدات الإنسانية، والتي من بينها وفقاً لمصادر مطلعة توفير قائمة بأسماء جميع الرجال المقيمين بالمدينة القديمة لحمص قبل مغادرتها، وهو ما دفع وفد المعارضة المشارك باتهام الحكومة بأنها تختار فقط ما يناسبها من الخطة، وذلك في محاولة لتأخير النقاش حول المواضيع الأساسية المرتبطة بنقل السلطة.
هذا الموضوع عبر عنه "عبيد الشهبندر"، مستشار الوفد المعارض، قائلاً: "إننا بصدد تكتيكات للمماطلة، حيث يسعى النظام إلى وضع مجموعة من العراقيل تحول دون التوصل إلى اتفاق"، وكانت القوات المقاتلة التابعة للمجلس العسكري بحمص، أصدرت بياناً يوم الأحد الماضي تقول فيه: "إنها على استعداد لوقف إطلاق النار لتأمين ووصول المساعدات الإنسانية".
إلا أن المقاتلين عبروا أيضاً عن مخاوفهم من عدم قيام الحكومة بتأمين سلامة المدنيين الذين سيغادرون المدينة، كما اعترضوا على شرط الحكومة توفير قائمة بأسماء جميع الرجال الذين سيغادرون، معتبرين أن الأمر قد يكون محاولة من النظام لملاحقة كل من يشتبه في تعاطفه مع المعارضة، وهو ما أشار إليه "أبو رامي"، أحد النشطاء بمدينة حمص، قائلاً "ربما يسعى النظام من وراء القائمة للحصول على أسماء ليتم اعتقالها لاحقاً، وبالنسبة لنا يبقى الأهم هو الخروج الآمن للنساء والأطفال والشيوخ". وفي تصريح لاحق أمام الصحفيين قال نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إن الحكومة مستعدة للسماح بمغادرة النساء والأطفال وسط حمص، ولا مانع لديها من دخول المساعدات الإنسانية.
لكن المقداد شدد على أنه من المهم ألا تصل تلك المساعدات إلى "أيدي الإرهابيين"، موضحاً أن الحكومة تنظر إلى جميع القوات التي تسعى لإسقاط النظام باعتبارها إرهاباً، مضيفاً "لا تصروا فقط على منطقة واحدة في سوريا. وإذا كانت الولايات المتحدة تريد الحديث عن حمص فلنتحدث عنها"، وهو ما رد عليه مسؤول أميركي بقوله: "إن النظام عليه ألا يركز على الولايات المتحدة، بل، على التعاطي الجدي مع المعارضة والدخول في مفاوضات حقيقية حول كيفية إنهاء معاناة الشعب السوري".
ويبدو أن المعارضة سعت بالفعل إلى إيصال المساعدات إلى حمص، إلا أن النظام رفض التعاون على الأرض، حيث قال "عبيدة نحاس"، العضو في الوفد المفاوض الذي يمثل المعارضة: "إن قافلة من 12 شاحنة تحمل المساعدات كانت متوجهة إلى حمص، لكن النظام لم يسمح بدخولها"، مشيراً إلى أن المعارضة سلمت "الأخضر الإبراهيمي" قائمة بأسماء أكثر من ألف امرأة و1300 طفل معتقلين لدى النظام، مطالبة بالإفراج الفوري عنهم من قبل الحكومة، وأضاف الناشط أن وفد الحكومة السورية طلب استشارة دمشق قبل الرد النهائي على موضوع حمص.
lrm;ليز سلاي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"